أ. د. عبدالعزيز محمد الشعيبي - اليمن بتاريخة الطويل والموغل في القدم مثل حقيقة ثابتة لا يمكن انكارها الا وهي بناء حضاري قوي انعكس على الواقع في الداخل قوة سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية امتد نفوذها ليشمل اجزاء كبيرة من شبه الجزيرة العربية ومن افريقيا ايضا، وهذه مسألة بدهية إذ ان من يمتلك قدرات كبيرة على مختلف المستويات في اطار الدول فان ذلك يمكن الدولة من ان تكون قوة مؤثرة وفاعله وتأثيرها يشمل انحاء كثيرة من البلدان حولها بمعنى انها تتحول الى دولة مركزية وماحولها من تجمعات سكانيه يكون بمثابة الهامش لهذه الدولة المركزية هذه البنيه الحضارية والتاريخيه للدولة اليمنية هو ما جعلها ثابته على الرغم من المتغيرات الكثيرة من حولها وفي العالم .ومن خلال المقارنه البسيطه بين وجود الدولة اليمنية والدول المجاورة بل وكثير من الدول في المنطقة والعالم وجدنا تغيرات كثيرة على مستوى وجود واختفاء الدول وبلا شك فان تعبير الدول الذي اقصده هو تعبير مجازي اذ لم تكن هناك دول بالمعنى المحدد للدول بل كانت تجمعات بشرية في بقعه جغرافيه معينه تتغير باستمرار نتيجة للظروف والاحوال، بينما الدولة اليمنية كانت حاضرة وراسخة وثابتة على مر التاريخ وان وجدت الصراعات فيها الا انها لم تستطع ان تغير حقيقه وجود الدولة اليمنية .
وما نعيشه اليوم سوى جزء من حلقات تاريخية طويلة ومحاولة عبثية للنيل من وحدة اليمن ولن استرسل كثيرا في اعماق التاريخ في الوحدة اليمنية ولكنني سأشير في عجاله للتدخل الخارجي كأهم الصعوبات التي تعاني منها الوحدة اليمنية .
عندما تحققت الوحدة اليمنية في العام 1990 كان ذلك وضعاً طبيعياً في الاطار التاريخي باعتبار ان الوحدة هي الاصل وان ما حصل من تباعد او انفصال كان بفعل المستعمر او بفعل العامل الخارجي.. ومن خلال عملية التحليل للوحدة اليمنية يتبين ان العامل الخارجي اخذ جزءاً كبيراً من بين الاسباب التي ادت او كانت دائما تؤدي الى نشوب الصراعات والاستئثار من قبل الزعامات المحليه على مناطق بعينها والاستقلال بها عن الدولة الام وفي هذا السياق فان اعادة تحقيق الوحدة اليمنية لم يرضى عنها كثير من الدول الشقيقه التي ترى في اليمن واعادة تحقيق وحدته قوة يمكن ان يكون لها النفوذ والسيطره في المنطقة كلها، ولان تأسيس هذه الدول كان مصاحباً للتدخل الخارجي في المنطقة لخدمه اغراضه واهدافه فان وجود اليمن كدولة محوريه قويه يهدد مصالح الاستعمار قبل ان يهدد وجود هذه الدول الناشئة باعتبار العمق الحضاري والتاريخي للدولة اليمنية يكسبها منطقاً اخلاقياً تثنيه عن ان يكون مصدر تهديد لدول عربيه لها من القواسم المشتركه والمصالح الواحده والاهداف الواحده ما يعزز بناء علاقه قويه ومتينة مع الدول في الاطار العربي والاسلامي ..
ولذلك فهذه الدول ذات النشأه الاستعمارية كرست حياتها وامكاناتها للنيل من قوة المنطقة العربيه ، وما هذه الهجمه الشرسه للاستعمار على منطقتنا العربيه اليوم وما اصاب الدول الكبرى في المنطقة لحقيقه استهداف وحدة الدول، وما نراه في العراق وسوريا وليبيا واليمن الا خير شاهد على بقاء هذه الاهداف الاستعمارية حتى وان ظهرت احيانا بأشكال مختلفه من خلال ادوات الاستعمار في المنطقة ولذلك فإن اعادة تصويب البوصلة لمعرفه العدو الحقيقي للامه امريكا واسرائيل هو اولى خطوات الانتصار لتثبيت دعائم الوحدة اليمنية وهو أولى خطوات الانتصار ايضا لتوحيد الامة جمعاء.
|