الأربعاء, 27-فبراير-2008
الميثاق نت -    طه العامري -

تظل اليمن ورغما عن كل الظروف التي تحيط بها وتعانيها حاضنة للهم القومي وحاضرة في خارطة الأحداث القومية وتتفاعل مع كل القضايا العربية وخاصة منها ذات التبعات الدامية والمؤلمة كقضية فلسطين والعراق والصومال وما يتصل بكثير من القضايا الخلافية العربية التي لم تتجاهلها اليمن ولم تغض الطرف عنها، ويحسب لليمن ولقيادة فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية - حفظه الله - هذا التفاعل القومي الذي لم يكن يوماً يأتي من باب الرغبة في البروز والتوظيف السياسي وليس هذه المواقف اليمنية حصيلة حسابات بذاتها بل هي تعبير صادق وشعور يمني مسئول بمنظومة التحديات التي تواجه الأمة العربية وتحديدا ما يتصل منها بقضايا مصيرية كقضية فلسطين مرهون بها الواقع العربي بكل تداعياته بل ومصير المنطقة من جاكرتا حتى مراكش مرهون بقضية فلسطين ومع فلسطين وعليها تتوقف حتى القضايا التنموية العربية على الصعيدين الوطني والقومي، وعليه فإن المبادرة التي أطلقتها اليمن ومن خلال فخامة الرئىس -حفظه الله - لم تكن وليدة اللحظة ولا هي تعبير عن الرغبة في إسقاط واجب قومي، لكن اليمن ومنذ اللحظة الأولى لتفجر خلاف الأشقاء في فلسطين بما حمل هذا الخلاف من تداخلات إقليمية ودولية، كانت اليمن ومن خلال فخامة الأخ الرئيس أول من بادر لتطويق هذا الخلاف وجمع أطرافه وكان فخامة الأخ الرئىس أول من لفت أنظار الأشقاء في فلسطين وحذرهم من التمادي في خلاف لن يجلب غير المزيد من الويلات للشعب العربي الفلسطيني ولقضيته ناهيكم عن تبعات ما ترتب على هذا الخلاف من تداعيات داخلية فلسطينية عملت على تعميق الشرخ الوطني والجرح الوطني وزاد من كل هذا التدخلات القائمة على فلسفة الحسابات السياسية الدولية منها والإقليمية وتلك حكاية لم تعد في دائرة السرية، لكن مع كل هذا ومع كل التحديات التي تواجهها اليمن، والتي لن نعفي فيها أطرافاً عديدة دولية وإقليمية، فإن فلسطين تظل الحاضرة دوما في الأجندة السياسية اليمنية وفي اهتمام فخامة الرئىس القائد، وهو ما يجب أن يكون محل تقديرنا نحن معشر اليمنيين بكل أطيافنا قبل الأشقاء في فلسطين الذي شكل قبولهم السريع وترحيبهم بمبادرة فخامة الأخ الرئىس رد فعل طبيعياً نظرا لما سبق من المواقف التي تقدمت بها اليمن لوقف الجدل الفلسطيني غير المستحب خاصة في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها فلسطين والمنطقة برمتها وهي مرحلة تستدعي من كل العقلاء في الأمة أن يتحملوا مسئولياتهم التاريخية التي لن تعفيهم منها الأجيال إن هم تأخروا عن احتواء مثل هذه المواقف التي لا تخدم لا الأطراف الفلسطينية المباشرة والمعنية بتبعات الخلاف ولا تخدم الواقع العربي بما يعاني هذا الواقع من أزمات وتداعيات مؤلمة وقاسية ولا تحتم التأخير ولا التسويف، ولأن اليمن تدرك من خلال قائدها الرمز الأخ علي عبدالله صالح رئىس الجمهورية - حفظه الله- حقيقة الراهن العربي والدولي والتحديات التي تواجه واقعنا العربي قوميا وقطريا فإن من هذه القناعة الراسخة التي تستوطن فخامة الأخ الرئىس والقيادة اليمنية جاءت المبادرة اليمنية وهي حصيلة قناعة ورغبة يمنية صادقة في حل الخلاف القائم بين الأشقاء وبما يحمي قضيتهم الجوهرية وهي تحرير وطنهم وإقامة دولتهم المستقلة على كامل التراب الوطني الفلسطيني بعاصمتها القدس الشريف، ولذلك لم تمل اليمن من مساعيها ولم تحدد مواقف منها بل واصلت طرح مبادراتها ومساعيها وظلت الدبلوماسية اليمنية والخطاب السياسي والإعلامي في اليمن يأخذ في أولوياته القضية الفلسطينية والقضايا العربية بصورة عامة وبدافع من إدارك يمني راسخ بمرارة التبعات التي يسفر عنها مثل هذا الخلاف بين الأشقاء نظرا لما تعانيه اليمن من مثل هذه التبعات التي بسبب تصرفات البعض هنا فقد أثرت هذه التصرفات غير المسؤولة على الكثير من التطلعات الوطنية اليمنية وخاصة في الجوانب التنموية والاقتصادية، إذ أن اليمن ومنذ ولجت عصر وزمن التحولات وهي تخوض معترك التحدي وكلما تصدت لمؤامرة واجهت الأخرى ومن هنا تأتي قناعات القيادة السياسية اليمنية بضرورة وأهمية تجنيب الأشقاء تبعات الخلافات الداخلية والنزيف الداخلي نظرا لفداحة مثل هذا عليهم وعلى قضيتهم العادلة ونظرا لأن فلسطين إذا ما قدر وتمادى الخلاف بين أبنائها دون حسم فإن هذا الخلاف سيلقي بتبعاته على سماء الوطن العربي والعالم وقد يقودنا إلى نتائج غير محمودة ولهذا جاءت المبادرة اليمنية كحصيلة وعي وإدارك لما قد ينتج عن هذا الخلاف إن هو ترك يمضي كما يريد وكما تريد له أطراف لها مصلحتها فيه وخاصة الكيان الصهيوني الذي يجد في خلاف الأشقاء نتائج مضمونة لم يجدها من هدير طائراته ودباباته وأزيز الرصاص التي توجه وبصورة يومية إلى صدور نساء وأطفال وشيوخ فلسطين ومناضليها ورموزها الوطنية المقاومة، لذلك تأتي المبادرة اليمنية وهي تستبق القمة العربية المزمع عقدها خلال مارس القادم في دمشق وهي القمة التي ستساهم المبادرة اليمنية في حل خلافات الأشقاء في نجاحها أو على الأقل سيخفف الموقف اليمني من التزامات القمة أو من حدة الأجواء التي قد تنعقد القمة في ظلها هذا إن عقدت قمة من الأساس على ضوء معطيات الراهن العربي والظروف التي تخيم على العرب من ناحية والتي تميز علاقة العرب مع بعضهم من ناحية أخرى وبالتالي جاءت المبادرة اليمنية تستبق العاصفة الكبيرة وربما تكون هذه المبادرة خيراً لكل العرب خاصة إذا ما تمكنت من نزع الفتيل الصاعق للوجود العربي وللعلاقة العربية العربية التي بدورها ليست بأفضل حالاً من علاقة الأشقاء الفسطينيين..!!
لكل ما سلف نتمنى أن يكتب الله التوفيق للمبادرة وتكون رسالة وفاء ومحبة وأخوة لكل العرب الذين عليهم أن يستوعبوا معطيات الراهن الحضاري وأن يدركوا أننا جميعا فقراء وأغنياء وبمختلف أطيافنا وقناعتنا ومعتقداتنا السياسية والفكرية نبحر في سفينة واحدة وما قد يحدث لطرف سيدفع ثمنه كل الأطراف وإن بنسب متفاوتة ولكن في المحصلة العرب ودون تمييز يواجهون مصيرا واحدا وعليهم إدارك هذه الحقيقة وحسب.

[email protected]

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 06:27 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-6066.htm