استطلاع/عبدالرحمن الشيباني - يحتفل اليمنيون بالذكرى الـ31 لتحقيق الوحدة اليمنية وسط تحديات جمة تواجه هذا المشروع الوطنى الكبير الذي ظل أبناء الشعب اليمنى لعقود طويلة يكافحون من أجل تحقيقه وقد نالوا ما أرادوه فى الـ22 من مايو العام 1990م، لقد كان ذلك الأمر اشبه بحلم قد تحقق وعادت اللحمة اليمنية خطا فيه أبناء الشعب اليمنى أولى خطواتهم نحو المستقبل، الأمر الذي لم يرق للبعض وظلوا يعملون فى الخفاء من أجل إعادة العجلة للوراء لتكون المحصله ولذلك التآمر ما نشهده اليوم من صراع ومشاريع صغيرة يتبناها البعض بدعم من قوى إقليمية وخارجية وتحت مسميات ويافطات عدة..
يجمع محللون اليوم ان وحدة اليمن ليست قضية يمنية فقط بل إقليمية ودولية، ومتعلقة بحفظ السلام والأمن والاقتصاد الدولي، وان خطورة التفتيت والتجزئة التى يريد البعض تكريسها فى اليمن ليست من مصلحة أحد، تُرى هل تنجح هذه المشاريع الضيقة خصوصاً ونحن نشهد هذه المنعطفات الخطيرة التى تمر بها بلادنا خصوصاً ونحن ومنذ اكثر من ست سنوات نشهد عدواناً وحرباً ضروساً يسعى الاحتلال السعودى والاماراتى من خلالها إلى فرض اجندته وتحقيق مصالحه الخاصة على حساب مصلحة الشعب اليمنى ؟ ام يكون لليمنيين كلمتهم الأخيرة؟
الكاتب السياسى/عنتر النمر يقول انه لا يمكن لدعوات الانفصال أن تصبح تهديداً وجودياً لأي دولةٍ إلا في إحدى حالتين: الأولى أن يكون هناك من عوامل الاختلاف في الهوية ما يجعل الشعب يتمايز بالفعل إلى شعبين غير متجانسين، بالذات عندما يتوافق التوزيع الديموغرافي أي الانشطار في الهوية مع التوزيع الجغرافي للسكان، فيتركز سكان كل هوية في جزء محدد من إقليم الدولة. بالتالي تتواجد قناعة تامة لدى الشعبين أن التعايش بينهما أصبح مستحيلاً،
هويات مصطنعة
مؤكداً أن فى هذه الحالة يكون الانفصال سهلاً وسلساً، كما حصل فى الهند عندما انفصلت باكستان عن الهند وسنغافورة عن ماليزيا.. مضيفاً: "لا مشكلة ديموغرافية في اليمن تبرر دعوات الانفصال، سواءً في الشمال أو الجنوب، وكل دعاوى التفرقة أو إظهار الشعب بأنه شعبان متمايزان تفشل أمام أي اختبار. فالمجلس الانتقالي الجنوبي لم يستطع إيجاد هوية مشتركة تجمع سكان المناطق الجنوبية مع بعضهم وفي نفس الوقت تميزهم عن سكان المناطق الشمالية، لذلك لجأ إلى هوية الجهة (الجنوب). وهذه بالإضافة إلى كونها هوية مصطنعة وليست أصيلة فهي غير مسبوقة.
فلا يوجد انفصال عن دولة حدث بسبب الجهة شمالاً أو جنوبا، شرقاً أو غرباً. ومع ذلك فحتى هذه فشلت، فست من محافظات الجنوب الثماني رفضت دعواه. فشل دعاوى الاختلاف في الهوية كمبرر للانفصال ينسحب على الشمال أيضاً.. المحلل السياسي المعروف/ عبدالناصر المودع يبدي تشاؤمه من الأمر ويرى أن المتآمرين على الوحدة يتابعون عملهم فى تفكيك اليمن وان هذا الامر سيبقى قائماً فى المستقبل المنظور لكنه عاد وقال بأن دوله الوحدة ستبقى من الناحية القانونية وان إعادة الوضع إلى ما قبل 1990م أمر غير ممكن.. وتابع بالقول " أن استقرار اليمن وعودته دولة طبيعية لن يتم إلا بدولة واحدة ذات حكومة مركزية قوية قادرة على هزيمة واحتواء المشاريع الصغيرة الطائفية والجهوية والحزبية، واستعادة السيادة عن طريق منع التدخلات الخارجية وتحديداً التدخلات الضارة التي تدعم المشاريع الصغيرة.
مشروع جامع
الاديب والناشط السياسى/ محمد عبده الشجاع يقول اننا يجب أن نفرق بين الحديث عن الوحدة اليمنية كقيمة في ذاتها ومشروع جامع أو بذرة لوحدة عربية تكاملية، وبين الوحدة كمشروع سياسي يتم تحميله كل التبعات والصراعات التي حدثت بحسن أو بسوء نية.
مضيفاً: "كان يجب ومازال حتى الآن أن نحيد هذه القيمة وكان مؤتمر الحوار الوطني فرصة لاستعادة الكثير من الاستحقاقات في إطار هذا الإنجاز الذي تحقق في 22 مايو 1990 لكن التعبئة الخاطئة وتراكم الأخطاء دون حلول وفق المعقول والمتاح بعيدًا عن المركزية كان سيجنبنا عدم الانزلاق إلى اللاعودة ووقوعنا في هذا الفخ.
اليوم لم تعد الوحدة من عدمها هي المشكلة للأسف الشديد، لقد تجاوزنا فكرة الدولتين إلى التشظي الأوسع ولم يعد بمقدور أحد المناورة حتى واستعادة الجغرافيا من الشتات.
فكرة الوحدة انحسرت منذ سنوات طويلة أو قل بأنها بدت لقمة سائغة للمتربصين من الإقليم ومن الداخل ثمة من ساعد على الهدم من قبل النخب السياسية التي كانت تتباكى باسم القضية الجنوبية.. داعياً الى استعادة البلد من الفوضى التى سعت للقضاء على كل شيء تم تحقيقه وتبصير والناس بحقيقة الوحدة ونبلها..
اما الصحفي/ عبدالقوي شعلان يقول ان "الوحدة اليمنية هي أعظم منجز استراتيجي يمني في القرن العشرين، بسببها البلد مهيأ لأن يكون قوة إقليمية إذا تعافى اقتصادياً وأمنياً وسياسياً، ولذلك سعت كثير من القوى الرجعية المجاورة إلى إفشال مشروع الوحدة، وسعت فى عام 94م ولا تزال تعمل لذلك، لانها تريد يمناً مصغراً يخدم مصالحها، يمناً ضعيفاً يعيش في حالة صراع مزمن، ولذلك بعد ثلاثة عقود يصبح من الصعب انفصال اليمن بسبب التعقيدات التي حصلت على مدى ثلاثة عقود، سياسية واجتماعية وثقافية ومصالح مواطنين..
مفترق طرق
(ان الوحدة اليمنية حلم يمني أصيل ومنجز جعل لليمانيينَ مكانة سامقةً بين المجتمعاتِ العربيةِ والغربيةِ حتى أصبح نواةً لكل مشاريعِ الوحدة العربيةِ الشاملةِ...) بهذه الكلمات بدأ الأستاذ/عبدالرقيب الوصابى (مثقف) حديثه مشيراً الى ان الوحدة اليمنية أصبحت _ اليوم َ _ في مفترق طرق عدةٍ بسبب المنازعاتِ والمناكفاتِ بين الفرقاء السياسيين وللأسف هذا يخدم أطماع المتربصين بقوة اليمنِ ووحدتها أرضاً وإنساناً..
وأضاف: "ثمةَ مشاريعَ صغيرة تحاولُ أن تنمو وتتعملق على حساب فكرة الوحدةِ اليمنيةِ جماعاتٌ وطوائف هنا وهناك تحاول اختزالَ فكرةِ الوطن والوحدةِ في مصالحها وتمرير مشاريعها الضيقةِ فصائل تدعي الحقَ إلى جوارها فيما هي تقفز على ثوابت وطنيةٍ وقيمٍ يمانيةٍ لا تقبلُ المزايدةَ والرهانات الخاسرة.. صحيحٌ ظهرت بعض الأخطاء والاعتواراتِ وبصورةٍ تسيء إلى فكرة الوحدة اليمنيةِ القائمةِ على مبدأ التنوع والتعايش وضمان الحرياتِ غير إن هذه الأخطاء والاعتواراتِ بالمقدور معالجتها وتفاديها وتصحيحِ مسار الوحدة باتجاهِ التعمقِ والتمدد ونبذ كل مشاريعِ التشطيرِ والانفصالِ..
مواجهه التحديات
وفي سبيلِ استمراريةِ تحقيقِ معنى الوحدةِ اليمنيةِ لا يكتفى بتوحيدِ الأرض شمالها وجنوبها بل يتعدى الأمر ذلك حتى يبلغ مدى توحيد المشاعرِ والأهداف والأحلام المشتركةِ وتوحد الهموم والأفكار الإنسانيةِ على امتدادِ رقعةِ اليمن السعيدِ، فالوحدةُ لا تلغي فكرة الجهاتِ كما يشير إلى ذلك مبصر اليمن الشاعر / عبدالله البردوني، ولكنها وبوعي أبنائها تسهم إلى حد بعيد في صهر كل الحواجز والعقبات تذليلاً لكل الصعوباتِ الموجودة والمحتملة مستقبلاً لأن الهروب من المشاكل والتحدياتِ لن يكون حلاً ممكناً بل على العكس من ذلك قد يؤدي إلى ازدياد الخرق على الراقعِ...
وتابع الوصابي بالقول: "التطورات الحاليةِ في المشهد السياسي اليمني والتخندقاتِ المتعددة تضعفُ فكرة الوحدة، وحين يكون الأمر على هذا النحو من التدافعِ والتزاحمِ والاقتتال فإن ذلك قد يصل باليمن الموحدِ وأبنائهِ إلى مصير مشؤوم أبرز تفاصيلهِ تجزئة المجزأ وتقسيم المُقسم..
واختتم حديثه قائلاً: "على البقية الباقية من العقلاء في اليمنِ التيقظ لمثل هذه المزالقِ ووالاصطفاف حول فكرة الوحدةِ وتعزيزِ كل روافدها والتصدي لكل المشاريعِ الضيقةِ التي تحاولُ النيلِ من اليمن ووحدتها ليكونوا حينئذٍ كالجسدِ الواحدِ إذا اشتكى منه عضو تداعى له باقي الجسدِ بالسهرِ والحمى.
|