طه العامري - تشتد حدة المواجهة بين (واشنطن) و(بكين) وعلى مختلف الجبهات والميادين والمجالات والساحات ، مواجهة تشتد سخونتها وحدتها في المحيطين (الهادي والهندي) ..
وبعد خطاب الغطرسة الإمبريالي بكل مفرداته الانتقاصية الذي تعاملت به (واشنطن) وإدارتها المتعاقبة منذ مطلع العقد الاخير من القرن الماضي وسعت من خلاله إلى تطويع الإرادة الدولية والهيمنة على إرادة الشعوب وتطويعها وفق رغبات (واشنطن) فإن هذا الخطاب وبعد صعود إدارة (بايدن) أخذ بالتراجع بعد سلسلة انكسارات واخفاقات منيت بها السياسة الأمريكية في الداخل والخارج ، وهي السياسة التي ترافقت مع نمو وتصاعد القدرات (الصينية - الروسية) من ناخية وإخفاق حلفاء (واشنطن ) في تنفيذ الاستراتيجيات والخطط الإمريكية التي اعتمدت منذ سقوط دول حلف (وارسو) وانهيار (جدار برلين) وتفكك الاتحاد السوفييتي ..استرانيجيات وخطط اعتمدتها (واشنطن) للهيمنة المطلقة على الخارطة الكونية والتحكم بقدراتها وبمقدرات شعوبها بعد ان اعتبر الغرب بزعامة امريكا ان سقوط (المعسكر الاشتراكي) يعني انتصاراً لقيم (الليبرالية) الجديدة التي وضع أدبياتها تيار (المحافظين الجدد) من امثال (وول ولفيوز ، وديك تشيني) وآخرين ممن تربعوا على المؤسسات السيادية الامريكية في عهد (جورج بوش) الابن ..
خلال فترة (ترامب) بدا الترنح الامريكي واضحاً في كثير من مظاهر الحياة الاقتصادية والسياسية وعلى الصعيدين الداخلي والخارجي ..فعلى الصعيد الداخلي كانت القدرة الاقتصادية التنافسية بين (واشنطن) و(بكين) قد بدت تاثيراتها تطفو على السطح وحتى على القيم الاستهلاكية داخل المجتمع الامريكي ذاته مع ما رافق هذه المؤثرات من اهتزازات اقتصادية كشفت جائحة (كورونا) الكثير من اطيافها هذا من ناحية، ومن الاخرى جاءت قضية المواطن الامريكي (جورج فلويد) ذي الاصول الإفريقية لتكشف سوءات المجتمع الرأسمالي ذي الإدارة الأمبريالية الحاملة لكل قيم التوحش التي برزت كنتاج طبيعي لفشل مخططات (واشنطن) واستراتيجيتها وسياستها الخارجية وهو الفشل الذي دفع اهم شخصيتين امريكيتين يعدان من دهاة صناع السياسة الامريكية وهما الرئيس الامريكي الاسبق (جيمي كارتر) ووزير الخارجية الاسبق والاكثر مكراً ودهاء (هنري كيسنجر) على الخروج عن صمتهما واطلاق التحذيرات من مغبة الخيارات التي اعتمدتها إدارة (ترامب) في التعاطي مع القضايا الخارجية تحديداً وخاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع (الصين) محذرين صناع القرار من التصعيد او خوض مواجهة مع (الصين) بأي صورة من الصور ناصحين البيت الابيض بالدخول بحوار تكاملي مع (بكين) وهو ما تجاهلته إدارة (بايدن) وسعت إلى خوض مواجهة مع (بكين) بدءاً من منطقة (هونج كونج) وقد افشلت (بكين) هذا المخطط الامريكي لاستهداف استقرارها بدءاً من (هونج كونج) ثم قضية (الأيغور) ثم تسليح (تايوان) وقد حاولت (واشنطن) فعل كل ذلك بالشراكة الكاملة مع (لندن وباريس) بصورة رئيسية ومباشرة وبالتحالف مع بقية حلفاء المنظومة الغربية من دول وانظمة العالم بما في بعض النظم في الوطن العربي وافريقيا وآسيا ..
شكلت جائحة (كورونا) بمثابة التلسكوب الذي اظهر (عورات) امريكا فيما زاد الفشل السياسي الامريكي -خارجياً- وسقوط كل مخططاتها في منطقة الشرق الاوسط وتخلف حلفاء (واشنطن) في تحقيق ما سبق ان تم الاتفاق معهم على تحقيقه ، وصمود خصوم (واشنطن) في المنطقة بدءاً من (إيران) مرورا بـ(سوريا) ناهيكم عن معاناة (واشنطن) في العراق وصولاً إلى لبنان والاراضي العربية الفلسطينية وهي النقطة الجغرافية التي تقلق (واشنطن) لتعلقها مباشرة بالوجود (الصهيوني) المحتل للاراضي العربية الفلسطينية وسعي (واشنطن) إلى تأمين هذا (الكيان) وإدماجه ليكون جزءاً اصيلاً من المنطقة وفي المنطقة باعتباره صاحب جذور تاريخية وثقافية وحضارية وإن له حق الحياة والعيش الآمن في (دولة يهودية) ذات سيادة ؟!
|