عبدالله الهُمام - عندما تلتقي الإرادة والإرادة وتتوحدان على هدف واحد لا شيء يقف أمامها، ويقتضيٍ الأمر في نهاية المطاف انتصار هذه الإرادة، فكيف تتلاقي إرادة شعبين على الوحدة وهم في الأصالة شعب واحد (إنساناً وجغرافياً واجتماعياً وحضارياً) من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب؟!
ولو راجعنا الأحداث والأشخاص والمتغيرات جيداً ما بين فترة السبعينيات والثمانينيات وما قبلهما وما بعدهما لوجدنا كل الجهود والمساعي والمفاوضات الدبلوماسية داخل البلد وخارجه والتي جرتّ بين الأطراف اليمنية شمالية وجنوبية وبين وسطاء قوميين عرب لتوصلنا إلى نتيجة حتمية أنها كانت مترجمة لإرادة الشعب..
إرادة الشعب الذي سئم الشتات والضعف والتمزق الذي حل بالوطن وجعل من جنوبه فريسة سهلة للاستعمار البريطاني الجائر طيلة 128عاماً، وأما شماله فقد كان مجرد لقمة دسمة للإمامة الظالمة التي ادخلته عصور الظلام طيلة 4 عقود.
وكانت كل الأحداث والمتغيرات بعد ثورة سبتمبر المباركة آنذاك تتجه رحاها نحو طريق اليمنيين المنشود جنوباً وشمالاً وهو الوحدة...
وكان لا بد من وعي شعبي وسياسي لقيادات الشطرين لترجمة هذه الإرادة الشعبية بالاحتواء لكل المساعي والجهود الرامية للوحدة بكل تبصّر ومسؤولية وانهاء التناحر ووقف استمرار القتال في الجبهات الداخلية بين الشطرين والتركيز على ما يمهد نحو بلاد واحدة مستقرة يسودها الأمن والرخاء والازدهار.
ترجم ذلك على الأرض تحركات قيادات الشطرين بعقد لقاءاتهم الداخلية في صنعاء وعدن وتعز والحديدة واللقاءات الخارجية نحو التقارب والتصالح وتقديم التنازلات من أجل الوصول إلى ترقيع الخلافات وطيّ صفحة الماضي والجلوس على طاولة واحدة لرسم الخطط المؤدية إلى تحقيق الوحدة.
ومن أبرز هؤلاء القادة الذين استطاعوا توحيد الشطرين بحنكتهم وتغليبهم مصلحة الوطن آنذاك الرئيس علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض وسالمين وصاحب الخطة الخمسية المباركة ابراهيم الحمدي وعلي ناصر محمد وعميد الدبلوماسية الإرياني وسالم ربيع علي.
ولا ننسى الدول العربية (مصر والكويت وليبيا والجزائر) التي لعبت دوراً مهماً في احتواء الفرقاء اليمنيين ومساندتهم للوصول إلى الوحدة اليمنية المباركة.
وتوثيقاً نسرد أهم هذه الأحداث قبل إعلان الوحدة على يد الرئيس علي عبدالله صالح في عام 1990م، والتي عكست توّحد اليمنيين أرضاً وإنساناً، ونذكرها تباعاً ...
- (1968م) اشتراك فصائل من جبهة التحرير القومية ووحدات عسكرية جنوبية، مع الجيش الجمهوري الشمالي في قتال القبائل الملكية في معركة بيحان، وفي معركة فك حصار الـ 70 يوماً عن صنعاء.
- (1970م) اتفاق تعز بين الشمال والجنوب على إنشاء اتحاد فيدرالي بينهما.
- (1972م) اجتماع وفديّ الشطرين في القاهرة برئاسة علي ناصر محمد عن الجنوب ومحسن العيني عن الشمال مع لجنة التوفيق العربية المشكَّلة من الجامعة العربية لتسوية الخلافات بين الشطرين والاتفاق على قيام الوحدة.
- (1972م) لقاء القمة اليمنية في طرابلس بحضور معمر القذافي لتأكيد اتفاق القاهرة ووضع أسس الوحدة اليمنية.
- (1973م) لقاء تعز-الحديدة، لدفع إجراءات الوحدة إلى الأمام.
- (1977م) اتفاقية قعطبة - وفيها تقارب الرئيس الشهيد الحمدي مع الحزب الاشتراكي في الجنوب في خطوات فاعلة للسير نحو الوحدة.
- (1979م) إعلان الكويت، وتوقيع رئيسي الشطرين على بيان مشترك لتنشيط اللجان التي تم الاتفاق عليها في القاهرة وطرابلس.
- (1980م) توقيع اتفاقية عدن الاقتصادية بين الشطرين.
- (1981م) لقاء قمة تعز، لتعجيل خطوات تحقيق الوحدة بين الشطرين.
- (1981م) الانتهاء من اعداد مشروع دستور دولة الوحدة، وإقراره والتوقيع عليه.
- (1983م) لقاء صنعاء بين رئيسي الشطرين لاستعراض ما حققته لجان الوحدة.
- (1984م) لقاء قمة عدن، لمتابعة الجهود من أجل الوحدة، وتسهيل انتقال المواطنين بين الشطرين بالبطاقة الشخصية.
- (1988م) اجتماع في عدن، واعتماد القرارات الخاصة بألغاء القيود على تنقل الأفراد، والغاء الرسوم والضرائب على حركة مرور السيارات والبضائع.
- (1989م) مفاوضات في عدن، وطرح الخيارات المختلفة للوحدة بين الشطرين.
- (1990م) توجه الرئيس علي عبدالله صالح إلى عدن ورفع علم الوحدة (المباركة) بها.
حفظ الله اليمن واحداً موحداً...
❊ محامٍ وباحث قانوني
|