الميثاق نت -

الجمعة, 11-يونيو-2021
محمود‮ ‬ياسين -
أسوأ‮ ‬أخبار‮ ‬الموت‮ ‬عندما‮ ‬يكون‮ ‬الفقيد‮ ‬في‮ ‬مثل‮ ‬سنك‮ ‬ترجع‮ ‬تفكر‮ ‬تشرب‮ ‬شاهي‮ ‬والا‮ ‬موش‮ ‬ضروري،‮ ‬او‮ ‬يمكن‮ ‬تأخذ‮ ‬دش‮ ‬بارد‮ ‬،‮ ‬لكن‮ ‬موش‮ ‬ضروري‮..‬
هناك‮ ‬مقترح‮ ‬تتصل‮ ‬بصاحب‮ ‬دار‮ ‬النشر‮ ‬وتعتذر‮ ‬أنه‮ ‬اتصل‮ ‬وأنت‮ ‬لم‮ ‬تتنبه‮ ‬،‮ ‬لكن‮ ‬موش‮ ‬ضروري‮ .‬
خطر‮ ‬لي‮ ‬الخروج‮ ‬للبحث‮ ‬عن‮ ‬بنزين‮ ‬،‮ ‬لكن‮ ‬للمه‮ . ‬
الموت‮ ‬علينا‮ ‬حق،هذا‮ ‬صحيح‮ ‬لكن‮ ‬بعضنا‮ ‬موش‮ ‬مستعدين‮ ‬،ولما‮ ‬يموت‮ ‬صديقك‮ ‬القديم‮ ‬وتفكر‮ ‬تنشر‮ ‬تعزية‮ ‬،‮ ‬ترجع‮ ‬تقول‮ ‬موش‮ ‬ضروري‮ . ‬
هذي‮ ‬هي‮ ‬الحقيقة‮ ‬المباغتة‮ ‬،‮ ‬فيها‮ ‬هكذا‮ ‬ما‮ ‬يأتي‮ ‬من‮ ‬خارج‮ ‬كل‮ ‬السياقات‮ ‬التي‮ ‬يمكنك‮ ‬ادعاء‮ ‬التحكم‮ ‬بنهايتها‮..‬
لم انشر رواياتي الثلاث بعد ،ولم اعتذر لأناس كثيرين لا اعلم على وجه الدقة من المخطئ أنا أو هم ، لم أتشمس على ساحل جزيرة مهجورة في الكاريبي ولم أتبادل النخب رفقة أصدقائي في المنافي ولم نذهب معاً لمشاهدة الجزء الثاني من فيلم تيتانيك ، لم يصوروا الجزء الثاني بعد‮ ‬ولم‮ ‬يناقشوا‮ ‬الفكرة‮ ‬من‮ ‬الأساس‮ . ‬
من صف ثاني وانا هامم ومهتم لأشياء لا اذكرها ، ومن ثالث اعدادي وانا ساهر، ومن تسع سنوات ونحن عرضة لجملة ضلالات ذهنية لم يعد بوسعنا معها التمييز ما إن كنا ما نزال موجودين حقا وأحياء على وجه التحديد .
وكأنه‮ ‬وبشكل‮ ‬مضمر‮ ‬يجب‮ ‬على‮ ‬الكهول‮ ‬وحدهم‮ ‬أن‮ ‬يدفعوا‮ ‬ثمن‮ ‬إقرارنا‮ ‬الجمعي‮ ‬أن‮ ‬الموت‮ ‬علينا‮ ‬حق‮ ‬،‮ ‬هذه‮ ‬فكرة‮ ‬لامعة‮ ‬حسدت‮ ‬نفسي‮ ‬عليها‮ ‬لكن‮ ‬موش‮ ‬ضروري‮ . ‬
عمر تلتفت صوب ماقطعت منه لتجده أمامك مجموعة كراكيب ،صور اصدقاء يحدقون صوبك بنظرة عتاب لا تفهم أسبابها ونسخ من مجلة العربي ووجوه لأبطالك الكرتونيين وهم نموذجك المتعذر على الموت ، مواقف وأعقاب سجائر ونساء يرفضن أن يسامحنك واضلاف دواليب ورؤوس ثيران مقطوعة في أعياد أضحى تركتها لك على سبيل الذكرى ، كراكيب من مهام مؤجلة وخطط فاشلة وديون وملذات في قيعان كؤوس ملقاة اسفل الكوم اللامتجانس والذي يفصح عن انسجامك الشخصي للغاية مع الكسل في حياة بقيت مؤجلة على الدوام .
أنا هكذا حظيت بوعد من القدر أنني لن اموت الا وقد زهقت تماماً من كوني لم أمت ، وقمت بتحديد سقف زمني يتخطى المائة عام ببضع سنين ، على التزام في الآونة الأخيرة بالاعتماد على جهازي المناعي الذي اقترحت أنه كان لديناصور ، ديناصور وحيد نجا من النيازك وبقي يتجول في‮ ‬المنحدرات‮ ‬والغابات‮ ‬وانقرض‮ ‬بعدها‮ ‬على‮ ‬سبيل‮ ‬الضجر‮ .‬
تعلمت‮ ‬اختراع‮ ‬كذبات‮ ‬سعيدة‮ ‬منذ‮ ‬طفولتي‮ ‬،‮ ‬فقط‮ ‬على‮ ‬سبيل‮ ‬مغافلة‮ ‬الحقائق‮ ‬القاسية‮ ‬والمباغتة‮ ‬على‮ ‬غرار‮ ‬هكذا‮ ‬اخبار‮ ‬عن‮ ‬موت‮ ‬أشخاص‮ ‬كان‮ ‬لديهم‮ ‬أيضاً‮ ‬كذباتهم‮ ‬السعيدة‮ . ‬
تذاكر‮ ‬وتذهب‮ ‬بين‮ ‬المطر‮ ‬إلى‮ ‬سوق‮ ‬المنطقة‮ ‬لمتابعة‮ ‬سيناريو‮ ‬ريمي‮ ‬،‮ ‬السيناريو‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬اقسى‮ ‬من‮ ‬طفولتنا‮ ‬ونحن‮ ‬نسمع‮ ‬المحقق‮ ‬بصوته‮ ‬الأجش‮ ‬يصرخ‮ : ‬ايها‮ ‬الولد‮ ‬لقد‮ ‬وقعت‮ ‬في‮ ‬قبضة‮ ‬شرطة‮ ‬لندن‮ . ‬
لا‮ ‬كلاب‮ ‬لدينا‮ ‬ولا‮ ‬ناي‮ ‬نعزف‮ ‬به‮ ‬للعمر‮ ‬الجوال‮ ‬ونحن‮ ‬بقينا‮ ‬مع‮ ‬عائلاتنا‮ ‬لكن‮ ‬لكل‮ ‬منا‮ ‬سيد‮ ‬فيتالس‮ ‬يعلمه‮ ‬العزف‮ ‬ويكتشف‮ ‬طيبة‮ ‬قلبه‮ ‬بعد‮ ‬أن‮ ‬يفقد‮ ‬طريق‮ ‬العودة‮ ‬إلى‮ ‬البيت‮ . ‬
احزاب‮ ‬صحف‮ ‬تجمعات‮ ‬تذاكر‮ ‬سفر‮ ‬معجبات‮ ‬وخصوم‮ ‬رماديون‮ ‬وخصومات‮ ‬ساذجة‮ ‬ومعارك‮ ‬غير‮ ‬عادلة‮ . ‬
ونموت‮ ‬وفقاً‮ ‬لهيمنجواي‮ " ‬لا‮ ‬يتسنى‮ ‬لنا‮ ‬الوقت‮ ‬الكافي‮ ‬لنعرف‮ ‬كيف‮ .‬

تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 02:15 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-60732.htm