أمين البشيري - أن المعضلة التنموية التي تجابهها البلدان النامية منذ عقود لاتعود الى نقص الموارد الطبيعية والبشرية بقدر ماهي راجعة أساساً إلى نمط الادارة السائدة في هذة البلدان..
فالإدارة هي الاداة التي تقود إلى التقدم الاقتصادي والاجتماعي والحضاري لأي أمة من الامم وان سبب تخلف الإمم لا يعود الى نفص الموارد الطبيعية والبشرية وانما يعود ذلك بالدرجة الاولى الى تخلف الادارة فيها..
وعلى ذلك فإن العقبة الكبرى في سبيل التقدم الاقتصادي والاجتماعي للامم هي سوء الإدارة وضعفها، اذ ان سوء الادارة وضعفها يؤديان الى المزيد من التخلف.
واعتبار الإدارة عاملاً مهماً وضرورياً لتقدم المجتمع ونموه وازدهاره وان العبرة ليست فيما يمتلكه المجتمع من موارد وامكانات وليس هناك مثال أوضح من التجربة اليابانية فاليابان دولة فقيرة بالامكانات الذاتية سواء من حيث الثروة الطبيعية او المساحة الزراعية فهي تستورد نحو (90٪) من مدخلات الانتاج فيها ومع ذلك تعتبر من حيث الكفاءة الانتاجية ومستوى التقدم الاقتصادي والاجتماعي من ارقى الدول بينما نجد دولاً غنية بالموارد المالية والثروات الطبيعية ومتسعة المساحة ومع ذلك فإنها.. تعتبر من الدول المتخلفة. إن السبب الرئيسي في رأي الكثيرين يعود بدرجة كبيرة الى نمط الادارة السائدة في هذه البلدان القائمة على الارتجال والرؤى الفردية السلطوية الضيقة والغارقة في الفساد والمحسوبية بما من شأنة تأمين احتكار السلطة والنفوذ واستثمار الموارد لصالح بعض القوى النافذة في هذه المجتمعات على حساب مصالح وتطلعات الغالبية الساحقة لأبناء هذه المجتمعات..
وفي ظل غياب الحكم الرشيد وتفشي الفساد في المجتنع يظهر ما يسمى بفشل العقد الاجتماعي حيث تكون الموارد والخدمات ونظم الرعية محصورة للصفوة (فئة قليلة في المجتمع) ويحرم المواطنون من التنمية وتظهر عليهم سمات الفقر والحرمان وتنعدم الرغبة في دفع الضرائب ويعيش المجتمع في حاله من الفوضى..
لذا أضحى الحكم الرشيد بمعنى الادارة الرشيدة لموارد المجتمع بالطريقة الديمقراطية القائمة على الشفافية والتضمينية والمساءلة بما من شأنه تحقيق حياة الحرية والمساواة والعدالة الجتماعية لابناء المجتمع..
وفي اعلان الالفية الجديدة للامم المتحدة توصل المجتمع الدولي الى توافق في الاراء على ان الحكم الرشيد ليس فقط هدفاً في حد ذاته بل هو ايضا شرط مسبق لتحقيق التنمية البشرية لأن بناء الانسان قبل بناء الاوطان ذلك لأن الانسان هو وسيلة وغاية التنمية وكذلك في الحد من الفقر من خلال تسهيل امكانية وصول الفقراء الى النظام التعليمي المجاني والالزامي للمرحلة الاساسية لأن الامية تعيق الفقراء من التوظيف وكذلك في المشاركة في صنع القرارات التي تؤثر في حياته..
الحكم الرشيد هو مصطلح يتعلق بنوعية التعاون وصنع القرار بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني في قضايا المصلحة العامة..
والحكم الرشيد كتعريف يعتبر جديداً لكن اصوله وافكاره ليست جديدة فمسائل مثل الفساد والظلم والقمع والتمييز العنصري شغلت العالم اجمع والمجتمعات المختلفة على مر العصور..
لهذا ظهرت اهمية المعرفة بالحكم الرشيد في الوقت الراهن نتيجة لعدم قدرة بعض الدول على ادارة شؤونها بصورة فعالة ونجاح الدول التي اتخذت مبادئ الحكم الرشيد كأساس للحكم والادارة واضفاء اللامركزية التي تعتبر احد مظاهر الحكم الرشيد في تطبيقاتها العملية حيث تعني نزول السلطة الى مستوى المواطن العادي وتلبية احتياجاته وفق الطريقة التي يحبذها وكل ذلك يمكن الناس من المشاركة الفعالة ويكونون قريبين من مواقع اتخاذ القرار.
الحكم الرشيد في المحصلة يعني تمكين الافراد من التعبير عن مصالحهم وممارسة حقوقهم وايجاد حلول لكثير من المشاكل مثل الفقر والظلم وانعدام الامان والتنمية.
|