حاوره/ نجيب شجاع الدين - اعتبر الخبير الاقتصادي البروفيسور عبدالعزيز الترب ان قرار المرتزقة الاخير رفع الدولار الجمركي بنسبة 100٪ يأتي كجزء من حربهم الاقتصادية على الشعب اليمني ورد فعل على هزائمهم المتلاحقة عسكريا خاصة في مأرب.
وأكد مستشار رئيس الجمهورية والمجلس السياسي الأعلى استعداد صنعاء لتحمل مسؤولية السياستين المالية والنقدية التي عجز المرتزقة عن تحملهما.
ورأى البروفيسور الترب أن الوضع الاقتصادي بات فائق الخطورة جراء استمرار العدوان.
واشار إلى أن التقديرات الاولية للخسائر الاقتصادية تتجاوز الـ100 مليار دولار.
واضاف: ان كيفية التعويض تحتاج إلى إرادة حرة وقرار جريئ.
وقال المستشار الترب : اننا نراهن على تطوير الاقتصاد اليمني وإصلاح اختلالاته الهيكلية.
مشيداً بتماسك الجبهة الاقتصادية وما حققته من نجاحات متعلقة بهذا الجانب لكنه استدرك بالقول: " هناك الكثير من الملاحظات على بعض السياسات التي أرجو عدم إغفالها ".
إلى الحصيلة:
* حدثنا عن الوضع الاقتصادي للبلاد ونحن في السنة السابعة للعدوان؟
- لا يخفى على أي متابع أن وضع البلد إقتصاديا فائق الخطورة فقد كنا نعاني منذ سنوات طوال فاقة وعوزاً اقتصادياً ، ويمكن الرجوع لكلمات رؤساء الحكومات المتتابعة ولكن العدوان المستمر زاد الموقف صعوبة وثقلاً على كاهل أبناء اليمن حيث تراجع نصيب الفرد من الناتج القومي الإجمالي من 1191$ عام 2014م إلى 364$.
الا اننا في هذه المسألة نراهن على تطوير الاقتصاد اليمني وإصلاح اختلالاته الهيكلية.
وأشيد بتماسك الجبهة الاقتصادية وإن كان هناك الكثير من الملاحظات على بعض السياسات التي أرجو عدم إغفالها .
* بهدف التوصل للسلام ما أبرز المطالب الاقتصادية لصنعاء؟
- لا توجد مطالب خاصة بصنعاء إنما هي مطالب أبناء اليمن الواحد وكل ما نطالب به يصب تحت مبدأ اليمن ككل وليس مطالب فريق أو جهة ، ويمكن إيجاز أهم المطالب بمسائل أساسية كحل مشكلة الرواتب المتأخرة
"ويمكن البدء بإتفاقية ستوكهولم" .
إيقاف استنزاف العملة من خلال التلاعب وزيادة
العرض النقدي.
فك الحصار الجوي والبحري.
هذه النقاط الثلاث ستتيح لنا إمكانية إنعاش الاقتصاد
واؤكد أننا على استعداد لتحمل مسؤولية السياستين المالية والنقدية التي عجز المرتزقة عن تحملهما ونضمن إصلاح الاختلالات الاقتصادية المتعلقة بهذا الجانب.
* خسائر الاقتصاد الوطني جراء العدوان هل يمكن تعويضها وكيف ؟
- كل الخسارات يمكن تعويضها بإستثناء خسارة الإنسان لنفسه فلا يعوضها إلا الله.
ودعني أذكر بالخسائر الناجمة عن الحرب العالمية الثانية وتعافي الدول منها.. بالنسبة لليمن رغم ان التقديرات الاولية تشير إلى ان الخسائر الاقتصادية تتجاوز الـ100 مليار دولار فإن الأهم هو في كيفية التعويض وهو ما يحتاج إلى إرادة حرة وقرار جريئ يمكننا من إصلاح الإعوجاج وتحويل نقاط الضعف إلى قوة.
* هناك من يقول إن الحرب على اليمن سببها الرئيسي اقتصادي.. ما تعليقكم ؟
- لا أنكر أن العامل الاقتصادي من أهم عوامل شن الحرب على اليمن ، ولكن التبعية وفرض الهيمنة والحفاظ على الوضع السابق وخوف قوى العدوان من أن يكون لليمن قرار مستقل كان العامل الأهم .
* من المستفيد الأول من استمرار تدهور الوضع الاقتصادي سواء في الشمال أو الجنوب؟
- قطعاً.. أعداء الوطن والمرتزقة وليس هناك فرق سواء أكان العدو من أبناء اليمن أو من دول الجوار أو من أي قطر في العالم.
* كيف استطاعت صنعاء الحفاظ على استقرار الوضع الاقتصادي واستقرار الحالة السلعية في السوق؟
- كل هذا تحقق بارادة صادقة وقيادة حكيمة حيث نجحت صنعاء في الحفاظ على الضرر عند أدنى معدلاته، ذلك انه لا يوجد استقرار في ظل حصار وعدوان ولكن كما اشرت سالفا تمكنت الحكومة من ابقاء الضرر في أقل معدلاته والمحافظة على العرض النقدي والحفاظ على سعر الصرف ، كما ان لجنة المدفوعات تحرص باستمرار على توافر السلع الأساسية.
واوكد هنا انه لا يزال لدينا الكثير من الخطط والبرامج المدروسة نعتزم تنفيذها خدمة للوطن والمواطن بيد ان قيود الحصار الجائر والعدوان وأذنابهم يعمدون بشتى السبل والوسائل الى عرقلة اي خطوة تصب في مصلحة الشعب لكننا مصممون على القيام بها.
* هل من إجراءات اقتصادية ينبغي عليها اتخاذها فوراً؟
- نعم فنحن بالتنسيق مع مختلف الوحدات والمؤسسات الحكومية نسعي على الدوام لإيجاد معالجات تستجيب للمتغيرات الكثيرة والمتلاحقة وعلى المستويات كافة.. في الجانب الاقتصادي والاداري والتنموي.
* تسبب العدوان في تراجع حاد لإيرادات الدولة.. ما الحلول؟
- لقد اعتمدنا نوعين من المعالجات الأول إسعافي نعمل في اطاره بشكل مستمر، وبفضل ذلك تحولنا في العامين الأخيرين من موقف رد الفعل إلى موقف الفاعل كون الإجراءات التي تم العمل بموجبها تسبق دول العدوان ومرتزقتهم بخطوات.
النوع الثاني معالجات شاملة وهذه يعيق انجازها تواصل العدوان الجائر إذ لا يمكن تنفيذها بشكل كامل إلا بتوقف العدوان .
* ماذا عن مكافحة الفساد.. البعض يرى أنه صار أكثر انتشاراً وتوغلاً؟
- في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية بصنعاء اعتقد ان هذا كلام مبالغ به ولا يمت للواقع بأي صلة.
أنت تعرف كم حجم الإيرادات التي لا يكاد يقارن بجزء مما كان موجود سابقاً ولا حتي بما هو موجود تحت يد المرتزقة حالياً الذين يستولون حاليا على 70 في المائة من ايرادات البلاد.
وإنما ينبغي ان نشيد بأساليب المعالجات الاقتصادية للدولة ، ومن بينها خطوات مكافحة الفساد.
فالجميع يعلم ان هناك تفوقاً إدارياً كبيراً في صنعاء في مجالات مختلفة أمنياً واقتصاديا وعسكريا فكيف يكون النجاح في ظل زيادة وتوغل للفساد.
ومايقال عن انتشار للفساد يعد واحداً من أساليب العدوان الدعائية التضليلية ومحاولة عبر اعلامه للتزييف وقلب الحقائق لإبعاد أي تأثيرات كارثية نتيجة عدوانهم علينا.
لا ننكر وجود الفساد ولكن ليس بمسميات جديدة وبإمكانكم الرجوع للتقارير الدولية منذ عشرات الأعوام لنؤكد أنه ليس بظاهرة جديدة ولكننا نسعى لمحاربته بكل ما أوتينا من قوة.
* مشكلة العملة التالفة هل من حل برأيكم ؟
- لكل مشكلة حل ونمتلك العديد من الحلول الفردية التي تنهى المشكلة ويمكننا تطبيقها ، ولكننا ما زلنا نسعى إلى حل شامل في إطار العمل المشترك وليس الفردي، حل لا يترتب عليه أي تأثيرات على المواطن وعلى امتداد الوطن.
* تحييد الاقتصاد الوطني مسألة مهمة في هذه المرحلة كيف يمكن تحقيق ذلك؟
- في حال توافق جميع الأطراف ، ولكن للأسف العدوان ومرتزقته يستغلون الملف الاقتصادي ويستخدمونه كسلاح في حربهم على الشعب، بدليل قرار نقل البنك المركزي وتغيير محافظه والذي اثبتت الايام ان الهدف منه الامعان في خنق الشعب اليمني اقتصاديا وتجويعه في ظل فرض حصار بري وجوي وبحري ومنع دخول المساعدات والسلع بمختلف أنواعها عبر ميناء الحديدة ، وكما هو معروف فإن بلادنا تعتمد على الاستيراد في تغطية الاحتياج للسلع الغذائية وبنسبة تصل إلى 90٪ وفي مقدمها مادة القمح.
اضافة الى العديد من القرارات غير الدستورية والانسانية والمخالفة للقانون الدولي وقد كان آخرها قبل ايام اعلان حكومة المرتزقة رفع سعر الدولار الجمركي بنسبة 100٪ من 250 إلى 500 ريال.
هذا القرار الخطير بالتأكيد يصب في اطار حربهم الاقتصادية واستخدام معاناة المواطن كورقة ضغط يهدف العدوان ومرتزقته من خلالها لافشال المساعي الرامية لايجاد اي حل سياسي واطالة أمد الحرب ومفاقمة معاناة اليمنيين إذ لم يعد خافيا على أحد حقيقة تهربهم من تنفيذ اتفاقيات مثل اتفاق عمّان الأردن ، وستوكهولم وغيرها.
* هل تؤيد دعوة عضو المجلس السياسي الاعلى محمد على الحوثي التجار إلى رفض التوريد عبر المنافذ المحتلة او عدم تحميل المواطن الزيادة؟
- لا شك ان ذلك يمثل الحل الانسب حماية للمواطن البسيط المحارب في لقمة عيشه حتى لا يتحمل اعباء جديدة لا يقدر عليها.
الامر الآخر يلاحظ ان الحصار والعدوان الوحشي للسنة السابعة حول عدة مناطق يمنية الى سوق للسلع الرديئة والمنتهية الصلاحية والمستخدمة والقادمة اغلبها من السعودية.
وفي زيارتي الاخيرة الى اليابان حدثني احد كبار المصنعين للسيارات انهم اوقفوا مبيعاتهم لليمن منذ 2015 ومع هذا فإن هناك سيارات حديثة دخلت السوق اليمنية عبر الخليج فالسعودية تعرقل دخول اغلب منتجات الشركات الكبرى الى اليمن وتبيع ما تستورده بأسعار مرتفعة للغاية لليمنيين.
على كل حال يمكنني القول ان قرار رفع الدولار الجمركي يأتي من المرتزقة كرد على فشلهم العسكري وهزائمهم المتتالية خاصة في مأرب.
* هل اعددتم خطة اقتصادية تخص مأرب عقب تحريرها؟
- بالطبع وهي تتعلق في جانب منها بذات الإجراءات المتبعة في المناطق المحررة من حيث توفير الشق التمويني لاحتياجات المواطنين للسلع والمواد الغذائية والاستهلاكية وضبط اختلالات السوق.
اما الجانب الآخر فيتعلق بإنعاش العملية الاقتصادية بالمحافظة وخلق فرص اقتصادية جديدة.
* كيف يمكن معالجة هروب الاستثمارات الأجنبية من البلاد نتيجة الحرب؟
- من الطبيعي أن تهرب أي استثمارات في ظل وجود حرب ولكن ولنكن واقعيين ما هو حجم الاستثمار الأجنبي في بلادنا قبل الحرب ، فعلى مدى سنوات طوال واليمن بيئة طاردة للاستثمار ويمكن للقارئ الرجوع إلى مؤشرات بيئة الاستثمار أو التأكد من مقدار تأثير الاستثمار الأجنبي في ميزان المدفوعات أو في الناتج القومي الإجمالي.
ولكن ومع انتهاء العدوان واستقرار البلد يمكننا تنفيذ خطط جاهزة ومعدة بعناية لجذب رأس المال الأجنبي مع ضمان سيطرة واستفادة حقيقية بدون أي تفريط.
* وجود عملتين بقيمتين مختلفتين.. إلى أي مدي يؤثر على الاقتصاد؟
- للأسف فرض علينا الاختلاف في السعر فنحن سعينا جاهدين إلى الامتثال وعدم الإضرار بالمواطن وكان قرار نقل البنك المركزي وسعر صرف الدولار يقارب 350 ريالاً وتفاقمت المشكلة حتى وصل إلى 750 ريالاً وكان لزاماً علينا حماية المواطن واتخذنا القرارات التي راهن الجميع على فشلنا ولكننا نجحنا.
- والأن والحمد لله سعر الصرف لدينا قريب 600 ولديهم تجاوز الـ 1000 وان كان هذا يؤسفنا على أبناء الوطن في المناطق المستعمرة ، ولكنه جاء لإنقاذ ما يمكن انقاذه ونؤكد استعدادنا الدائم لتوحيد سعر الصرف ان قبلت حكومة المرتزقة بالحفاظ على العرض النقدي عند المعدلات المقبولة.
* كيف تفسر إصرار حكومة هادي على طباعة عملات غير مغطاة وبما يتجاوز 5 تريليونات ريال منذ 2017م؟
- فساد ولا يوجد تفسير آخر .. فهذا الاصدار هو مدفوعات فنادقهم وفسادهم فقط ولا يستفيد منه المواطن شيئاً.
مع العلم أن اليمن لم تطبع منذ سبتمبر إلى الآن من العملة ما يتجاوز التريليون و 700 مليار ريال بينما المرتزقة طبعوا ثلاثة اضعاف الرقم.
* لماذا لا تتدخل الجهات الدولية لإنقاذ الوضع الاقتصادي في اليمن أو لماذا لم تعط أي أولوية للاقتصاد؟
- إننا نحارب جهات دولية كبرى ولا نحارب مرتزقة في الرياض، فكيف تتوقع أن تكون هذه الجهات ذات اهتمام بإنقاذنا من أذنابها.
* انتشار فيروس كورونا هل أثر على الاقتصاد اليمني؟
- لا توجد أرقام دقيقة لهذا ، لكن يمكن ان ترى حجم المساعدات التي نهبت باسم الفيروس ولقاحاته وحملاته.
* أثير في الآونة الأخيرة قضية "قرار التقاعد" هل كان هذا القرار صائباً؟
- إن الزوبعة التي أثيرت ليست إلا قنبلة إعلامية فقط.. فالتقاعد لمن بلغ الأجلين قانوني وطبيعي جداً ومن الطبيعي لمن بلغ سن التقاعد أو سن الخدمة أو توفي أن يتقاعد وليس بالأمر الجديد.
ولكننا كنا نسعى لإيجاد حل منصف خلال الأعوام السابقة ولا نسعى لاتخاذ أي قرار فردي..
وزوبعة الإحلال وفساد القرار وغير مشروعيته كلها تعتبر مهاترات إعلامية وليست إدارية.
ولكن إن أردنا الحديث فالهيئة العامة للتأمينات هي الجهة التي يجب ان ترتب مسائل التقاعد وتقرر هذا الأمر لأنها ستلتزم بدفع رواتب المتقاعدين ، وتأكد أنه لا يمكننا أن نرسل من خدموا الوطن لخمسة وثلاثين عاماً للتقاعد بدون حقوقهم.
* كلمة أخيرة؟
- سننتصر بقوة الله ورؤى السيد قائد الثورة وما علينا إلا المزيد من اليقظة وتصحيح الكثير من المفاهيم ومعالجة الوضع الاقتصادي بما يعيد الابتسامة للمواطن المناهض للعدوان.
|