الفريق الركن / جلال علي الرويشان* -
من منكم يتذكر الأطباق الطائرة التي قالوا قبل عدة سنوات إنهم شاهدوها تحمل مخلوقات فضائية تغزو الأرض . وإن شهود عيان رأوها في أكثر من دولة !؟
أين ذهبت !؟ هل غادرت الأرض عائدةً إلى كواكبها البعيدة !؟ ولماذا لم يتمكن أحد من الإمساك حتى بطبق واحد ، أو مخلوق فضائي واحد من الذين كانوا عليها !؟
منذ العام 2004م ، وهم يتحدثون عن الأطباق الطائرة القادمة من الفضاء وعليها مخلوقات غريبة .. صنعوا لها يوماً عالمياً ، حيث يحتفل العالم في 24 يونيو من كل عام باليوم الدولي للأطباق الطائرة ، وبين الحقيقة والخيال ، مازالوا هم يتحدثون ، ونحن نتأرجح ونفكر ونحلل في محاولات يائسة لكشف لغز وجود كائنات أخرى في الكون ..
وحتى في صناعة السينما، وفي الدراما التليفزيونية والسينمائية ، تعاملوا مع الأطباق الطائرة والمخلوقات الفضائية في مئات الأفلام التي تراوحت بين الرعب والخيال العلمي والتراجيديا .. ونحن نشاهدها ونندهش وننتظر بفارغ الصبر متى سيهبط طبق طائر ، أو مخلوق غريب في حارتنا !!
لكن لماذا أعلنت الإدارة الأمريكية مؤخراً ، وبالتحديد في 26 يونيو 2021م ، أنها لا تمتلك تفسيراً محدداً لظاهرة مشاهدات الأطباق الطائرة المتكررة بالعشرات من قبل الجنود والأفراد العاملين في الجيش الأمريكي ..!؟
ولماذا انحصرت المشاهدات كلها على الجنود والأفراد العاملين في الجيش !؟
ولماذا خلص تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية إلى أنه من بين 144 مشاهدة لأجسام طائرة غير محددة الهوية ، منذ عام 2004 ، لا يوجد أي تفسير إلا لمشاهدة واحدة فقط ، كما لا يوجد دليل على أن هذه الأجسام الطائرة من خارج كوكب الأرض ..!؟
ولم يقولوا لنا ما هي تلك المشاهدة الوحيدة التي وجدوا لها تفسيراً !؟ ولا ماهو تفسيرها !؟
هم لم يقولوا .. ويريدون منَّا ألاَّ نُشكك في الأمر !!
ولماذا أيضاً طالب الكونغرس بإنجاز التقرير بعد كم كبير من البلاغات من قبل الجيش الأمريكي ، حول مشاهدات أجسام طائرة فائقة السرعة في السماء..!؟
ولماذا شكلت وزارة الدفاع الأمريكية لجنة تحقيق في ظاهرة الأجسام الطائرة مجهولة الهوية ، في شهر أغسطس 2020م الماضي ، لتقصي الحقائق ..!؟
لاحظوا .. الإدارة الأمريكية ، والكونغرس ، ووزارة الدفاع .. يعني أن أهم المؤسسات السياسية والدستورية والعسكرية الأمريكية تتابع هذه الظاهرة الغريبة والمحيرة لهم ، والتي ليس لديهم أي تفسير منطقي أو علمي لها حتى الآن - حسب زعمهم ..
ثم سَجِّلُوا هذه الحيرة الأمريكية في دفاتركم الصغيرة بتواريخها المشار إليها أعلاه ، لنرى في المستقبل إن كانوا سيعلنوا شيئاً عن هذه الظاهرة الغريبة !؟ ..
هذا إن أعلنوا عن ذلك !! وأرجح أنهم لن يُعلنوا ..
وسيعاودون الكرَّة ، ويقولون لنا في عام 2024 ، أو ما بعد ذلك بأنهم سجلون عدداً من البلاغات من قبل الجيش الأمريكي ، حول مشاهدات أجسام طائرة فائقة السرعة في السماء ..
هل فهمتم شيئاً من الإعلانات الأمريكية المتكررة !؟
ولا أنا !!
إن الإعلانات الأمريكية تُذكرنا بأحوال الطقس وصلاة الاستسقاء في بعض بلداننا العربية ..
حيث يُحكى أن فريقاً إعلامياً لحاكمٍ عربي ، كان يتابع أحوال الطقس وتوقعات الأرصاد الجوية ، وعندما يلاحظ الفريق الإعلامي أن التوقعات الجوية ، تشير إلى احتمال سقوط الأمطار ، يوعز ذلك الفريق الإعلامي للحاكم بأن يدعو الشعب لأداء صلاة الاستسقاء ، .. وينفذ الحاكم تلك النصيحة ، وغالباً ما تهطل الأمطار ، فتتعزز القناعات لدى الشعب ، بأن حاكمهم على صلة وطيدة بالله ، وأنه يرى بنور الله ، وأن السماء أمطرت عندما دعاهم لصلاة الاستسقاء ..
وأمريكا تتحدث عن الأطباق الطائرة الغريبة ، ونحن لا نعلم ماذا لديها من معلومات ؟ ولا ما إذا كان وراء الأكمة حرب باردة !؟ أو أن فريقها الإعلامي قد أخبرها بتوقعات الرصد الاستخباري والأرصاد الجوية والفضائية ..
ومن الملفت للانتباه ، أنه بعد هذا الإعلان الأمريكي بأربعة وعشرين يوماً فقط ، أي في 20 يوليو 2021م ظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتن ، وهو يدشن انطلاق الطائرة المقاتلة الروسية الجديدة ، التي حملت اسم " كش ملك ".. والطائرة الجديدة من سلسلة " سوخوي " وتنتمي إلى الجيل الخامس من الطائرات ، ذات المحرك الواحد ، ومن فئة المقاتلات التكتيكية الحديثة ، وبالإمكان تطويرها لتصبح " طائرة بدون طيار " .. وكأنها طبق طائر !!
وربما ينبئ اسم " كش ملك " التشويقي بدور المقاتلة الجديدة ، التي قالت تقارير أميركية سابقة إن الهدف منها مواجهة مقاتلات الجيل الخامس الغربية ، ولا سيما المقاتلة " إف-35 " الأمريكية التي تعد الطائرة الأحدث في العالم ..
نحن كمستهلكين للإعلام الغربي ، نتابع بدهشة مفرطة ، واستغراب كبير موضوع الأطباق الطائرة، وهم يتسابقون لعسكرة الفضاء ، واستكشاف المريخ ، وتطوير المقاتلات والصواريخ الاستراتيجية ..
هما قُطبان .. ونحن تحت قطب الرَّحَى ..
هما يتلاعبان بعقولنا ، ونحن نبحث في الكتاب والسنة ، عما إذا كان هناك إشارات لما توصلوا إليه من علوم ، لنسجل هذا السبق الاعجازي .. وننتظر اختراعاتهم وابتكاراتهم الجديدة ، التي سيقولون لنا عنها ، وبالطريقة التي يرغبون ..
هل لدينا مراكز دراسات وأبحاث !؟ وهل لدى هذه المراكز بيانات ومعلومات عن نقص معدلات المياه في الأرض .. وعن ثقب الأوزون .. وعن تغير المناخ وارتفاع درجة حرارة الكوكب .. !؟
أم أن هذه القضايا - أيضاً - تشبه حكاية الأطباق الطائرة ، ووراءها مراكز دراسات وأبحاث وفرق إعلامية ، تخلط الحقيقة بالخيال ، وتَصُبَّها في القوالب الجاهزة التي تتوافق مع مصالحها وخططها الاستراتيجية !؟
لننتظر ونرى !! وماذا عسانا أن نفعل غير الانتظار..!!
* نائب رئيس الوزراء لشئون الأمن والدفاع
| 
لعبة الإعلام .. والأطباق الطائرة