السبت, 01-مارس-2008
الميثاق نت -    عبدالعزيز الحضراني -
قال شاعر المهجر جبران خليل جبران: (يحتاج الحق الى رجلين واحد ينطق به والاخر يفهمه).
العلاقة بين مفهوم الانتماء داخل الانسان، وما تحققه وتنجزه الدولة للمواطن من خدمات وطموحات علاقة تبادلية، فالقيام على خدمة المواطن من قبل الحكومة باخلاص وجد هو تجسيد للمهمة التي وجدت من اجلها وهو عامل اساسي في اذكاء روح الانتماء داخل هذا المواطن،
وهذا الانتماء ضروري في تحقيق طموحات الحكومة تجاه شعبها، اذ بدون هذا الانتماء تنعدم الوسيلة الممكنة للدولة للقيام بدورها.
والذي لا شك فيه ان الوثيقة التاريخية المتمثلة في البرنامج الانتخابي للاخ الرئيس علي عبدالله صالح والذي انتصر فيها للمواطن اليمني اينما وجد على امتداد الارض اليمنية وفي خارجها، تحتاج الى ادوات فاعلة سواء في التطبيق او التنفيذ او على مستوى احساس الناس بها، باعتبارها اعمالاً وانجازات ما كان لها ان تكون لولا الجهود الجبارة للقيادة السياسية من اجل كل مواطنة ومواطن يمني، والذي بات واصبح نهباً ومعرضاً لهزات نفسية أساسها التشكيك في مصداقية ما يحدث حوله من تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية، يقف وراء حملات ترويجها اناس اختلفوا مع الدولة في رؤيا ايدولوجية، او مصلحة شخصية فراحوا يوصمونها بكل نقيصة، ويدعون ان كلما يقال مجرد كلمات لا تتجاوز الحناجر او هي مجرد حبر على ورق.
والحقيقة ان بعض ما يكتب ويقال هذه الايام باسم الديمقراطية هو ابعد ما يكون عن الديمقراطية، فلم يقل احد ان الديمقراطية هي المدخل والسبيل والوسيلة لتجريد الشعب من انجازاته التي اصبحت حقيقة ثابته من حقائق العصر، مع التسليم بأنه ليس هناك انجازات تخلو من السلبيات.
لقد تجاوز البعض كل حدود النقد المباح، ولم تعد المسألة مجرد نقد نظام الحكم، وانما هي تصب بقصد او بغير قصد في خانة دفع الناس الى أزمة عدم التصديق بما عاشوه وعايشوه، وبالتالي افراز احساس باليأس والعجز والنقص والاحباط، فليس اسوأ ولا اخطر من ان يتصور الناس انهم كانوا يعيشون كذبة كبرى.
ان بعض ما يكتب ويقال هذه الايام لا مثيل له من قبل عندنا او عند غيرنا، لانه يستهدف ضرب كل شيء ايجابي وايجاد اجواء من الحيرة والبلبلة لدى المواطن الذي لا يدري ما الذي يصدقه والذي لا يصدقه نتيجة هذه الفجوة العميقة والمخيفة من عدم الثقة ومن التشكيك في كل شيء وفي كل وقت.
ان من يقرأ العديد من الصحف ويتابع ما يقال يحتار في فهم ما يقرأه ويسمعه ويشاهده حيث تبدو المسألة وكأنها عملية رجم بالحجارة، وهذه أمور تضر أكثر مما تنفع لإنها تؤدي الى فقدان المجتمع توازنه وبالتالي فقدانه القدرة على الرؤية السليمة.
إن احداًً لا يمكن ان يجادل في حق الشعب في استجلاء الحقيقة بالطرق الشرعية ذات الاسلوب الهادئ وعبر الحوار الموضوعي وليس من خلال حملات تحمل في طياتها مفردات التطاول والتشكيك وتفتح الباب امام تفسيرات وتأويلات غائمة وضبابية.
والذين لا يدركون خطورة الاعلام في تشكيل الوعي القومي وتنمية معاني الولاء والانتماء للوطن قد اخطأوا بلا شك في حق مهنتهم وفي حق المسؤولية التي يتولوها، كقادة للاعلام ووسائله، وكما رأينا في القديم والحديث كيف ان الاعلام يستطيع رسم الصورة التي يريدها صناعه في اذهان الجماهير وقد بنت هذه الصورة في بعض العصور من خيوط هلامية لا وجود لجزئياتها على ارض الواقع، فيما يشبه الخداع الذي استفاق منه الكثيرون على كوارث مفجعة. تشهد العواصم العالمية حالياً جدلاً واسعاً بشأن ضوابط العمل الاعلامي وحدود حرية التعبير عن الرأي العام على خلفية سلسلة من التجاوزات التي تهدد الامن والاستقرار والسلم الاجتماعي للعديد من المناطق في العالم، والتي اشعلت من جديد النقاش حول ضرورة الاتفاق على معايير تنظم حرية التعبير انطلاقاً من الحقيقة السياسية التي تقول انه لا توجد حرية مطلقة.
ففي الولايات المتحدة وبريطانيا والعديد من العواصم الغربية يدور حديث يتعلق بكيفية الحيلولة دون استخدام حرية التعبير والاعلام من اجل نشر بيانات تشجع على التطرف والارهاب والفوضى او تلحق ضرراً بالمصالح العليا للبلاد، وفي السياق نفسه تتحدث دوائر الاعلام الامريكية والاوروبية عن ضرورة التصدي لشطط بعض وسائل الاعلام التي تركز على نشر اخبار (مفبركة) وتروج لشائعات سواء كان عن قصد او بدون قصد.
وفي نفس الوقت اصبحت قضية التعامل مع الشائعات، باعتبارها الخطر الاكبر الذي يهدد كلا من الامن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للشعوب ومصداقية وسائل الاعلام على السواء في مقدمة اهتمامات المعنيين بمستقبل الاعلام وحريته في مختلف دول العالم.
يشير المحللون الى نماذج عديدة للشائعات التي كان لها تأثير كبير، ربما من ابرزها الشائعة التي روجها الالمان اثناء الحرب العالمية الثانية في الدول الاسلامية عن اسلام (ادولف هتلر) بهدف كسب تعاطف الشعوب المسلمة التي كانت خاضعة للاحتلال البريطاني، كما كانت شائعة امتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل ذريعة لغزو العراق عام 2003م.
فما بالنا الان وهناك قاعدة عريضة وواسعة من الانجازات العملاقة التي تحتاج الى اعلاميين ماهرين لرسم صورتها الواقعية والزاهية في عيون وعقول اليمنيين، غير غافل عن البقع السوداء التي تكون قد طالت ثوباً ابيض، في ممارسة المزيد من الشفافية التي تدفع الى التصديق الكامل والايمان المطلق بالانجازات، وان هذه الانجازات تأتي انتصاراً لكل جموع الشعب اليمني، وشيئاً فشيئاً يترسخ الانتماء ويصبح الجميع افراداً في خلية نحل لا يأتون الا بكل طيب لهم ولوطنهم، لكن الحقيقة التي لا مراء فيها ان البعض تكالب ويتكالب على رسم صورة مشوهة رغم كل ما هو موجود على ارض الواقع يعايشه ويلمسه الجميع، وراح يضخم عبر صحفه ووسائله الاعلامية من حجم اية مشكلة قد تحدث في اي جهاز في الدولة، بهدف تكوين صورة ثابتة عند جمهور عريض من الناس غرضها الاستفزاز والتحريض على كل انجاز جميل في حياتنا وتلك اشكالية تحتاج بحق الى وقفة عاقلة تبحث عن الحلول الكفيلة بالغاء هذه الصورة ورسم صورة اخرى مشرفة تعتمد على الواقع والحقائق والبيانات، وان نقطة سوداء او اكثر لا تعني ان الثوب ليس ابيض كما قلت.
اننا بحاجة الى من يعيد رسم سياسة اعلامية متميزة يتم رسم ملامحها وتفاصيلها على اساس من الفهم والوعي بانماط تفكير المواطن اليمني واساليب استفزازه واستقطابه من الاخر، انها بحق معركة بين شياطين الباطل ودعاة الحق.
 سياسي - اقتصادي - عضو مجلس نواب سابق

تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:19 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-6097.htm