فريق دكتور/ قاسم محمد لبوزة ❊ - بعد أيام قليلة يكون قد مر على تأسيس المؤتمر الشعبي العام تسعة وثلاثون عاماً من العطاء والحضور السياسي الكبير وبذل المزيد من الجهود البناءة والتضحيات التي صبت دوما في الخط الوطني والبناء والتنمية والحفاظ على المكتسبات وصنع الوحدة اليمنية والحفاظ عليها ورفض كل اشكال الوصاية والتبعية للخارج .
وخلال هذه المسيرة الطويلة انتقل المؤتمر من جبهة وطنية واسعة كان هو الناظم لمسيرتها إلى حزب حاكم بالشراكة تأسيساً على تجربة ديمقراطية فريدة بانتخابات برلمانية ورئاسية ومحلية اوجدها وتعززت بالوحدة اليمنية التي مثلت الرافعة لهذه التجربة المتميزة.. وحتى بعد تخليه عن السلطة ودخوله في شراكة جديدة بعد مؤامرة 2011 على التعددية والشرعية ظل حاملاً تطلعات الجماهير ومدافعا عن كل ماهو وطني ومضى يحمل الهم الوطني وهذه المرة في الدفاع عن الوطن ضد تحالف دول العدوان بقياد السعودية من خلال شراكة جديدة هو والأحزاب المتحالفة معه من خلال المجلس السياسي الأعلى مع الأخوة أنصار الله والأحزاب المتحالفة معهم وهي الصيغة السياسية التي فرضتها ظروف االعدوان الذي يدخل عامه السابع منطلقا من ميثاقه الوطني الناظم القيمي والتنظيمي لأدائه .
وبالطبع لسنا وحدنا من يتحدث عن علو قامة المؤتمر بل أيضا كتب عنه وتحدث الكثير من المنصفين وبموضوعية باعتباره كيان اجتماعي وسياسي تخلّق في واقع شكل فرادة تجربته وادائه المتزن والوطني اذ من الصعب الحديث عن حياة سياسية وديمقراطية بخصوصيتها في المنطقة دون التوقف ملياً عند هذا الهرم الكبير الذي هو بالأساس صانع الديمقراطية والتحولات الكبيرة التي شهدتها اليمن وفي وطليعة ذلك إعادة الوحدة اليمنية.
لقد واجه المؤتمر الشعبي العام في تاريخه الوطني العديد من التحديات وعاش كثيراً من المحطات المفصلية في تأريخ اليمن ولكنه بالحكمة التي تحلت بها قيادته والوعي الكبير المتأصل لدى قواعده وتغليب كل ماهو وطني على ما سواه من المصالح الحزبية الضيقة او الذاتية بقي متميزاً في ادائه وتعاطيه مع القضايا الوطنية عكس الأحزاب الأخرى التي تنكفئ على ذاتها وتعيش حالة صراع داخلية غارقة في تبايناتها والخصومات البينية داخل قياداتها لتعيش حالة أزمة دائمة بعيدة عن المصلحة الوطنية وتطلعات الجماهير .
ولعل المثال الأبرز لحكمة قيادة المؤتمر وما يدخره المؤتمر من رصيد وطني كبير هو تعاطيه مع أحداث ديسمبر 2017م المؤسفة التي وضعت المؤتمر في ظرف استثنائي صعب يتطلب قيادة حكيمة تنظر بعمق إلى حجم الحدث وأبعاده الوطنية خصوصا إذا ما ربطنا كل ذلك بما يمر به الوطن من ظرف دقيق ومفصلي ..غير أن المؤتمر خيب رهانات أولئك من قصيري النظر ممن كانوا يمنون أنفسهم بأن مسيرة المؤتمر النضالية والوطنية ستتعطل أمام هذا الظرف الدقيق متناسين أنه الحزب الذي ولد على تراب هذه الأرض الطيبة ولم يتلوث بأدران العمالة والوصاية للخارج بل بقي مؤمناً بقيمه ومبادئه التي يستمدها من مضامين ميثاقه الوطني ليصطف وبقرار حكيم إلى جانب وطنه وكل وطني غيور يدافع عن هذه الأرض ضد عدوان تجرد من كل القيم والأخلاق.
وبحكمة واقتدار قيادة المؤتمر الشعبي العام ممثلة بالشيخ صادق بن أمين ابو راس ومعه قيادات المؤتمر من الأوفياء الذين انتهجوا السير مجدداً في الخط الوطني والنضالي للمؤتمر الذي عرف به وتسنمهم قيادة سفينة المؤتمر استطاع المؤتمر عبور المضيق وقطع الطريق على المتربصين به الذين حاولوا مراراً تقسيماً وإضعاف قوته خدمة لدول العدوان وتعزيزاً لأجندته الخبيثة الرامية لتمزيق اليمن وتفتيت نسيجه الوطني.
غير أن كل تلك المؤامرات كانت قيادة المؤتمر على وعي تام بها وهو ما سهل عليها تجاوزها وإفشالها رغم ما تعرضت له قيادة المؤتمر من هجمات منظمة هدفها ثنيها عن توجهها الوطني الذي تسير عليه ودفعها للارتماء في أحضان العدوان وأجندته التي تنطلق من مشاريع صغيرة يتبناها الانتهازيون والمرتزقة الذين باعوا بلدهم وفضلوا العمالة على كل ماهو وطني وفيه مصلحة اليمن .
وبهذا النهج الوطني استطاع المؤتمر الشعبي العام تجاوز تلك المطبات محافظاً على دوره ومكانته في قلوب الجماهير معبراً عنهم ومعلياً قيم الوحدة والاستقلال ورفض الوصاية مستوعباً متطلبات المرحلة بمخاطرها الكبيرة على الوطن ووحدته ماسكاً بجمر الثوابت الوطنية وتعزيز صمود اليمنيين في مواجهة العدوان ومشاريعه الصغيرة داعياً الى الحوار والتصالح والتفاهم وبشكل متكرر حول كل القضايا الوطنية بما يخدم تعزيز الجبهة الداخلية ويسد كل منافذ التربص على اليمن من قبل دول تحالف العدوان ومرتزقته ووأد كل المؤامرات التي تحاك على اليمن .
ولايتوقف الحديث هنا في ذكرى تأسيس المؤتمر ..فعلى الصعيد الداخلي يسير حزبنا الرائد بمسئولية عالية نحو استكمال إصلاحاته الداخلية التنظيمية الهيكلية التي ستؤسس لعمل سياسي أكثر فعالية وقدرة على التعامل مع متطلبات المرحلة حاضراً ومستقبلاً وبما يحفظ للمؤتمر حضوره الفاعل دوما في قضايا أمته اليمنية ويعزز لحمة جماهيره العريضة ويحفظ لأبناء اليمن وللاجيال القادمة وطناً يعبر عن تطلعاتهم ينعم بالحرية والاستقلال والوحدة ..ويبقى فيه المؤتمر حزباً وطنياً مهماً في خارطة اليمن السياسية وفاعلاً في كل المحطات .
ومن جديد نؤكد في المؤتمر الشعبي العام أنه بات جلياً وواضحاً أن جزءاً من أهداف العدوان الذي يشن على شعبنا ووطننا للعام السابع من التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، هو التآمر على منجز الوحدة اليمنية والسعي لتقسيم اليمن، ليس إلى دولتين أو شطرين وحسب، بل إلى كانتونات صغيرة، ضعيفة ومتحاربة يسهل السيطرة عليها والتحكم بها وبقرارها.
لكن ما ينبغي أن يصل إلى أذهان المرتزقة ودول العدوان هو أننا نؤمن جيداً بأن الجنوب اليمني أرضاً وإنساناً سيبقى يمنياً، مثلما كان منذ خلق الله الأرض وحتى يرثها، وعلى الواهمين بتغيير هوية الجنوب اليمني وفقا لمخططات ومؤامرات الاحتلال القديم والجديد، سيفشلون كما فشلوا في السابق أمام إرادة ووعي الشعب اليمني، الذي كان وسيظل المالك الحقيقي والشرعي للوحدة وصاحب الحق الوحيد في الدفاع عنها والحفاظ عليها.
وفي هذا المقام ونحن نحتفل بهذه الذكرى الغالية علينا.. نصدر تحية كبيرة لأبطال الجيش واللجان الشعبية في جبهات القتال، الصامدين على خطوط النار أمام آلة العدوان ومرتزقته من شذاذ الآفاق .. كما نحيي حملة المشروع الوطني التحرري الذائدين عن حمى الوطن من الإخوان في أنصار الله وإخوانهم في المؤتمر الشعبي العام وكل الشرفاء داخل هذا الوطن وهم يواجهون العدوان ويسعون إلى دولة ينشدها شعبنا بهوية يمنية خالصة لن يفت في عضدها مؤامرات العدوان.
❊ نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام
|