الميثاق نت -

الأحد, 26-سبتمبر-2021
أ‮.‬د‮/ ‬محمد‮ ‬حسين‮ ‬النظاري‮ ❊‬ -
كثير من التواريخ الوطنية تحولت لمجرد ذكرى، تستحضرها الشعوب كلما حل يومها... وكأنها أضحت من ضمن الاستذكارات (حدث في مثل هذا اليوم) وهذا يحدث في بلادنا كما في كثير من البلدان، ولذلك لعوامل كثيرة لعل من بينها، تعاقب الأجيال ورحيل جيل الثورة وغالبية من شاركوا فيها‮.‬
الثورتان اليمنيتان الخالدتان(26 سبتمبر 1962م و14 أكتوبر 1963م) من بين الثورات العربية التي كانت ضرورة ملحة احتاجت إليها الشعوب، للتحول من حقبة زمنية بكل ما شكلته من جوانب سلبية، سواء المتعلقة بالحكم المطلق للفرد أو بتلك الأكثر قسوة وإيلاماً والمتمثلة بحكم المحتل‮ ‬الذي‮ ‬حول‮ ‬البلاد‮ ‬لمجرد‮ ‬مورد‮ ‬جباية‮ ‬وسخرة‮ ‬له‮.‬
أن التقارب الزمني بين الثورتين اليمنيتين(الفارق بينهما عام واحد فقط) ببين مدى الترابط الكبير بين أبناءالشعب اليمني، والذي تجلى في لحمة الثوار (شمالاً وجنوباً) ومساندة بعضهم بعضاً بغية التحول إلى ما هو أفضل للبلد والشعب.
مع مرور الزمن يحس الشعب بأن ثورته لم تعد هي التي عمل المستحيل لإطلاق شرارتها، وهذا يحدث لعوامل عدة من أهمها أن نتاج الثورة لم يتحقق بمفاهيمها العميقة، وان تحقق من حيث الشكل والمظهر سواء للدولة أو الفرد.
ان إبقاء الثورة حية في نفوس الشعوب يتطلب أن تعيش الشعوب أهدافها على الواقع، وليس فقط في الأناشيد الوطنية والعطل والاحتفالات الرسمية، فزخم الثورات يتضاءل مع مرور الزمن، حتى تتحول لمجرد ذكرى، هذا إن لم ترَ فئة من الشعب أن الثورة التي قدم الأجداد حياتهم مقابل‮ ‬قيامها‮ ‬لم‮ ‬تعد‮ ‬تمثل‮ ‬لهم‮ ‬قيمة،‮ ‬نظراً‮ ‬لبقاء‮ ‬حالهم‮ ‬على‮ ‬ما‮ ‬هو‮ ‬عليه،‮ ‬فيما‮ ‬هناك‮ ‬من‮ ‬ظهرت‮ ‬عليه‮ ‬نعم‮ ‬الثورة،‮ ‬وكأن‮ ‬الثورة‮ ‬لم‮ ‬تأتِ‮ ‬إلا‮ ‬لراحة‮ ‬فئة‮ ‬على‮ ‬حساب‮ ‬أخرى‮. ‬
في يمن الحكمة والإيمان نستحضر الثورتين المجيدتين ونستحضر شهداءها ونستحضر أهدافها، ونحن نعيش حقبة صعبة ليست علينا فقط، بل على شعوب العالم ومنها العربية على وجه الخصوص، وإنْ كانت اليمن تتلظى بنارها منذ العام 2011م، فحتى الاستقرار (الذى رآه البعض شكلياً فقط) لم‮ ‬يعد‮ ‬موجوداً،‮ ‬وبات‮ ‬حتى‮ (‬تلك‮ ‬الصورة‮ ‬الشكلية‮) ‬مطلباً‮ ‬من‮ ‬عامة‮ ‬الشعب‮ ‬حتى‮ ‬ممن‮ ‬خرجوا‮ ‬في‮ ‬العام‮ ‬2011م‮.‬
المؤتمر الشعبي العام حزب الثورة والجمهورية والوحدة، مازال ككل الشرفاء في اليمن، يتمسك بأهداف الثورتين المجيدتين، مع الإقرار بأن تجاوز الأخطاء والسلبيات ليس معيباً، خاصة إن كان الزمن يتطلب مواكبة التغيرات ومنها شيخوخة الثورات، عبر تحقيق المطالب التي تعين الشعب‮ ‬على‮ ‬تلبية‮ ‬احتياجاته‮.‬
إن بلدنا الحبيب يحتاج إلينا اليوم للوقوف إلى جانبه أكثر من أي وقت مضى، فما يحصل بين أبناء أي شعب من اختلافات تقود إلى مواجهات مسلحة، التقاؤهم على طاولة التفاهمات كفيل بتجاوزها، غير أن دخول الأجنبي كقوة خارجية لها أهداف ومطامع استعمارية (وإن أظهر الإعلام الموالي‮ ‬لها‮ ‬عكس‮ ‬ذلك‮) ‬فالواقع‮ ‬على‮ ‬الأرض‮ ‬هو‮ ‬الحقيقة‮ ‬المرة،‮ ‬والتي‮ ‬تحتاج‮ ‬من‮ ‬شرفاء‮ ‬أي‮ ‬بلد‮ ‬رفض‮ ‬وجود‮ ‬أي‮ ‬قوات‮ ‬أجنبية‮ ‬على‮ ‬ترابه‮ ‬الوطني،‮ ‬خاصة‮ ‬إن‮ ‬كانت‮ ‬تمثل‮ ‬رغبات‮ ‬حقيقية‮ ‬لأمريكا‮ ‬واسرائيل‮.‬
إن نتاج ثورتي سبتمبر وأكتوبر كان خروج آخر جندي بريطاني من اليمن في 30 نوفمبر 1967م، وهذا التأريخ هو بحد ذاته قصة نجاح شعب ناضل لإخراج المحتل من أراضي وطنه، ودماء الشعوب تتجدد في عروق أبنائها مهما تعاقبت، ولهذا تجد الأحفاد في كل بلد يسلكون مسلك الأجداد في طرد‮ ‬القوات‮ ‬الأجنبية‮ ‬ورفض‮ ‬أي‮ ‬عدوان‮ . ‬
نبارك للشعب اليمني عامةً احتفاله بثوراته، ولقيادة المؤتمر الشعبي العام ممثلة بالشيخ صادق ابو راس وكل أعضاء المؤتمر ، سائلين الله عز وجل أن يمن على البلاد والعباد بعودة السلام والوحدة الوطنية أرضاً وانساناً، وأن تأتي احتفالاتنا القادمة وقد رفع الله عنا ما نحن‮ ‬فيه،‮ ‬بحوله‮ ‬وقوته،‮ ‬فلا‮ ‬حول‮ ‬ولا‮ ‬قوة‮ ‬لنا‮ ‬إلا‮ ‬به‮.‬

‮❊ ‬أكاديمي‮ ‬جامعة‮ ‬البيضاء

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 10:36 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-61256.htm