الميثاق نت -

الأحد, 26-سبتمبر-2021
استطلاع‮ / ‬عبدالرحمن‮ ‬الشيباني -
دائماً الأحداث المفصلية في حياة الشعوب تظل محفورة في ذاكرتها، وتستلهم منها القوة وتستحضر الرجال الذين غيروا مجرى التاريخ فى تلك البلدان ،وصنعوا لأوطانهم المجد والعزة، ملبين نداء الوطن، مستجيبين لتطلعات شعوبهم في الحرية والمساواة والعيش الكريم وبلوغ ذرى المجد، لذلك حفظت الذاكرة الشعبية اليمنية محطات ثورية كان وقعها على اليمنيين كبيراً وغيرت الصورة التي كان العالم ينظر إليها لليمن بحيث نقلتهم إلى فضاءات الحرية تخلصوا خلالها من عهود طويلة من الاستبداد والظلم والجهل والقهر ..
وما أحوجنا اليوم لاستحضار بطولات المناضلين والترحم على شهدائنا ،خصوصاً ونحن نمر بمنعطفات خطيرة وتحديات جمة ، لذلك يثبت الشعب اليمني وقواه الحية اليوم وفاءهم، فهذه المحطات النضالية لا يمكن أن تمر ذكراها دون أن يكون هناك احتفاء بها وهذا ما يتجسد اليوم فعلياً‮..‬

انتصار‮ ‬كبير
نشهد هذه الأيام زخماً ثورىاً مترافقاً مع احتفال اليمنيين قاطبة بالذكرى الـ59 لثورة 26 سبتمبر 1926م والذكرى الـ 58 لثورة 14 أكتوبر 1963م المجيدتين ومدى الواحدية التى تشكلت في مسيرة النضال الوطني عبر عقود طويلة من الكفاح وهذا يعكس ايضاً مدى الترابط الشعبي بهاتين‮ ‬الثورتين‮ ‬الخالدتين‮ ‬في‮ ‬وجدان‮ ‬الشعب‮ ‬اليمني‮..‬

عن‮ ‬واحدية‮ ‬الثورتين‮ ‬وتكاملهما‮ ‬يقول‮ ‬الصحفي‮ ‬عامر‮ ‬الدميني
"حين تفجرت ثورة سبتمبر كان انتصارها مؤشراً كبيراً لانتصار ثورة الجنوب، ولهذا وقف الاستعمار البريطاني ضد نجاح ثورة سبتمبر، وتحالف مع الرجعية لإعادة الإمام الهارب البدر إلى الحكم في صنعاء، وذلك لشعور المستعمر البريطاني بأن صنعاء التي وضعت أول أهداف ثورتها السبتمبرية‮ ‬التخلص‮ ‬من‮ ‬الاستبداد‮ ‬والاستعمار‮ ‬لن‮ ‬تقف‮ ‬مكتوفة‮ ‬الأيدي‮ ‬أمام‮ ‬ثورة‮ ‬أشقائها‮ ‬اليمنيين‮ ‬في‮ ‬الجنوب‮.‬

خنق‮ ‬الثورة
لذلك سعت بريطانيا إلى دعم الملكيين والقبائل التي تساندهم للحيلولة دون نجاح الثورة وضربها مبكراً، فأنشأت بريطانيا بأسرع وقت محطة لاسلكي ضخمة في بيحان للتجسس على المخابرات اليمنية، وزودت المحطة بمجموعة من خبراء الشفرة، واستعملت كل الوسائل لخنق الثورة وحصرها في‮ ‬أضيق‮ ‬نطاق،‮ ‬واستخدمت‮ ‬لذلك‮ ‬المؤامرات‮ ‬والمال‮ ‬والسلاح‮ ‬والدعاية،‮ ‬واحتلت‮ ‬منطقة‮ ‬حريب‮ ‬ووضعت‮ ‬فيها‮ ‬أحد‮ ‬أمراء‮ ‬الأسرة‮ ‬الطريدة‮ ‬كي‮ ‬تكون‮ ‬نقطة‮ ‬انطلاق‮ ‬إلى‮ ‬الداخل‮ ‬اليمني‮ ‬في‮ ‬الشمال‮."..‬
وتابع الدمينى: "كانت مخاوف الاستعمار والرجعية في مكانها، لكنها لم تنتصر في نهاية الأمر، بل انتصر اليمنيون بإرادتهم ورغبتهم وتطلعهم للانعتاق والتحرر وبناء الدولة الحديثة، فصنعاء بعد ثورة سبتمبر 62م تبنت قضية تحرير الجنوب، واحتضنت زعماءها، وأصبحت صنعاء الستينيات هي عدن الأربعينيات، ومع أول تشكيل حكومي في صنعاء بعد الثورة عين قحطان الشعبي وزيراً في الحكومة لشؤون الجنوب العربي، ولاحقاً مستشاراً للرئيس المرحوم السلال لشؤون الجنوب، وشغلت قيادات كبيرة من الجنوبيين مناصب رفيعة في الشمال.

مأوى‮ ‬الثوار
وعن مدى الترابط الثورى بين عدن وصنعاء حتى قبل ثورة 26 سبتمبر وتحديداً ثورة عام 48م قال الدمينى: "عندما كانت عدن عاصمة الشطر الجنوبي سابقاً احتضنت رجال الحركة الوطنية من الشمال في الأربعينيات، والذين أطلقوا منها شرارة العمل الثوري المعارض للإمامة في صنعاء عبر صحيفة »صوت اليمن« والجمعية اليمنية الكبرى وصحيفة »الفضول«، وشكلت هذه المدينة مأوى آمناً للثوار، استطاعوا فيه أن يجهروا بمعارضتهم ويطرحوا قضيتهم أمام المجتمع الدولي ويخاطبوا الشعب في الشمال، فأصبحت عدن هي ملاذ كل خائف من الإمام فقصدها الثوار ومنهم السيف إبراهيم بن الإمام يحيى الذي انضم للأحرار، بل إن كثيراً من الشخصيات المنظرة لثورة 48م الدستورية كانت في عدن قبل الثورة ومنها عادوا إلى صنعاء بعد إعلان ثورة 48م، وتوقف العمل النضالي للأحرار في عدن.

جغرافيا‮ ‬واحدة
المحلل‮ ‬السياسي‮ ‬والصحفي‮ / ‬محمد‮ ‬عبده‮ ‬الشجاع‮ ‬اعتبر‮ ‬أن‮ ‬ثورة‮ ‬26‮ ‬سبتمبر‮ ‬الخالدة‮ ‬ضد‮ ‬الإمامة‮ ‬الجائرة‮ ‬حدث‮ ‬فارق‮ ‬في‮ ‬تاريخ‮ ‬اليمن‮ ‬والمجتمع‮ ‬اليمني،‮ ‬وكذلك‮ ‬ثورة‮ ‬14‮ ‬أكتوبر‮ ‬المجيدة‮ ‬ضد‮ ‬الاستعمار‮ ‬البريطاني‮.‬
واضاف: وبعيدًا عن كل الحسابات الجهوية والمناطقية والمذهبية والمشاريع المحلية التي تعيد ترتيب أوراق البلد عبر التمزيق، وبعيدًا عن الانتكاسة السياسية التي لحقت بالمواطن وطموحاته وآماله؛ فإن حدث الثورتين وواحديتهما والحديث عنهما أو إحياءهما يعني الحديث عن وحدة‮ ‬الجغرافيا‮ ‬والمواطنة‮ ‬الواحدة‮ ‬وصلة‮ ‬القرابة‮ ‬والتطلع‮ ‬إلى‮ ‬مسار‮ ‬جامع‮ ‬تحكمه‮ ‬نظم‮ ‬وقوانين‮ ‬دستورية‮ ‬قوية‮ ‬واضحة‮ ‬تكفل‮ ‬للجميع‮ ‬حرية‮ ‬الحركة‮ ‬بعيداً‮ ‬عن‮ ‬التمييز‮ ‬العرقي‮ ‬والطبقي‮.‬

لحظة‮ ‬فاصلة
وتابع الشجاع: "منذ ما يقارب الـ60 عاماً ولا يزال حجم الترابط الذهني والعملي التي تحمله الثورتان غير قابل للمساومة والانتقاص، كان هناك مشروع قومي قام على تضحيات أناس حملوا مشاعل الحرية والتحرر من أي استبداد ولا يزال هذا المشروع يشكل الجوهر لهذا الصراع بين من‮ ‬يريد‮ ‬دفن‮ ‬الجمهورية‮ ‬وكل‮ ‬متعلقاتها‮ ‬وبين‮ ‬من‮ ‬يعزز‮ ‬من‮ ‬مكانة‮ ‬الثورتين‮ ‬للوصول‮ ‬إلى‮ ‬الخلاص‮.‬
واختتم الشجاع حديثه بالقول :"ثورتا سبتمبر وأكتوبر كانتا بمثابة إلهام ودرس دوَّنه الشعب اليمني في لحظة فاصلة بين الظلم وإقامة العدل، وقد جاءت الأهداف الستة لتبني قواعد واساسات لا يجب التفريط بها مطلقاً، وأظن أن أمام اليمنيين معركة من الاستحقاقات طويلة الأمد‮ ‬يجب‮ ‬انتزاعها‮ ‬من‮ ‬بين‮ ‬كل‮ ‬هذا‮ ‬الضجيج‮."‬

عهد‮ ‬جديد
أما الباحث الأستاذ/خالد سيف سعيد فيقول: إن الثورة السبتمبرية انتصرت لإرادة اليمنيين التواقة للحرية والتقدم على الحكم الامامي المنغلق وكان ذلك بداية عهد جديد ظهرت فيه تباشير التحرر من الاستعمار الاجنبى..
وأضاف: " فمثلما هب أبناء صنعاء للدفاع عن هذه الثورة هب أبناء عدن ووقف أبناء ردفان والضالع ويافع وأبين وشبوة فى خندق واحد مع أبناء صعدة والمحويت وتعز والحديدة مجسدين ببطولاتهم ودمائهم واحدية الثورة اليمنية واستمراريتها في تفجير ثورة 14 اكتوبر 1963م من أعلى قمم‮ ‬جبال‮ ‬ردفان‮ ‬الشامخة،‮ ‬فقد‮ ‬جاءت‮ ‬ثورة‮ ‬14‮ ‬اكتوبر‮ ‬كامتداد‮ ‬لثورة‮ ‬26‮ ‬سبتمبر‮ ‬لتسجل‮ ‬مرحلة‮ ‬جديدة‮ ‬في‮ ‬مسيرة‮ ‬الكفاح‮ ‬الوطني‮ ‬الذي‮ ‬انتقل‮ ‬الى‮ ‬الثورة‮ ‬الشعبية‮ ‬المسلحة‮ ‬على‮ ‬طريق‮ ‬الاستقلال‮ ‬والوحدة‮..‬
بدوره يؤكد الأستاذ /طاهر الفهد ايضاً على أن ثورة 14 اكتوبر كانت النتاج الطبيعي والتلقائي لثورة 26 سبتمبر.. مضيفاً: "لسنا بحاجة اليوم للاستمرار فى تأكيد واحدية الثورة اليمنية من خلال ندوات يشارك فيها الجيل الذي يدرك هذا الأمر ويفهمه جيداً بقدر ما نحتاج لتثبيت هذه المفهومات وتعزيزها وتكريسها لدى أبنائنا في المدارس والجامعات، ذلك أن سوء الأوضاع المعيشية واستشراء البطالة وانتشار مظاهر الفوضى تؤدي إلى خلق مفهومات سلبية ليس فقط حول النظام بل انها تمتد شيئاً فشيئاً لتنال من الامور التى لا شأن لها بكل تلك السلبيات كالوحدة الوطنية والنظام الجمهورى والديمقراطية والاقتصاد الحر وغير ذلك ،مما يؤدى إلى وجود سوق لأفكار دعاة التجزئة والانفصال والإمامة والعصبيات الطائفية والعنصرية والقبلية والمناطقية والإرهاب.. "ولعل ما تفضل به الأستاذ/ طاهر آنفا نشاهده اليوم من خلال الأطروحات والمفاهيم التى يسوقها البعض ضد ثورة سبتمبر واكتوبر بقصد النيل من نبل الأهداف والمرامي التي قامتا من اجلة، بقصد الالتفاف على حقائق التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك ،بل والتشكيك في كون اليمن كان طبيعيا موحد الأجزاء عملت القوى الاستعمارية على تقطيع اوصاله بهدف ابتلاعه ،وما نشاهده اليوم من محاولات تفتيته ونهب مقدراته خدمة للمشاريع الاستعمارية ممثلاً بامريكا وبريطانيا خير دليل والذي يصب في مصلحة الكيان الصهيوني الذي ينظر لليمن اليوم كتهديد له.. ان الحرب على اليمن اليوم هو امتداد تاريخي للدور الخبيث لقوى الاستعمار‮ ‬التي‮ ‬تريد‮ ‬إحياء‮ ‬مشاريعها‮ ‬فى‮ ‬اليمن،‮ ‬بعد‮ ‬أن‮ ‬لفظتهما‮ ‬ثورتا‮ ‬سبتمبر‮ ‬واكتوبر‮ ‬اللتان‮ ‬رفعتا‮ ‬اهدافاً‮ ‬نبيلة‮ ‬ومشروعة‮ ‬والتى‮ ‬نحن‮ ‬بحاجة‮ ‬كما‮ ‬يقول‮ " ‬الفهد‮" ‬الى‮ ‬توطينها‮ ‬لدى‮ ‬النشء‮ ‬فى‮ ‬المدرسة‮ ‬أو‮ ‬الجامعة‮.‬

تغيير‮ ‬جذري
فى كتابه " الأحزاب القومية في اليمن النشأة، التطور، المصائر "وتعليقاً على هذا التلازم الثوري يقول الباحث المعروف/ قادري احمد حيدر: إن تفجير الثورة وإعلان قيامها في الـ 26 من سبتمبر 1962م أحدث انقلاباً سياسياً جذرياً وشكل انعطافة سياسية وطنية قومية تاريخية فى تاريخ المنطقة كلها ، وأضاف: كان لهذه الثورة تأثير نوعى مزدوج ايجابي ،وسلبي.. ايجابي فى انه أوجد قاعدة لانطلاق الثورة الشعبية المسلحة فى الجزء المحتل من الاقليم اليمني (جنوب اليمن)، "هيأ ذلك وأعد الشعب اليمني كله فى الجنوب والشمال لاستكمال التحرر الوطني من الاستعمار البريطاني وإنجاز الاستقلال الكامل والناجز ووضعه في خط الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر 1962م خطوة على طريق وحدة الشعب اليمني التى طالما تغنت بها حركة القوميين العرب.. وتأثير سلبي أو معاكس لخط مسار الثورة تمثل في أن هذه الثورة وقيامها في هذه المنطقة السياسية الاقتصادية والعسكرية الاستراتيجية قد تآلبت عليها القوى الاستعمارية والرجعية التي سعت منذ أول يوم لقيام ثورة 26سبتمبر 1962م إلى حصارها ومحاولة ضربها وإجهاضها ووضعها تحت المراقبة والحصار والحرب المستمرة وهي واحدة من إشكالات ثورة 26 سبتمبر التي رافقها لسنوات‮ ‬طويلة‮.‬

نداء‮ ‬الثورة
وتابع حيدر بالقول: " بقيام الثورة توافر الشرط الموضوعي السياسى والتاريخي بتشكيل الجبهة الثورية المسلحة لتحرير الجنوب اليمني المحتل من الاستعمار البريطانى، وفي هذه الاجواء السياسية الثورية بادر فرع حركة القوميين العرب إلى استلام زمام المبادرة لتشكيل الجبهة القومية"إثر قيام الجمهورية في الشمال تمكنت في 24 "فبراير "1963م من عقد مؤتمر في دار السعادة بصنعاء حضره أكثر من مائة ممثل للوطنيين المستقلين والضباط الأحرار وحركة القوميين العرب وأقر المؤتمر تشكيل جبهة موحدة وتكليف مكتبها السياسي بإعداد مسودة ميثاق مؤقت على هيئة نداء إلى جميع القوى التى تؤمن بالكفاح المسلح ،واستقرت التسمية فى البداية على "جبهة التحرير جنوب اليمن المحتل "وتضمن الميثاق/النداء وحدة إقليم اليمن والدفاع عن الجمهورية فى مواجهة الرجعية والانتهازية والشيوعية المحلية، والكفاح ضد الكيانات الاستعمارية‮ ‬وتصفية‮ ‬القواعد‮ ‬الاستعمارية‮ ‬وإنهاء‮ ‬الوجود‮ ‬الاستعمارى‮ ‬والانطلاق‮ ‬من‮ ‬الجمهورية‮ ‬اليمنية‮ ‬فى‮ ‬الشمال‮ ‬كقاعدة‮ ‬كفاح‮ ‬فى‮ ‬شبه‮ ‬الجزيرة‮ ‬العربية‮".‬

تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 05:50 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-61264.htm