أ.د أحمد مطهر عقبات ❊ - تسعة وخمسون عاماً من عمر الثورة اليمنية المباركة ، التي شكلت تحولا جذريا في تأريخ اليمن المعاصر ، حيث أرست قواعد النظام الجمهوري بأهداف واضحة المعالم تلبي طموح المجتمع المعاصر وخطط طموحة لأهداف تنموية ووحدوية تمكن البلد من النهوض في كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والصحية والتعليمية والتنموية المختلفة، وفتح الباب على مصراعيه أمام العالم الخارجي لتكوين علاقات سلام وتعاون في جميع المجالات .
لقد مثلت ثورة 26 سبتمبر 1962 منعطفاً مهماً في تأريخ اليمن المعاصر، لأن أهدافها الستة رسمت خارطة متكاملة لخطوات طموحة نحو بناء دولة قادرة على تشخيص المشكلات الموروثة والقائمة ومعالجتها بتقييم واقعي لمجريات الأحداث لتحقيق أكبر قدر من المصداقية إزاء المجتمع الذي عانى ردحاً من الزمن من الحرمان وتلبية احتياجاته الملحة في مجالات الصحة والتعليم والطرقات وغيرها ، الأمر الذي شجع المواطنين على الانخراط تحت لواء الثورة الوليدة .
ولاشك أن العقود السابقة قد شهدت منجزات تنموية في مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والخدمية وغيرها مكنت المواطن من الاستفادة من خيرات المرحلة الجديدة .
وللأسف أن أهم السلبيات اللاحقة تمثلت في صراعات مركز القوى السياسية التي عرقلت تنفيذ أهداف الثورة كما ينبغي ، بالولوج بين فترة وأخرى في دهاليز خلافات أثرت سلبا في تشويه بعض معالم الاستراتيجيات الموضوعة، ومع ذلك كان السعي إلى استقراء الواقع المعاش قائما باستدراك الأخطاء عن طريق عقد المؤتمرات والندوات والاستعانة بالخبراء والمختصين الذين يزخر بهم المؤتمر الشعبي العام والجهات الأخرى لوضع برامج تساهم في إصلاح مالي وإداري شامل .
إن مرحلة ما بعد الوحدة ولأهمية استيعاب كافة القوى السياسية ذات التوجهات المختلفة قد مكن من الدخول في معمعة تجربة جديدة في نظام الحكم تمثلت بالنهج الديموقراطي والتعددية السياسية التي أفرزت تباين الآراء في أمور كثيرة وظهور إعلام حزبي عزز الاعتراف بوجود الآخر بقوة انعكس في الانتخابات الرئاسية والنيابية والسلطة المحلية والسعي نحو انتخابات المحافظين.
وهذا يعني أن ثورة 26 سبتمبر قد فتحت الباب على مصراعيه بالانفتاح على الجميع داخليا وخارجيا ومكنت القوى السياسية من المشاركة في الحكم والإدارة بمواطنة متساوية نسبية، الأمر الذي خلط أوراق الولاءات التي انعكس تأثيرها في مرحلة لاحقة.
وبصفة عامة فإن الذكرى 59 من عمر الثورة جديرة بالاحتفاء لأنها جامعة لليمنيين في بلد يزخر بالخيرات ويتوق للسلام والاستقرار ، ولعل الجهود الخيرة لإنهاء الحرب ووضع مداميك الأمن ، كفيلة بفتح آفاق رحبة للسعي نحو تحقيق كافة تطلعات الثورة وحصد نتائج أهدافها.
❊ عميد معهد الميثاق
|