الميثاق نت -

الأربعاء, 29-سبتمبر-2021
أ‮.‬د‮/ ‬فتحي‮ ‬احمد‮ ‬السقاف‮ ❊‬ -
يحتفل اليمنيون بالذكرى التاسعة والخمسين للثورة اليمنية المجيدة، فيستقبلها الشعب بفرحة غامرة، كونها الثورة الأم والفجر الجديد لليمن, تأتي الذكرى الـ59 لثورة 26 سبتمبر والجمهورية اليمنية لاتزال تعاني من أوضاع سياسية، واقتصادية، وعسكرية، واجتماعية غير مستقرة، تعمل هذه العوامل على إضعافها من خلال التأكيد على تفككها لتنفيذ أجندة تخريبية لقوى دولية وإقليمية تعمل على خلخلة هذا الواقع التعيس.. ويعبر اليمنيون في هذه المناسبة الوطنية الكبيرة عن اعتزازهم بفرسان النضال الوطني الذين أشعلوا الثورة، وأطلقوا ماردها في العام 1962م، ومن سبقهم من الثوار الأحرار الذين قدموا التضحيات من أجل إعلان النظام الجمهوري، الذي حقق مكتسبات وطنية لليمنيين، ولعل أول المكتسبات كانت انطلاق ثورة 14 أكتوبر المجيدة في العام التالي لقيام ثورة سبتمبر، وصولاً إلى تحقيق أهم أهداف الثورتين المتمثل في توحيد اليمن أرضاً وإنساناً، وفي ظل الوضع اليمني الراهن لم يتبق من أهداف ثورة 26 سبتمبر أي شيء غير ذكرى العمالة والخيانة والارتزاق من الخارج والداخل ولكن الشرفاء الصامدين في وجه العدوان وتحالف الشر هم من سيدافع عن الثورة والجمهورية والوحدة وهم المتواجدون في‮ ‬تخوم‮ ‬الجبال‮ ‬من‮ ‬القوات‮ ‬المسلحة‮ ‬واللجان‮ ‬الشعبية‮ ‬التي‮ ‬استطاعت‮ ‬بمساعدة‮ ‬رجال‮ ‬الرجال‮ ‬الدفاع‮ ‬عن‮ ‬أهداف‮ ‬سبتمبر‮ ‬وأكتوبر‮ ‬ونوفمبر‮ ‬و22‮ ‬مايو‮.. ‬وتذكيراً‮ ‬بأهداف‮ ‬ثورة‮ ‬سبتمبر‮ ‬العظيمة‮ ‬وهى‮: ‬
‮ ‬أولاً‮ : ‬التحرر‮ ‬من‮ ‬الاستبداد‮ ‬والاستعمار‮ ‬ومخلفاتهما‮ ‬وإقامة‮ ‬حكم‮ ‬جمهوري‮ ‬عادل‮ ‬وإزالة‮ ‬الفوارق‮ ‬والامتيازات‮ ‬بين‮ ‬الطبقات‮ . ‬
ثانياً‮: ‬بناء‮ ‬جيش‮ ‬وطني‮ ‬قوي‮ ‬لحماية‮ ‬البلاد‮ ‬وحراسة‮ ‬الثورة‮ ‬ومكاسبها‮ . ‬
ثالثاً‮: ‬رفع‮ ‬مستوى‮ ‬الشعب‮ ‬اقتصادياً‮ ‬واجتماعياً‮ ‬وسياسياً‮ ‬وثقافياً‮ . ‬
رابعاً‮ : ‬إنشاء‮ ‬مجتمع‮ ‬ديمقراطي‮ ‬تعاوني‮ ‬عادل‮ ‬مستمد‮ ‬أنظمته‮ ‬من‮ ‬روح‮ ‬الاسلام‮ ‬الحنيف‮ .‬
خامساً‮: ‬العمل‮ ‬على‮ ‬تحقيق‮ ‬الوحدة‮ ‬الوطنية‮ ‬في‮ ‬نطاق‮ ‬الوحدة‮ ‬العربية‮ ‬الشاملة‮ . ‬
سادساً‮: ‬احترام‮ ‬مواثيق‮ ‬الأمم‮ ‬المتحدة‮ ‬والمنظمات‮ ‬الدولية‮ ‬والتمسك‮ ‬بمبدأ‮ ‬الحياد‮ ‬الايجابي‮ ‬وعدم‮ ‬الانحياز‮ ‬والعمل‮ ‬على‮ ‬إقرار‮ ‬السلام‮ ‬العالمي‮ ‬وتدعيم‮ ‬مبدأ‮ ‬التعايش‮ ‬السلمي‮ ‬بين‮ ‬الأمم‮ .‬
ما‮ ‬أجملها‮ ‬وما‮ ‬أعظمها‮ ‬من‮ ‬أهداف‮ ‬وجب‮ ‬علينا‮ ‬السعي‮ ‬والقيام‮ ‬على‮ ‬تحقيقها‮ ‬والحفاظ‮ ‬عليها‮.‬
ترجع أسباب الثورة اليمنية لعدة عوامل أهمها فترة التحولات السياسية والاجتماعية في تاريخ اليمن السياسي والثقافي وعملت حكومات الثورة اليمنية السبتمبرية على إلغاء الملكية المطلقة، والامتيازات الإقطاعية للطبقة الاجتماعية المتنفذة بالنفوذ الديني وقد أدت ثورة 26 سبتمبر إلى تغييرات جذرية لصالح "التنوير" ضد الثلاثي البغيض (الجهل والفقر والمرض) عبر إرساء الحريات وحقوق الشعب والمواطنة، والقضاء على التقلبات بين الجمهوريين الدستوريين والملكيين، إلا أن الثورة بحد ذاتها شكلت حدثاً مهماً في تاريخ اليمن واليمنيين، وتركت نتائج‮ ‬واسعة‮ ‬النطاق‮ ‬من‮ ‬حيث‮ ‬التغيرات‮ ‬السياسية‮ ‬والاجتماعية‮ ‬والتأثير‮ ‬البنيوي‮ ‬في‮ ‬بناء‮ ‬الدول‮ ‬والشعوب‮.‬
كانت بداية التغيير في العقد الاجتماعي الجديد للثورة وجود تيار فكري آخر، مساند لثورة 26 من سبتمبر عُرف بالتيار الشعبي الطبيعي والاقتصادي القومي متأثراً بالاقتصاد الإقليمي والعالمي الكبير من ثروات الأمم، وحمل لواء هذا التيار المفكرون الثوريون وعلى سبيل المثال لا الحصر المفكر الكبير / محمد محمود الزبيري بفكره القيمي والأخلاقي المميز، فقد فتح أعين اليمنيين على النظام الجائر وأوضاعهم السيئة، وهيأ الجو المناسب للتغيير الجذري, كما كان هناك أسباب أساسية لقيام الثورة تمثلت بالنظام الامامي الذي يستند إلى نظرية الحق الإلهي‮ ‬بالحكم،‮ ‬ويعدّ‮ ‬نفسه‮ ‬المصدر‮ ‬الأساسي‮ ‬لكل‮ ‬التشريعات‮ ‬والقوانين‮ ‬والمرجع‮ ‬الأول‮ ‬والأخير‮ ‬في‮ ‬الدولة‮.‬
من اجل تحسّن المعيشي في البلاد إلى انخفاض عدد الوفيّات، وتزايد النموّ السكاني وبثّ المثل الثوريّة في أرجاء اليمن، وإقرّار دستور جديد للبلاد، بمثابة نقطة تحوّل في حياة الشعب اليمني الذي رفض حكم الائمة والمستعمر الملكية.
لقد‮ ‬ساهمت‮ ‬هذه‮ ‬الحركة‮ ‬الفكريّة‮ ‬في‮ ‬إيقاظ‮ ‬الطبقات‮ ‬المظلومة،‮ ‬وزيادة‮ ‬وَعيهم،‮ ‬وتحفيز‮ ‬الرغبة‮ ‬لديهم‮ ‬في‮ ‬الحُرّية،‮ ‬والتخلُّص‮ ‬من‮ ‬الاستبداد‮.‬
وإنهاء الامتيازات الخاصّة وإنهاء الحُكم الملكيّ المُطلَق. وإلغاء الطبقيّة، المُساهَمة في ولادة ما يُعرَف باليمن الجمهوري الجديد وحُبّ الفرد الشديد لوطنه, وفي الوقت الراهن وبعد عدوان دام أكثر من خمس سنوات وأكثر من 2000 يوم من التخريب والقتل والتدمير حاولت قوى الاستعمار ووكلاوها الإقليميون والدوليون غير المحبة لليمن ووحدته، بما فيها القوى التي تبدي خلاف هذا التوجه، مثل السعودية والإمارات وتشارك في التحالف المزعوم باسم عاصفة الحزم وعاصفة الأمل باسم دعم الشرعية ووحدة اليمن، فيما الواقع يدحض ذلك حيث قام بإيجاد ما يسمى بـ المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات تخريبية وأحزمة ونخب قامت السعودية والإمارات بتشكيلها، وتحرك القوات غير الحكومية تلك ضد ما يدعى بالحكومة الشرعية هو ما يجعل مستقبل اليمنية الوحدة اليمنية غامضاً.
لقد شهدت الجمهورية اليمنية منذ إعلان الوحدة بعض الاستقرار، لكن الأوضاع سرعان ما انفجرت بعد العدوان السعودي والإماراتي الهمجي الغاشم ونحن في عامها السابع والغرض هو الإبقاء على الوضع بين لا انفصال ولا وحدة، الهدف منه تطويل الأزمة كثيراً وإنهاك القوى الوطنية الفاعلة على ارض الواقع، ولا يمكن أن يستقر اليمن إلا بعد أن يستقر وضع المنطقة برمتها؛ لأن اللاعبين الإقليميين، الآن، امريكا وإسرائيل والسعودية والإمارات، في ذروة التوتر والتصعيد المتعدد، وهذه المسألة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأزمة اليمنية، وجوداً وعدماً.
إن‮ ‬الوضع‮ ‬في‮ ‬اليمن‮ ‬يتجه‮ ‬نحو‮ ‬مأزق‮ ‬خطير،‮ ‬ومن‮ ‬المستحيل‮ ‬أن‮ ‬يبقى‮ ‬العدوان‮ ‬البربري‮ ‬والحال‮ ‬في‮ ‬اليمن‮ ‬على‮ ‬ما‮ ‬هو‮ ‬عليه‮ ‬الآن،‮ ‬وأن‮ ‬يستمر‮ ‬إلى‮ ‬الأبد‮. ‬
إن اليمنيين بمختلف مكوناتهم، أجمعوا على دحر العدوان والمستعمر والاحتفال بالذكرى التاسعة والخمسين لثورة سبتمبر المجيدة وان لا تتأثر الجمهورية والوحدة بما يجري نتيجة ما قام به التحالف من كارثة على اليمن واليمنيين.
يجب أن تتوحد الجهود اليمنية في تسيير دفة السياسة اليمنية في الداخل والخارج، على إنهاء العدوان السعودي والإماراتي والتوجه نحو التنمية والاستقرار السياسي والعمل على تحقيق مصلحة البلاد وتحقيق الأمن والسكينة العامة، وتقوية الجيش، وصيانة البلاد بما يحقق الدولة المدنية‮ ‬والدستورية‮ ‬وتعميق‮ ‬الروابط‮ ‬الاقتصادية‮ ‬والاجتماعية‮ ‬والثقافية‮ ‬بين‮ ‬اليمنيين‭, ‬فصنعاء‮ ‬هي‮ ‬العاصمة‮ ‬الوحيدة‮ ‬لليمن‮ ‬الموحد‮ ‬وعدن‮ ‬العاصمة‮ ‬الاقتصادية‮ ‬لليمن‮ ‬كلها‮.‬
إن‮ ‬اليمنيين‮ ‬يؤكدون‮ ‬فشل‮ ‬كل‮ ‬محاولات‮ ‬السعودية‮ ‬والإمارات‮ ‬لفصل‮ ‬الشمال‮ ‬عن‮ ‬الجنوب‮ ‬شعبياً،‮ ‬وسيظل‮ ‬الترابط‮ ‬الممتد‮ ‬والضارب‮ ‬في‮ ‬أعماق‮ ‬التركيبة‮ ‬الاجتماعية‮ ‬والتاريخ‮ ‬قائماً‮.‬
ان التحديث في اليمن المعاصر يمن الـ26 من سبتمبر يرفض التداخل بين الدولة والقبيلة في النسيج المجتمعي الواحد ويعمل على اتساع الوعي السياسي، للتحولات الجديدة الواعدة وهذه القيم والمبادئ تعتبر مدمكاً راسخاً وأساسياً في مسار الحركة الوطنية الموحدة والبداية الفعلية لهزيمة العدوان السعودي والإماراتي والازدهار السياسي اليمني الجديد الذي يؤسس إلى بداية خروج اليمن من العزلة والانفتاح على رياح التغيير والعصر، وإقامة صلات وعلاقات أوسع وأعمق مع دول الجوار والإقليم والعالم بخطى ثابتة الاتجاهات نحو الوطنية والقومية..
لقد عجزت بريطانيا في الخمسينيات وفشلت السعودية والإمارات في العدوان بسياسة الانفصال المسدود الأفق.. لقد طرحت الوحدة بقوة وبرز شعار الجمهورية اليمنية بمباركة الأحزاب السياسية والشخصيات العامة من قديم الزمن غصباً عن الجميع عن إرادة شعبوية عارمة وهدف حكم ديمقراطي‮ ‬مدني‮ ‬من‮ ‬اجل‮ ‬التطور‮ ‬السلمي‮ ‬الديمقراطي‮ ‬والتعددية‮ ‬السياسية‮ ‬والحزبية‮ ‬والحرية‮ ‬والديمقراطية‮ ‬واستخدام‮ ‬أسلوب‮ ‬الحوار‮.‬
يا معشر اليمنيين يجب أن لا نمكن الأعداء بوضع البلد كلها في سياق التفكك والانقسام والتشرذم ألكياني وجعل اليمن والبلد ساحة حرب وصراع بين أقطاب إقليمية متناحرة، وتسليم البلد للنفوذ الأجنبي، وتمزيق النسيج الاجتماعي في وطن عرف الوحدة والتوحد قبل آلاف السنين.
إن عجز الحكومة الشرعية في اليمن عن إدارة شؤونها الداخلية وضعف أدائها، يدل على أجواء الانقسام الداخلي السياسي والمناطقي المستشري الذي لم تستطع الحكومة إدارته بالحوار البناء، والتواصل مع المكونات اليمنية كافة إلى حل يمني يمني يحقق للجميع الأمن والاستقرار.
إن ثورة 26سبتمبر 1962م ، هي الثورة الأم التي انبثق عنها وتطور منها ثورة 14اكتوبر 1963م، مما يجعل تلازم الثورتين أساساً للوحدة اليمنية، التي ناضلت الحركة الوطنية لتحقيقها كتتويج للنضال الثوري الوحدوي الديمقراطي وتأكيد الحقائق التاريخية والمفاهيم العلمية لوحدة‮ ‬الشعب‮ ‬التي‮ ‬تؤكد‮ ‬وحدة‮ ‬الأرض‮ ‬والإنسان‮ ‬اليمني‮.‬
إن الثورة اليمنية بمضامينها الكفاحية التقدمية الأعمق في نفوس الأحرار والشرفاء والطبقة العاملة من اليمنيين مقدس, وإنهاء الاستعمار بكل أشكاله واجب وطني, والنضال من أجل قيام دولة مدنية وسلطة ديمقراطية متحررة من النفوذ السعودي الإماراتي الامبريالي والنفوذ الاجنبي حق من حقوق الشعب اليمني لتحقيق طموح شعبنا في الحرية والديمقراطية والوحدة بمضمونها الاجتماعي والديمقراطي, ودحر الغزو للأراضي اليمنية, وصيانة السيادة الوطنية, والنضال من أجل إعادة توحيد الوطن على أسس وطنية ديمقراطية, وهذا احد مسارات الثورة والوحدة, والتعبير‮ ‬عن‮ ‬مسار‮ ‬المجتمع‮ ‬وصهر‮ ‬الجميع‮ ‬في‮ ‬إطار‮ ‬الدولة‮ ‬المدنية‮ ‬نحو‮ ‬يمن‮ ‬حر‮ ‬ديمقراطي‮ ‬موحد‮ ‬مطالب‮ ‬شعبية‮ ‬متينة‮ ‬وصلبة‮.‬
إن الجمهورية قدر ومصير، وخيار الشعب وإيمانه بالعدالة والمساواة، ولن تكون ميداناً للمساومة والانتقاص من مهابتها وغاياتها أو التقليل من عظمة أهدافها، فالحرية مبدأ والعدالة قضية والحرية هي الحياة ومن أجل تلك القيم قامت الثورة واختط المناضلون طريق العبور نحو المجد‮.‬
‮ ‬عاشت‮ ‬ثورة‮ ‬سبتمبر‮ ‬واكتوبر‮ ‬ونوفمبر‮ ‬وعاش‮ ‬كفاح‮ ‬الشعب‮ ‬اليمني‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬التحرر‮ ‬الوطني‮ ‬والوحدة‮ ‬اليمنية‭, ‬وعاش‮ ‬المواطن‮ ‬اليمني‮ ‬طريقاً‮ ‬للوحدة‮ ‬العربية‮.‬
‮ ❊ ‬رئيس‮ ‬المركز‮ ‬الوطني‮ ‬للرقابة‮ ‬وتعزيز‮ ‬الشفافية‮ ‬والنزاهة‮.‬
عضو‮ ‬اللجنة‮ ‬الدائمة‮ ‬للمؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 25-نوفمبر-2024 الساعة: 08:30 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-61303.htm