حسين علي الغانمي - هاهي الذكرى الخامسة لمحرقة القاعة الكبرى تأتي ومازلنا نمر بأزمة خانقة وهجمة حاقدة من قبل آل سعود وآل زايد ومن تحالف معهم من دول الكفر والإلحاد.
نعم.. تأتي هذه الذكرى ونحن نمر بمرحلة قد تكون في التاريخ الحديث أصعب مرحلة على الاطلاق يمر بها بلدنا الحبيب وشعبنا اليمني العظيم .
وها أنا اليوم في ذكرى هذه المحرقة لاأدري ماذا أقول وعن أي شيء أتحدث، كوني أحد جرحى هذه المحرقة فقد ذقت مرارة الجراح وعايشت آلامه ومازالت دقات قلبي تنبض ألماً وجراحاً على مدار الساعة، وسأبدأ من ميدان الكلام وأمتطي صهوة الألفاظ وصدق العبارة لأتحدث عن هذه الجريمة المروعة التي شاهدها العالم اجمع عبر القنوات الفضائية لقد شاهدوا صرخة الطفل ورصاصة الغدر وجثة الشهيد.
في ذلك اليوم السبت الموافق 8/ 10/ 2016م توجهت لتقديم واجب العزاء لآل الرويشان في وفاة المغفور له بإذن الله تعالى والدهم الفاضل الشيخ/ علي بن علي الرويشان الذي أسأل الله العظيم أن يرحمه رحمة الأبرار ويسكنه الجنة مع الأخيار ويجعل مقامه الفردوس الاعلى من الجنة.
فبعد تناولي وجبة الغداء في بيتي خرجت متوجهاً إلى القاعة الكبرى فوصلت حوالي الساعة الثانية والنصف ظهراً وجلست دقائق أنتظر دخول وقت صلاة العصر فأقمت الصلاة مع جموع من المصلين في المصلى الخاص بالقاعة ورجعت لأجلس في منتصف القاعة وكانت القاعة حينها مملوءة بجموع كثيرة من أطياف وشرائح المجتمع وفي ذلك الوقت التقيت الأخ الأستاذ / فاهم الفضلي وأراد أن نذهب سوياً عند بوابة الدخول للقاعة لكي ننظم حركة سير الداخلين للقاعة والخارجين منها نظراً للازدحام الشديد فقلت له سأتبعك في الحال وعندما هممت بالذهاب بعده قمت من مجلسي فكان آخر من التقيت وسلمت عليهم وهم يغادرون القاعة في تلك اللحظة هم الأخ الأستاذ / علي القادري والأستاذ / علي حجر.. وقتها كنت أرى أمامي الشهيد الأستاذ/ عبدالقادر علي هلال رحمة الله تغشاه واقفاً يتجاذب أطراف الحديث مع احد المعزين.. حينها حلت الفاجعة بإطلاق ضربات سريعة وقاتلة بصواريخ أميركية علينا من قبل العدوان الظالم ورأيت نفسي بين نار مشتعلة أصابتني بحروق جسيمة وشظية مزقت جزءاً من جسدي وكسر أحد أصابع يدي اليسرى بعدها أخذت أبحث عن مخرج لأنجو بنفسي فكنت لاأرى إلا ظلاماً كالليل المعتم مع نار تزداد شيئاً فشيئاً، فكانت عناية الله تعالى أن يسر لي أن أرى إحدى زوايا القاعة قد تهدمت فاتجهت نحوها وقفزت إلى الخارج لأمشي بخطوات مليئة بالألم نحو بوابة القاعة الرئيسي وعند وصولي البوابة اذا بي أسمع صوت الصاروخ الثاني وعلى جناح السرعة انبطحت على الأرض وبفضل الله لم يصبنيِ أي شيء من الصاروخ الثاني الذي دمر وقضى بكل وحشية على من كانوا يريدون الخروج والنجاة بأنفسهم، ولكن هنيئاً لهم لأن الله تعالى اصطفاهم شهداء .
بعدها ظللت مكاني أفترش الأرض وألتحف السماء أعانى من آلام الحروق وشدة الجراح مالا يعلمه الا الله وكنت أصرخ قائلاً تباً للنظام السعودي الإماراتي أشباه الرجال الذين يطأطئون هاماتهم للسجود على عتبات الصليب وسحقاً لتحالفهم الشيطاني وللأنظمة العربية الجبانة ومن يدور في فلكها..
بعدها تم إسعافي إلى مستشفى الموشكي بالعاصمة وعند دخولي رأيتها مملوءة بالجرحى الذين فقدوا أجزاء من أجسادهم وأنا منهم والبعض الآخر كان يلفظ أنفاسه الأخيرة.. ونحن أمام العناية المركزة لفت انتباهي رجلاً كان يقف بجانبي منتظراً خروج أحد أقاربه من العناية فقلت له أنت من آل الرويشان فقال نعم فقلت له طمني كيف حال الفندم محمد الرويشان والفندم جلال الرويشان، قال اطمئن هم بخير فقلت الحمد لله بشرك الله بالخير وسألته عن اسمه فأجاب زبن الله الرويشان وفي تلك اللحظة اتصلت بأخي الأصغر بشير الذي كان في طريقه نحو القاعة وقلت له انا بخير لاتقلق امي عليّ وماهي الأ دقائق لأرى أمامي موقفاً صعباً ولحظة رهيبة جداً أقف عاجزاً عن وصفها حتى لو أطلقت العنان لقلمي أن يكتب حقيقة ماشعرت به في تلك اللحظة وأنا أرى أمي الحبيبة تقوم باحتضاني وتجهش بالبكاء تكاد دموعها تحرق خدها من هول مارأت أمام عينها من مآسٍ يندى لها الجبين وأما عن أخي الأكبر محمد الذي رافق امي فقد أغمي عليه عندما رآني في تلك الحالة.
وبدأت رحلة المعاناة متنقلاً بين مستشفيات العاصمة حتى استقر بي الأمر أن أكون طريح الفراش في بيتي أتلقى العلاج.
ولا أنسى اللفتة الكريمة من الأخ العزيز الشيخ / محمد بن علي الرويشان حفظه الله ورعاه الذي زارني في بيتي برفقة الأخوة الذي أكن لهم في قلبي كل الاحترام والتقدير وهم الأخ الأستاذ / فاهم الفضلي والأستاذ / صالح الشرامي.. وهذه اللفتة ليست بغريبة على شخصه فهو من أعتز وأفتخر أنني عملت معه لسنوات لم أرَ منه إلا الأخلاق العالية التي تتجلى منها روح الانسانية في أسمى معانيها .
وفي نهاية حديثي أقول يا دول تحالف العدوان يا من تريق دماءنا في أرضنا وتمزق أشلاءنا فوق ثرانا، مهما تماديتم في طغيانكم فنحن أهل الجراح من تتجسد فينا المأساة سنقدم المزيد من التضحيات بثباتنا وعزيمتنا القوية لدحر واجتثاث جحافلكم من بلدنا الغالي لأننا لن نرضى أن نموت على سجادة الذل وبساط العار والخوف والجبن والتردد..
وأحب ان اقول لكل من فقد عزيزاً وغالياً في هذه المحرقة التي ارتكبها تحالف العدوان بل ولكل الصادقين في حبهم لتراب هذا الوطن الغالي على قلوبنا أقولها حقيقة لا زيف فيها بأن تحالف العدوان لن ينال منا إذا توحدنا ولن يغلبنا إلا إذا تفككنا ومزقنا طائفياً ومذهبياً وهذا محال على النظام السعودي والإماراتي أن يزرعوا فينا فتيل النزاع والاختلاف فلابد أن نتوحد ونجتمع ونرسم خارطة طريق نسطرها بدل المداد بالدم لكي نفشل كل مخططاتهم فنحن ولدنا أحراراً وسنظل أحراراً ولاعزة ولاكرامة ولاسيادة إلا مع الحرية ولن نبالي أن تكون حريتنا ممزوجة بالدم والأشلاء والتضحيات للأخذ بالثأر لشهداء وجرحى محرقة القاعة الكبرى.
|