توفيق عثمان الشرعبي - أعلى مراتب الاحتفاء بالأعياد الوطنية التحريرية هو الصمود والثبات على المواقف الوطنية المناهضة بالقول والفعل لكل اشكال التبعية والارتهان والاحتلال..
فاستلهام المآثر العظيمة والتضحيات الجسام التي قدمها أبناء شعبنا في سبيل حرية وطنهم واستقلاله من نير المستعمر البريطاني في مثل هذا اليوم الـ14 من أكتوبر 1963م هو رد الاعتبار الحقيقي لهذه الثورة الاكتوبرية المجيدة التي ناصبتها الدويلات الخليجية العداء منذُ السبعينيات، وسخرت الكثير من الامكانات لتنفيذ المؤامرة القذرة لإفراغها من محتواها وتغييبها عن الوعي الجماهيري لصرف الشعب اليمني عن حقه في العيش الكريم ووأد تطلعاته نحو يمن موحد حر مستقل السيادة والقرار..
إننا ونحن نحتفي اليوم بالعيد الوطني الـ58 لثورة اكتوبر يتوجب علينا استلهام شجاعة وإقدام مناضليها وإيمانهم العميق بعدالة قضيتهم، ومحاكاة نضالهم للتزود بتلك الإرادة في مواجهة تحالف العدوان السعودي الامريكي البريطاني الصهيوني الذي يسعى بكل وحشية وإجرام لإخضاع ابناء الشعب اليمني وإذلالهم واحتلال أرضهم وتدمير مقومات وجودهم..
فبعد سبعة أعوام من العدوان الوحشي على بلادنا - والذي ارتكب أبشع جرائم الابادة بحق الابرياء من الاطفال والنساء وكبار السن ،ودمر كل ما تحقق لهذا الشعب من منجزات وبنية تحتية على مدى أكثر من نصف قرن من عُمر الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر - يكون أي احتفاء بهذه الثورة لغرض الاحتفال فقط غير منطقي وغير مقبول مالم يتجسد في الوقوف صفاً واحداً لمواصلة نضال الآباء والأجداد في التصدي للمحتل القديم الجديد والانتصار عليه وتطهير الارض اليمنية من دنسه ورجس احتلاله ، كما فعلوا قبل 58عاماً بطردهم للمستعمر البريطاني،الذي يعاود اليوم احتلاله لأجزاء من وطننا عبر واجهات وأدوات جديدة..
وهنا لن أُخاطب أولئك الذين باتوا مكشوفين في عمالتهم وتبعيتهم للأجندة الاحتلالية لليمن،بل الخطاب لعموم أبناء اليمن في تلك المحافظات والذين ليس فقط يعرفون أن وجود قوات تحالف العدوان احتلال بل باتوا يلمسون ذلك واقعاً بعد أن ذاقوا مرارات ممارساته الإجرامية الوحشية بشكل يومي وباتوا يتلمّسون طريق الخلاص من هذا الاحتلال الجاثم على صدورهم وممارساته التي يتعمد فيها إذلالهم وإخضاعهم لأجندته والتي أخطر ما فيها هو إفراغ محافظاتهم من شبابها والزج بهم وقوداً لمحارق معارك عدوانه على وطنهم دفاعاً عن الغزاة في المحافظات المحتلة وعلى الحدود السعودية والساحل الغربي والجبهات الأخرى ضد من يخوضون شرف الذود عن حياض الوطن وسيادته واستقلاله وكرامة أبنائه إخوانهم في الجيش واللجان الشعبية الذين طالما مدوا إليهم أيديهم ومايزالون يمدونها اليوم لتوحيد الصفوف في معركة التحرر الوطني ضد المستعمرين الجدد..
اليوم أبطال الجيش واللجان الشعبية وبعد سبع سنوات من الصمود في وجه هذه الحرب العدوانية الإجرامية القذرة والشاملة على اليمن وشعبه العظيم، وانطلاقاً من مسئوليتهم التاريخية في طرد الغزاة من كل شبر على الأرض اليمنية ينتظرون بقية إخوانهم الأحرار من المحافظات الجنوبية للملاقاة عند هدف الدفاع المقدس عن الوطن وتوجيه بنادقهم جميعاً نحو الغازي والمحتل.. وعلى القيادات الاجتماعية والسياسية والعسكرية الحرة في المحافظات الجنوبية أن تعمل في توحيد الأحرار لمواجهة المحتلين جنباً إلى جنب مع إخوانهم من ابطال الجيش واللجان الشعبية ، والعمل على إنضاج السخط الناجم عما يتعرض له أبناء المحافظات المحتلة الرافضة للغزاة وتحويله إلى ثورة عارمة وبراكين تطهر حممها الأرض اليمنية من رجس ودنس المحتل.
ويبقى التأكيد أن الكفاح المسلح ضد المحتلين والغزاة الجدد ومرتزقتهم وعملائهم سيجعل شعبنا يصنع استقلاله الثاني الكامل والنهائي من الوصاية السعودية وكل أشكال التبعية والسيطرة والهيمنة والاحتلال وسيؤكد أن هذا الشعب الحر أعاد لثورة اكتوبر اعتبارها وقدم أعلى درجات الوفاء الحقيقي لثوارها الذين قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل حريته وتمكينه من بناء دولته الحديثة الموحدة والمزدهرة الآمنة والمستقرة..
|