علي ناصر محمد - يصادف هذا العام الذكرى الرابعة والخمسون لعيد الاستقلال الوطني 30 نوفمبر 1967م، ونتوجه بالتحية والتهنئة لشعبنا العظيم بهذا الانتصار الكبير والذي جاء بعد سلسلة من الانتفاضات الشعبية التي توجت بقيام ثورة 14 أكتوبر المسلحة عام 1963م وأدت الى تحقيق الاستقلال وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية..
وقد أتاح الاستقلال لشعبنا في الجنوب لأول مرة أن يوحد كل الكيانات التي كانت قائمة من سلطنات وإمارات وولايات ومشيخات في دولة وطنية واحدة ذات سيادة، لها علم واحد، جيش واحد، نشيد وطني واحد، سلطة حكم واحدة وقوانين وتشريعات واحدة نافذة في كل أراضي الجمهورية، فكانت بحقْ دولة قوية ومهابة في المنطقة.
إن الدولة في اليمن الديمقراطية حافظت، وسط ظروف صعبة وتعقيدات وصراعات داخلية ودولية وإقليمية، على مصالحها الاستراتيجية، فلم تفرط في سيادتها الوطنية، وقاومت كل الضغوط التي واجهتها بسبب الموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به في كل من باب المندب والبحر الأحمر والقرن الافريقي والمحيط الهندي والجزيرة العربية. وقد واجهت بسبب هذا الموقع والموقف للنظام في عدن الكثير من المؤامرات التي كانت تستهدف إسقاطه أو تركيعه، ولكنه صمد في وجه كل الضغوطات والمؤامرات والصعوبات بفضل اصطفاف الشعب حول هذا النظام الذي حقق الكثير من الانجازات كالتطبيب والتعليم المجانيين وباعتراف اليونيسكو بأنها أفضل دولة في المنطقة من حيث التعليم وخلوها من الأمراض السارية والمعدية.. وقد أقام النظام عدداً من الأحياء السكنية التي كانت متاحة للمواطن بأسعار رمزية في العاصمة عدن (كريتر - خورمكسر - الشيخ عثمان - المنصورة) وغيرها من المشاريع الأخرى في العاصمة وبقية المحافظات..
كما شقّ عدداً كبيراً من الطرقات الاسفلتية لأكثر من ألفي كيلومتر، ولأول مرة ترتبط المحافظات بطريق اسفلتي واحد وطرق فرعية، مما سهل على المواطن التنقل بين المحافظات ونقل المواد الغذائية الى كافة أنحاء الجمهورية بأسعار موحدة على مستوى الجمهورية بفضل دعم الأسعار لمعظم المواد الغذائية.. وقد شهدت اليمن الديمقراطية استقراراً أمنياً في العاصمة عدن وبقية المحافظات فلا مكان للإرهاب والثأر والفساد والاستبداد، الكل كان متساوٍ أمام القانون..
وقد أقامت اليمن الديمقراطية علاقات مع الدول الإقليمية والدولية قائمة على الاحترام المتبادل والحفاظ على السيادة الوطنية والقرار الوطني، ولم ترضخ للضغوطات والإغراءات لإنشاء قواعد عسكرية فيها حرصاً على سيادتها..
ويجب أن نعترف أن التجربة لم تكن خالية من السلبيات كغيرها من تجارب الدول والشعوب في المنطقة والعالم، وقد تحدثت عن ذلك في مذكراتي التي نشرت عن تجربة الدولة والوحدة والسياسة الخارجية لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
ويحزُّ في نفوسنا أن تأتي هذه المناسبة في ظل الصراعات والحروب التي مزقت اليمن شمالها وجنوبها، وقوضت الدولة، فأصبح في اليمن اليوم أكثر من رئيس وأكثر من حكومة وأكثر من جيش وأكثر من حرب.
وبهذه المناسبة، نتوجه بالشكر والاعتزاز لدور كلٍّ من ثورة 26 سبتمبر في الشمال وثورة 23 يونيو في مصر الشقيقة في دعم ثورة أكتوبر حتى تحقق النصر في 30 نوفمبر 1967م.
مرة أخرى أجمل التهاني لشعبنا البطل صانع الثلاثين من نوفمبر في ذكراه الرابعة والخمسين.. التحية والمجد لشهداء الثورة الأبرار وفي مقدمتهم أول شهيد للثورة راجح بن غالب لبوزة، وأول رئيس للجمهورية المناضل قحطان الشعبي، ولمناضليها الذين مازالوا على العهد وعلى قيد الحياة.
وكل عام وشعبنا الأبيّ العظيم بألف خير..
|