د.عبدالعزيز الشعيبي - تطل علينا الذكرى الرابعة والخمسون لدحر الاستعمار البريطاني من ارض الوطن وما اشبه الليلة بالبارحة بعد رحيل الاستعمار من المنطقة العربية نتيجة للنضال الطويل والمستمر من ابناء الشعوب العربية بشكل عام وبلادنا على وجه الخصوص التي كانت قد بدأت تلملم الشتات الذي خلفه المستعمر وتوحد الارض وكذلك النفسية اليمنية تجاه قضاياها المصيرية بل ان اليمن استطاعت ان تقضي على اهم مخلفات الاستعمار الا وهي الحدود السياسية بينه وبين الدول المجاورة وضربت بذلك مثلاً يحتذى به في المنطقة العربية حتى كادت هذه القضية أن تتلاشى بين الدول العربية بعضها والبعض الآخر وعندما وجد الاستعمار ان اداته المهمة المتمثلة في رسم الحدود السياسية في المنطقة العربية كادت ان تذوب وتنتهي وكان للوحدة اليمنية دور كبير في تذويب كثير من الخلافات ليس في الاطار اليمني بل في الاطار العربي، سرعان ما اتجه الاستعمار بأدواته الجديدة لزرع بذور الخلاف والخصام والشحناء بين ابناء الوطن الواحد و بين ابناء الامة العربية، بإدخال تعبيرات جديدة حول مفهوم العدو، وكذا تسمية المنطقة العربية بتسمية اخرى هي الشرق الاوسط، ثم ظهرت افكار غريبة حول ما يسمى بالشرق الاوسط الجديد والذي تبناه برنارد لويس في كتاب له بهذا المسمى ثم شيمون بيريز بنفس المسمى بالثمانينيات وادخال دول جديدة الى هذه المنطقة واخراج دول عربية منها وفقا لهذا المفهوم الجديد، والارتكاز على الطائفية والمذهبية والمناطقية كمحرك للصراع وكذلك عنصر الارهاب الذي صنعه هو ووجهه، كأداة من ادواته في حربه ضد المنطقة العربية والغرض من ذلك هو اشعال المنطقة بالحروب والصراعات المنهية للحياة حتى تصبح المسألة اشبه بحرب الجميع ضد الجميع، وهنا يهب المنجد المستعمر لتخليص الشعوب من ظلم هذه الحرب لكي يكون هو المسيطر على هذا المشهد كله، وتؤول اليه المنطقة بخيراتها، ويستبد بشعوبها وما نحن بحاجة اليه هو صحوة من هذا السبات العميق الذي يشبه الموت بكل تفاصيله لان في هذه الصحوة حياتنا ومستقبلنا وان لم نكن نحن حريصين على هذه الصحوة هل ننتظر من المستعمر الجديد ان ينبهنا الى هذه الغفلة الموجودة لدى البعض منا الذين رهنوا أنفسهم للمستعمر الجديد؟!
اننا نعيش اليوم مرحلة استعمارية جديدة ليس بثوبها القديم المتمثل بالاستعمار الاستيطاني للارض والانسان وإنما بتفتيت الجزء الواحد الى اجزاء متعددة ومختلفة حتى يسهل عليه السيطرة والاستحواذ واستمرار اثارة الفتن في الاجزاء التي لم يسيطر عليها حتى تضعف وتصبح سهلة المنال وطيعة يستطيع ان يشكلها بالصورة التي يريدها ولذلك نقول بكلمة اخيرة لاتنتظروا من المستعمر الجديد واذياله في المنطقة من ان يسعى لتذليل الصعوبات التي اوجدها هو او ان يملي عليكم حلاً جاهزاً بل كلما زاد اعتمادكم عليه كلما زاد انغماسكم في مستنقعة الذي لم ولن تستطيعوا الفكاك منه، فالصحوة اليوم مطلوبة بل هي واجبة وكلما كانت مبادرتكم كيمنيين سباقة كلما اشرفنا على الوصول الى حل، والتاريخ يصنع بيد رجاله من ابناء الوطن الواحد ولا يوجد تاريخ يصنع بواسطة المستعمر او الدخيل لكي يحرر ابناء الوطن الواحد من وجوده الاستعماري وكم هي كثيرة احاديثكم ونقاشاتكم حول المستعمر وادواته وضرورة مقاومته وكم هي نادرة بل وغائبه تصرفاتكم وسلوكياتكم تجاه المستعمر الجديد، ومن اجل الحصول على حياة تعتقدون انها مرفهه لكنها هي الزيف بعينه في وجودكم خارج وطنكم وعدم الدفاع عنه وأن لا يكون لكم شرف المساهمة في بنائه وإعماره، ذلك ثمن رخيص وبخس وليس هناك ما هو أرخص من حياه بين احضان المستعمر..
|