حاورها - جمال الورد - قالت الأستاذة فاطمة محمد - عضو مجلس الشورى في صنعاء، إن الأحزاب السياسية في مجملها فشلت في عدم قدرتها على فهم او استيعاب اهمية اشراك المرأة في صناعة القرار الساسي، ومهما بلغت الاختلافات بين الأحزاب اليمنية إلا أنها متفقة على الخوف من المرأة إن كانت ذكية ومقتدرة.
وأشارت عضو مجلس الشورى، إلى أن المرأة اليمنية أثبتت مقدرتها على تحمل الأعباء، وسطرت خلال العدوان أروع صور التضحية وتحمل المسؤولية، داعية إلى تبني معايير سياسية حزبية وحكومية تسمح بالتنافس الشريف وتكافؤ الفرص للنساء اليمنيات، والعمل الجاد على تبني القضايا الوطنية التي تتبناها المرأة اليمنية من بناء الدولة والوحدة والمواطنة والحق في التعليم والعمل.
وأكدت الأستاذة فاطمة محمد - عضو مجلس الشورى، في لقاء أجرته معها صحيفة »الميثاق« أن على اليمنيين واليمنيات اغتنام هذا النصر العظيم الذي صنعه الشعب والجيش واللجان الشعبية، وتوحيد الصف، وعدم التعويل على الخارج، لأن كل المؤشرات تدل على انه لا يمكن لمن اعتدى علينا يكون في يوما من الايام صديقاً وشريكاً، مشيرة إلى أن المحافظات الجنوبية اليمنية سوف تنتفض في وجه المحتل الجديد، كما فعلت ضد اعتى قوة عسكرية في السابق (بريطانيا)، وسيعمل اليمنيون متحدين من أجل الوصول معاً وسوياً نحو المستقبل الذي ينشده كل يمني حر.. كما تحدثت عن عدد من القضايا تجدونها طي الحوار التالي:
* بداية ونحن نحتفل بالعيد الـ54 لعيد الاستقلال 30 نوفمبر 1967م، ما دلالات هذا الاحتفاء في ظل هذا التوقيت؟
- أهلاً ومرحباً بكم، في البداية، لاشك ان الاحتفال بالذكرى الـ54 لعيد الاستقلال المجيد الـ30 من نوفمبر يأتي في ظرف عصيب وعدوان دولي واحتلال غاشم طال بعض المحافظات في بلادنا بعد ان جلبه الخونة من ابناء اليمن الذين زرعهم الاستعمار البريطاني قبل رحيله، وهذا التزامن بدون شك سيكون له اثر ايجابي وليس سلبياً كما قد يعتقد البعض لان اليمنيين دائماً يتوحدون عندما يشعرون بالخطر الخارجي عليهم، ولذلك أحيي شعبنا اليمني بهذه المناسبة العظيمة، وأحيي كافة المناضلين الذين كافحوا طويلاً من اجل نيل الاستقلال الناجز لبلادنا وشعبنا حتى تحقق لهم في 30 من نوفمبر 1967م بعد تضحيات جسام بقيادة الجبهة القومية.. ولقد كانت ثورة الـ14 من أكتوبر إحدى أهم المحطات النضالية التي خاضها الشعب اليمني شماله وجنوبه شرقه وغربه ضد الاحتلال البريطاني الذي جثم على صدر الشعب اليمني لأكثر من 128 عاماً ذاق فيها ويلات القتل والتنكيل والاستعباد والاستبداد.. ولاشك ان الحديث عن مناسبة عظيمة بهذا الحجم يحتاج الى وقت لا يتسع المجال له في هذه العجالة، وما يحز في نفسي ونفس كل ابناء الوطن ان نحتفل هذا العام بالـ30 من نوفمبر عيد الاستقلال والتحرر من الاحتلال، والوطن والشعب يواجه تحديات كبيرة ابرزها التواجد الاجنبي على اراضينا في العديد من المحافظات اليمنية، وفي المياه الاقليمية اليمنية وهذا الامر يجعلنا نأسف كثيراً اننا صدقنا ادعياء الثورة الذين زرعهم الاحتلال البريطاني لينخروا في جسد الوطن وسوَّقهم كوطنيين وهم في الاصل عملاء، ولكني على ثقة تامة أن العالم يعرف قوة الانسان اليمني ورفضه لأي عدوان مهما كانت الصعوبات والتحديات فإن قوة وصلابة الشعب اليمني حتماً ستقهرهم وستدحرهم كما دحرتهم من قبل، وعلى كل ابناء اليمن ان يصطفوا خلف شرفاء الوطن من اجل مواجهة الاحتلال الجديد الذي جلبه العملاء ومن القيادات التي رهنت نفسها لأعداء الوطن.
* لا يخفى على أحد ان المرأة هي من تدفع الفاتورة الأكبر في الحروب، والمسؤوليات الملقاة على عاتقها جراء فقدان المعيل أو انتهاء مصدر الدخل وكذلك النزوح وما ينطوي عليه من مخاطر، ما تعليقك؟
- أولاً المرأة اليمنية كانت المستهدف الرئيس في هذه الحرب، من حيث التدمير فكل الذي تم استهدافه مدنياً كان استهدافاً للناس بشكل مباشر، فاستهداف البيوت والأسواق والأفراح واستهداف المأتم هذه الأماكن تكون فيها النساء بصورة كبيرة، ناهيك عن أن الحروب دائماً حينما يتحمل الرجال مسؤولياتهم في القتال، تُترك مسؤولياتهم الحياتية للنساء بالإضافة إلى مسؤولياتهم الإساسية، ولذلك اقول بكل صدق انني فخورة بالمرأة اليمنية في ظل هذا العدوان الذي اظهر معدنها الأصيل، والذي تحملت بسببه مالم تتحمله حتى المرأة الفلسطينية، فعلى الأقل المرأة الفلسطينية لديها تجربة خلال 70 عاماً، فحينما تجد نفسك مستهدفاً عسكرياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، حتى بلقمة عيشك، ومستهدفاً في مدرسة ابنك، فلك ان تتصور هذه المرأة التي هي كتلة من المشاعر والأحاسيس، زوجها وابنها في الجبهة، ابنها في المسجد، في السوق، في المدرسة، كلهم مستهدفون، كل هذا الإجرام يواجَه بالثبات والقوة والصلابة التي أظهرتها المرأة اليمنية، فالنساء في بلادنا غير بقية النساء في انحاء الأرض، ويكفي أنها لا يمكن ان تظهر مأساتها او تعبها بل تظهر تحديها وهذا بالطبع نظراً لما تمتلكه من خصال ومن وعي ولم يكن ابداً نتيجة للتوجيه الإعلامي، فالمرأة اليمنية متسلحة بالقوة والوعي والإيمان والصبر، والإرادة، وللعلم إذا كان هناك من ايجابيات للعدوان، فقد اظهر المعدن الأصيل للمرأة اليمنية.
* المرأة اليمنية رغم ما تقدمه من ادوار ثورية وسياسية وصمودية إلا أن تمثيلها مازال محدوداً، ومازالت نظرة المجتمع قاصرة، ما أبرز المعوقات التي تواجه المرأة اليمنية؟
- أولاً، لان المجتمع هو مجتمع ذكوري، فالدولة دولة الرجل، والأحزاب أحزاب الرجال، الكل يأخذ دور المرأة مهما كانت، إذا كانت ذكية وقادرة فسوف يخاف منها، وإن كانت ضعيفة ومستكينة فهو فقط يستفيد منها ضمن الديكور الموجود في الأحزاب، لأنه لا توجد معايير، فالمعايير الموجودة لدينا مازالت قبلية، مناطقية وحزبية ، ولاحظ عندما يقال التمثيل الحزبي في الحكومة لا يوجد حزب غامر وجاء بامرأة، مهما كانت درجة ذكاء وكفاءة المرأة، فالأحزاب لا تختار إلا من يكون وراءه قبيلة أو مكانة، وكأن تمثيل المرأة ضعف، أو خسارة ليس إلا، ولأنهم يحسبونها بالربح والخسارة فلا يمكن أن تقدم الأحزاب شيئاً للمرأة، فالمسألة اصبحت صحوبية وشللية وكولسة، ولا يوجد عمل حزبي صادق ومنظم.
* ما الدور المناط بالأحزاب لتوسيع مشاركة المرأة سياسياً، ماذا يفترض أن يعملوا لأجل ذلك؟
- صدقني إن الأحزاب اعجز عن ان تعمل هكذا، لان الدور النسوي مرتبط لديها بحسب ما تقدمه وتضغط به الدول ، او لنسمه مرتبطاً بالضغوط الدولية، والعطاء الدولي، ثم أنه دائماً يقال إن المرأة مجرد صوت انتخابي، ولان الانتخابات منذ عشرين سنة لم تعد قضية دورية ، فالمسألة نامت، ولذلك تجد ان المشتغلات في العمل السياسي هن انفسهن لم يتغيرن، فالأحزاب على مستوى الذكور والإناث لا يوجد نشاط ولا يوجد حراك، فالعمل الحزبي تحول الى الصحوبية والعائلية، وبعيداً كل البعد عن المؤسسية، ولذلك لا تستطيع ان تقدم أو تجدد شيئاً.
* استطاعت المرأة اليمنية تحقيق مكاسب عدة ونجاحات مشهودة في مختلف المجالات العلمية والعملية.. برأيك هل وصلت المرأة لما تتطلع إليه فعلاً؟
- لاحظ ان الطموحات العلمية والعملية مرتبطة بالوضع الاقتصادي، وهو بدوره مرتكز على الوضع السياسي، ولذلك لم تحقق المرأة اليمنية شيئاً ولا بالحد الأدنى، لأن الظروف الاقتصادية والاجتماعية تفرض خيارات اقل من مستوى التطلعات ، ثم عندما لا تكون الدولة لديها استراتيجية لتفتح آفاقاً وهذا دورها، كل الدول لا النساء خرجن بمظاهرات ولا الوظائف على قارعة الطريق، بل الدولة هي من تعطي خيارات في سياساتها وتمنح الفرص وتضمن تكافؤ الفرص، فأنت عندما تكون صاحب الخبرة على مر الأزمنة وتطلب مني أن اتنافس معك وانا جديد على الميدان فهذا غير منطقي وبالطبع سيكون لصالحك، ولذلك مشكلتنا ان الرجل في هذا البلد سواءً أكان في الدولة او الأحزاب، يخاف المرأة اذا كانت ذكية وقادرة، ويستضعفها اذا كانت عكس ذلك.
* المرأة شريكة الرجل في بناء الوطن ما الدور المناط بها في بناء السلام؟
- هذه شعارات فضفاضة، فالمرأة هي الوطن بأكمله، وقد اثبتت خلال هذه الفترة أنها هي الخيمة وهي الوتد وتحملت مسؤولية كبيرة .
* ماذا تقول الاستاذة فاطمة عن حجم مشاركة المرأة بمجلس الشورى؟
- هزيلة جداً ومخزية، يعني الآن تم تعيين الضعف في مجلس الشورى عما كان عليه، ولا يوجد فيه سوى امرأتين ولا تليق بتضحيات المرأة وصمودها، حتى أن حركة أنصار الله وهي صاحبة الحيز الاكبر في السلطة والقرار ولديها كادر نسائي متميز وقاعدة واسعة ومع ذلك لم تشركها، ولهذا نتساءل ان لم تشركها الآن فمتى، وهذا يضع علامة استفهام كبيرة جداً، وما السبب وراء المجلس السياسي الأعلى لماذا لم يتم اشراك المرأة في المجلس.
* هناك من يحمّل المرأة الاسباب التي ادت الى ضعف هذه المشاركة، من تحملين المسؤولية في ذلك؟
- ما الذي ستفعله، هل تحمل سلاحاً وتلبس الجنبية وتقول انا شيخ قبيلة، ثم أن المزايدة هذه تكون في البلدان التي فيها العمل السياسي ارسى مداميكه، والمنظومة القانونية اعطتك كل الحقوق، والعمل السياسي اصبح نوعاً من الترف، اما نحن فمازلنا نصارع من اجل لقمة العيش.
* هل نحتاج الى تعديلات دستورية وتعديل النظم الانتخابية وغيرها لتحقيق مشاركة المرأة؟
- نعم ، كل المنظومة السياسية والقانونية والحزبية بحاجة الى تعديل، وان كنت انا لست من اصحاب ضرورة التخصيص لمقاعد ، فأنا من اصحاب الرأي الذي يطالب بحق المرأة في العمل والعلم وفي الحصول على لقمة العيش، بعيداً عن الكوتا والتخصيص، فهي يمكن ان تطبق في انتخابات المدن، اما في الدولة فخطورتها هي عندما تقول كوتا، ثم توزعها بين الأحزاب، فهنا هو الخطأ، إلا ان كان كوتا ويترك الأمر للتنافس لا بأس.
* هل نحتاج لثقافة وعي مجتمعي بدور المرأة في مختلف الأدوار السياسية والاقتصادية؟
- الوعي المجتمعي موجود وخلال العدوان اثبت الرجل انه اكثر انفتاحاً من الرجل الأمريكي والأوروبي، والدليل انه اوكل للمرأة رعاية بيته واهله وابنائه وهو في الجبهة، وهذا اكبر دليل على الثقة، والإيمان بقدرتها على إدارة ما يوكل إليها، وأمانتها عليه.
* هناك مطالبات بضرورة تعزيز وجود المرأة اليمنية في اي حوار قادم يحقق التسوية.. ما ضرورة هذه المشاركة واهميتها على حاضر ومستقبل دور المرأة؟
- ما يفعله المبعوثون واللقاءات مع خمسة عشر او عشرين وجهاً، هن انفسهن لم يتغيرن على مدى ثلاثين سنة، هذا فقط من باب أنهم يريدون أن يأتوا بمسميات مهمتها التصويت والترجيح في القرارات الحاسمة، ولذلك لماذا لا يجتمع المبعوث مع النساء في صنعاء، ولماذا يركز على نفس الوجوه وخارج اليمن ومن طرف واحد، ولذلك نتساءل لماذا لم يأتِ الى صنعاء ويلتق بالممثلات الحقيقيات للمرأة اليمنية.
* ما أبرز القضايا التي ينبغي على المرأة ان تدفع الى مناقشتها في اي تسوية قادمة؟
طبعا الدولة، والوحدة، والمواطنة وحق العمل والتعليم للجميع، وحق المشاركة السياسية للجميع، كل هذه القضايا يجب ان تطرح، لكن ليس كامرأة وانما كمواطنة كإنسانة.
* كيف تنظرين لحاضر ومستقبل المؤتمر الشعبي العام وهل تجاوز محاولات تقسيمه وحافظ على وحدته الفكرية والتنظيمية؟
- لا يحق لي الكلام في هذا الموضوع، فأنا لست في المؤتمر ولا في اي حزب فأنا انسانة مستقلة، وانما اتقدم بالنصيحة كوني كنت في يوم من الايام في صفوفه، أنه امام فرصة تاريخية لاعادة صفوفه ومواصلة الخيار الذي اختاره، وترك التعلق بما يمكن ان يجره الى الصراع.
* برأيك ما المخرج من حالة العدوان والحرب، وما يتوجب على الأحزاب والشخصيات الاجتماعية والمثقفين تجاه الاستقلال والحفاظ عليه؟
- عليهم اغتنام هذا النصر العظيم الذي صنعه الشعب والجيش واللجان الشعبية، وتوحيد الصف خلف القيادة السياسية والثورية، وعدم التعويل على الخارج، لأن كل المؤشرات تدل على انه لا يمكن ان من اعتدى عليك يكون في يوم من الايام صديقاً وشريكاً، ربما تكون المصالح هي من ستفرض، ولكن ليس امامنا سوى ان نوحد صفوفنا ونواصل مسيرتنا وننظر الى ان العدوان كان فرصة ان نبدأ من جديد وكما نجحنا عسكرياً سوف ننجح اقتصادياً وزراعياً فاليمن امام فرصة تاريخية وامام يمن يتولد ويتخلق ليكون اليمن الذي كنا نحلم به وفي أبهى صوره.
* 30 نوفمبر ذكرى الاستقلال الوطني من المملكة التي لم تكن تغيب عنها الشمس، رسالتك بهذه المناسبة، خصوصاً وان المحافظات الجنوبية أصبحت تحت الاحتلال من جديد؟
- ستتحرر، وسوف يكون هناك استقلال جديد، والشعب في المحافظات الجنوبية والشرقية يعي الدور المناط به، ومثلما انتفض على الدولة التي كانت تؤكله الشهد كما يقال، سينتفض على الدول اللقيطة التي تؤكّله الذل والهوان.
* رسالتك لأطراف الصراع؟
- ليس هناك أطراف صراع، هناك عدوان، اما الطرف المستظل بدول العدوان والمرتهن لها فلا يعنيني، ولا يستحق أي رسالة ولست انا بموقع الدولة او السياسة ان اتوجه اليهم، فهؤلاء ايديهم ملطخة بدمائنا وبنهب لقمة عيشنا، فالمصالحة وغيرها أمر خاص بالدولة، اما نحن كشعب جراحنا مفتوحة حقيقة.
* كلمة أخيرة؟
- أرجو لصحيفة »الميثاق« المزيد من التفوق، وللمؤتمر ان يأخذ مكانه الذي يليق به وبتاريخه، ونسأل الله ان ينصر الشعب ويحقق له امانيه وان يجعلنا مثلما كنا دائماً اليمن الاستثناء الذي يكون دائماً من يحمل مسؤولية أمته عندما تكون الأمة في تراجع وتضعضع.
|