راسل القرشي - تأتي ذكرى الاستقلال المجيد غداً الـ 30 من نوفمبر لتربط الوطن بين ما حدث بالأمس وما يحدث اليوم .. بين الواقع الاستعماري البريطاني الذي كان سائداً قبل أكثر من 54 عاماً ، وبين الواقع الذي يعيشه شعبنا اليوم في ظل احتلال واستعمار جديدين كشف عن أهدافه القذرة فيما يعمله وينفذه ولا يزال في المحافظات الجنوبية، وما يقوم به من عدوان على اليمن عامة منذ قرابة سبع سنوات.
لقد ضحى أبناء شعبنا اليمني العظيم طيلة ما يزيد عن مائة وعشرين عاماً من أجل الانعتاق والخلاص من استعمار بريطاني جثم على أجزاء واسعة من الأرض اليمنية ، واعتبرها جزءاً من مملكته التي لا تغيب عنها الشمس، ولولا تلك التضحيات لبقي المستعمر جاثماً على ارضنا حتى يومنا هذا.
لقد أثمر ذلك النضال والكفاح ، وتلك التضحيات التي روت شجرة الثورة اليمنية بدمائها الطاهرة - عن تحقيق الاستقلال الوطني الناجز في الـ30 من نوفمبر 1967م ، وطرد آخر جندي بريطاني استعماري من أرضنا الحبيبة الطاهرة.
سنوات مضت وانتهت من عمر ذلك الاستعمار البغيض ، نتذكر معها أبطالنا الذين رفضوا تواجده ومضوا متسلحين بإرادتهم الحرة والشريفة وقوة قضيتهم الوطنية التي لا يمكن بيعها أو التفاوض حولها حتى تم لهم تحقيق الانتصار في الـ30 من نوفمبر.
مناضلون اختصروا المسافات ..اخترقوا الصعاب واجتاحوا تخوم التحدي الاستعماري البغيض.. ووزعوا فيض إشراقاتهم الغزيرة على قمم الجبال والسهول والأودية ليأتي الـ30 من نوفمبر 1967م نصراً ناجزاً مكتوباً بأناشيد الولاء لهذه الأرض التي لم ولن تقبل من يدنس ترابها أبداً.
إنه الولاء لهذا الوطن الذي يجمعنا اليوم في طابور النضال والكفاح للتخلص من عدوان استعماري آخر تشارك فيه بريطانيا، ويطمح بالسيطرة على أجزاء واسعة منه تحقيقاً لأهدافه ومصالحه القديمة التي لا يمكن لهذا الشعب القبول بها ، كما لا يمكن له مشاهدته وهو يعيث في أرضنا فساداً ويروم بوطننا الشر من كل اتجاهاته.
إن تكبيرة الصبح التي صدحت عالية في سماء الوطن في الـ30 من نوفمبر عام 1967م ستعود لتصدح من جديد في قادم الأيام بعد أن يتخلص شعبنا من الوجود الاستعماري القديم الجديد ، وطرده من أرضنا الحبيبة غير مأسوف عليه.
إنها اليمن يا داعي التفتيت والتقسيم ، وهذا هو الشعب الذي رفضكم بالأمس ويرفض كل مشاريعكم التقسيمية اليوم ، التي تريدون من ورائها انتهاك سيادة الوطن وجعله تحت وصايتكم ووصاية الاستعمار البريطاني الطامح للعودة إلى اليمن بصور وأشكال شتى.
لقد غادرت بريطانيا الاستعمارية في الـ30 من نوفمبر 1967م وهي تحلم بالعودة مطمئنة إلى ما تركته من عملاء داخل سلطة مابعد الثلاثين من نوفمبر 1967م وأيضاً ما زرعته من انظمة عربية عميلة تأتمر بأمرها وتنفذ توجهاتها، ومن هنا ولفهم الصراعات التي شهدتها عدن قبل الوحدة اليمنية ينبغي البحث عن المال السعودي والتخطيط البريطاني.
عادت بريطانيا إلى عدن والمحافظات الجنوبية منذ سبع سنوات تحت يافطة العدوان السعودي الإماراتي ، عادت وهي لا تريد تقسيم اليمن فحسب ، بل تشظيته وإنهاك أبناء الوطن الواحد الكبير بصراع لا ينتهي.
بريطانيا التي كشفت دعمها اللامحدود لعملائها ومرتزقتها في هذه الحرب العدوانية لا تريد أي سلام يتحقق في اليمن .. ومواقفها جلية وتكشف عنها حكومتها ، ولا شك أن رفضها المعلن إيقاف مبيعات الأسلحة لدولتي العدوان، إضافة لوجود خبرائها وجنودها في السعودية وإرسال بعضهم إلى المهرة يُعد دليلاً واضحاً لمساعيها وأهدافها التي تسعى لتحقيقها في بلادنا.
إن الاستقلال الذي حققه شعبنا في نهاية ستينيات القرن الماضي سيحققه مرة أخرى اليوم.. وإن كانت قوى العدوان الاستعمارية الجديدة تعتقد غير ذلك فعليها أن تدرك أن التاريخ لا يعود إلى الخلف ولا يكرر نفسه ، وسيذهب الخونة والعملاء إلى مزبلة التاريخ لا محالة.
|