علي أحمد مثنى - بالدمع والحسرة نلتقي الذكرى الـ54 لعيد الاستقلال المجيد الناجز في ال30من نوفمبر 1967 م لجزء مهم وغال من الوطن اليمني الكبير مكتوب في التاريخ باليمن السعيد، استمر من عام 1839م وحتى الاستقلال في الـ30 من نوفمبر 1967م ومنذو عقدين من الزمن لم تكتمل الفرحة بهذا العيد بما يليق مع عظمته واهميته وأجلاله نتيجة احداث تعرض لها الوطن منذو 2011م وحتى اليوم ونتذكر بشئ من الألم والوجع قول المتنبي: عيد بأي حال عدت ياعيد فيما مضى أم فيك تجديد
تمر علينا هذه الذكرى المجيدة والوطن اليمني الجريح يتعرض لأخطر مؤامرة واعنف واخبث عدوان في تاريخة المعاصر ، تم الاعداد والتخطيط له منذ إعلان قيام الوحده المباركة في ال 22 من مايو 1990 م وربما من قبل ذلك مسنودا من المستعمر الراحل نفسه وحلفائه اقليمي ودولي وعملأ خبثاء الداخل بخبث وأمر الأنجليزي.. فتحت الباب ايزيي ثم ايزي
- ثلاثين نوفمبر هو خط زمني صاعد ابتداءً بثورة 26 سبتمبر 1962م ثم 14 أكتوبر 1963م، ووصل الى نوفمبر 67 وتعملق في 22 مايو 1990م، ومجمل تلك الوثبات هي الثورة اليمنية وبها تمت استعادة الهوية الوطنية والحضارية لليمنيين . لم يكن سهلاً هزيمة بريطانيا العظمى فقد أعادت بناء قواتها عقب الحرب العالمية الثانية تقنياً ومادياً وساهمت بدور كبير في تشكيل منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وهي عضو مؤسس دائم وفاعل فيه وفي صنع السياسة الدولية عموماً.. الاحتلال المباشر بعد أن كان بالوكالة عبر »شركة الهند الشرقية وهي تعمل وكيلاً للانجليز« منها صدرت ألأوامر للقوات البحرية البريطانية لاحتلال عدن لما تمتلكه من موقع استراتيجي مهم للملاحة الدولية والعسكرية . واليمن بجغرافيته وموقعه المهم كان ومازال وسيظل مطمعاً لكل الامبراطوريات والمطامع عبر التاريخ.
-إن ملحمة ثلاثين نوفمبر هي أحد اهم وأعظم الانتصارات اليمنية.. ومعلوم أن مجد الشعوب وقوتها تنبع من الملاحم العظيمة التي يصنعها امجادها في مواجهة الأعداء في كل زمان وحسب موازين القوى الاقليمية والدولية.
نبذة تعريفية ببريطانيا:
كانت الامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس وربما القمر اطلقت عليها دول أوروبا الثعلب ، ويمكن أن نلقبها في عالمنا العربي والاسلامي وباء وداء وبلاء، هي مصنع منتج كوارث ونكبات ونكسات حدثت او نهبت ومزقت في جسد هذه الامة ومنها على سبيل المثال لا الحصر: -وعد بلفور ،اتفاقية سايكس بيكو -اقامة اسرائيل ودعمها بالمال والسلاح وشرعنة ان ما وكل اعتداء منذ نشأتها عام 1948م..على حساب وشعب فلسطين الجريح والمشرد من ارضه ووطنه ..الخ.
،المشاركة الفاعلة في غزو واحتلال وتدمير دولة وشعب ومقدرات العراق ، مهندسة ومصممة الكوارث المتتابعة في جميع الدول العربية الممزق والمتآمر على بعضه البعض ومنها بلادنا داعم ومشارك رئيس في العدوان وتأجيج فتنة الاقتتال الداخلي .التي تتوالد من حين لآخر..الخ .
الجميع يعرف ويعاني اوجاعها وهذا ليس مجالا للتفاصيل .
-تضع لكل بلد استعمرته مسمار جحا ،تخلق من الحبة قبة كما يقول المثل وتفتعل المبررات للتدخل في شئون من لايستجيب للهيمنة والوصاية والاستغلال .
- خططت وصنعت دولاً ودويلات وتنظيمات بمسميات متنوعة ومتناقضة وجعلت منها مدخلاً مؤذياً وسيفاً مسلطاً على جميع الدول العربية المعاندة للوصاية والتبعية .
- بريطانيا يمكن تعريفها بإيجاز : الأب والأم للشيطان الأكبر والأصغر وكل شياطين الأرض من الجن والإنس تعلمهم فنون الشيطنة والأبلسة لينفذوا بين جغرافيا الاوطان والشعوب بتنوعاته العرقية والدينية والمذهبية...الخ، فيفتحوا لها ابواب تحصينات ومطابخ الدول هي في القانون الدولي ذات سيادة، وبشراكة تحالفاتها وبالذات ولدها سام ورامي السهام امريكا فتستباح الارض، وتنهب المخزون من الثروة بكل الوانها السوداء والصفراء والخضراء وكل موارد البر والبحر والسماء...
- خطابها الاعلامي ناعم وخشن جزرة وحجر والتهديد بالقوة السياسية والعسكرية والاقتصادية وجعلت الوهن والضعف بين العرب دائماً لا يبرأ.
كما في قول الشاعر العربي
تعدوا الذئاب على من لا كلاب له ....وتتقي مربض المستأسد الضاري.
العوامل التي اجبرت بريطانيا على الرحيل عن جزء غالٍ من الوطن:
- ارتفاع الوعي الشعبي والوطني بأهمية وقيمة الأستقلال وخاصة التأثر بالخطاب الثورى والقومي في الاعلام وتحديداً ما كانت ثبثه إذاعة صوت العرب وخطابات الزعيم جمال عبدالناصر وخاصة خطابه من مدينة تعز الذي تضمن جملة رددها مرارا (على بريطانيا أن تحمل عصاها وترحل)
- القلق من تزايد عدد النازحين من المناطق الشمالية المناوئين لحكم الإمامة الى عدن
- نجاح قيام ثورة الـ26 من سبتمبر 1962م المجيدة ضد الحكم الأمامي في شمال الوطن فكانت الحاضنة لتدريب وتسليح المقاتلين من مختلف ابناء ومناطق الوطن اليمني وفتح معسكرات لتدريب المتطوعين من مناطق الجنوب المحتل والشمال المتحرر من حكم الائمة
- الدعم العسكري والمعنوي الكبير من الزعيم جمال عبدالناصر لنجاح الثورة البمنية سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر.
- اقامة اذاعة تبث البرامج التعبوية والمعنوية والأناشيد الوطنية والثورية تحفز الشعب للثورة »برع برع يا استعمار«.
- ارتفاع السخط الشعبي نتيجة هيستيريا البطش ضد المطالب الشعبية الوطنية العادلة.
- الانهاك الذي وصلت اليه قوة بريطانيا العظمى العسكرية والبشرية والاقتصادية والمعنوية بعد الحرب العالمية الثانية .
- صعود قوى عظمى جديدة امريكا كبديل رئيس . وتنفيذ نظرية ملء الفراغ بدلاً عن الامبراطوريات الأستعمارية القديمة..
- بروز الاتحاد السوفيتي قوة عظمى وبأيديولوجية الاشتراكية والعسكرية كشريك دولي مستحق لغنائم مشاركته الكبيرة والرئسية في انتصار الحرب العالمية الثانية على المانيا النازية ودول المحور.
- رحيل القوات البريطانية قبل الموعد المحدد بأمر رئيس الوزراء البريطاني آنذاك هارولد ولسون
- شمولية حركة التحرر لشعوب العالم الثالث وبالذات في آسيا وافريقيا وغيرهما.
بعد الاستقلال .
وتتلخص فيما يلي:
بنجاح الثورة ورحيل آخر جندي بريطاني تولى قحطان الشعبي الرئاسة ما سميت بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وكان قحطان ينتمي لجيل الثورة والجبهة القومية، ومع انقسام تنظيم الجبهة الى تيارين احدهما برئاسة قحطان الشعبي ورئيس الوزراء فيصل الشعبي وتيار آخر من اليساريين وابرز شخصياته سالم ربيع علي وعبدالفتاح اسماعيل ولكل طرف قوة اعتمد عليها.. التيار الاول قوة السلطة والتيارالثاني قوة التنظيم السياسي وكانت هذه البداية مع الأسف لتوالد الصراعات والانقلابات، وقد يكون للمستعمر الراحل اليد الطولى في ذلك وعبر اجهزه اقليمية وداخلية ساهمت في صنع ازمات عدم الاستقرار السياسي والصراعات المتكررة اولها حركة مايو 1968م ضد الرئيس قحطان الشعبي وسجنه ليظل مسجوناً حتى وفاته عام 1981م.
ثم تولى الرئاسة سالم ربيع علي الذي كان اكثر يسارية وميلاً للتجربة الاشتراكية الصينية، وتقاربه مع الشمال للتهيئة للوحدة ولذلك اتهم من قبل اللجنة المركزية للحزب بالتخطيط في قتل الرئيس الغشمي في الشطر الشمالي عام 1978م وتم اعدامه مع مجموعة من رفاقه في يونية 1978م بعد هزيمته في مواجهة مسلحة قصيرة،
في 26 يونيه 1978م تولى الاستاذ عبدالفتاح اسماعيل الرئاسة .
الإخ علي ناصر محمد تولى الحكم في 22 ابريل/1980م وحتى 13 يناير 1986م الذي كان موعداً مع مذبحة بين الرفاق واثناء اجتماع اللجنة المركزية التي كانت دامية كبرى راح ضحيتها ابرز شخصيات قيادات الحزب من اعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية وقادة عسكريين ليصعد المهندس حيدر ابو بكر العطاس لرئاسة مجلس الشعب الاعلى ،الاستاذ علي سالم البيض اميناً عاماً للحزب حتى قيام الثورة اليمنية الكبرى السلمية بأعلان التوقيع على اتفاقية الوحدة بين الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في الشمال والاستاذ علي سالم البيض واعلان قيام الجمهورية اليمنية في الـ22 من مايو 1990م وباستفتاء شعبي على وثيقة دستور الوحدة الذي حقق نسبة موافقة من الشعب اليمني الكبير الموحد وبنسبة تأييد تجاوزت 92٪ اصوات صحيحة للدستور والوحدة لتمنح شرعية ومشروعية غير مسبوقة في التاريخ اليمني والعربي والاسلامي ويعترف بقيام الجمهورية اليمنية العالم ويرفع علمها في مختلف المنظمات والمحافل الدولية يرفف عالياً نردده نشيداً وطنياً صباح مساء:
رردي أيتها الدنيا نشيدي ردديه وأعيدي وأعيدي.. مع شعار »الله الوطن الثورة الوحدة«.
وعبر الاجيال، تحيا »الجمهوريةاليمنية«
-قبل الختام نقول:
إن استقلالنا مع الاسف تعرض لنكسة نتيجة مخطط وتوجيه من الذي رحَّلناه عن جزء غالٍ من الوطن في الـ30 من نوفمبر مالبث ان تأبط بوحدتنا ووطننا شراً بإسناد وتعاون اقليمي ودولي ونفر من ابناء جلدتنا مع الأسف مستغلاً ثغرات وثقوب تُركت دون معالجات وترميم في مراحل زمن حدوثها استغلها المستعمر الراغب بالعودة مع الشقيق الجار المتضرر من الوحدة، والمتذمر الوطني الذي يعتقد انه ظُلم ولم يُنصف وسوء فساد القوى السياسية بكافة اطيافها وتوجهاتها ومصادر تمويلها وايديولوجيتها وموسم التقليد الأعمى لما حدث فيما اسموه الربيع العربي وهو في الواقع نكبة وصقيع شتاء وخدعة لشباب متطلع الى تحول جذري في البلدان العربية سياسياً وتعليمياً وصحياً وأمناً معيشياً واقتصادياً يقضي على الفساد والبطالة والمحسوبية والعدالة في توزيع الثروة والسلطة في جميع الشعوب العربية ومنها بلادنا وهي مطالب عادلة ومنصفة لكل الشعوب، ولكن نهاية المطاف صدم بنتيجة سراب يحسبه الظمآن ماء، ونفق تمكن من خلاله الأعداء من النفاذ اليه لندفع من جديد ضريبة عالية وغالية في انتهاك السيادة الوطنية خلقت شروخاً في الجسد والسلم الاجتماعي وامكانات اهدرت ودماء سفكت وموارد بعثرت ما كان لها أن تحدث لولا تهور الطامعين وتراجع العقلاء الشرفاء الحريصين على الأمن والسلام والحوار السلمي نتائجه مثمرة بربيع مزهر يقطفها الجميع بصورة متوازنة في الداخل والاقليم ومصالح متوازنة ومتكافئة مع المجتمع الدولي، واليوم نبحث عن ثورة وثوار واستقلال من جديد ولنا مع ربنا الخالق وبالصبر موعد يجلو الغرباء الذين يصفهم شاعرنا الكبير المرحوم عبدالله البردوني بقوله:
انهم يطبخوننا كي يذوقوا
عندما ينضجوننا شر وجبة
نحن بالأمل والعمل نتطلع أن يلتئم الابناء وتعود الارض براً وجزراً وسماء أمناً وسلاماً والله لن يخلف وعده .. وبوسائل وامكانات وطنية لرجال يحملون امانة مسئولية الحفاظ على موروث نضالى وطني لم يكن إنجازه سهلاً بل بتكلفة باهظة وغالية مادية وبشرية، ومن لايقرأ مدونات ومذكرات تاريخ الحركة الوطنية والثمن الغالي المدفوع لهذا المشروع الكبير للتحرر من الظلم والتخلف سوف يستهين ويقبل بدعاوي وخزعبلات للارتماء في مشاريع صغيرة وأوهام خرافات تنسجها دول ودويلات ومنظمات تعمل بجهد وإخلاص لمن يرغب بتجميل قبح المستعمر القديم الجديد بخطاب وإسناد أعداء جدد من صنع يده اقليمياً ووطنياً نشك في صلة الاصل والنسب وبريموت مخصص لتوجيهه في جميع الاتجاهات ليعيدوا مع الأسف عجلة التاريخ الى قبل الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر ونوفمبر وربما يكون أكثر خطورة للسيطرة وتعديل مقاسات المسطرة والخارطة وفقاً لتحقيق استراتيجية تصحيح خارطة سايكس بيكو التي وضعها وأوصى بها المتصهين الأمريكي (برنارد لويس) وغيره وخاصة للوطن العربي عموماً وبدأت حركة المنقلة والمسطرة لهندسة التعديل المقترحة ونحذر من خطرها ومقاومتها ابتداء بخطة الانهاك التي نعيسها ونعاني ويلاتها لنصل الى مرحلة القبول بالتقسيم مخرجاً للحل والسلام بأي تنازل وبأي حال.
- وأخيراً ننبه بأن الوطن يتشظى عدداً من جزرنا المهمة والاستراتيجية (حوالي130جزيرة تابعة لبلادنا) وايضاً عدداً من المحافظات اليمنية خارج السيطرة وسلطات موزعة في الداخل ومرتهنة في الخارج للنوم في اجنحة فنادق وقصور مرفهة مسلوبة الادارة والإرادة خارج السيطرة ناعمة منعمة مكشوفة غير مستورة لا تخفي خافية ، ورغم كل مانحن فيه من معاناة عدوان ومحتل لن نفقد الأمل .. سيعود الوطن والشعب من جديد أمناً وسلاماً وتاريخاً يتجدد من جديد بإذن الله.
|