الميثاق نت -

الأربعاء, 19-يناير-2022
طه‮ ‬العامري -
قد يكون الإعلامي حزبيا متعصباً؛ وقد يكون انتهازياً ووصولياً؛ وقد يكون طائفياً أو مناطقياً أو ينضوي تحت أي مسمى تعصبي وما أكثر المسميات التي يمكن أن يندرج أي إعلامي وصحفي تحت رايتها ؛ لكن لا يمكن لمن يمكن أن يكون كل ما سلف ذكره ؛ أن يكون (كاذباً) أو مضللاً يعمل بكل جهده وطاقته على لي عنق الحقيقة بكل الوسائل والسبل فمثل هؤلاء لا يمكن أن يكونوا إعلاميين ولا يمكن أن يكونوا قادة للرأي العام ؛ولا يمكن أن يكونوا من حملة الرسائل المهنية التي تحمل قدسية خاصة لارتباطها بقضايا وحياة الرأي العام وعلى أوسع نطاق ..!!
في بلادنا ومن خلال سيرة ومسيرة الأزمة الممتدة منذ قرابة أحد عشر عاماً وما برز خلالها من صراع دموي وعدوان وحرب وحصار أممي على البلاد والعباد ؛ يمكن القول إن أول من يحاسبهم الله في كل هذه الاحداث من حيث الاسباب والدوافع والاهداف والغايات سيكونون الإعلاميين قبل السياسيين والقادة والوجهاء ؛ لأن وفق فهمنا لرسالة الإعلام ومهمته الوطنية هو توجيه قناعات الرأي العام نحو اهدافهم الحقيقية ؛ التي من شأنها أن تحقق لهم كل مقومات الأمن والاستقرار الاجتماعيين والتقدم والتطور التنموي ؛ ناهيكم عن أن من ابرز مهام الرسالة الإعلامية تجذير وترسيخ قيم الهوية والانتماء الوطنيين في ذاكرة ووجدان النشء ؛ كما أن من أبرز مهمات الإعلام والإعلاميين هو تقويم اعوجاج القادة ولفت انظارهم إلى مكامن الخلل بتجرد وموضوعية بمعزل عن القناعات الحزبية والذاتية تحت أي مسمى وجدت ؛ وإذا كان رسولنا الكريم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام يقول (رب كلمة تهوي بصاحبها سبعين خريفاً في جهنم) فإن (السلطة الرابعة) وهذا هو الاسم الذي أطلق على (الصحافة ومنتسبيها) والذي يحمل (صاحبة الجلالة) وهذا أسم أخر للمهنة وكل هذه المسميات تعكس أهمية ودور الإعلام ورسالته وما يجب أن يدركه ويستوعبه كل العاملين فيها الذين يتحملون مسئولية وطنية جسيمة واخلاقية ايضاً ودينية وحضارية ؛ لكن حين نرى امتهان قدسية المهنة وتمريغ شرفها بالتدليس والكذب والتكسب الرخيص ويرى كل من يعمل فيها مصلحته ومصلحة حزبه وجماعته والفئة التي ينتمي إليها أهم من المصلحة الوطنية الكلية ومن مصلحة الشعب ؛ وبالتالي يمتهن ثقافة الكذب والتظليل والتدليس وتحريف الحقائق أو عكسها فهذا إثم يفوق كل أثام الساسة والقادة الذين يفترض أن يردعهم الخطاب الإعلامي الوطني الذي يجعل مصلحة الوطن والشعب فوق كل المصالح وأقدس من كل المصالح‮ ‬الذاتية‮ ‬العابرة‮ ‬والزائلة‮ ..‬فماذا‮ ‬جرى‮ ‬ويجري‮ ‬في‮ ‬بلادنا‮ ‬؟
هنا حيث تحول الخطاب الإعلامي إلى خطاب تضليل وتحريض وكذب وتزوير واسفاف رغم أن دماء شعبنا تسفك ومنا من قتل ظلما ومن نزح وتشرد بل أصبح كل أبناء الشعب (متسولين) أمام ابواب المنظمات الأجنبية المانحة ؛ والمانحة لكل مفردات الذل والهيانة والارتهان ؛ ومع ذلك وبعد كل هذه السنوات من القهر والظلم والحرب والعدوان والتمزق الاجتماعي ؛ بعد كل هذا العذاب والمعاناة نجد منا وفينا من يحرضون على وطنهم وعلى قتل أبناء شعبهم ويتلذذون بكل جريمة يرتكبها العدوان وعند كل مرفق اقتصادي وتنموي يدمره العدوان ؛ بل والأمرّ من كل هذا ثقافة الشماتة‮ ‬التي‮ ‬يظهرونها‮ ‬ويجاهرون‮ ‬بها‮ ‬وكأن‮ ‬بعض‮ ‬شعبهم‮ ‬ليس‮ ‬منهم‮ ‬؛‮ ‬وهم‮ ‬لم‮ ‬يفعلوا‮ ‬هذا‮ ‬مع‮ ‬الصهاينة‮ ‬ومع‮ ‬أعداء‮ ‬الأمة‮ ..‬؟‮!!‬
أي انحطاط هذا الذي وصله بعض من منتسبي المهنة الذين جيروا رسالة المهنة وقدسيتها لخدمة أهدافهم الذاتية الرخيصة ؛ ولخدمة أعداء اليمن الأرض والإنسان ؛ وإن كان هذا السلوك قد لا يبدو غريباً من الساسة المرتهنين والعملاء والمرتزقة وهم غير خافين على شعبنا ؛ لكن أن يسقط‮ ‬الإعلامي‮ ‬الى‮ ‬هذا‮ ‬المنحدر‮ ‬اللااخلاقي‮ ‬بزعم‮ ‬دعم‮ ‬ومناصرة‮ ‬فئة‮ ‬أو‮ ‬جماعة‮ ‬أو‮ ‬حزب‮ ‬فتلك‮ ‬هي‮ ‬الكارثة‮ ‬الكبرى‮ ‬التي‮ ‬قد‮ ‬لا‮ ‬تضاهيها‮ ‬أي‮ ‬كارثة‮ ‬أخرى‮ ‬حلت‮ ‬بالوطن‮ ‬أرضه‮ ‬وإنسانه‮ ..‬؟‮!‬
بيد أن المراقب والمتابع لما تسوقه محركات (الصحافة) المحلية والعربية والدولية ينتابه الكثير من الفزع عن حالة الانحطاط والإفلاس القيمي والاخلاقي والمهني والتجرد من كل القيم الوطنية والدينية والاخلاقية والحضارية لبعض الإعلاميين الذين اندسوا في غفلة من الزمن في هذا الوسط وكانوا جزءا من مؤامرة كبرى لضرب القيم المهنية وقدسية الكلمة وشرفها لحساب رموز نافذة في لحظة صراع تاريخي ثم تحول الأمر إلى قيمة وعادة سلوكية في ظل غياب كل قوانين الردع الذاتية والموضوعية وغياب المؤسسات المهنية الرادعة لمثل هذه السلوكيات الفجة والوقحة التي يسلكها بعض هؤلاء باسم المهنة التي تجردت بفعل هؤلاء من كل رسالتها الحضارية والاخلاقية والوطنية والانسانية والمهنية ولم تعد بالتالي لا (صاحبة الجلالة) ولا (السلطة الرابعة) بقدر ما أصبحت (ماخوراً للردح والرذيلة) وما أقسى وأمرّ أن تصبح (مهنة الصحافة) بمثابة اسطبل نخاسة وسمسرة للتجارة بالوطن والشعب وكرامتهما وسيادتهما بل وبحياتهما وهذا ما تمارسه بعض الأقلام المأجورة التي لم تفرق بين خلافاتها السياسية وهويتها الوطنية في رسالتها الإعلامية وانتمائها لهذه الجغرافية حضارياً وتاريخياً..؟!!
مؤلم أن أتابع أقلاماً محسوبة على المهنة والوطن وهي تحرض العالم -مثلاً- ضد طرف من أطراف الصراع ؛ بدلاً من أن تكون داعية سلام وتوافق ؛ والأكثر إيلاماً حين أتابع بعضهم وهم يهللون ويكبرون فرحين بما يمارسه العدوان من جرائم إبادة بحق أبنا وطنهم وبحق منشأتهم ومرافقهم‮ ‬الوطنية‮ ‬؛‮ ‬بل‮ ‬ويوغلون‮ ‬في‮ ‬بث‮ ‬الأخبار‮ ‬الكاذبة‮ ‬والمضللة‮ ‬عن‮ ‬هذا‮ ‬المرفق‮ ‬التنموي‮ ‬أو‮ ‬ذاك‮ ‬وضرورة‮ ‬وأهمية‮ ‬تدميره‮ ‬لأنه‮ ‬ملاذ‮ ‬لهذا‮ ‬أو‮ ‬ذاك‮ ‬؟‮ ‬اللعنة‮.. ‬ألهذا‮ ‬الحد‮ ‬بلغ‮ ‬البعض‮ ‬منا‮ ‬الانحطاط‮ ‬والسفالة‮ ‬؟‮!‬
ماذا تركتم للعدو التاريخي من فرص الشماتة بنا ؟ أن كنتم قد انحطتم إلى هذا المستوى من الرذيلة والفسق بالحرف والكلمة وتجريدهما من كل قدسية يتمتعان بها ؟ هل فكر هؤلاء بمقولة أو عبارة (حبل الكذب قصير) ؟ هل فكرتم أن المتلقي بلغ مرحلة متقدمة من الوعي تفوق ربما ما‮ ‬لدي‮ ‬بعض‮ ‬هؤلاء‮ ‬الإعلاميين‮.‬
هل فكر هؤلاء بفقدانهم لمصداقيتهم وأن المتلقي لم يعد يكترث بما يسوقوة إلا من كان على غيه مثلهم وداخل في الترويكا الفئوية التي ينتمون لها ؛ أما كرأي عام فلا أحد يصدق خطابات الكذب والتضليل وتزوير الحقائق والاحداث التي للأسف امتهنها كثيرون في العدوان على بلادنا وشعبنا ليس بعض الإعلاميين وحسب بل وقادة وساسة ورؤساء دول وحكومات وزعماء دول عظمى مستلهمين من أكاذيب سيدة العالم التي غرت العراق بذريعة امتلاكه اسلحة دمار شامل ثم وبعد تدمير العراق اتضح حقيقة كذبها ومع ذلك مرت الواقعة دون أن يجرؤا أحدا تحت الشمس وفوق الأرض أن يسأل زعيمة الكذب العالمي وسيدة المنافقين والسفلة والمرتهنين عن جريمتها الحضارية والإنسانية البشعة ؟ وبالتالي لدينا بعض المنتسبين للمهنة يقتدون بسيدتهم الكبرى وولية نعمتهم والمرجعية الأولى في الكذب والانحطاط؟ كيف لا وهي أمريكا أعظم دول الشر والكذب والتضليل‮ ‬والعهر‮ ‬السياسي‮ ‬المنظم‮ ..‬؟‮!!‬
كان بإمكان البعض من هؤلاء أن يكونوا دعاة سلام وحوار وحب ومودة وإن رفضتهم الأطراف المتصارعة ؛ كان يفترض تمسكهم بمواقف نبيلة وطنية وحضارية واخلاقية ومهنية ؛ وكانوا سيكسبون في النهاية الكثير بدءاً بأنفسهم ؛ لكن للأسف ساهم هؤلاء بترسيخ ونشر وتجذير ثقافة الكراهية والحقد والتمزق المجتمعي ؛ كما عملوا على نشر الاكاذيب وتزوير الحقائق وكأن دول العدوان الهمجي والبربري هذه بمثابة (حمامة سلام) جاءت لإنقاذ شعبنا، فيما من يواجهون العدوان هؤلاء (غزاة) قدموا من كوكب المريخ ..؟!!
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 01:25 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-61909.htm