الميثاق نت -

الثلاثاء, 08-فبراير-2022
راسل‮ ‬عمر‮ ‬القرشي‮ ‬ -
* لا أدري ما أقوله عنك أبي أيها الرجل الصابر الشامخ القوي الكبير الذي علَّمنا معنى الحياة وتعلَّمنا منه الصبر والقوة والثبات .. فقلبي مكلوم على رحيلك وروحي تأئهة غير مصدقة خبر وفاتك حتى يومنا هذا.
ماذا‮ ‬أقول‮ ‬وماذا‮ ‬أكتب‮ ‬عنك‮ ‬يا‮ ‬أبي‮ ‬فالحروف‮ ‬تبكي‮ ‬فراقك‮ ‬كبكاء‮ ‬أعيننا‮ ‬وقلوبنا‮ ‬،‮ ‬كما‮ ‬لم‮ ‬يعد‮ ‬هناك‮ ‬شيء‮ ‬آخر‮ ‬نقرأه‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬صباحات‮ ‬أيامنا‮ ‬ومساءاتها‮ ‬غير‮ ‬الألم‮ ‬والوجع‮ ‬والحزن‮.‬
كل‮ ‬كلمات‮ ‬الحب‮ ‬والفرح‮ ‬والابتسامة‮ ‬صمتت‮ ‬أو‮ ‬ربما‮ ‬ماتت‮ ‬وبقيت‮ ‬كلمات‮ ‬الحزن‮ ‬تحرق‮ ‬قلوبنا‮ ‬وأرواحنا‮.‬
فسلام‮ ‬عليك‮ ‬أبي‮ ‬وصديقي‮ ‬وروحي‮ ‬وقلبي‮ .. ‬سلام‮ ‬على‮ ‬قبرك‮ ‬وجسدك‮ ‬وروحك‮ ‬وابتسامتك‮ ‬المليئة‮ ‬بالحب‮ ‬والنبل‮.‬
سلام‮ ‬على‮ ‬قلبك‮ ‬الذي‮ ‬انطفأ‮ ‬بصمت‮ ‬،‮ ‬وعلى‮ ‬روحك‮ ‬التي‮ ‬ستبقى‮ ‬تحلّق‮ ‬فوق‮ ‬سمائنا‮ ‬إلى‮ ‬أن‮ ‬نلقاك‮.‬
‮* ‬آاااه‮ ‬من‮ ‬سيُسمعني‮ ‬دعوات‮ ‬أبي‮ ‬التي‮ ‬كان‮ ‬يدعوها‮ ‬لي‮ ‬عند‮ ‬كل‮ ‬اتصال‮ ‬أجريه‮ ‬للاطمئنان‮ ‬على‮ ‬صحته‮ ‬والسؤال‮ ‬عنه‮ ‬وعن‮ ‬احواله‮ :‬
‮"‬الله‮ ‬يريح‮ ‬بالك‮ ‬يا‮ ‬ابني‮ ‬ويبعد‮ ‬عنك‮ ‬وعن‮ ‬اخوانك‮ ‬وخواتك‮ ‬وزوجاتكم‮ ‬واولادكم‮ ‬جميعاً‮ ‬أولاد‮ ‬الحرام‮ .. ‬الله‮ ‬يسهل‮ ‬طريقكم‮ ‬ويحفظكم‮ ‬بحفظه‮ ‬ورعايته‮ .. ‬الله‮ ‬ينصركم‮ ‬على‮ ‬اعدائكم‮ ‬وكل‮ ‬من‮ ‬يريد‮ ‬بكم‮ ‬الشر‮"‬
اللهم‮ ‬آمين‮ ‬يارب‮ ‬العالمين‮..‬
من‮ ‬سيُسمعني‮ ‬تلك‮ ‬الدعوات‮ ‬التي‮ ‬كانت‮ ‬تدمع‮ ‬عينىّ‮ ‬وتبعث‮ ‬في‮ ‬قلبي‮ ‬الحب‮ ‬والحنان‮ ‬والراحة‮ ‬والطمأنينة‮.‬
‮ ‬ذاك‮ ‬هو‮ ‬أبي‮ ‬القلب‮ ‬الكبير‮ ‬والحب‮ ‬الأكبر‮ ‬،الذي‮ ‬ظاهره‮ ‬وباطنه‮ ‬الرحمة‮ ‬والحنان‮ ‬والمودة‮ ‬والطمأنينة‮.‬
ذاك‮ ‬هو‮ ‬أبي‮ ‬كان‮ ‬يتوجع‮ ‬ويتألم‮ ‬كثيراً‮ ‬من‮ ‬الوضع‮ ‬الصعب‮ ‬الذي‮ ‬احال‮ ‬حياتنا‮ ‬إلى‮ ‬عذاب‮ .. ‬الوضع‮ ‬السيئ‮ ‬الذي‮ ‬أبعدنا‮ ‬عن‮ ‬زيارته‮ ‬ورؤيته‮ ‬وزيارة‮ ‬ورؤية‮ ‬والدتي‮ ‬شفاها‮ ‬الله‮ ‬وعافاها‮.‬
* أعادتني ذاكرتي إلى تلك الأيام الجميلة التي كنا نعيشها برعايته وكنفه .. إلى صراخه علينا إن ارتكبنا خطأً ما، وما أكثر ما ارتكبناه من اخطاء.. الى تذكرتي السينما التي وضعها - من أحبه بحجم نقائه وصفاء قلبه وروحه، وبحجم هذا الكون الذي نعيش فيه .. أخي راغب الحب‮ ‬البهي‮ ‬والقلب‮ ‬المليئ‮ ‬بالطهر‮ ‬والحنان‮ - ‬فوق‮ ‬الثلاجة‮ ‬ورآها‮ ‬أبي‮ ‬وسمعته‮ ‬حينها‮ ‬يصرخ‮ ‬في‮ ‬وجه‮ ‬أمي‮ "‬عيالك‮ ‬يسينمو‮".. ‬لمحني‮ ‬حينها‮ ‬ولا‮ ‬أدري‮ ‬ما‮ ‬دفعني‮ ‬إلى‮ ‬قول‮ "‬هذه‮ ‬آخر‮ ‬مرة‮ ‬يا‮ ‬أبي‮ ‬لن‮ ‬أسينم‮ ‬مرة‮ ‬أخرى‮".‬
أتذكر‮ ‬ذلك‮ ‬الآن‮ ‬وانا‮ ‬أبكي‮ ‬وأضحك‮ ‬في‮ ‬الوقت‮ ‬نفسه‮.. ‬رحم‮ ‬الله‮ ‬أبي‮ ‬وأسكنه‮ ‬فسيح‮ ‬جناته‮.‬
قصص‮ ‬وحكايات‮ ‬كثيرة‮ ‬أتذكرها‮ ‬الآن‮ ‬مع‮ ‬هذا‮ ‬الرحيل‮ ‬المُر‮ ‬لأبي‮.. ‬الرحيل‮ ‬الذي‮ ‬أوجعني‮ ‬وأوجع‮ ‬أخوتي‮ ‬وأسرتنا‮ ‬جميعاٌ‮.. ‬
رحم‮ ‬الله‮ ‬أبي‮ ‬وأسكنه‮ ‬فسيح‮ ‬جناته‮ .. ‬وأسأل‮ ‬الله‮ ‬ربي‮ ‬أن‮ ‬يشفي‮ ‬والدتي‮ ‬ويطيل‮ ‬بعمرها‮ ‬ويشملها‮ ‬بعنايته‮ ‬ورعايته‮ ‬وينعم‮ ‬عليها‮ ‬بالصحة‮ ‬والعافية‮.‬
‮* ‬رحلت‮ ‬يا‮ ‬أبي‮ ‬إلى‮ ‬جوار‮ ‬ربك‮ ‬لتتركنا‮ ‬هنا‮ ‬نتمرغ‮ ‬بالألم‮ ‬الذي‮ ‬يحيط‮ ‬بنا‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬اتجاه‮ .. ‬رحلت‮ ‬والأوجاع‮ ‬تتزايد‮ ‬بين‮ ‬ثنايا‮ ‬وطن‮ ‬مكلوم‮ ‬يسكنه‮ ‬الحزن‮ ‬والأسى‮ ‬،وتغرقه‮ ‬الأتراح‮ ‬والفواجع‮ ‬والمآتم‮ ‬والوحشة‮. ‬
لا‮ ‬راد‮ ‬لقضائك‮ ‬يارب‮ ‬والحمدلك‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬وقت‮ ‬وحين‮.‬
فنم‮ ‬قرير‮ ‬العين‮ ‬أبي‮ ‬،‮ ‬فالموت‮ ‬حق‮ ‬علينا‮ ‬جميعاً‮ .. ‬وسنلحق‮ ‬بك‮ ‬ذات‮ ‬يوم‮ ‬لنلتحف‮ ‬التراب‮ ‬معاً‮ ‬ونسعد‮ ‬بلقاء‮ ‬ربٍ‮ ‬هو‮ ‬أرحم‮ ‬بنا‮ ‬وأعظم‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬شيء‮.‬
لك‮ ‬الرحمة‮ ‬والغفران‮.. ‬ولنا‮ ‬الحزن‮ ‬والوجع‮ ‬والصبر‮ ‬إلى‮ ‬حين‮ ‬نلقاك‮.‬
واعاننا‮ ‬الله‮ ‬على‮ ‬دنيا‮ ‬أنت‮ ‬لست‮ ‬بها‮ ‬وأعاننا‮ ‬على‮ ‬فراقك‮ ‬وبُعْدك‮. ‬
‮»‬إنا‮ ‬لله‮ ‬وإنا‮ ‬إليه‮ ‬راجعون‮«‬
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:16 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-61970.htm