الميثاق نت -

الإثنين, 14-فبراير-2022
أنس‮ ‬القباطي -
يُعد البحر الأحمر أهم مسطح مائي بالنسبة للأمن القومي العربي، نظراً لسيطرة مصر واليمن على مدخليه الشمالي والجنوبي (قناة السويس ومضيق باب المندب)، ما جعله بحيرة عربية مغلقة، الى جانب ان أغلب سواحله تقع تحت السيادة العربية. وقد أدى اغلاق باب المندب البوابة الجنوبية‮ ‬للبحر‮ ‬الأحمر‮ ‬في‮ ‬حرب‮ ‬أكتوبر‮ ‬1973م‮ ‬إلى‮ ‬فرض‮ ‬حصار‮ ‬خانق‮ ‬على‮ ‬ناقلات‮ ‬نفط‮ ‬الكيان‮ ‬الصهيوني‮ ‬التي‮ ‬كانت‮ ‬تنقل‮ ‬النفط‮ ‬الايراني‮ ‬في‮ ‬عهد‮ ‬الشاه‮ ‬الى‮ ‬ميناء‮ ‬ايلات‮ ‬الصهيوني‮.‬
وحالياً ومع موجة التطبيع الأخيرة التي سقطت فيها عدد من الأنظمة العربية، لم يعد البحر الأحمر بحيرة عربية مغلقة، فقد امتد التطبيع من مصر ثم الأردن ليصل إلى السودان والامارات، والأخيرة باتت تتواجد في عدد من جزر جنوب البحر الأحمر اليمنية، بما فيها جزيرة ميون التي‮ ‬تتحكم‮ ‬بمضيق‮ ‬باب‮ ‬المندب‮.‬
موجة التطبيع الأخيرة التي سقطت فيها أنظمة الامارات والبحرين والسودان والمغرب، لم تأتِ من فراغ، ولكنها جاءت وفق مخطط صهيوني يهدف الى تأمين تحرك سفنها الحربية في البحر الأحمر، فقناة السويس لم تعد تمثل خطراً بعد توقيع مصر السادات اتفاقية كامب ديفيد في 17 سبتمبر 1978م، فيما تراهن على التواجد الاماراتي في جزيرة ميون اليمنية لضمان تأمين مضيق باب المندب، أما السعودية فلا تشكل أي خطر على الكيان الصهيوني، رغم اطلالتها على أغلب سواحل البحر الأحمر الشمالية، كونها تدور في فلك المطبعين، وان لم تعلن ذلك رسمياً، وبالتالي فإن‮ ‬حصولها‮ ‬على‮ ‬حق‮ ‬السيادة‮ ‬على‮ ‬جزيرتي‮ ‬تيران‮ ‬وصنافير‮ ‬المصريتين،‮ ‬يعد‮ ‬تأميناً‮ ‬لخليج‮ ‬العقبة‮ ‬وميناء‮ ‬ايلات‮ ‬الصهيوني‮.‬
الكيان الصهيوني ومنذ نشأته يضع البحر الأحمر ضمن استراتيجيته المستقبلية، ففي العام 1949م احتل الجيش الصهيوني قرية أم الرشراش المصرية الواقعة في الجزء الشرقي لشبه جزيرة سيناء والمطلة على خليج العقبة، ليحولها في العام 1953م إلى ميناء اطلق عليه اسم "ايلات" ليكون‮ ‬رابطاً‮ ‬لهذا‮ ‬الكيان‮ ‬الغاصب‮ ‬بموانئ‮ ‬الشرق‮ ‬الأوسط،‮ ‬عبر‮ ‬البحر‮ ‬الأحمر‮.‬
وبعد حُمَّى التطبيع الأخيرة، وتحديداً في منتصف يناير 2021، قالت وسائل اعلام صهيونية ان غواصة تابعة للبحرية الصهيونية أبحرت من البحر الأبيض المتوسط عبر قناة السويس باتجاه البحر الأحمر، واختفت لأسابيع عدة تحت سطح الماء، وتبعتها غواصة أخرى. وجاءت هذه التحركات‮ ‬على‮ ‬خلفية‮ ‬مقتل‮ ‬الجنرال‮ ‬الايراني‮ ‬قاسم‮ ‬سليماني،‮ ‬وهو‮ ‬ما‮ ‬يعني‮ ‬انها‮ ‬جاءت‮ ‬تحوطاً‮ ‬من‮ ‬أي‮ ‬تحركات‮ ‬ايرانية‮.‬
وما كان لهذه التحركات العسكرية الصهيونية ان تتم لولا التطبيع الذي بدأ في العام 1978م ثم مؤتمر اوسلو ليصل الوضع الى ما وصل إليه أخيراً بتهافت أنظمة عربية أخرى نحو التطبيع، وبالتالي التفريط بالأمن القومي العربي، وترك العدو الأول للعرب والمسلمين يتحرك بأربحية‮ ‬في‮ ‬منطقة‮ ‬يفترض‮ ‬ان‮ ‬تكون‮ ‬خطاً‮ ‬أحمر‮.‬
ومع‮ ‬كل‮ ‬هذا‮ ‬السقوط‮ ‬العربي‮ ‬في‮ ‬مخطط‮ ‬التطبيع،‮ ‬يبقى‮ ‬الرهان‮ ‬على‮ ‬اليمن‮ ‬ليكون‮ ‬عائقاً‮ ‬أمام‮ ‬التواجد‮ ‬الصهيوني‮ ‬في‮ ‬مضيق‮ ‬باب‮ ‬المندب،‮ ‬وبالتالي‮ ‬اسقاط‮ ‬مخطط‮ ‬تحويل‮ ‬البحر‮ ‬الأحمر‮ ‬إلى‮ ‬بحيرة‮ ‬صهيونية‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 06:48 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-62000.htm