د. طه حسين الهمداني - ربما لم تشهد تجربة وحدوية او سياسية في التاريخ العربي الحديث اشتداد التآمر والحقد والحرب عليها من القريب قبل البعيد مثل الوحدة اليمنية التي أنجزت بفضل نضال وإرادة الشعب اليمني وقواه الخيرة في 22 مايو عام1990 . شكلت الوحدة اليمنية هدفا غاليا لليمن الطبيعي الموحد في التاريخ وقدمت طلائع الشعب اليمني الاف الشهداء سعيا وراء الكفاح الوطني والقومي لإنهاء حالة الانقسام والفرقة بين ابناء الشعب الواحد ولكن هذه التجربة الرائدة التي ارتكزت إلى الحوار السلمي وانتهاج الديموقراطية اسلوبا لتحقيقها وسعت لتضميد الجراح وإعادة لحمة الوطن جاءت وسط ظروف بالغة التعقيد ووسط عواصف هوجاء هبت عليها من كل حدب وصوب،.
فبعد بضعة شهور على تحققها ورفع راية الوحدة جاءت حرب الخليج الثانية وما رافقها من استقطابات وصراعات في العالم العربي مثلما لم تغفر لها قوى وتيارات لا تريد لليمن القوة والتوحد، ولا يغفل المتابع جذور التشطير كانت قوية لدى شخصيات قيادية من كل الاطراف اضف لذلك صعوبات اكتنفت الاقتصاد وادارة الدولة ومن ثم تنامي ظاهرة التطرف ونشوء القاعدة والمنظمات الارهابية كل تلك الجهات التقت على هدف واحد وهو إضعاف الوحدة والتنكيل بمنجزاتها ،والعمل على تشويه هذه التجربة العظيمة التي اعادت لليمن القه وتوهجه في المنطقة. صحيح انها ليست مثالية وليست خالية من الشوائب والنقائص حالها مثل اي منجز كبير وتاريخي ولكن بالمقارنة في اجابة السؤال التالي.. هل الوحدة اليمنية مع ما اعتراها من سلبيات افضل ام العودة إلى التشطير والانقسام والصراع؟
الوحدة انتجت السلم المجتمعي وعززت لغة الحوار واطلقت حرية التعددية السياسية والحزبية ورسخت منهج الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة قبل ان تضيف لليمن قوة وهيبة في الساحة الدولية. كل ذلك لم يشفع لها من طرف بعض اهليها الاقرب وخصومها الابعدين حنى يمكن ان ينطبق عليها قول الشاعر ابو الطيب المتنبي( وصرت اذا اصابتني سهام، ،تكسرت النصال على النصال ) ولكن مهما كانت عيوب هذه الوحدة تبقى اهم منجزات اليمن واعزها جانبا وضعت اليمن البلد الكبير والضاربة جذوره في عمق التاريخ في مكان ارفع وموقع اقوى وكرست قيماً وطنية وقومية لا يمكن انكارها... في ذكرى مايو والوحدة المباركة التي باتت هدفا لسهام الحقد وتشفي الاعداء والخصوم لا بد من استذكار الدور والتضحيات التي قدمها الزعيم الوحدوي الشهيد الرئبس علي عبدالله صالح ورفاقه الذين نذروا ارواحهم دفاعا عن اغلى تمنيات اليمن وتحية لشهداء الوحدة وكل تجربة سياسية وانسانية تبقى بحاجة إلى إعادة قراءة وسط المعطيات والمستجدات، كل شيء في هذه الحياة بنمو ويتطور ويقوم ولكن بروح وطنية مخلصة هدفها رفعة الوطن والحفاظ على منجزاته من الضياع وسط تكالب دوائر حاقدة لا تريد لبلادنا الخير.
|