الميثاق نت -

الإثنين, 23-مايو-2022
الشيخ‮/ ‬جابر‮ ‬عبدالله‮ ‬غالب‮ ‬الوهباني -
* لم يكن الطريق إلى تحقيق الوحدة وإعلان الجمهورية اليمنية مفروشاً بالورود، بل كان شاقاً وطويلاً ، فمنذ مطلع سبعينيات القرن الماضي بدأت التوجهات السياسية الجادة بين قيادتي شطري الوطن لمناقشة هذه القضية الوطنية المهمة في حياة ومستقبل شعبنا اليمني التواق لتحقيقها وانجازها كثمرة نضالية من ثمار الكفاح الوطني والشعبي للتخلص من فرقة وشرذمة الماضي السحيق ومعاناته.. وقدكان التوجه الجاد في  تحقيق واحدية أهداف الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر المجيدة هو ما مكن قيادتي الشطرين من بذل الجهود الكبيرة لتذليل وتجاوز كل الاشكالات محل البحث والنقاش ووضع الخطوط الواضحة للسير عليها وصولاً إلى إعلان الوحدة وقيام الجمهورية في الـ22 من مايو 1990م.

تحققت الوحدة اليمنية في هذا اليوم التاريخي رغم الكثير من التحديات التي وقفت أمام انجازه والتي وضعتها وخططت لها بعض قيادات الدول من اخوتنا في العروبة والعقيدة للأسف الشديد وتماهت مع  قوى إقليمية ودولية تحمل العداء للأمة.
لقد كانت تلك القيادات ترى في تحقيقها خطراً على أمنها واستقرارها ، رغم ما كانت ثمثله من بارقة أمل للشعوب العربية التي رأت فيها بوابة العبور لتعزيز التعاون والعمل العربي المشترك وبما يقود إلى تحقيق الوحدة العربية الشاملة.

* مضى من الزمن أكثر من عشرين عاماً لتجاوز الكثير من الأحداث المؤسفة نتيجة الخلافات التي برزت وأدت إلى تصادم الشطرين قبل الوحدة عسكرياً والوصول إلى هذا اليوم التاريخي العظيم ، الذي الغى المسافات وأنهى كل الصعاب الواقعة أمام تحقيق اللُّحمة الوطنية وتلاقي الأخ بأخيه والأقرباء بأقربائهم ورسم معالم الوطن الواحد الكبير الماثل أمامنا اليوم، وهذا ما ينبغي معرفته من قبل الجيل الوحدوي الذي نشأ وترعرع تحت ظلالها وأفيائها ، ويعيش اليوم مرحلة تاريخية فارقة نتيجة العدوان الذي نشهده للعام الثامن على التوالي ، وما يخطط له من تمزيق للوطن والسيطرة على أجزاء واسعة منه ، وإعادة اليمن إلى ما كانت عليه في زمن التشتت والتفرقة وما يشهده من حروب وصراعات بين أبنائه.

ينبغي على الجيل الوحدوي الذي يشهد هذا العدوان وما سببه من أحداث ومآسٍ على اليمنيين وعلى اليمن ككل ، أن يدرك خطورة المرحلة التي نعيشها ليس علينا كشعب يمني واحد فحسب وانما على اليمن الواحد الكبير ، حيث يواصل زرع بذور الأحقاد والكراهية بين أبناء الشعب ، كما يواصل استحواذه واستقطاعه لأجزاء واسعة من البلاد تنفيذاً لمخططات الأعداء الطامعين في السيطرة على الموقع الاستراتيجي لوطننا الحبيب، بدءاً من مضيق باب المندب وجزيرة ميون، مروراً بجزيرة سقطرى وانتهاء بالكثير من الجزر اليمنية لا سيما منها الواقعة في البحر الأحمر والتي تمثل لقوى الهيمنة والعدوان  أهمية بالغة يتمكن خلالها من تحويل البحر الاحمر ابتداء من باب المندب حتى السويس إلى مصلحة حيوية صهيونية بدون وجه حق .

كما لا يمكن إبعاد هذا التوجه العدواني في مياهنا الإقليمية وجزرنا الواسعة في البحر الأحمر عن الصراع الأمريكي الدولي مع الصين وروسيا في إطار حفاظ أمريكا على سيطرتها العالمية والإبقاء على أحاديتها القطبية التي تتعارض مع استقلال الدول وحقها في حماية مياهها الاقليمية وسيادة بلدانها.

* إن اليمن اليوم ونحن نحتفي بذكرى تحقيق وحدتها الـ32 تمر بفترة تاريخية صعبة.. فترة تستهدف النيل من سيادتها ووحدتها واستقلالها ، وخلق الصراعات بين أبنائها وزرع كل ما من شأنه أن يؤدي إلى زيادة الإحقاد والكراهية والنزعات الانفصالية والمناطقية والطائفية فيما بينهم.

علينا أن ندرك جميعاً ، وأخص بالذكر الجيل الوحدوي الذي عاش وترعرع في ثنايا وطن واحد كبير، وشهد انجازاته وعاش في ظل أجواء وطنية مستقرة، ينعم بالأمن والرخاء والاستقرار .. الجيل الذي يعد باني مستقبل اليمن وحارسه وحاميه من كل اشكال المؤامرات التي تواجهه - أن ندرك أن اليمن تعيش مرحلة من اصعب مراحلها المشوبة بالمخاطر التي يجب أن نتجاوزها وننتصر لوطننا وأن لا نكون سبباً في ضياعه لا قدر الله، فالواجب يحتم علينا جميعاً معالجة الأخطاء والعمل على تجاوز كل السلبيات ورص الصفوف للحفاظ على هذا المكسب الذي لايرتقي الى مستواه  مكسب آخر وذلك من خلال مواصلة العمل لبناء الوطن وأن نستوعب المتغيرات محلياً واقليمياً ودولياً، كما أن على إخواننا العرب استيعاب تلك المتغيرات فالدهر لم يصف لأحد وأن المولى عز وجل هو القاهر فوق عباده وله الأمر كله ،وأن عاقبة الغرور الخسران ، كما أن على القوى الإقليمية والدولية ان تضع في حسبانها أن تعزيز المصالح لن تتحقق ولن تستمر من خلال انتهاج سياسة الهيمنة والأطماع وقهر الشعوب بل من خلال احترام الحقوق والسيادة وتعزيز العلاقات بالطرق الدبلوماسية المشروعة بعيداً عن الممارسات التي أضحت ضرباً من الزمن الماضي خصوصاً وعالم اليوم يتهيأ لصياغة واقعه ومستقبله كعالم متعدد الأقطاب وأن شعبنا اليمني المعروف بقيمه وتاريخه الرافض للضيم والظلم لن يخضع أو يستكين .

الوحدة اليمنية هي ملك الشعب .. وهو من يحميها ويحافظ عليها من كل المؤامرات الواقعة والمتوقعة ، ومن أجل حماية هذا المنجز الوطني العظيم والانتصار للوطن الواحد الكبير علينا أن نواصل النضال والكفاح للحفاظ عليه وحماية سيادته ورفض كل اشكال الوصاية التي يخطط لها الأعداء.

إن تجسيدنا لحقيقة الوحدة اليمنية كهدف وطني وتاريخي يتمثل اليوم بأنصع صوره عبر التضحيات التي قدمها شعبنا طيلة السنوات الماضية، وعبر هذه المقاومة الاسطورية المتواصلة التي نواجه بها العدوان وأدواته ،والتي ستقود بإذن الله إلى خروج القوات الأجنبية المحتلة من أرضنا "برها وبحرها وجزرها" والانتصار لبلادنا وحدة وسيادة.

* لقد تحققت‮ ‬الوحدة‮ اليمنية ‬بإذن‮ ‬الله‮ ‬ثم‮ ‬إرادة‮ ‬جماهير‮ ‬الشعب‮  ‬ الوحدويين في الـ 22 من مايو الأغر قبل اثنين وثلاثين عاماً ،‮ ‬ومضت‮ ‬اليمن‮ في‮ ‬طريق‮ ‬كتابة‮ ‬تاريخها‮ ‬الجديد ‬بكل‮ ‬قوة‮ ‬وعنفوان‮ ‬والعمل‮ ‬على‮ ‬حماية‮ ‬كيان‮ اليمن،‮ ‬أرضاً‮ ‬وشعباً،‮ ‬من‮ ‬أي‮ ‬عدوان خارجي‮ ‬أو‮ ‬داخلي‮ ‬يتهدده‮.‬، حتى كان العام 5102م بداية هذا العدوان المستمر وللعام الثامن على التوالي.

إن هذه المناسبة تمثل لنا ميلاداً حقيقياً لوطن كان يعاني من الصراعات وتمكن شعبنا العظيم من إنهائها بكل عزم وقوة ، واليوم علينا جميعاً وانتصاراً لكل التضحيات التي قدمها الوطن من أجل الوصول لهذه المناسبة أن ننتصر للوطن "وحدته وسيادته واستقراره" ‮وبالتالي إلى كتابة تاريخ عظيم آخر في سفر الوطن الخالد.

نهنئ انفسنا ونهنئ كل أبناء شعبنا بحلول هذه الذكرى الوطنية الخالدة في ضمير كل وطني حر وشريف.. وكل عام وأنتم والوطن بألف خير.

* عضو المجلس السياسي الأعلى - الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:39 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-62378.htm