الميثاق نت -

الإثنين, 23-مايو-2022
ابتسام‮ ‬شاهر‮ ‬حسن -
‮* ‬تمثل‮ ‬الوحدة‮ ‬اليمنية‮ ‬لغالبية‮ ‬أبناء‮ ‬شعبنا‮ ‬اليمني‮ ‬العظيم‮ ‬إن‮ ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬جميعهم‮ ‬خطاً‮ ‬أحمر‮ ‬لا‮ ‬يمكن‮ ‬تخطيه‮ ‬أو‮ ‬إخضاعه‮ ‬لحسابات‮ ‬الربح‮ ‬والخسارة‮ ‬أو‮ ‬لأنصاف‮ ‬الحلول‮.‬
فهل تدرك القوى الوطنية هذه الحقيقة.. هل يدركون أننا بدون الوحدة لا قيمة لنا ولا يمكن أن يكون لليمنيين أي حساب في هذا العالم المترامي الأطراف.. هل يدركون أن قوتنا لن تكون إلا بالوحدة ، وأن اليمن الواحد الكبير هو حياتنا ومستقبلنا؟!
أنا لا أقول ذلك من باب المزايدة أو التحريض على من يطالب بالانفصال وتمزيق اليمن.. كلا .. ولكنها الحقيقة التي لا يريد أن يستوعبها البعض ممن يصر على المضي في خياراته المدمرة ليس لهم فحسب وإنما لليمنيين جميعاً.
اتحدث وأنا واحد ممن ترعرعوا ونشأوا في ظلال الوحدة.. في افياء هذا الوطن الكبير الذي يجمع اليمنيين جميعاً .. في أجواء صنعاء وعدن وحضرموت وتعز وإب وأبين وشبوة ولحج والضالع والحديدة وذمار ومأرب والمهرة وسقطرى وصعدة وحجة ، وكل المناطق اليمنية التي تشبهنا قولاً وفعلاً‮ ‬وحقيقة‮.‬
* الوحدة اليمنية هي تاريخنا البهي الذي نعيشه ، وتمثل الإنجاز الكبير والعنوان البارز لأبناء الوطن عموماً وليست خاصة بفئة دون الأخرى أو بشمال الوطن أو جنوبه..، ولا يمكن إخضاعها للمزايدات والمكايدات أو للحسابات الشخصية التي تنظر لمصلحتها دون مصلحة الكل.. وتنطلق‮ ‬في‮ ‬حساباتها‮ ‬من‮ ‬منطلق‮ ‬الربح‮ ‬والخسارة‮ ‬وبمفاهيم‮ ‬لا‮ ‬ترقى‮ ‬إلى‮ ‬درجة‮ ‬من‮ ‬المسؤولية‮ ‬الوطنية‮.‬
أقول ذلك وأنا أدرك أن المرحلة الراهنة من عمر الوحدة اليمنية المباركة تعد الأخطر منذ أن تحققت في الـ22 من مايو 1990م ، وذلك بسبب طبيعة الأوضاع التي نعيشها ، والمؤامرات التي تستهدف اليمن أرضاً وإنساناً.
* الوحدة هي ملك الشعب في الأول والأخير وليست ملك أفراد أو جماعات، ومن الخطأ أيضاً تحويل الوحدة إلى قضية خلافية تحت أي مسمى من المسميات أو أي مبرر من المبررات، فكل ذلك يمكن تجاوزه إذا ما توافرت النوايا الصادقة والمخلصة لجميع الأطراف السياسية، بدلاً من تقديم‮ ‬الوحدة‮ ‬قرباناً‮ ‬على‮ ‬مذبح‮ ‬الشتات‮ ‬والتقزم‮ ‬والضياع‮.‬
لا خلاف بأن هناك أخطاء رافقت مسيرة الوحدة خلال السنوات الماضية، ولا خلاف أيضاً بأن هناك مظالم حدثت نتيجة السياسات الخاطئة وهيمنة بعض المتنفذين من عسكريين ومدنيين..، ومع ذلك ليس إنصافاً أن نقول إن الوحدة هي المشكلة في حد ذاتها، بدلاً من النظر بعمق إلى المشكلة‮ ‬ووضع‮ ‬الحلول‮ ‬والمعالجات‮ ‬لها‮ ‬ولكل‮ ‬الاختلالات‮ ‬والتجاوزات‮ ‬التي‮ ‬حدثت‮ ‬هنا‮ ‬أو‮ ‬هناك‮.‬
أتفق كلياً مع كل الأصوات التي تقول إن الوحدة بحاجة إلى إصلاح مسارها لإزالة جميع الشوائب التي علقت بها وشوهت وجهها الناصع..، ولن يتأتى ذلك إلا إذا امتلكت كل الأطراف الشجاعة الكافية للاعتراف بكل الأخطاء التي حدثت وارتكبت، وامتلكت أيضاً القناعة لمعالجتها بكل الصدق والمسئولية ووضع الضمانات لعدم تكرارها مستقبلاً..، أما الرهان على الانفصال وفك الارتباط فذلك قد يعزز من تفاقم المشكلة بدلاً من حلها.. كما سيقود إلى إدخال الوطن في منعطف خطير يؤدي إلى تشظيه وتقسيمه وتمزيقه إلى كانتونات صغيرة ودويلات ضعيفة ، ويكون الشعب‮ ‬اليمني‮ ‬هو‮ ‬الخاسر‮ ‬الوحيد‮.‬
* ما تشهده الوحدة اليمنية اليوم من تحديات ومؤامرات يحتم على الجميع النظر إليها بوعي ومسؤولية، والبحث عن المعالجات التي تحفظ لليمن سيادته ولليمنيين نسيجهم الاجتماعي الواحد وكرامتهم واستقلالهم عبر مناقشات جادة لكل الاشكالات والقضايا محل الخلاف بعقلانية وحكمة،‮ ‬بعيداً‮ ‬عن‮ ‬أي‮ ‬شكل‮ ‬من‮ ‬أشكال‮ ‬التدخل‮ ‬الخارجي‮ ‬أو‮ ‬التمترس‮ ‬خلف‮ ‬العصبية‮ ‬والمذهبية‮ ‬والطائفية‮ ‬وكل‮ ‬أشكال‮ ‬وصور‮ ‬النزعات‮ ‬المناطقية‮ ‬المدمرة‮ ‬التي‮ ‬نرفضها‮ ‬كلياً‮.‬
علينا أن نستفيد ونأخذ العبرة من كل الدروس السابقة التي مرت بنا ،وأن نعي جيداً أن الوطن الواحد الكبير الذي نعيش تحت سمائه ملك للجميع وسيبقى واحداً موحداً بإذن الله ووعي ومسئولية شعبنا ، والجميع مسؤولون عن حمايته وأمنه واستقراره وصياغة مستقبل آمن لكل أبناء الشعب‮.‬
على كل الأطراف السياسية والمدنية في البلاد أن يغلبوا مصلحة الوطن على غيرها من المصالح ويلجأوا إلى حوار جاد ومسئول يقود إلى وقف العدوان وينهي كل الصراعات القائمة ،ويقتنعوا بأنهم جميعاً شركاء في كل الارهاصات التي تعرض لها الوطن، وشركاء أيضاً في إخراجه من أزماته‮ ‬والتجاوز‮ ‬به‮ ‬نحو‮ ‬بر‮ ‬الأمان‮.. ‬والقبول‮ ‬بالتعايش‮ ‬السلمي‮ ‬في‮ ‬ظل‮ ‬نظام‮ ‬ديمقراطي‮ ‬مدني‮ ‬موحد‮ ‬وإن‮ ‬اختلفت‮ ‬التسميات‮ ‬حوله‮.‬
ذلك هو الخيار الوحيد وطوق النجاة لليمن واليمنيين ، وما عدا ذلك من مشاريع ورؤى لا تصب في مصلحة الوطن وأبناء الشعب ستقود إلى الاستمرار في الحروب والصراعات وتؤدي إلى إضعافنا وزيادة المعاناة الشعبية الحالية.

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:02 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-62382.htm