الميثاق نت -

الجمعة, 17-يونيو-2022
الميثاق نت - راسل عمر : -
‬* بدايةً أدرك أن عنوان هذه المادة قد استهلك أو استخدم كثيراً ، إلا أن نمو الظاهرة واتساعها يدفعنا لتكراره مراراً كونه يلامس الواقع ويبحث عن جواب له، لاسيما في ظل انعدام الاحصاءات الرسمية عن عدد المتسولين في اليمن وخاصة خلال السنوات الثمان الماضية التي ازدادت‮ ‬فيها‮ ‬أعدادهم‮ ‬ليس‮ ‬في‮ ‬مدينة‮ ‬دون‮ ‬غيرها‮ ‬وإنما‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬المدن‮ ‬اليمنية‮ ‬،‮ ‬اضافة‮ ‬لانعدام‮ ‬أو‮ ‬غياب‮ ‬الحلول‮ ‬والمعالجات‮ ‬الصحيحة‮ ‬لهذه‮ ‬الظاهرة‮.. ‬
ثمان سنوات من العدوان والحصار والحرب الداخلية أدت إلى استشهاد الكثير من أولياء امور الأسر ونزوح مئات الآلاف من مناطقهم وفقدانهم مصادر رزقهم دفع الكثير منهم للتسول ، وهناك أسباب أخرى سنتطرق إليها في سياق هذه المادة..
ظاهرة التسول في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات ازدادت وبشكل مخيف ، وهو مؤشر على أن هذه الزيادة إما بسبب الحالة المعيشية الصعبة التي يعيشها اليمنيون نتيجة عدم صرف المرتبات ومبالغ الضمان الاجتماعي وغيرها من المستحقات التي توقف صرفها ، وإما بسبب اتخاذها مهنة استهواها‮ ‬البعض‮ ‬للحصول‮ ‬على‮ ‬الأموال‮ ‬وبدون‮ ‬أي‮ ‬تعب‮.‬؟‮!‬
من مشاهداتنا للواقع المعيش في صنعاء وغيرها من المحافظات نجد أن التسول لا يقتصر على فئة عمرية بذاتها بل يتنوع ما بين الشباب والرجال، الأطفال والكبار ، الفتيات والسيدات ، وهذا ما يستدعي إجراء دراسات عاجلة لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء هذا الكم الكبير من المتسولين‮ ‬وهذا‮ ‬التنوع‮ ‬بينهم‮.‬
أؤمن بأن الوضع المعيشي الصعب جداً الذي يعيشه اليمنيون للأسباب التي ذكرتها سابقاً قد يدفع بالكثير من الأسر إلى الخروج للشوارع وممارسة التسول بحثاً عن لقمة خبز تسد دمقهم ورمق اطفالهم ، وأدرك أيضاً أن البعض من المتسولين اتخذوها مهنة سهلة لكسب المال، وهناك حالات‮ ‬كثيرة‮ ‬سمعنا‮ ‬في‮ ‬سنوات‮ ‬سابقة‮ ‬أنها‮ ‬تمارس‮ ‬التسول‮ ‬عبر‮ ‬شبكات‮ ‬منظمة‮ ‬تستخدم‮ ‬الأطفال‮ ‬لا‮ ‬سيما‮ ‬الفتيات‮ ‬لاستعطاف‮ ‬الناس‮ ‬وجمع‮ ‬الأموال‮.‬
أنا هنا وعندما أكتب عن هذه الظاهرة في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي نعيشها منذ سنوات أؤكد أنها قد تكون سبباً من اسباب لجوء بعض الأسر إلى ممارسة التسول ، وفي الوقت نفسه هناك الكثير من المتسولين اتخذوها مهنة سهلة لكسب الأموال ونراهم يمارسونها منذ سنوات عدة ، إلا أن المفاجأة عندما تجد إحدى الحالات النسوية التي تصادفها تمد يدها إليك لتكتشف حينها أنها خريجة جامعية وتعمل كمعلمة دفعها سوء الحال الذي تمر به للخروج إلى الشارع لمد يدها للآخرين والحصول على ما يكفيها لقوت يومها وشراء حاجياتها واسرتها.!!
مؤلم‮ ‬جداً‮ ‬بالفعل‮ ‬عندما‮ ‬ترى‮ ‬شخصاً‮ ‬تعرفه‮ ‬يتسول‮ ‬الناس‮ ‬وقد‮ ‬كان‮ ‬ميسور‮ ‬الحال‮ ‬ولم‮ ‬يكن‮ ‬يخطر‮ ‬ببالك‮ ‬أنك‮ ‬ستجده‮ ‬يتسولوا‮ ‬ذات‮ ‬يوم‮.‬
لا‮ ‬ألومهم‮ ‬بالتأكيد‮ ‬وإنما‮ ‬ألوم‮ ‬الحالة‮ ‬المعيشية‮ ‬التي‮ ‬وصلنا‮ ‬إليها‮ .. ‬الوضع‮ ‬المعيشي‮ ‬السيئ‮ ‬الذي‮ ‬دفعهم‮ ‬لسؤال‮ ‬الناس‮ ‬وعلى‮ ‬وجوههم‮ ‬الانكسار‮ ‬والذل‮ ‬واصواتهم‮ ‬مبحوحة‮ ‬وكأن‮ ‬الدهر‮ ‬أكل‮ ‬منهم‮ ‬وشرب‮!!‬
ألوم‮ ‬الجهات‮ ‬المعنية‮ ‬التي‮ ‬لم‮ ‬تكلف‮ ‬نفسها‮ ‬دراسة‮ ‬هذه‮ ‬الظاهرة‮ ‬ووضع‮ ‬الحلول‮ ‬والمعالجات‮ ‬لها‮ ‬وللكثير‮ ‬من‮ ‬الحالات‮ ‬العزيزة‮ ‬التي‮ ‬ذلها‮ ‬هذا‮ ‬الوضع‮ ‬ودفعها‮ ‬لممارسة‮ ‬التسول‮.!! ‬
نعم‮.. ‬الحاجة‮ ‬تقف‮ ‬وراء‮ ‬اتساع‮ ‬ظاهرة‮ ‬المتسولين‮..‬،‮ ‬فكم‮ ‬من‮ ‬عزيز‮ ‬قوم‮ ‬ذل‮ ‬،‮ ‬تقلب‮ ‬عليه‮ ‬الزمن‮ ‬وأصبح‮ ‬لا‮ ‬يمتلك‮ ‬شيئاً‮ ‬،‮ ‬ودفعه‮ ‬ذلك‮ ‬إلى‮ ‬مد‮ ‬يده‮ ‬للناس‮.. ‬
حقائق كثيرة يجهلها المعنيون عن إدارة شئون البلاد والعباد ، ولا يدركون أيضاً أن الكثير من الأسر اليمنية أوقفت تعليم أبنائها لعدم قدرتها على توفير متطلبات المدارس واحتياجات التعليم، وليكون مصيرهم بالتالي الالتحاق بطابور التسول.!!
لذلك لا غرابة أن نجد بعضاً ممن حباهم الله بالمال يستغربون اتساع هذه الظاهرة ، فهم ونتيجة لحالة الرفاهية التي يعيشونها لا يعلمون بطبيعة الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها الناس، ونجد أحدهم يقول: "لا أتفق مع من يحاول التعذر بالفقر والجوع والمعاناة لان الواقع‮ ‬المعيش‮ ‬ينافي‮ ‬هذه‮ ‬الاطروحات‮ ‬والتهويل‮ ‬الذي‮ ‬يحيط‮ ‬بها‮"!!‬
هذا الذي يستغرب ولا يتفق يسقط حالة الرفاهية التي يعيشها هو على أبناء الشعب جميعاً ، وكأن الكثير من الحالات التي اضطرها الواقع المعيش للتسول ليس بدافع الفقر والجوع والمعاناة وإنما "وراءها عمل مدروس واطراف محلية ودولية تديرها وترعاها وتخطط لها".!!
وأختتم‮ ‬هنا‮ ‬بطرح‮ ‬عدد‮ ‬من‮ ‬التساؤلات‮ ‬على‮ ‬طاولة‮ ‬الجهات‮ ‬المعنية‮ ‬التي‮ ‬تدير‮ ‬شئون‮ ‬البلاد‮ ‬والعباد‮: ‬
كيف‮ ‬يمكن‮ ‬الكشف‮ ‬عن‮ ‬حقيقة‮ ‬هؤلاء‮ ‬المتسولين‮ ‬ومعرفة‮ ‬ما‮ ‬إذا‮ ‬كانوا‮ ‬صادقين‮ ‬أم‮ ‬لا؟‮!‬
وما‮ ‬دور‮ ‬وزارة‮ ‬الشئون‮ ‬الاجتماعية‮ ‬و‮"‬هيئة‮ ‬الزكاة‮" ‬تجاههم‮ ‬وماذا‮ ‬يقدمون‮ ‬لهم؟‮!‬
أليس‮ ‬الأولى‮ ‬بهيئة‮ ‬الزكاة‮ ‬صرف‮ ‬ما‮ ‬تقوم‮ ‬بجبايته‮ ‬من‮ ‬أموال‮ ‬لمثل‮ ‬هذه‮ ‬الحالات‮ ‬والمساهمة‮ ‬في‮ ‬إنهاء‮ ‬أو‮ ‬التخفيف‮ ‬من‮ ‬ظاهرة‮ ‬التسول‮ ‬بدلاً‮ ‬من‮ ‬صرف‮ "‬بعضها‮" ‬في‮ ‬اقامة‮ ‬مشاريع‮ ‬الزواج‮ ‬الجماعي؟‮!‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 05:11 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-62506.htm