أحمد الزبيري - الضجيج والتهويل الإعلامي الذي يستبق زيارة بايدن للمنطقة منذُ فترة ضجيج فارغ، خاصةً وأن أهداف هذه الزيارة تتمحور حول رفع الانتاج النف؛ي والغازي من قِبَل النظام السعودي وبقية الدول الخليجية التي سيتقاطر قادتها إلى الرياض للاجتماع بأضعف رئيس أمريكي لتأدية فروض الطاعة.
أما الهدف الثاني فيتمثل في ملء الفراغ الذي تركته أمريكا في المنطقة بخلق تحالف جديد بقيادة إسرائيل يوفر شروط الحماية التي كانت توفرها أمريكا وقد استبق ذلك بنشر كيان العدو الإسرائيلي منظومات رادارية في الإمارات والبحرين، ودمج القبة الحديدية لتشمل مصر والعراق استعداداً لمواجهة هذا الحلف لإيران.
بالنسبة للعلاقات السعودية الإسرائيلية فهي مرتبطة بطبيعة نشوء هذين الكيانين من قبل بريطانيا وإصدارها وعد بلفور لتوطين اليهود في أرض فلسطين المباركة، ويكفي متابعة الأدوار السعودية وحتى الخليجية في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، لمعرفة أن ما كان يقوم به الكيان الصهيوني والكيان السعودي يندرج في إطار استراتيجية واحدة.
الفارق اليوم هو أن هذه العلاقة تنتقل من السرية إلى العلنية لأن ضرورة بقاء النظامين بعلاقتهما السرية كما يعتقدان وتريد ذلك أمريكا وبريطانيا تقتضي هذا الانتقال، الأمر الذي لن يقبل به لا العرب ولا المسلمين خاصةً وأن الحجاز التي تقع فيها أقدس بقعة للمسلمون تصبح تحت الهيمنة والاشراف اليهودي الصهيوني، ربما الظروف التي صنعتها أمريكا وبريطانيا وكيان العدو الصهيوني قد تؤجل ردة الفعل لبعض الوقت، ولكن الأفعال التي ستستتبع هذا التطبيع ستجعل الأمة الإسلامية تدرك حقيقة كل المصائب التي حلت وستحل بها وستواجه هذا الشر.
وقبل هذا كله ليس أكيداً أن هذه اللعبة الجديدة ستنجح خاصةً في ظل المتغيرات الإقليمية والعالمية والتي تنبئ بتحولات تنهي الهيمنة الاحادية الأمريكية والتي سيكون لها مفاعيلها الجيو استراتيجية على مستوى المنطقة والعالم، وستتغير الخرائط والتموضعات وستنتهي الأنظمة المصطنعة من بحر الصين إلى الشرق الأوسط.
بايدن في حملته الانتخابية، وفي سياق الصورة الزائفة التي أعطتها أمريكا لنفسها حول الحرية وحقوق الإنسان، تحدث أنه سيحاسب النظام السعودي على تقطيع خاشقجي في قنصلية الرياض باسطنبول وسيعمل على إنهاء حرب اليمن وأنه لن يتحدث مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، نجده اليوم تحت ضغط الخوف من نتائج المواجهة الأطلسية الروسية في أوكرانيا، وارتداد العقوبات الأمريكية الغربية غير المسبوقة ضد روسيا عليهم، نجد الرئيس الأمريكي يتراجع عن كل ذلك لكن بعد أن أوجد مبررات تتلخص في تأمين إسرائيل وتسليمها قيادة حلفاء أمريكا من الأعراب تحت ذريعة مواجهة إيران.
بالنسبة لتحالف العدوان الذي تقوده أمريكا على الشعب اليمني للعام الثامن على التوالي لا نتوقع شيئاً إيجابياً من أمريكا عدا الخوف على النفط والغاز في الجزيرة العربية والخليج، وإذا ما أضفنا إلى ذلك الأطماع التي أصبحت واضحة في نفط وغاز اليمن فقد يحاول بايدن العمل على تحقق المخططات الأمريكية البريطانية الصهيونية عبر سيناريوهات جديدة تضمن لهم ذلك واعترافه في رسالته للكونغرس بوجود قوات أمريكية في اليمن يأتي في هذا المنحى، وبكل تأكيد أن أبناء الشعب اليمني الذين واجهوا تحالف العدوان لن يقبلوا ذلك، خاصةً وأن المتغيرات الإقليمية والدولية لا تحتاج إلا القليل من الصبر لبلوغ النصر.
المساومات في هذا الاتجاه لم تتوقف ولكن القيادة السياسية الوطنية كانت مستوعبة لمخططات هذا العدوان وغاياته وأهدافه منذُ البداية، وما يسمى بالهدنة كانت تعكس مثل هذه التوجهات الأمريكية السعودية البريطانية الصهيونية لتمرير المخططات وتحقيق الأهداف من راء هذه الحرب العدوانية الإجرامية القذرة على شعبنا اليمني الذي حدد مسار السلام في وقف العدوان ورفع الحصار وانسحاب القوات الاجنبية من كل شبر في الأرض اليمنية وإعادة بناء ما دمر وتعويض ضحايا هذه الحرب الوحشية، وبدون ذلك فإن ما تسعى إليه أمريكا وأدواتها وهم.
أمريكا لا يعنيها في منطقتنا سوى أمن إسرائيل والنفط والغاز، ومن المهم الإشارة إلى أن كيان العدو الإسرائيلي يعيش رعب الخطر الوجودي الذي بات الحديث عنه في دولة الكيان كأنه حقيقة واقعة ويرجعون في ذلك إلى أساطيرهم الدينية وقراءة تاريخية وسياسية علمية، ويعتقد الكثير من النخب في هذا الكيان أن التطبيع والتحالف الذي تسعى إسرائيل ودول الخيانة والتطبيع إليه يقرب من هذه النهاية لهذا الكيان السرطاني في جسد الأمة العربية والإسلامية.
عموماً لم تنفع الأساليب الناعمة ولا طوال نفس الديمقراطيين في تمييز بايدن عن ترامب بل العكس، لأن ترامب كان أكثر وضوحاً في تحقيق ما تريده أمريكا من أعراب الخليج ورغم فضاضته ووقاحته إلا أنه فشل، وأما بايدن فسيكون فشله مدوياً، وهروبه إلى الشرق الأوسط من أوكرانيا وبحر الصين لن يزيده إلا غرقاً بالداخل الأمريكي وهو ما يؤدي الىتراجع الهيمنة الأمريكية عالمياً، وتراجع أمريكا لا يخرج عن مسارات السنن الإلهية وقوانين التاريخ.
|