طه العامري - رغم العلاقات التي ربطت الكثير من رموز ووجهاء قبيلة (وائلة) اليمنية التي تتداخل أراضيها ومراعيها مع الشطر الآخر منها التي ذهبت لسيادة آل سعود منذ اقتطع النظام السعودي مناطق (عسير ونجران وجيزان) وضم هذه الأراضي اليمنية وجعلها تحت سيادته بدون وجه حق ويلحق بها منطقة (الوديعة) عام 1968م مقتطعها من أراضي (الشطر الجنوبي) بذريعة جعلها نقطة انطلاق للجماعة المسلحة التي شكلها _يومها _النظام السعودي وبعض عملائه من رموز القوى الرجعية بهدف إسقاط النظام الثوري في جنوب الوطن وقد نصب النظام السعودي على رأس تلك الجماعة الشيخ (الهبيلي) ليكون قائدها وتحت هذه المزاعم تغاضى عملاء النظام السعودي من اليمنيين عن فكرة ضم (الوديعة وشرورة) واعتبروا ذلك أمراً مؤقتا وستعود كل أراضي اليمن لليمن بعد إسقاط (الشيوعيين في عدن والقومين والعلمانيين في صنعاء)؟!
لكن أيا من هذا الاتفاق لم يحدث، فلا رجعت عسير ولا نجران ولا جيزان، ولا رجعت الوديعة وشرورة فقد وضع النظام السعودي يده على هذه الأراضي اليمنية مخصصا لمن يقبل بالأمر الواقع من اليمنيين من (الشطرين) مرتبات وموازنات ومكارم، ولمن رفضوا بالأمر الواقع خصصت لهم مؤامرات ومكائد وعملت على تصفية بعضهم جسديا أيا كانت مكانتهم في المجتمع اليمني سوا أكانوا رؤساء أو قادة عسكريين وسياسيين أو شيوخاً ووجهاء، لا فرق فقد تعرض كل من يقف في وجه الأطماع التوسعية لنظام آل سعود للتصفيات بكل أشكالها الجسدية والسياسية والاجتماعية..!!
غير أن قبيلة (يام) التي تنتمي إليها قبيلة (وائلة) اليمنية وينتمي إليها (آل شاجع) ظلت متمسكة بثوابت انتمائها الوطني كغيرها من القبائل اليمنية في مأرب والجوف وعلى امتداد النطاقات الحدودية المشتركة بين اليمن والسعودية رغم الاغراءات التي قدمها النظام السعودي لهذه القبائل ورموزها وأبنائها لتجنيسهم وضمهم إلى رعايته، ولكنهم رفضوا كل تلك الاغراءات رغم حياة البؤس والفاقة وانعدام الخدمات الأساسية في مناطقهم وتجاهل السلطات المتعاقبة في صنعاء تحديداً لهذه المناطق وأبنائها وكان المتحكمون بقرار صنعاء قاصدين بمواقفهم هذه بدفع أبناء هذه المناطق الحدودية لحضن آل سعود قسراً..؟!
لكن ومع كل ذلك صمدوا وتمسكوا باعتزاز وفخر بهويتهم اليمنية وبانتمائهم الوطني رافضين كل إغراءات آل سعود وقابلين بحياة البؤس والفاقة وانعدام مقومات الحياة الطبيعية من الطريق والمدرسة والمركز الصحي والمياه النقية، مفضلين الحياة البدائية بشرف وكرامة واعتزاز بالذات والهوية والانتماء على حياة الرفاهية المعروضة عليهم من آل سعود..
قد لا يصدق البعض لو قلنا إن بعض (شيوخ ووجهاء وحكام وقادة في صنعاء) كثيراً ما عملوا بمهمة وسطاء بين نظام آل سعود ورموز ووجهاء القبائل في المناطق الحدودية وسعوا لإقناع شيوخ ورموز قبائل مناطق الحدود بالقبول بالعرض السعودي وقد قوبلت وساطتهم بالرفض كما رفضت عروض آل سعود..
وليس غريباً أن تقدم السعودية على تصنيف الشيخ (بن شاجع) كأرهابي وداعم للإرهاب وقيادي كبير في (تنظيم القاعدة) وقد تصنفه براعي (داعش) ومموله، لأنه رافض أن إعطاء نظام آل سعود ما يتمناه، وورافض أن يجعل من نفسه -جسراً- يصل من خلاله آل سعود لهدفهم بعد أن لجأ هذا النظام إلى طرق احتيالية تمكنه من توثيق شرعية احتلاله للأراضي اليمنية من خلال جمع توقيعات الوجهاء والمشائخ في المناطق الحدودية وتوثيق اعترافاتهم بسيادة النظام السعودي على النطاقات الحدودية التي يريد نظام الرياض فرضها على أي نظام يمني ومن ثم منح وجوده وحدوده شرعية محلية اولا ثم توثيقها في المحافل الإقليمية والدولية، بعد أن حاول رموز ما تسمى بـ(الشرعية) التملص من تعهداتهم لنظام آل سعود بتوقيع أو تجديد اتفاقية ترسيم الحدود بحسب التعديلات الجديدة التي ادخلتها السعودية مؤخراً على المسارات الحدودية والتي تستقطع المزيد من الأراضي اليمنية وتدخلها في نطاق سيادتها..؟!
إذ ربطت ترويكا (الشرعية) موافقتها على طلب السعودية بموافقة وجهاء ومشائخ النطاقات المستهدفة في التعديلات وهو ما قوبل برفض مشائخ ووجهاء القبائل في المناطق الحدودية وعلى امتداد الجغرافية التي تربط الجغرافية اليمنية بالأراضي السعودية، وكان في مقدمة الرافضين الشيخ بن شاجع الذي ادرجه النظام السعودي في قائمة (الإرهابيين والداعمين والممولين للإرهاب).
المعروف أن قبيلة (وائلة) ارتبطت بعلاقة متميزة مع أنظمة خليجية أبرزها (النظام القطري) كما أن آل شاجع ارتبطوا أيضاً بعلاقة مع السعودية ومنح كبيرهم الشيخ محمد (مرتبة أمير) لكن كل هذا لم يدفعهم للتنازل عن حقوقهم وعن هويتهم وانتمائهم الوطني، ويبدو أن تعزيز العلاقة بين وجهاء وشيوخ (وائلة) مع (الدوحة) التي تضم قواتها المسلحة وأجهزتها الأمنية الكثير من أبناء (وائلة) الذين يحظون بثقة النظام في قطر ومؤسساته العسكرية والأمنية وهي العلاقة التي تعززت خلال السنوات الأخيرة قد اغضبت (الرياض) التي اضطرت إلى التكشير عن أنيابها تجاه بن شاجع وقبيلته وربما تحاول أن تجعل منه (كبش فداء) لكل من يعصي أوامرها ويخالف تعليماتها من بقية الوجهاء والرموز القبلية على امتداد الخارطة الجغرافية لليمن، خاصة وهي تحاول إعادة ذات السيناريو التحايلي الذي استطاعت بموجبه مصادرة أراضي (الوديعة وشرورة) عام 1968م وهي اليوم تريد استقطاع المزيد بذريعة (تحرير اليمن من الحوثيين)..؟!
إن إقدام نظام الرياض على تصنيف الشيخ محمد بن شاجع (إرهابياً) هو وسام شرف ومصدر فخر واعتزاز لبن شاجع وصك براءة له من تهمة (العمالة والارتهان والخيانة الوطنية) وعليه أن يفخر بهذه التهمة طالما جاءته من نظام كان هو من صنع (القاعدة وداعش) وأوجد ورعا ومول كل الخلايا والجماعات الإرهابية وباعتراف أركان ومسئولي هذا النظام وحلفائه في الشرق والغرب، أما بن شاجع فالكل في اليمن وخارجها يعرفون جيداً براءته من هذه التهمة التي تعد تهمة سياسية بأمتياز، وان تأتي هذه التهمة وفي هذا التوقيت بالذات الذي اختلطت فيه المفاهيم ولم نعد نعرف فيه البرىئ من المذنب فهذا وكما اسلفت وسام شرف ومصدر فخر لبن شاجع الذي كسب بهذه التهمة الكاذبة محبة كل أبناء اليمن ودفعني للكتابة عنه وانا لم اعرفه ولم ألتقه بحياتي ولا اعرف عنه غير قليل مما سمعت عنه من أحد الزملاء الذي أبلغني حرفيا (بأن استهداف بن شاجع جاء على خلفية رفضه اتفاقية الحدود ورفضه المشاركة في تزوير نصوصها على الورق ومعالمها على الأرض).
ameritaha@gmail.com
|