حاورتها/ نادية صالح - بالقوة والإرادة والإصرار والإيمان استطاعت نسرين قشيمة، أن تخوض مجال التصوير الذي كان حكرا على الرجال في اليمن، وفي مجتمع لا تزال النظرة القاصرة تجاه المرأة لتسجل قصة نجاحها واسمها كمصورة وإعلامية كونها متخصصة إذاعة وتلفزيون.
وفي حديثها مع " الميثاق" أشارت إلى حبها وشغفها بالمجال الإعلامي منذ وقت مبكر حينما كانت بالمدرسة ، وكانت تشارك باستمرار في الأنشطة وخصوصاً البرنامج الإذاعي المدرسي، ثم احترفت التصوير لتؤكد أن المرأة قادرة على أن تنافس وتثبت جدارتها في هذا المجال، كما تناولت عدداً من القضايا المرتبطة بالإعلام والقضايا والمشكلات العالقة بالمجتمع تجدونها في الحوار التالي:
* بداية هل ممكن ان تعرفي القارئ بنفسك؟
- نسرين قشيمة من مواليد محافظة الحديدة، بكالوريوس إذاعة وتلفزيون، كلية الفنون الجميلة بجامعة الحديدة، وأعمل بمجال الإعلام أطمح لأكون سفيرة إعلامية في المستقبل حلمي سيستمر حتى لو كانت المعوقات كبيرة .
* كيف كانت بداية نسرين في تعلم واحتراف التصوير ؟
- كانت بداية تعلمي في التصوير خلال دراستي في الكلية حيث كانت مادة التصوير مادة أساسية من خلالها تعلمت واجتهدت لأتقن التصوير من جميع النواحي لكن لم أصل للاحتراف إلى هذه اللحظة كون التصوير في تطور متزايد لكني أعمل جاهده لمواكبة كل ماهو جديد واستخدم التغذية البصرية من مصورين آخرين لاكتسب كل ماهو جديد.
فأنا حقيقة احب عمل التصوير وهو هوايتي المفضلة والكاميرا اعتبرها سلاحي ، وكل يوم أحاول ان أطور من مهاراتي واستفيد من تجارب الآخرين، وأحاول أن يكون ما أقوم به مرضياً للجميع .
* التصوير داخل الاستوديو يمنحك حرية أكثر في التقاط الصورة ام التصوير الخارجي أكثر مساحة برأيك ؟
- كل مصور له الاستايل الخاص به في التصوير ويميزه عمن حوله. بالنسبة لي التصوير الخارجي له ذائقة أخرى بالنسبة لي من حيث المساحة والإضاءة الطبيعية التي أستمتع في التصوير من خلالها.
ولكي نفرق لابد ان نعرف أن التصوير داخل الاستوديو ثابت عدد الكاميرات ولكل واحدة دورها في التصوير حسب رؤي المخرج الموجود داخل الاستوديو ، أما بشأن التصوير الخارجي فإنه يمنحك الحرية أكثر في التقاط الصورة الجميلة وبكل الاتجاهات ، وهذا هو الفرق في التصوير بين الأثنين .
* هل التصوير فن أم علم ، وما ابرز قواعد الفن الفوتوغرافي؟
- المتأمل لفن التصوير يجد أنه يجمع بين التكوين الجمالي والتكوين التقني ولذلك يمكن القول بأنه علم وفن, فهو كعلم يتطلب من المصور معرفة بأسس وقواعد التصوير وكيفية التعامل مع مصادر الضوء الطبيعية والصناعية ومعرفة بأنواع العدسات والمرشحات وطريقة استخدامها مع الاهتمام بعناصر التكوين والإضاءة والنسب وغيرها.
وقد كانت الصورة دائما ومازالت ناقلاً للأحداث والمكتشفات العلمية، وهو فن قائما على تنظيم علاقة بصرية فإن هدف المصور هو تحويل عناصر التكوين الشكلي من أماكن وإضاءة وظلال ولون وحركة وانفعالات وغيرها من مكونات متفرقة إلي تعبير متماسك ومتناسق يضمن المصور الفنان من خلاله توصيل مضمون مادته..
ولذلك لابد من الالتزام بقواعد التصوير مثل الغاية من الصورة ومدى التقريب الذي يشكلها بأفضل شكل، ووضعيات التصوير، وزاوية الالتقاط وكيفية ومتى استخدام الفلاش وغيرها من القواعد الفنية المتعارف عليها.
* اخذ التعامل مع الفن الفوتوغرافي حالة من الاحترافية والمهنية فهل تمكن من ايصال رسالته للناس ومدى قدرته على التعاطي مع القضايا والمشكلات العالقة بالمجتمع المحيط؟
- الصورة أصبحت في عصرنا الحالي أبلغ من الكلام فمن خلال الصورة نستطيع توصيل الرسائل دون البوح بها والقليل ممن يستطيع تفكيك رموز الصور الفوتوغرافية، ومن هنا تأتي أهمية الصورة الفوتوغرافية في توثيق الأحداث والمشاعر والأفكار، لأنها تشكل الجزء الأكثر وضوحاً في الذاكرة؛ لذلك لو لاحظنا كيف أحدث التصوير الفوتوغرافي الوثائقي موجات كبيرة من التأثير، باعتباره وسيلة لإخبار الحقائق في الأوقات الصعبة حين يتعذر الكلام، أو وسيلة لكشف المشاهد المزعجة وزيادة الوعي بأمور مثل الفقر والجوع والحروب والكوارث الإنسانية لإعادة تشكيل الرأي العام المحلي والدولي.
* هناك اهتمام متزايد بإقامة معارض للصور هل تتابعين ماتعرض له هذه المعارض من صور وما تحمله من افكار؟
- نعم دائما ما أبحث عن أي معارض لكنها على المستوى المحلي ليست كثيرة، فنحن كمصورين يمنيين نفتقر لمثل هذه المعارض التي تشجع الإبداع والفن، وتصقل المهارات وتؤسس لحركة ابداعية متواصلة.
* في اليمن يزداد الاهتمام بالفن الفوتوغرافي... والسؤال من من الفنانين اليمنيين الذين استطاعوا تحقيق بدايات حقيقية لهذا الفن؟
- هنالك الكثير ممن أبدعوا في التصوير لكن لا توجد معارض تشجعهم على إخراج مواهبهم كما تحدثت، واذا ما تحدثنا عن شخصيات فهناك الفنان المخضرم عبدالرحمن الغابري، المصور اليمني العالمي عبدالعزيز عُمر، الشهير بـ(زيزو)، فالرجل يمتلك باعًا طويلاً في التصوير الفوتوغرافي الرياضي، وهناك مشاهير كثر كانت لهم بصماتهم الأولى في عالم التصوير الفوتوغرافي في بلادنا مثل أحمد عمر العبسي أول مؤسس لمدرسة التصوير الفوتوغرافي في اليمن. وشبه الجزيرة العربية منذ أربعينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى عبدالرحمن محمد عمر العبسي الذي يعد أول مؤسس لواحد من أقدم استوديوهات التصوير الفوتوغرافي في اليمن والجزيرة بعد نصف قرن من حضور جميل لفن الصورة ،واستوديو عبدالرحمن محمد عمر في حي الشيخ عثمان في مدينة عدن يعتبر أشهر قلعة للتصوير الفوتوغرافي في اليمن، وكذلك ابن محافظة الحديدة المصور الرائع الأستاذ العزي محفوظ، الذي كانت بداياته في عام 1971م وهو في سن الـ 15 سنة، ولاشك أن هناك الكثير والكثير من معلمي ورواد الفن الفوتوغرافي في اليمن.
* هل انت راضية بحجم المعارض التي أُقيمت في بلادنا، وما الذي ينبغي القيام به لتطوير هذا الفن؟
- لست راضية تماماً عن المعارض لأنها لا تقام إلا بالنادر ولا تجد التشجيع، فهناك غياب واهمال لهذا الجانب، وبدلاً عن المعارض وجدنا حضورًا أكبر على مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي افتقر معه التصوير للعمل المنظم، وجعله يرتكز على جهود فردية، وليست تنظيمية، وكل ذلك في واقع الأمر لا يحقق الانطلاقة المطلوبة، والتطور المنشود، واستعادة الدور البارز للفن الفوتوغرافي، ولاشك أن هناك عدداً كبيراً من الأسباب إلا أن أهمها نُدرة تنظيم الدورات وإقامة المعارض، وهو ما انعكس على حالة الأداء ذاتها، فضلاً عن ضعف التواجد الخارجي في الفعاليات العربية والعالمية.
اما ما الذي ينبغي القيام به لتطوير هذا الفن، أرى أنه لابد من تكثيف الدورات الخاصة بالتصوير، وإجراء المسابقات وتنظيم المعارض الخاصة بالهواة والموهوبين في المدارس، واختيار محكمين متخصصين لاختيار الصور وتخصيص جوائز للفائزين، بما يؤدي إلى تحفيزهم إبداعيًا، وبما يؤهلهم للاستمرار في شغف هواية التصوير.
* ماذا عن حجم اهتمام عدستك بقضايا المرأة اليمنية؟
- أجد صعوبات قوية في الاهتمام بقضايا المرأة بسبب قلة الوعي والخوف لدى بعضهن في رفع قضاياهن الخاصة لتصل إلى جميع أنحاء العالم.. وسؤالي دائما إلى متى ستظل المرأة مقيدة لذاتها؟ ولهذا عليها ان تدرك أنها متى ما حررت فكرها ستستطيع تحرير أفكار مجتمعها.
* متى نجدك تقومين بإعداد معرض لصورك ؟
- أمتلك صفحة خاصة لي في مواقع التواصل الاجتماعي من خلالها أنشر الصور الخاصة التي أصورها في الاعراس والمناسبات أما بخصوص الصور الإنسانية أحتفظ بها في جهازي الخاص كون للإنسان كرامة ومراعاة لشعوره، ولاشك أن المعرض أو الجاليري في أي مدينة هو شيء صحي ويجب أن يكون، فإذا كان هناك اهتمام بالفنون والثقافة فطبيعي أن تجد معارض وصوراً ولوحات تعرض، لكن المؤسسات الضعيفة والتي لا تمتلك »أفقاً حقيقياً« لخلق حياة مع الفن والفنون، لن تفعل ذلك. ولذلك يقال إن الشعوب التي تفكر بشكل سليم وتجد المعارض والفنون فيها بشكل كبير، تجد وضعها الاقتصادي جيداً.
أما وضعنا اليوم في اليمن فللأسف يمكن أن نختصره بــ الطعام »أولاً« ثم تأتي الفنون .
* هل انت راضية عن اهتمام الجهات المعنية بهذا الفن؟
- لست راضية تماماً لأن الاهتمام ضئيل جداً، إن لم يكن معدوماً أصلاً، ولنكن اكثر وضوحاً ما نراه ليس فقط مجرد عدم اهتمام بل اتنقاصاً من هذا الفن عموماً، وبالذات عندما تقوم به مرأة فالنظرة الدونية وغياب الثقافة الكافية في المجتمع اليمني امر محزن للغاية فعلاً، فهو لايزال يجهل دور المرأة وأهمية وجودها ومشاركتها في مختلف المهن ، ولا يمنحها الثقة للعمل بهذا المجال بما في ذلك المنظمات المحلية والدولية فهي ايضاً ترى أنها مهنة للرجال فقط ، ولكن هذا ليس صحيحاً نحن نحتاج الثقة منهم فقط وسنكون أكثر ابداعاً.
* ماذا عن تواصلك مع فنانين عرب فوتوغرافيين لتبادل الخبرات والمهارات؟
- تواصلي بهم ليس كبيراً بسبب انشغالاتهم وانشغالاتي المستمرة ولكن أتابع كل ما هو جديد.
* كيف تجدين نظرة المجتمع اليمني لمهنه التصوير عندما تقوم بها المرأة؟
- في البدايات كانت ليس لها أي اهتمام لكن بدأ الوضع في التحسن عن السابق وبدأ الاهتمام لكن يعتبر بنسبة ضئيلة جدا، فهم مازالوا يرون ان هذه المهنة خاصة بالرجال فقط ماعدا المناسبات التي تخص النساء.
* كلمة أخيرة تحبين قولها؟
- أشكركم في صحيفة الميثاق على إتاحة هذه الفرصة لي للحديث معكم، وأرجو لكم وللصحيفة والقائمين عليها مزيداً من النجاح والتألق.
واختم حديثي برسالة أقولها للجميع ولكل مبدعة ومبدع، اجتهد بنفسك لا تنتظر من أحد مساعدتك، كل الذين وصلوا اليوم الى القمة ؛ كانوا بالأمس حالمين. واخص الفتاة اليمنية أيضاً عليها أن تدرك أنها قادرة على خوض غمار كل تجربة تعزز موقعها في الإبداع، واقول لها " كوني أماً، وإعلامية، ومتعلمة، وموظفة، ورائدة، فأنت قادرة على أن تقومي بمالا يقوم به غيرك، وتتحملي ما لا يستطيع تحمله ألف رجل، والواقع المعيش أثبت ذلك".
|