الميثاق نت -

الإثنين, 25-يوليو-2022
‮ ‬إبراهيم‮ ‬ناصر‮ ‬الجرفي‮ ‬‬‬‬‬ -
يتضايق البعض عندما يسمع آراء مخالفة لرأيه وقناعاته الدينية أو الفكرية أو السياسية ، وقد يدفعه ذلك التضايق إلى إصدار الأحكام المجحفة ضدهم ، والتي قد تصل لحد القذف والاستهداف الشخصي والتجريح ، بل إن الأمر قد يصل عند بعض المتشددين والمتطرفين دينياً وايديولوجياً وفكرياً ومذهبياً لدرجة تكفير المخالفين لهم ، وإخراجهم من رحمة الله تعالى ، لمجرد مخالفتهم لهم في الرأي.. والحقيقة أن اختلاف البشر في الأفكار والآراء سُنة إلهية ، وظاهرة كونية ، ويجب على كل إنسان عاقل أن يؤمن بذلك ، ويتعامل مع الناس على هذا الأساس ، ويحترم‮ ‬آراءهم‮ ‬وأفكارهم‮.‬‬‬‬
والطريقة الوحيدة لتعديل أفكار الآخرين بما يتناسب مع أفكارنا وتوجهاتنا ، هي الحكمة والموعظة الحسنة والجدال والحوار بالتي هي أحسن ، عن طريق المنطق والعقل والفكر ، لإثبات صوابية أفكارنا ، في محاولة لإقناع الآخرين بها ، وهذه الوسائل الناجحة للحوار والنقاش الفكري مع الآخر الديني والحضاري والمذهبي والسياسي ، جاء بها المنهج الاسلامي ، وأمر المسلمين بالالتزام بها ، في حواراتهم ومناقشاتهم الفكرية ، وهو ما يجعل من الالتزام بآداب الحوار واحترام التعدد والتنوع واجباً من واجبات الدين ، وأي سلوك يتعارض مع ذلك فيه مخالفة للشرع‮ ‬الإسلامي‮.‬‬‬
وبذلك .. فإن أساليب التهجم على الآخرين ، بكل أنواعها من سب ، وشتم ، وتجريح ، وتكفير ، أثناء الحوار والنقاش والجدال الفكري ، هي أساليب العاجزين فكرياً ، والمختلين عقلياً ، والمفلسين ثقافياً والمتعصبين دينياً ومذهبياً وطائفياً ومناطقياً ، وهي أساليب يرفضها وينهى عنها المنهج الاسلامي ، كما أن تحويل النقاش حول فكرة معينة ، إلى استهداف شخصي سواء لصاحب هذه الفكرة أو أي شخص يدخل في نطاق الحوار ، يدل على العجز والافلاس الفكري والثقافي والحضاري ، والمؤلم والمحزن هو التهجم الشخصي على الأموات والغائبين غير القادرين على الدفاع عن أنفسهم ، من أجل ذلك علَّمنا الرسول عليه الصلاة والسلام بذكر محاسن الموتى وليس الإساءة لهم والتطاول عليهم ، والصحيح هو الرد على الفكرة محل النقاش بفكرة أخرى تنقضها شرعياً أو منطقياً أو عقلياً ، فالفكرة لا تنقضها ولا تهدمها إلا فكرة مثلها ، ولا يمكن‮ ‬للقوة‮ ‬،‮ ‬أو‮ ‬البطش‮ ‬،‮ ‬أو‮ ‬الاجبار‮ ‬،‮ ‬أو‮ ‬الاكراه‮ ‬،‮ ‬أو‮ ‬الضغط‮ ‬،‮ ‬أن‮ ‬تقضي‮ ‬على‮ ‬الأفكار‮ ‬،‮ ‬بل‮ ‬قد‮ ‬تساهم‮ ‬في‮ ‬توسعها‮ ‬وانتشارها‮ ..‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
وبما أن العقيدة الدينية هي أفكار وآراء، فمن غير الممكن إقناع أحد بتلك الأفكار بالقوة والاكراه والاجبار ، كون الأفكار من أعمال العقل ، وأعمال العقل من الأمور الشخصية ، والتي لا يمكن للآخرين معرفتها ، من أجل ذلك جعل الاسلام موضوع اعتناق العقيدة مسألة اختيارية يجب أن تقوم على الاقتناع والحرية والرغبة الكاملة ، ونهى أشد النهي عن الاكراه والاجبار في مسألة العقيدة ، قال تعالى ((لا إكراه في الدين )).. وكذلك الأمر في كل الأمور ذات الصلة بالجوانب الفكرية ، بما فيها الفكر السياسي ، فإن الانتماء السياسي لأي حزب أو تيار‮ ‬سياسي‮ ‬،‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬يتم‮ ‬عن‮ ‬طريق‮ ‬الإقناع‮ ‬بالحكمة‮ ‬،‮ ‬والمنطق‮ ‬،‮ ‬والعقل‮ ‬،‮ ‬والحجة‮ ‬،‮ ‬والبرامج‮ ‬والأدبيات‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

وطالما أن ديننا أوجب علينا احترام إرادة الآخرين فيما يتعلق بالجانب العقائدي الأخروي ، فإنه من باب أولى علينا احترام إرادة الآخرين فيما يتعلق بأفكارهم الدنيوية ، وانتماءاتهم السياسية ، ويجب أن تظل الحكمة والجدال والحوار بالتي هي أحسن ، هي الوسيلة التي يجب أن نلتزم بها في كل حواراتنا ومناقشاتنا وخلافاتنا السياسية والدنيوية.. ويجب أن يظل احترامنا للتعدد والتنوع السياسي سبيلنا الأفضل في نظرتنا للمخالف لنا ، كجزء من معتقداتنا التي تجعل من هذا التنوع والتعدد والاختلاف سُنة من سُنن الله تعالى ، فنحن عندما نحترم ذلك‮ ‬التنوع‮ ‬والتعدد‮ ‬والاختلاف‮ ‬،‮ ‬فإننا‮ ‬بذلك‮ ‬نؤكد‮ ‬إيماننا‮ ‬بسُنة‮ ‬من‮ ‬سُنن‮ ‬الله‮ ‬تعالى‮ ‬،‮ ‬وإيماننا‮ ‬بسُنن‮ ‬الله‮ ‬تعالى‮ ‬هو‮ ‬جزء‮ ‬من‮ ‬إيماننا‮ ‬بعقيدتنا‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 02:55 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-62663.htm