الميثاق نت -

الأربعاء, 10-أغسطس-2022
أحمد‮ ‬الزبيري‬ -
طموح الهيمنة الأمريكية على العالم لم يبدأ بعد تفكك الاتحاد السوفييتي وانهيار المنظومة الشرقية لأوروبا المرتبطة به أو منذ سقوط جدار برلين بل بدأت بعد استخدامها السلاح النووي وقتل آلاف اليابانيين بمدينتي هيروشيما وناجازاكي، والرسالة كانت للمنتصر في الحرب العالمية‮ ‬الثانية‮ ‬والدولة‮ ‬التي‮ ‬قدمت‮ ‬التضحية‮ ‬الكبرى‮ ‬في‮ ‬مواجهة‮ ‬ألمانيا‮ ‬النازية‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
النصر الذي حققه الاتحاد السوفييتي حينها للعالم كان يفترض أن يتحول باتجاه نظام عالمي على الأقل مكافئ للنظام الدولي الذي كانت تريده بريطانيا أن يكون بزعامة أمريكا، وبالفعل تنازل جوزيف ستالين عن استحقاقات النصر واكتفى بالمناطق التي حررها شرق أوروبا تحت ضغط تهديد‮ ‬أمريكا‮ ‬بقنابلها‮ ‬الذرية‮ ‬التي‮ ‬سوف‮ ‬تقذفها‮ ‬على‮ ‬المدن‮ ‬الروسية،‮ ‬قبل‮ ‬أن‮ ‬تصل‮ ‬روسيا‮ ‬إلى‮ ‬امتلاك‮ ‬السلاح‮ ‬النووي‮ ‬والتي‮ ‬بعدها‮ ‬استمرت‮ ‬المجابهة‮ ‬ولكن‮ ‬بأشكال‮ ‬أخرى‮ ‬ليست‮ ‬موضوعنا‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
اليوم أمريكا وتحت ضغط رعب التراجع والأفول أمام الصين وروسيا تحاول تهديدهما إن لم يرضخا لمشيئتها بحافة الهاوية النووية انطلاقاً من إدراكها أن روسيا والصين تخافان من هذا النهج رغم أنهما دولتان نوويتان.
طيلة سنوات وأمريكا وبريطانيا وحلف الناتو يعملون على تطويق روسيا وجعل أوكرانيا رأس حربة، والعين الأمريكية على ثروات هذا البلد وكان الثورات الملونة المعتمدة على الحركة القومية التي نشأت في غرب أوكرانيا واتسعت بدعم أمريكي غربي وعلى اللوجاشية التي تكونت بفعل الفساد المدعوم أمريكياً، وأصبحت أداة لتنفيذ السياسة الأمريكية ليصبح ضم هذا البلد الذي جزء كبير من سكانه روس أو يرتبطون بروسيا ثقافياً وحضارياً ولكن الحكام الجدد بعد انقلاب 2014م في كييف لن يبالوا لا بأوكرانيا ولا بمصالح الشعب الأوكراني بل كل ما كان يهمهم هو‮ ‬تنفيذ‮ ‬ما‮ ‬تريده‮ ‬أمريكا‮ ‬منهم‮.‬‬‬‬‬‬‬
وهكذا بعد تجارب أمريكا الفاشلة في شن الحروب بجيوشها للهيمنة أصبحت تستخدم الأدوات التي صنعتها، ونحن قد رأينا ذلك في منطقتنا وهي خبيرة باستخدام الاديان والقوميات وبيع وهم الديمقراطية والحرية لتحقيق أطماعها ومراميها بالهيمنة مستخدمةً أساليب خبيثة وبشعة، بعد أن‮ ‬أصبحت‮ ‬عارية‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬الغطاء‮ ‬الاخلاقي‮ ‬الذي‮ ‬كانت‮ ‬تتستر‮ ‬به‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
أما قصتها مع الصين فترجع إلى تأسيس ما تُسمى اليوم بتايوان بعد إعلان الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماوتسي تونغ استقلال الصين بعد تحريرها عدا جزيرة فورموزا التي فر إليها الجنرال تشيانغ كاي تشيك بتخطيط ودعم بريطاني وحماية أمريكية ليؤسسا في هذه الجزيرة التي أسموها‮ ‬الصين‮ ‬الوطنية‮ ‬التي‮ ‬لم‮ ‬يعترف‮ ‬بها‮ ‬أحد‮ ‬حتى‮ ‬أمريكا‮ ‬رغم‮ ‬أنها‮ ‬والغرب‮ ‬دعموها‮ ‬بشكل‮ ‬علني‮. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
ومثلما أرادت أمريكا وبريطانيا والغرب جَعْل جورجيا وجمهوريات البلطيق الصغيرة وأخيراً أوكرانيا الطوق المتقدم لاحتواء روسيا والسيطرة عليها، هكذا جعلت أمريكا من تايون منذ أكثر من 70 عاماً قاعدتها المتقدمة لاحتواء الصين أو لضرب هذا البلد الكبير وعندما فشلت واحتاجت لتوظيف الخلاف في سبعينيات القرن الماضي بين هذا البلد والاتحاد السوفييتي فتحت الأسواق أمام الصين واعتبرتها الدولة الأولى في رعاية أمريكا التجارية لإخراجها من النهج الاشتراكي المتسم بالخصوصية القومية الصينية، لكن هذا لن يحصل وتحول الاحتواء إلى فرصة للصينيين بإحداث تطور غير مسبوق لتفاجأ أمريكا أن الصين بتطورها الاقتصادي والتجاري غير المسبوق قد أصبحت ليس فقط منافسة لأمريكا بل ومهددة لمكانتها العالمية وبدون حرب، حتى أن أمريكا والغرب كله عاجز أمام النمو الصيني عن المنافسة فكانت سياسة التوتير التي بلغت ذروتها بزيارة‮ ‬رئيسة‮ ‬مجلس‮ ‬النواب‮ ‬نانسي‮ ‬بلوسي‮ ‬لتايون‮ ‬واستخدامها‮ ‬كما‮ ‬حصل‮ ‬في‮ ‬استخدام‮ ‬أوكرانيا‮ ‬ضد‮ ‬روسيا‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
أمريكا‮ ‬تستخدم‮ ‬سياسة‮ ‬حافة‮ ‬الهاوية‮ ‬التي‮ ‬إن‮ ‬استمرت‮ ‬ستسقط‮ ‬فيها‮ ‬لكن‮ ‬بعد‮ ‬أن‮ ‬يكون‮ ‬العالم‮ ‬قد‮ ‬دفع‮ ‬ثمناً‮ ‬كبيراً‮ ‬الذي‮ ‬عليه‮ ‬أن‮ ‬يوقف‮ ‬هذا‮ ‬النهج‮ ‬إن‮ ‬أراد‮ ‬البقاء،‮ ‬قبل‮ ‬أن‮ ‬يتحول‮ ‬من‮ ‬هوليوود‮ ‬إلى‮ ‬واقع‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 10:45 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-62735.htm