د/احلام البريهي❊ - منذ أُنشىء المؤتمر الشعبي العام في 24 أغسطس 1982م كان ذلك تجاوبا مع حاجة الوطن الملحة لتوحيد الكلمة والاصطفاف حول مشروع وطني جامع والاتفاق على وثيقة دستورية شاملة تحدد الأهداف والتوجهات العامة وتضع حدودا وأطرا عملية وفكرية وقانونية لكل ما من شأنه تحقيق أهداف ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م..
حيث يعتبر المؤتمر الشعبي العام هو الوريث الحقيقي والحامل الفعلي لأهداف ثورة سبتمبر فقد استقى ايديولوجيته الفكرية من أهدافها السامية، ووضع ذلك في إطار نظري شامل وهو(الميثاق الوطني) الذي صاغه وصادق عليه الشعب بمختلف فئاته وشرائحه، وألوان طيفه السياسي،، حيث شكل الميثاق الوطني دليلا نظريا وعقدا اجتماعيا بين مختلف الفئات الاجتماعية وشرائح الشعب اليمني ليتم من خلاله تدارك الفراغ السياسي والخروج من الاحتقانات السياسية والخلافات الطاحنة التى كادت أن تمزق مجاميع أبناء الوطن جراء الانحياز لذلك الفكر الدخيل أو ذاك، فكان إقرار الميثاق الوطني وبناء عليه تم إقرار استمرارية المؤتمر الشعبي العام كحامل سياسي يحمي الميثاق ويطبقه، وبذلك شكلت انطلاقة المؤتمر ثورة تجديدية وحراكا فكريا وسياسيا تجسد على أرض الواقع من خلال تبنيه أهداف الثورة وأولها إعادة تحقيق الوحدة اليمنية كأهم متطلبات تلك المرحلة والمضي في بناء الدولة الحديثة بنهجها الديمقراطي التعددي وكان المؤتمر منذ انطلاقته هوالحامل لهذا المشروع السياسي والفكري ومتبنيا انعكاساته الاقتصادية والثقافية والاجتماعية بحيث يعود بآثار إيجابية على واقع الحياة العامة لشعبنا اليمني العظيم..
ولقد كان لطبيعة النشأة الديمقراطية للمؤتمر منذ مراحل صياغة الميثاق الوطني كبير الأثر في ترسيخ قيم الحوار الديمقراطي،واحترام الرأي والرأي الآخر وشرعية وادب الاختلاف والتي غدت سلوكا ومنهجا يمارسه المؤتمر عبر مسيرته الديمقراطية الخارجية في نطاق العلاقات مع الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني داخل الوطن وخارجه وفي الإطار الداخلي وتنظيم علاقات الأعضاء فيما بينهم وانتهاج الأساليب الديمقراطية في التجديد داخل الإطار الهيكلي والتكوين القيادي والقاعدي للمؤتمر..
وظل المؤتمر يشكل أنموذجا سياسيا يتمايز من حيث البرنامج والتشكيل فقد ضم رموز الحركة الوطنية اليمنية في ربوع الوطن وظل فاتحا أطراً، تنظيمية لانضام شخصيات جديدة ممن أدركوا أن برنامج وايديولوجية المؤتمر واطاره النظري الواسع الذي يعبر عن تطلعات ثورتي سبتمبر واكتوبر هو الحامل السياسي الذي سيلبي الطموح الوطني..
واثبت المؤتمر الشعبي العام خلال أربعة عقود منذ تأسيسه أنه الكيان الأكثر ممارسة للديمقراطية والتداول السلمي لتولي القيادة في أطره الداخلية، أو في الإطار العام للدولة وتبنّيه للديمقراطية والانتخابات من الرئاسة وأعلى هرم السلطة المركزية حتى اصغر عضو في السلطة المحلية،،وكان المؤتمر بتلك الإجراءات يتجاوب مع طبيعة كل مرحلة ومع تطلعات الشعب في حكم نفسه بنفسه، وبذلك التجاوب من المؤتمر مع المرحلة وتطلعات الشعب امتلك المؤتمر،مشروعا وطنيا يعتمد قوة الفعل والقدرة على المواءمة، وظل المؤتمر يتصدر المشهد السياسي من خلال اتسامه بالتجديد والتطوير في قياداته وبرامجه ومهامه ونشاطاته وعلاقاته وعلى كل صعيد ينسجم مع مصلحة الشعب ومع الثوابت الوطنية، ويستجيب بوعي واقتدار لمختلف التحديات ولطالما كان دوما عند حسن ظن الجماهير ومتصلا بها ككيان انبثق من بين صفوفها، وظل يسطر النجاحات تلو النجاحات للخروج بحلول لكل المواقف الصعبة التى يتعرض لها الوطن ومنها ما تعرض له من اجتياح ثورة الربيع العبري التي استهدفت بعض دول المنطقة العربية في 2011م فقد تعامل المؤتمر إزاء تلك المحنه بحنكة واقتدار بإيثاره لمصلحة الشعب والحفاظ على امنه واستقراره، وتنازله عن السلطة رغم أن القانون كان مازال يضمن،له حقه في السلطة الا أن استيعاب المؤتمر للمرحلة ووقوفه عند مستوى المسؤلية في عدم السماح للانجرار بالوطن إلى مأزق الصراع ممن يحملون أجندة غير وطنية ،جعلت المؤتمر يقرر التنازل عن حقه فيما تبقى له من فترة في السلطة وعدم التجاوب مع الفوضى أو الاستسلام لها لتكون تشريعا واقعيا يفرض على الشعب ويصادر حقه في اختيار قيادته ووضع حل في إجراء ديمقراطي يخرج به من رأس السلطة وذلك بدافع حماية الشعب ومكتسباته وعدم التجاوب مع المخططات الرامية إدخال الوطن في صراع لا ينتهي واغراقه في حمم الدم ،،وسلم السلطة بإجراء ديمقراطي ،الا ان أعداء الوطن لم تعجبهم تلك الإجراءات ومالبثوا أن شنوا عدوانا سافرا على اليمن في 26/مارس/2015م..
الا أن المؤتمر كعادته يتصدر المشهد الوطني ولم يدخر جهدا في الوقوف مع الوطن واحتواء الفراغ السياسي بعد هروب عبد ربه منصور هادي من صنعاء تاركا الرئاسة بفراغ سياسي ،اتخذه أعداء الوطن ذريعة، لاستهداف الوطن وتدمير مكتسباته وقتل ابنائه، لكن المؤتمر لم يقف مكتوف الايدي، صمد وواجه العدوان وشارك في تشكيل المجلس السياسي الأعلى ككيان شرعي مصادق عليه من مجلس النواب واجهض بذلك تحجج العدوان بدفاعهم عما اسموه بشرعية هادي واوجد الشرعية الدستورية والقانونية من تحت قبة مجلس التشريع والقانون مجلس النواب في صنعاء الذي كان يضم أغلبية أعضاء المؤتمر ومنح بذلك الشرعية الوطنية والدستورية للمجلس السياسي الذي تشكل بالشراكة مع أنصار الله، ككيان شريك في مواجهة العدوان والدفاع عن الوطن واجهضت،الاسباب القانونية التي كان يتحجج،بها حاملو الأجندة الخارجية المستهدفة للوطن وابنائه، وبكل هذه المواقف المشرفة والاجراءات والمخارج القانونية والديمقراطية التي ظل ينتهجها ويتصدرها المؤتمر في دفاعه عن الوطن والشعب أكد بذلك المؤتمر بما لا يدع مجال للخصوم والناقدين والمتربصين بأن المؤتمر كان و سيظل حاميا للوطن ولمكتسباته، وفقا لشعار المؤتمر(لا حرية بلا ديمقراطية ولا ديمقراطية بلا حماية ولا حماية بدون تطبيق سيادة القانون)
وعرفانا بالدور الوطني والقيادي الرائد الذي تصدره المؤتمر الشعبي العام خلال كافة المراحل الوطنية فإننا نبارك لشعبنا اليمني الذكرى الاربعين لانبثاق،هذا التنظيم الرائد باعتباره مكسبا وطنيا لكافة أبناء اليمن وهذا ما أكدته منجزاته،وانشطته ومواقفه التى لم تكن لفرد بعينه ولا لأعضائه وإنما لأجل الوطن وكل فرد فيه..
وكل عام وكافة أبناء شعبنا اليمني العظيم بألف خير..
❊ عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام
|