عبدالجليل أحمد ناجي -
المؤتمر الشعبي العام نشأ كتنظيم سياسي يؤمن بالحوار كأسلوب حضاري للتوافق والشراكة، واستطاع تأسيس أرضية مشتركة للعمل الوطني الجاد والمثمر، وخلال سنوات حكمه، عمل من أجل ترسيخ ثقافة التعايش والتسامح بين كافة أفراد المجتمع مهما كانت توجهاتهم السياسية والفكرية.
ومازال المؤتمر الشعبي العام يمثل عامل توازن داخل الحياة السياسية كونه يمثل شريحة واسعة من أبناء الشعب اليمني ولديه مخزون كبير من الخبرات الإدارية والاقتصادية والعلمية ولديه تجربه سياسية إهدارها أو تجاوزها سيؤدي الى خلق فجوة كبيرة في المجتمع لايمكن ردمها بسهولة.. ومعروف من خلال التجارب السياسية المعاصرة ان التاريخ عبارة عن حلقات مترابطة ، وكل حلقة تمثل مدة زمنية محددة لها مكوناتها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ولها محتواها من خبرات وإنجازات وآثار مادية ومعنوية متراكمة ، ولها أيضا سلبيات ، ولذلك فإن الحفاظ على مسار هذه التراكمات الايجابية هو بمثابة رصيد للوطن والمواطن بدرجة أساسية وعامل مهم للحفاظ على التوازن الاجتماعي ، وعلينا ان نستفيد من التقلبات السياسية التي شهدتها اليمن أو العالم العربي خلال العقود الماضية والتي خلفت آثاراً ما بعدها أسوأ مما كان قبلها ، وهذه نتيجة أي تحولات تمارس الاقصاء أو حتى التهميش الجزئي لمكون هو جزء من نسيج المجتمع.. ألم يكن تراجع دور الحزب الاشتراكي اليمني في مواطن تأثيره في بعض المحافظات الشمالية والجنوبية سبباً للتفكك وظهور فجوات وبؤر توتر متطرفة وغير طبيعية ، وتحول شريحة واسعة في المجتمع من شريحة شريكة إلى شريحة ناقمة وغير راضية وتسبب في حدوث اختلال في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية .. وكذلك ما حدث إثر عملية اجتثاث حزب البعث العراقي، ومؤتمر الشعب الليبي ...
ولذلك فإن المؤتمر الشعبي العام وهو يحتفل بالذكرى الـ40 لتأسيسه يسعى من اجل مقايسة تجارب الماضي سلباً وايجاباً ويعيد رسم سياساته وعلاقاته ليس على اساس الانتقام أو إعادة إنتاج الخصومات والصراعات ولكن وفق رؤية عقلانية واضحه وسياسات متينة ونظرة ثاقبة تمكنه من الحفاظ على إرثه التنظيمي والسياسي والثقافي والفكري التاريخي الإيجابي المتزن المبني على سعة الافق والتعايش والحوار ومد جسور الثقة مع شركاء الحياة السياسية وفي صف الوطن وثوابته ونصره وأمنه واستقراره وفي صف البناء المؤسسي على أسس حديثة والسير في طريق التنمية والبناء والتطوير في شتى المجالات... والحفاظ على الرصيد الوطني لشعبنا في شتى المجالات..
إن مهمة البناء على اساس الثوابت الوطنية والقواسم المشتركة هو البناء القوي المتين الذي من أجله نشأ المؤتمر الشعبي العام وتعايش وتعاون مع كل القوى السياسية والوطنية.
لقد كان الميثاق الوطني وثيقة إجماع وطني وثمرة من ثمرات الحوار بعد أن كانت البلاد تعيش حالة من التمزق والشتات والحروب والصراعات، معارضة تغذَّى من خارج الحدود وبؤر توتر في الداخل تدار من تحت الطاولة يقابلها قمع من فوق الطاولة والنتيجة وضع سياسي مضطرب وغير مستقر واستنزاف لمقدرات البلد المادية والبشرية في الصراعات.. هكذا كان حال البلاد، فاصطف الجميع حول وثيقة الميثاق الوطني وكانت خطوة كبيرة على الأقل ضمنت للمواطن مساحة مناسبة للتعبير والحرية والأمن والاستقرار وهيأت الأرضية المناسبة لاستثمار ما هو متاح من الإمكانات المادية والبشرية في مجال التنمية والإعمار وتوسيع خدمات الصحة والتعليم والطرق وغيرها.. قد يكون للمؤتمر إخفاقات وكبوات وهذا أمر طبيعي كونه نشأ في بيئة كانت لا تزال بدائية مليئة بالتخلف والتناقضات ومخلفات الصراعات والحروب والانقسامات الشطرية والبينية ولم تكن ممهدة لنشوء حياة سياسية سليمة من العثرات ولكنه مع ذلك استطاع أن يحقق نجاحات كبيرة خلال مسيرته السياسية حتى أصبح التنظيم الأكثر تأثيراً وشعبية في الساحة.
|