الميثاق نت -

الإثنين, 12-سبتمبر-2022
د‮. ‬عبدالوهاب‮ ‬الروحاني‬‬ -
يسألونك‮ ‬فيقولون‮:‬‬‬
لماذا‮ ‬نحن‮ ‬متخلفون‮ ‬؟‮!‬‬‬‬‬
ولماذا‮ ‬نتراجع،‮ ‬ونسير‮ ‬بسرعة‮ ‬مذهلة‮ ‬الى‮ ‬الوراء؟‮!‬‬‬‬‬‬‬‬
لماذا‮ ‬لم‮ ‬نلحق‮ ‬بركب‮ ‬العصر‮ ‬كغيرنا‮ ‬من‮ ‬شعوب‮ ‬العالم؟‮!‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
أسئلة‮ ‬مشروعة،‮ ‬تتداولها‮ ‬النخب‮ ‬بشكل‮ ‬يومي،‮ ‬ويغرق‮ ‬البعض‮ ‬في‮ ‬البحث‮ ‬عن‮ ‬اسباب‮ ‬هذا‮ ‬التراجع‮ ‬المخيف،‮ ‬وكيف‮ ‬يمكن‮ ‬تجاوزه؟‮!‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
أعتقد‮ ‬ان‮ ‬ثلاثة‮ ‬اسباب‮ ‬جوهرية‮ ‬تكمن‮ ‬وراء‮ ‬المشكلة‮:‬‬‬‬‬‬‬‬‬

الأول‮: ‬‬
* لأننا مصرون على ان نعيش في زمن غير زمننا.. يعني اننا غارقون في الماضي .. نعيش زمن السقيفة، ونتقمص ادواراً ليست من واقعنا ولا علاقة لها بعصرنا .. نعيش في شعاب مكة، ونتمثل خلافات بطون قريش وافخاذ عبد مناف وبني هاشم، وحكايات ابي لهب وابي جهل، وتضحيات الانصار‮ ‬والمهاجرين‮..!! ‬ومن‮ ‬كان‮ ‬أحق‮ ‬بالخلافة‮ ‬بعد‮ ‬وفاة‮ ‬النبي،‮ ‬سعد‮ ‬بن‮ ‬عبادة،‮ ‬أم‮ ‬ابو‮ ‬بكر‮ ‬أم‮ ‬علي؟‮! ‬ثم‮ ‬من‮ ‬قتل‮ ‬سعد‮!‬؟‮ ‬الجن‮ ‬أم‮ ‬أصابه‮ ‬سهم‮ ‬مجهول؟‮!‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
بعد‮ ‬1444‮ ‬سنة‮ ‬ما‮ ‬نزال‮ ‬نناقش‮ ‬و‮"‬نلت‮ ‬ونعجن‮ ‬ونخبز‮" ‬في‮ ‬مقتل‮ ‬عثمان‮ ‬وصراع‮ ‬علي‮ ‬ومعاوية‮.. ‬وهل‮ ‬عائشة‮ ‬نبحتها‮ ‬كلاب‮ ‬الجوأب‮ ‬أم‮ ‬كلاب‮ ‬الحوأب‮ ..‬؟‮!‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
نحن‮ ‬في‮ "‬العصر‮ ‬الرقمي‮" ‬والتقنية‮ ‬المذهلة،‮ ‬ومع‮ ‬هذا‮ ‬ما‮ ‬نزال‮ ‬مصرين‮ ‬على‮ ‬ان‮ ‬نعيش‮ ‬قصص‮ ‬ما‮ ‬قبل‮ ‬التاريخ،‮ ‬التي‮ ‬لا‮ ‬تمت‮ ‬بصلة‮ ‬لا‮ ‬لحاضرنا‮ ‬ولا‮ ‬لمستقبلنا‮.. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
وتسألون‮: ‬لماذا‮ ‬نحن‮ ‬متخلفون‮ ‬؟‮!‬‬‬‬‬‬
‮ ‬‬
الثاني‮:‬‬
* لأننا نمارس سياسة التجهيل، ولا نريد لأجيالنا ان تتعلم، وهي سياسة توارثها حكامنا لعقود طويلة.. لا لشيء وإنما لأنهم يريدوننا رعايا لا مواطنين، ويريدوننا جهلة وعميان طائعين لا نعرف لماذا يحكمنا أصنامنا !!
اليوم‮ ‬يفرضون‮ ‬على‮ ‬طلابنا‮ ‬رسوماً‮ ‬مدرسية‮ ‬وأتاوات‮ ‬فوق‮ ‬طاقاتهم‮ ‬حتى‮ ‬يبعدوهم‮ ‬عن‮ ‬مدارسهم‮ .. ‬وحتى‮ ‬تتسيد‮ ‬الجهالة‮ ‬في‮ ‬المجتمع‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
يحولون‮ ‬المدارس‮ ‬إلى‮ ‬ثكنات‮ ‬عسكرية‮ ‬ومتارس‮ ‬للتحشيد‮ ‬والتدريب‮ ‬والقنص‮ ‬حتى‮ ‬ينشئوا‮ ‬جيلاً‮ ‬لا‮ ‬يرى‮ ‬الحياة‮ ‬الا‮ ‬من‮ ‬فوهة‮ ‬البندقية‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
يمنعون‮ ‬عن‮ ‬المدرس‮ ‬راتبه‮ ‬وقوت‮ ‬يومه‮ ‬كي‮ ‬يلعن‮ ‬ليله‮ ‬ونهاره‮ ‬ويلعن‮ ‬مهنته‮ ‬التي‮ ‬لا‮ ‬تؤكل‮ ‬عيش،‮ ‬وكي‮ ‬يقنعوا‮ ‬أطفاله‮ ‬ان‮ ‬التعليم‮ ‬مسار‮ ‬مجاعة‮ ‬وطريق‮ ‬موت‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
‮* ‬في‮ ‬العام‮ ‬2020م‮ ‬كانت‮ ‬اليمن‮ ‬تأتي‮ ‬في‮ ‬أسفل‮ ‬مراتب‮ ‬التعليم‮ ‬العالمي،‮ ‬أما‮ ‬اليوم‮ ‬وفي‮ ‬2022م‮ ‬بالتحديد‮ ‬فقد‮ ‬اختفت‮ ‬اليمن‮ ‬من‮ ‬قائمة‮ ‬التقييم‮ ‬العالمي‮ ‬للتعليم‮.. ‬أتدرون‮ ‬لماذا؟‮!‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
لأنه لم يعد هناك تعليم، ولا مدرس، ولا مدرسة، ولا كتاب، ولأننا إن سمحنا بالتدريس فنحن ندرسهم الخرافة والأباطيل، وندرسهم حروباً وصراعات لا علاقة لهم بها، ونلقنهم ما لا يريدون حفظه ولا سماعه.. وإن استجابوا له صغاراً فسيرفضونه -بالتأكيد- كباراً..
ذلك‮ ‬ببساطة‮ ‬لأنه‮ ‬ليس‮ ‬من‮ ‬عصرهم،‮ ‬ولستم‮ ‬من‮ ‬يغلق‮ ‬الفضاء‮ ‬بتعويذة‮ ‬أو‮ ‬حجاب‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

الثالث‮:‬‬
لأننا‮ ‬لا‮ ‬نبحث‮ ‬في‮ ‬الحاضر‮ ‬والمستقبل‮ ‬ولهذا‮ ‬نحن‮ ‬متخلفون‮ ‬وسنظل‮ ‬متخلفين‮..‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
لكن‮ ‬السؤال‮ ‬الأهم‮ ‬هو‮ ‬كيف‮ ‬نتجاوز‮ ‬هذا‮ ‬الواقع‮ ‬المؤسف‮ ‬الذي‮ ‬نعيشه‮.. ‬ونلحق‮ ‬بالآخرين؟‮!‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
والإجابة‮ ‬برأيي‮ ‬تتلخص‮ ‬في‮ ‬كلمتين‮ ‬اثنتين‮ ‬هما‮: ‬تجديد‮ ‬الذاكرة‮..‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
إن‮ ‬جددتم‮ ‬الذاكرة‮ .. ‬فستحلون‮ ‬أولاً‮ ‬كل‮ ‬مشاكلكم‮ ‬التاريخية‮ ‬المعقدة‮ ‬التي‮ ‬تعيشونها‮ ‬وعيشتم‮ ‬العالم‮ ‬العربي‮ ‬والاسلامي‮ ‬فيها‮ ‬قروناً‮ ‬من‮ ‬الدم‮ ‬والنار‮ ‬والغبار‮..‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
تحركوا‮ ‬خطوة‮ ‬واحدة‮ ‬إلى‮ ‬الأمام‮.. ‬وانتقلوا‮ ‬من‮ ‬مربع‮ ‬التباكي‮ ‬على‮ ‬الماضي‮ ‬الذي‮ ‬سكننا‮ ‬وسكناه‮ ‬آلاف‮ ‬السنين‮ ‬إلى‮ ‬مربع‮ ‬جديد‮ .. ‬فيه‮ ‬حياتنا‮ ‬وعصرنا‮.. ‬وستكون‮ ‬الحياة‮ ‬أجمل‮ ‬وأبهى‮ ‬مما‮ ‬هي‮ ‬في‮ ‬عيونكم‮ ‬اليوم‮. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
فقط‮ ‬حدّثوا‮ ‬الذاكرة‮ ‬وجددوا‮ ‬الوعي‮ ‬ولن‮ ‬تندموا،‮ ‬ودعوا‮ ‬التاريخ‮ ‬للمؤرخين،‮ ‬وارتادوا‮ ‬الجديد‮ .. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
وصدقوني‮ ‬ليس‮ ‬الجديد‮ ‬انتقاماً‮ ‬من‮ ‬التاريخ‮ ..!!‬‬‬‬‬‬‬
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:51 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-62947.htm