الميثاق نت -

الجمعة, 23-سبتمبر-2022
د‮. ‬عبدالوهاب‮ ‬الروحاني‬‬‬‬ -
عمود الاسبوع الماضي، الذي كتبته تحت عنوان (تحديث الذاكرة) أثار عدداً كبيراً من ردود الأفعال على وسائل التواصل الاجتماعي.. فضلاً عما وردني من رسائل مظلمة على بريدي الخاص، مع انني دعوت فقط لتحديث العقل والذاكرة وفق معطيات العصر، ولم أسيء لشخص أو تنظيم ولا لجماعة‮ ‬أو‮ ‬حزب‮..!!‬‬‬‬‬‬‬
‮ ‬كانت‮ ‬الردود‮ ‬بين‮ ‬مؤيدة‮ ‬ومعارضة،‮ ‬وذلك‮ ‬أمر‮ ‬طبيعي،‮ ‬فـ‮"‬الاختلاف‮ ‬في‮ ‬الرأي‮ ‬لا‮ ‬يفسد‮ ‬للود‮ ‬قضية‮" -‬كما‮ ‬يقال‮- ‬لكن‮ ‬ما‮ ‬لا‮ ‬يمكن‮ ‬القبول‮ ‬به‮ ‬هو‮ ‬كيل‮ ‬التهم،‮ ‬وتوظيف‮ ‬الرأي‮ ‬لغرض‮ ‬الاساءة‮. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
أطلقوا العنان لفوهات البنادق، ويحاولون خنق الرأي وقد خنقوه، ومصادرة حرية التعبير وقد صادروها، مع انها هي آخر وسيلة للدفاع عن وطننا ومستقبل اجيالنا في ظل حرب اسقطت القيم، وتجاوزت كل المحرمات..!!!
‮ ‬نعم،‮ ‬لم‮ ‬يعد‮ ‬امامنا‮ ‬الا‮ ‬نقول‮ ‬كلمتنا‮.. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
والمستنيرون هم المعنيون بالحفاظ على الكلمة.. إذ لم يعد من مخرج الا ان يقول العقلاء ما تمليه عليهم ضمائرهم، في زمن صارت فيه المتاجرة بالوطن، والاستثمار بقضاياه، أسهل الطرق للتكسب والإثراء على حساب الكرامة والتفريط بالسيادة.
نحن لا نملك المدفع ولا الدبابة.. نحن نملك الكلمة.. فدعوا الكلمة تطفئ الحرائق التي اشعلتموها منذ ثمان سنوات.. دعوا الكلمة تبدد ادخنة النار وتخمد ألسنة اللهب، التي تحرق أرضنا وناسنا، وتلوث سماءنا.. دعوا الكلمة حرة واقرأوها، ولا تقتلوها كما فعلتم بأطفالنا فقد‮ ‬تنقذكم‮ ‬يوماً‮..!!‬‬‬‬‬‬‬
الرأي‮ ‬العاقل‮ ‬والمستنير‮ ‬هو‮ ‬وسيلتتا‮ ‬للنقاش‮ ‬وهو‮ ‬طريقنا‮ ‬للحوار‮ ‬ووقف‮ ‬نزيف‮ ‬الحرب،‮ ‬وتحقيق‮ ‬السلام‮.. ‬لأننا‮ ‬تعبنا‮ ‬حرباً،‮ ‬وشبعنا‮ ‬رماداً‮ ‬وغباراً‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
قلت ان الردود التي تلقيتها على ما كتبته عن (تحديث الذاكرة) كثيرة، وقد تعوَّدنا -للأسف- على الغضب والانفعال في السلم أو الحرب.. اما التعليقات الهادئة فكانت قليلة كالعادة.. وهنا أعرض ما علق به زميلنا الجميل شرف الويسي.. وهو استاذ صحفي، يملك الكلمة ويحترمها،‮ ‬فتحدث‮ ‬بموضوعية‮ ‬عن‮ ‬واقع‮ ‬مؤسف‮ ‬عشناه‮ ‬ونعيشه‮ ‬فكتب‮ ‬التالي‮:‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

واقع‮ ‬يجذر‮ ‬التخلف‮:‬‬‬‬‬‬‬
ما‮ ‬تناولته‮ ‬يا‮ ‬دكتور‮ ‬في‮ ‬موضوعك‮ ‬هو‮ ‬عن‮ ‬حال‮ ‬اليمن،‮ ‬وبشكل‮ ‬خاص‮ ‬شماله‮ ‬حالياً،‮ ‬اي‮ ‬اجترار‮ ‬الماضي‮ ‬ومحاولة‮ ‬اسقاطه‮ ‬على‮ ‬الحاضر،‮ ‬لترسيخ‮ ‬ثقافة‮ ‬فكرية‮ ‬متحجرة‮.. ‬وهذا‮ ‬واقع‮ ‬مؤلم‮ ‬ومحزن‮ ‬كونه‮ ‬يجذر‮ ‬التخلف‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
لكن‮ ‬ماذا‮ ‬عن‮ ‬الزمن‮ ‬الذي‮ ‬سبق‮ ‬مجيئ‮ ‬هؤلاء؟‮ ‬هل‮ ‬كانت‮ ‬البلاد‮ ‬قد‮ ‬انتقلت‮ ‬الى‮ ‬ما‮ ‬يطمح‮ ‬اليه‮ ‬اليمنيون‮.. ‬في‮ ‬المجالات‮ ‬العلمية،‮ ‬والتطور‮ ‬بشكل‮ ‬عام،‮ ‬الذي‮ ‬انت‮ ‬قصدته‮ ‬من‮ ‬وراء‮ ‬سؤالك‮ (‬لماذا‮ ‬نحن‮ ‬متخلفون‮)‬؟‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
ثم ايضاً وهذا مهم، ماذا عن الاقطارالعربية عموماً، نحن نعرف وانت اكثر فهماً منا ان غالبية الدول العربية لم تحقق التطور العلمي والتكنولوجي، الذي يضاهي دول الغرب والاكتفاء الذاتي من الانتاج، الذي يحتاجه مواطنوها.. باستثناء العراق وسوريا.. اللذين كانا قد حققا نهضة‮ ‬تعليمية‮ ‬وعلمية،‮ ‬واعتمدا‮ ‬على‮ ‬منتجاتهما‮ ‬المحلية،‮ ‬صناعة،‮ ‬وزراعة،‮ ‬وبالذات‮ ‬سوريا‮..‬ماذا‮ ‬حدث‮ ‬لهما؟‮!‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
الجواب على السؤال معروف، فقد عملت امريكا واسرائيل على ادخالهما في حروب لاتزال مستمرة.. دمرت كل ما حققه البلدان، ولن يعودا الى ما كان عليه حالهما على مدى نصف قرن.. واعتماداً على المخطط الأمريكي والاسرائيلي، الذي دمر العراق وسوريا فإن الحالة اليمنية الراهنة تتفق‮ ‬مع‮ ‬ذلك‮ ‬المخطط،‮ ‬وسيتم‮ ‬رعايتها‮ ‬بطرق‮ ‬مختلفة‮.. ‬وكل‮ ‬المؤشرات‮ ‬تدل‮ ‬على‮ ‬ما‮ ‬اقول‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
واذا توسعنا في تحليل ما ورد في مقالك، فيمكن ان نضع سؤالاً جوهرياً وهو: ماذا عن الدول العربية التي تسير في ركب السياسة الامريكية، ومنها السعودية ودول الخليج؟! هل تبنت خططاً وسياسات استراتجية تحقق تقدماً في العلوم والتكنولوجيا والمجالات الأخرى المهمة، على الرغم‮ ‬مما‮ ‬تملك‮ ‬من‮ ‬ثروات‮.‬؟‮!‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
الملاحظ انها مجتمعات استهلاكية لمنتجات الدول الأخرى وهو ما تريده أمريكا.. اذاً المسألة ليست خاصة باليمن.. أما موضوع مايحدث في شمال بلادنا من عودة الى الوراء فهو امر مؤسف ولن أجافي الحقيقة ان قلت ان ذلك توافق عليه أمريكا ويرضيها ومن خلفها إسرائيل لأنه يؤسس لفتن‮ ‬وحروب‮ ‬بين‮ ‬اليمنيين،‮ ‬وحال‮ ‬الجنوب‮ ‬ليس‮ ‬افضل‮ ‬من‮ ‬الشمال،‮ ‬ولكن‮ ‬بطرق‮ ‬مختلفة‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
وهنا، انتهى تعليق زميلنا شرف الويسي، الذي تضمن رأياً تختلف او تتفق معه.. فالشعور بالمسئولية الوطنية والاخلاقية تجاه ما يجري هو ما يدفع صاحب الرأي لأن يقول كلمته المسئولة، والمثقف الوطني والمستنير هو الذي يناقش قضايا الوطن بدافع الحرص وليس بدافع الاساءة..
المشكلة‮ ‬اننا‮ ‬نسير‮ ‬بسرعة‮ ‬مذهلة‮ ‬إلى‮ ‬الوراء‮ ‬ونحن‮ ‬لا‮ ‬ندرك‮ ‬ما‮ ‬نخلف‮ ‬من‮ ‬كوارث‮ ‬وأمراض‮ ‬لأجيالنا‮ ‬القادمة‮..‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
فدعوا‮ ‬الكلمة‮ ‬الحرة‮ ‬تمضي‮ ‬ودعونا‮ ‬نعيش‮ ‬معاً‮ ‬همَّ‮ ‬الوطن‮ ‬ونتلمس‮ ‬اوجاع‮ ‬الناس‮ ‬ونتشارك‮ ‬في‮ ‬كشف‮ ‬مواقع‮ ‬الخلل،‮ ‬ونلملم‮ ‬بعض‮ ‬جراحاتنا،‮ ‬فذلك‮ ‬أدعى‮ ‬من‮ ‬الغرق‮ ‬في‮ ‬الدم‮ ‬واشعال‮ ‬الحرائق‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:31 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-62982.htm