الميثاق نت -

الخميس, 06-أكتوبر-2022
طه‮ ‬العامري -
مرت الذكرى (الستون) لقيام الثورة اليمنية 26 سبتمبر 1962م، و 28 سبتمبر هو ذكرى ميلادي، والفارق بين بيان الثورة الأول (وصرخة ميلادي) يومان لا أكثر، ووفق التاريخ الهجري فإن الثورة قامت في 27 ربيع الأول 1384 هجرية فيما العبد لله جاء لهذه الدنيا يوم 29 ربيع الأول‮ ‬1384هجرية‮.‬
ويبدو‮ ‬أن‮ ‬تداعيات‮ ‬الأحداث‮ ‬وتراجيديا‮ ‬الاقدار‮ ‬التي‮ ‬مرت‮ ‬بها‮ (‬الثورة‮ ‬اليمنية‮) ‬قد‮ ‬ألقت‮ ‬بظلالها‮ ‬على‮ ‬مسار‮ ‬حياتي‮ ‬الذي‮ ‬يتناغم‮ ‬بكل‮ ‬تداعياته‮ ‬مع‮ ‬مسار‮ ‬الثورة‮ ‬وتداعياتها‮..‬
وكما أخفقت الثورة في تحقيق أهدافها وتحصين الذاكرة الجمعية وتكريس قيمها ومشروعها الوطني تجسيدا لأحلام وتطلعات الشعب الذي راهن عليها، واعتبرها سفينة النجاة من براثن الجهل والفقر والمرض، وقابل بيانها الأول بالرقص والزغاريد والابتهاج، تماماً كما قابل (والدي) رحمه الله لحظة ميلادي بعد ميلاد شقيقي الأكبر (ياسين) الذي (فقد بصره) بعد ستة أشهر من ميلاده، فكان حزن الوالد والوالدة رحمة الله تغشاهما على شقيقي يتماهى مع حزن الشعب اليمني بفشل حركة 1948م..
والمؤسف أن إخفاق الثورة في تحقيق أهدافها وتحصين الوعي الجمعي الوطني بقيمها ومشروعها الثقافي الوطني (الغائب) ألقى بظلاله على مسيرتي الحياتية ولم يكن حظي وقدري يختلف عن حظ وقدر الثورة، فجميعنا _ الثورة وأنا _ تهنا في تضاريس المسار الزمني وبالتالي صار لزاماً‮ ‬علينا‮ ‬‭_‬انا‮ ‬والثورة‮ ‬‭_‬أن‮ ‬نردد‮ ‬أغنية‮ ‬الاستاذ‮ ‬أيوب‮ ‬طارش‮ ‬الرائعة‮ (‬هيمان‮) ‬التي‮ ‬أبدعتها‮ ‬قريحة‮ ‬الشاعر‮ ‬المرحوم‮ ‬عبدالله‮ ‬عبدالوهاب‮ ‬نعمان‮.. ‬
نعم فالثورة قامت وسارت في مدارب الزمن وتعرجاته، عانت من الانتقاص والتهميش، وأُفرغت من كل أهدافها وقيمها وافتقدت لمشروعها الوطني الذي يتكفل بترسيخها في وجدان وذاكرة الشعب،الذي تركته الثورة في حالة من التنافر والتناقض، لتغدو الثورة عاماً بعد آخر مجرد شعارات ومسميات،‮ ‬وباسمها‮ ‬ومن‮ ‬أجلها‮ ‬قُتل‮ ‬من‮ ‬قُتل‮ ‬وسُجن‮ ‬من‮ ‬سُجن‮ ‬وشُرد‮ ‬من‮ ‬شُرد‮ ‬وضاع‮ ‬من‮ ‬ضاع‮ ‬في‮ ‬دروب‮ ‬الأحلام‮ ‬التي‮ ‬لم‮ ‬تر‮ ‬سوى‮ ‬بصيصا‮ ‬من‮ ‬نور‮ ‬أحدثته‮ ‬تحولات‮ ‬الزمن‮ ‬لا‮ ‬أهداف‮ ‬الثورة‮.. ‬
بدوري‮ ‬وجدت‮ ‬نفسي‮ ‬في‮ ‬ذات‮ (‬الحال‮ ‬المهترئ‮) ‬وفشلت‮ ‬في‮ ‬أن‮ ‬أغير‮ ‬واقعي‮ ‬الأسرى،‮ ‬كما‮ ‬أخفقت‮ ‬في‮ ‬أن‮ ‬أكون‮ (‬أباً‮) ‬نموذجياً،‮ ‬وأحقق‮ ‬قدراً‮ ‬من‮ ‬حياة‮ ‬لائقة‮ ‬لأولادي‮ ‬بعد‮ ‬أن‮ ‬عجزت‮ ‬عن‮ ‬تحقيق‮ ‬ذلك‮ (‬لوالديا‮)..!! ‬
وبالتالي‮ ‬أصبح‮ ‬لزاماً‮ ‬عليَّ‮ ‬وعلى‮ ‬الثورة‮ ‬أن‮ ‬نردد‮ ‬مع‮ ‬الاستاذ‮ ‬أيوب‮ ‬طارش‮ ‬أغنية‮ (‬هيمان‮). ‬
ورغم‮ ‬شاعرية‮ ‬هذه‮ ‬الأغنية‮ ‬وتصوفها‮ ‬فإن‮ ‬هذا‮ ‬المقطع‮ ‬وحده‮ (‬هيمان‮ ‬حتى‮ ‬لو‮ ‬سكنت‮ ‬السحاب
لأصبحت‮ ‬قيعان‮ ‬فيها‮ ‬سراب
فهل‮ ‬أتى‮ ‬حُبٍي‮ ‬لقلبي‮ ‬عقاب
أو‮ ‬أنً‮ ‬إحراقي‮ ‬بشوقي‮ ‬ثواب‮)‬
‮ ‬يكفي‮ ‬للتعبير‮ ‬عن‮ ‬حالي‮ ‬وحال‮ ‬الثورة‮ ‬ومسار‮ ‬الأقدار‮ ‬التي‮ ‬أوردتنا‮ ‬دروب‮ ‬اليأس‮ ‬والانكسار‮ ‬القهري‮..‬؟‮! ‬
فإذا كانت الثورة تردد هذه الكلمات للشعب، أجد نفسي أرددها بدوري للثورة التي عشقتها كما عشق (جميل.. بثينة).. وكما انتهت قصة (جميل وبثينة) في الأساطير العربية بموتهما قهراً وكمداً، فها هي أشعة الثورة تنساب من مساماتي وذاكرة وطن وتأخذ طريقها نحو الأفول وكأنها‮ ( ‬الشمس‮) ‬في‮ ‬رحلة‮ ‬زوال‮.. ‬
قد لا أكون الوحيد الذي ينتابه هذا الشعور المؤلم، بل هناك جيل بكامله ربما يشعر بما أشعر به، لكن لمن يرغب في اكتشاف ما يعتمل في وجدانه عليه أن يستمع لأغنية الفنان أيوب سالفة الذكر والتمعن في حروفها ومفرداتها ومن ثم يعكسها على حالته وشعوره، فسيجد نفسه تلقائياً‮ ‬يعيش‮ ‬ذات‮ ‬الحالة‮ ‬التي‮ ‬اعيشها‮.. ‬
دمتم‮ ‬أنقياء‮.. ‬وكل‮ ‬عام‮ ‬والثورة‮ ‬والوطن‮ ‬بخير‮.. ‬أما‮ ‬المواطن‮ ‬فله‮ ‬رب‮ ‬يتكفل‮ ‬به،‮ ‬بعد‮ ‬أن‮ ‬تعددت‮ ‬الثورات‮ ‬والقهر‮ ‬واحد‮..‬؟‮! ‬
ameritaha@gmail‭.‬com



تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:33 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-63064.htm