فريق ركن الدكتور/ قاسم لبوزة ❊ - ونحن نحتفل بالذكرى 59 للثورة العظيمة 14 أكتوبر لابد أن نتذكر حتمية تأريخية لاتقبل الجدل وهي أن الزوال والرحيل هو المصير الحتمي للغزاة والمحتلين كحقيقة أبدية وثابتة عبر كل مراحل التاريخ البشري.. وواهم من يراهن على كسر إرادة شعبنا العظيم ..
والبدء بالتذكير بهذه الحقيقة يدعونا للتأمل في دلالات هذه الثورة ومواصلة السير على ذات الدرب التحرري الأصيل والنبيل الذي اختطه رجال مؤمنون صدقوا ماعاهدوا الله عليه وضعوا اكفانهم على أكفهم بعد ان خرجوا من ثورة 26 سبتمبر 1962م مظفرين بالنصر لتتوحد توجهاتهم من جديد في ملحمة عظيمة من واحدية الثورة اليمنية قادت الى دفع المحتل البريطاني البغيض الى الرحيل المذل والمخزي من أرض الوطن.
واليوم ونحن نرى من جديد جنوبنا الغالي تحت نير الاحتلال بطرق وادوات جديدة يعمل عليها المرتزقة في الداخل لاشك ان ذلك يضعنا جميعاً امام مسئولية كبيرة لمواجهة كل ذلك ..
ومواجهة العدوان اليوم هو المسار الصحيح للمواجهة التي تمثل التجسيد الحقيقي لكل معاني الوفاء لثورة الرابع عشر من أكتوبر ولكل ما ترمز إليه من نضالات وتضحيات، ويكفي فخراً أن هذه الثورة التي اشتعلت في وجه الغازي الأجنبي تحضر اليوم في ذكراها التاسعة والخمسين فلا تجد مكانها ولا موقفها ولا خندقها إلا حيث يقف ابطال الجيش واللجان الشعبية وابناء القبائل الشرفاء وحيث يتخندقون، وتتوجه بنادقهم صوب المحتل والمعتدي ، وأما أولئك المرتزقة والخونة الذين تخندقوا ومازالوا يتخندقون اليوم في صف تحالف العدوان الأجنبي فيكفيهم خزياً أنهم اليوم مفصولون عن الهوية والتاريخ، ولايستطيعون أن يشاركونا الاحتفال بذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر، وكيف يجرؤون على ذلك وقد حولوا مدينتها الأم (عدن) إلى مسرح لعبث أصغر الخدم في بلاط المستعمر القديم.
صحيح أن مرتزقة تحالف العدوان قد مكنوا العدو المحتل من تدنيس تربة ارضنا الطاهرة ،ووضعوا ردفان تحت هيمنة أصغر محتل في التاريخ، وهو ردفان التاريخ والثورة، وذلك المرتفع العزيز الذي انطلقت من قممه العاليات الشرارة الأولى لثورة 14 أكتوبر ضد المستعمر البريطاني، وسالت فيه دماء الثائر راجح لبوزة، وفاضت من على سفحه أرواح الشهداء، وأحزان الرفاق على الرفاق..
لكن أرضنا ولَّادة بالنضالات العظيمة وسيثأر الاحرار من المحتل الجديد الذي دنس أرضنا طال الزمن أو قصر.
كما أن عليهم ان يفهموا أن أجمل وأعز ما في كل التاريخ لدينا، ولدى كل الشعوب ماضياً وحاضراً ومستقبلاً إنما هو عبارة عن مواقف ومشاعر ومعانٍ خالدة لا يمكن أن يصنعها أو يصونها أو يؤتمن عليها أناسٌ مرتزقة أو عملاء خانوا وطنهم، وإنما يصنعها ويحميها ويؤتمن عليها أولئك الرجال الكرام الذين يتصدون للمحن ، ويحتضنون أوطانهم بين النار وتحت القصف، وينحازون بالمطلق إلى شعبهم وأرضهم، ومثل هؤلاء وحدهم - ولاريب- من يحق لهم الاحتفال بهذه الذكرى العظيمة.
إن هذه الذكرى المجيدة تذكّرنا بأن قدر الشعب اليمني أن يكون واحداً وموحداً في مواجهة الاخطار وأي عدو أجنبي، وما يؤكد ذلك بالأمس الزخم اليماني الذي وقف خلف الرابع عشر من أكتوبر والذي خلقته آنذاك صنعاء وعدن وكل المناطق اليمنية، ويتأكد اليوم ضد تحالف العدوان البغيض من صعدة إلى المهرة وكل ذلك يستند الى موقف شعبي وطني واحد وموحد وسيبقى كذلك مهما حاول البعض التغطية عليه ، وكل المكونات السياسية اليمنية إنما تستمد قوتها وزخمها السياسي من مقدار قُربها أو بُعدها عن هذا الموقف اليمني الواحد والموحد.
أيضاً يذكّرنا الرابع عشر من أكتوبر بأن مشاريع الغزو والاحتلال لن تكون أبداً إلا مشاريع زائلة ومتلاشية ومثيرة للكراهيات والأوجاع مهما استمرت وجند لها المحتل حملات التضليل والتبييض لطمس بشاعاته لأن ماصنعه المعتدون بالأمس واليوم من معاناة كبيرة وواسعة خصوصاً في المناطق المحتلة ستبقى ندوباً غائرة في القلوب وعلى صفحات المؤرخين المنصفين ويصعب شطبها وستبقى عاراً يلاحقهم حتى في قبورهم .
كما هي حقيقة اخرى يذكّرنا بها الرابع عشر من اكتوبر بأن الزوال والرحيل هو المصير الحتمي لكل الغزاة والمحتلين وهذه حتمية تاريخية ثابتة يؤكدها التاريخ البشري في كل مراحله وأن إرادة الشعوب من إرادة الله، لذا يظن عبثاً من يراهن على كسر عزيمة وارادة شعبنا اليمني، وبالتالي على العدو او اي قوة لها مطامع في ارضنا ان تدرك جيداً انها تبني آمالها على حسابات خاطئة جداً إن فكرت او تفكر بأنها يمكنها البقاء او انها ستعيش حالة من الآمان على ارضنا اليمنية الواحدة والموحدة .
ومن هنا نقول لكل من ناصبوا الوطن العداء، راجعوا مواقفكم وحساباتكم من جديد لأن الفرص مع تاريخ الشعوب الحرة الكريمة لاتتكرر وأعيدوا ضبط توجهاتكم في ضوء ما تذكّر به هذه الثورة من حقائق ودلالات ومع التغيرات التي تشهدها المنطقة والعالم وما تنذر به من تحولات وتحديات كبرى، وما يستدعيه كل ذلك من ضرورة تصحيح المواقف تجاه الوطن وابناء شعبنا الذين هم القاعدة الصلبة التي تتكسر عليها كل محاولات النيل من الوطن.
❊ نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام
|