استطلاع/ عبدالرحمن الشيباني - أكتوبر المجيد يهل علينا في ذكراه الـ 59 ووطننا اليمني يمر بمنعطفات خطيرة، يحاول أعداء الامس العودة بشخوص جديدة محاولين النيل من الثورة الأكتوبرية، التى أوقد شعلتها الذئاب الحمر في جبال ردفان معانقة بذلك جبل نقم وعيبان ، سطر خلالها الثوار ملاحم بطولية وهيهات ان يعود التاريخ للوراء ، سيكون هذا العناق اليمني أبديا مهما حاول أعداء الأمس واليوم النيل من اليمن الكبير، فالعهد يتجدد ويستمر على مواصلة النضال، وتحقيق أهداف الثورتين الخالدتين سبتمبر وأكتوبر وإعلاء قيمهما..
إن واحدية النضال اليمني ضد الاستعمار البريطاني والحكم الامامي الكهنوتي لا يمكن الخوض فيها بالتشكيك بل هي ماثلة للعيان والتاريخ يسرد وقائعها وتفاصيلها وكيف امتزج الدم اليمني الواحد الطاهر على ثرى المجد سواء في الجنوب أو الشمال ، لقد كان غالب راجح لبوزة واحداً من أبرز الأبطال الذين أنجبتهم اليمن ..شارك في الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر 1962م المجيدة، ومعه حشود من أبناء ردفان ويافع وشبوة .. وكانوا يهتفون باسم وطنهم اليمن وجمهوريتهم الوليدة وباسم الزعيم السلال ، وبعد أن أدى الشهيد لبوزة واجبه الوطني في شمال اليمن ، عاد إلى جبال ردفان وفجر ثورة 14 أكتوبر 1963م الخالدة، ضد المستعمر البريطاني، وهو يهتف باسم اليمن ، وقاتل حتى استشهد وهو شامخ كشموخ جبال ردفان وعيبان وشمسان، وبفضل تفجيره ثورة أكتوبر استعاد جنوب الوطن هويته التاريخية (اليمن) وقضى على الهوية العدمية (الجنوب العربي) التي أراد المستعمر فرضها عليه بالقوة الغاشمة...
للشهيد العظيم راجح لبوزة ولكافة شهداء ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر الرحمة والخلود ..
امتزاج وتلاحم
يشير الباحث اليمني محمد ناجى احمد إلى انه وعبر التاريخ كان هناك امتزاج بين اليمنيين في هذه الجغرافيا الممتدة من صعدة إلى المهرة وهي السمة البارزة بعد انطلاق ثورة 26 سبتمبر 1962م حيث كان أبناء الضالع والشيخ لبوزة مع المئات من ابناء الجنوب قد شاركوا عام 1963م في الدفاع عن الثورة السبتمبرية وعند عودتهم إلى قراهم طلب منهم الاستعمار البريطانى تسليم أسلحتهم الشخصية مع غرامة مالية القصد منها الإذلال مما دفع لبوزة الى التمرد الذي من شرارته انطلقت ثورة 14أكتوبر..
حركة عمالية
فؤاد عبد الله حسين- أحد مناضلي حرب التحرير -يقول لـ"الميثاق" والشعب اليمني يحتفل بهذه المناسبة العظيمة:إن ثورة14 اكتوبر دكت عروش المستعمر البريطاني وحطمت كبرياءه وبأسلحة بسيطة..
وأضاف: " يحتفل شعبنا اليمني بالذكرى الـ"59" لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة التي هزت عروش المستعمر البريطاني الدولة العظمى التي احتلت معظم دول العالم واحتلت عدن في19 يناير 1829وظلت قرابة 128 عاما وقبل قيام ثورة الرابع عشر من أكتوبر ومنذ الخمسينيات واجه الاستعمار البريطاني العديد من الانتفاضات المسلحة وبأسلحة بسيطة تمكن من اخمادها ثم ظهرت الحركة العمالية التي قادت المسيرات والمظاهرات والاحتجاجات والمطالبات برحيل المستعمر البريطاني..
وأردف حسين قائلا :"في بداية الستينيات مع تنامي الوعي القومي ظهرت حركات ثورية وتكوين حركة القوميين العرب انضم إليها عدد من الشخصيات الوطنية الشبابية حيث قاموا بأكبر مسيرة تظاهرية جماهيرية في24 سبتمبر1962م وخرجت الجماهير صوب المجلس التشريعي في مدينة كريتر للتنديد بالاستعمار.
اصطفاف جماهيري
بعدها بيومين تقريبا تهيأت الظروف لثورة 26 سبتمبر 1962م معلناً قيام الجمهورية العربية اليمنية والتخلص من الحكم الامامي واعلان اول حكومة وطنية بقيادة المشير عبدالله السلال وتعيين الشخصية الوطنية قحطان محمد الشعبي وزيرا للدولة لشئون الجنوب ، وتقاطر ابناء الجنوب المناصلين الى شمال الوطن للدفاع عن الجمهورية بالانخراط في الحرس الوطني وتهيأت الظروف بقيام معسكرات للتدريب في مدينة تعز والإعداد والتسليح لتفجير الثورة المسلحة لتحرير جنوب اليمن المحتل وترجل الثوار بقيادة غالب بن راجح لبوزة في إدخال السلاح وتفجير الثورة من على قمم جبال ردفان معلنين الكفاح المسلح في الرابع عشر من أكتوبر1963 واستشهاد غالب بن راجح وتبني الجبهة القومية طريق الكفاح المسلح لتحرير جنوب اليمن المحتل واصطفاف الجماهير والقوى الوطنية والفدائيين من ابناء الشعب اليمني من كل أرجاء الوطن بثورة مسلحة تصاعدت يوما بعد يوم..
واختتم المناضل حسين حديثه بالقول انه وعلى الرغم من مواجهة الثورة في مسيرتها من عراقيل من قبل عملاء الاستعمار وشحة الامكانات الا أن الإرادة الثورية واصلت النضال والكفاح وارعبت المستعمر واجبرته على الرحيل واعلان الاستقلال الوطني بعد ملاحم بطولية جعلت المستعمر يجر أذيال الهزائم التي مني بها وكانت حينها كل الارجاء تردد بشعار الجماهير برع برع يا استعمار..
تراكم نضالي
الكاتب الصحفي /شوقي شاهر اكد على ان ثورة الـ14من اكتوبر 1963م جاءت تتويجا لحركة التحرر الوطني ولنضالات شعبنا التي امتدت لعقود على اتساع الوطن من أقصاه إلى أقصاه حتى تم تتويج هذا التراكم النضالي بثورة 26 سبتمبر عام 1962م في شمال الوطن ضد التخلف والكهنوت الذي كان يجثم حينذاك على هذا الشطر من وطننا الغالي.. موضحا أن نجاحها كان بإسهام طلائع المناضلين التي هبت من جنوب الوطن لتآزر حركة النضال ضد الإمامة والتي أشعلت جذوة الثورة هناك حتى امتد هذا الحراك الوطني إلى المناطق الجنوبية التي انتفض أبناؤها ضد المستعمر البغيض بعد أن جثم على هذه المناطق لفترة 129 عاما حاول خلالها المستعمر أن يخضع جنوب الوطن لأطماعه وأهوائه في تقسيم الارض والإنسان هناك فعمد إلى تقسيم الارض إلى سلطنات ومشيخات منطلقا بذلك من تعميق قاعدة فرق تسد..
روح نضالية
لقد بذل المستعمر البغيض لأجل ترسيخ هذة القاعدة جُل جهّده تارة بالترهيب وتارة بالترغيب، ولكن هيهات له ان يستمر بهذه السياسة الاستعماريه التي تحطمت أمام الروح الثورية والنضالية لأبناء اليمن في الجنوب والذي عزز التعاضد والتآزر الذي جمع بين الحركة النضالية ضد التخلف في الشمال والتحرر من تآمر المستعمر لتقسيم وتجزئة الارض والإنسان في جنوب الوطن.. ولفت شاهر إلى أن اليمنيين اثبتوا على مدى حركاتهم التحررية والنضالية أنهم يرفضون الظلم ويمقتون محاولات تجزئة تاريخهم النضالي، وكما رفضوا ذلك سابقا فإنهم عازمون ايضا على مواجهة مثل هذه المشاريع حاضرا ومستقبلا. وبذلك فإن هذه المناسبة تعيد دائما إلى الأذهان واحدية الثورتين سبتمبر واكتوبر كمنطلق لذلك الحراك الوطني والثوري الذي وقف دائما أمام إعادة حركة التاريخ إلى الوراء.
تجربة رائدة
الكاتب السياسى /عبد الله الاحمدى قال: إن ثورة14 اكتوبر المجيدة 1962م غيرت العلاقات الاجتماعية في اليمن،ونقلت الوطن والمواطن الى أوضاع متقدمة بعد رحيل المستعمر البريطاني،وحدت 23 سلطنة واقامت نظاما للمساواة لأول مرة في اليمن، ورغم الحصار الذي ضربته الرجعية السعودية وأعوانها وكذا الامبريالية الغربية حول الثورة إلا أنها استطاعت بثوارها أن تخوض تجربة رائدة، وظل النظام حينها مهابا تهابه القوى الرجعية في الجزيرة والخليج .. لقد اشاعت مجانية التعليم والتطبيب في الداخل والخارج.. وكان الانسان هو هدف هذه الثورة ومحور نضالها وتنميتها..
تجربة الثورة في الجنوب كانت رائدة،لاسيما في مجال التعليم ومحو الأمية،فقد تم محو أمية ما يزيد على 90٪ من السكان،بل إن الأمية اختفت في الجنوب نهائيا ، أما في مجال حقوق المرأة فقد كان قانون الأسرة في الجنوب رائدا في المنطقة العربية، ولا يضاهيه إلا مدونة حقوق المرأة في تونس".. وأشار الاحمدى إلى" أن هناك من حاول كسر ثورة اكتوبر بالحروب التى شنت خصوصا السعودية التى حاولت كسرها بالحروب التي شنتها لأكثر من مرة..
مؤكدا ان هناك من حاول تصفية تلك المكاسب التي حققها الكادحون اليمنيون بالعرق والدم وافراغ الجنوب من الوعي الوطني والوحدوي بالانقلاب على المشاريع الوطنية وتصفية تجربة ثورية رائدة حققت الكثير ولعل ما يحدث الآن من فوضى وإرهاب واحتلال متعدد الجنسيات نتيجة لتلك المؤامرات.
إرادة شعب
الأستاذة/ ذكرى المصفرى- رئيس مجلس انقاذ عدن- أكدت أن ثورة سبتمبر 1962م في شمال الوطن وثورة 14 أكتوبر 1963م في جنوب الوطن ثورات حقيقية لا غبار عليها وخسيس من ينكرها او يتطاول عليها فهذه الثورات افتداها أهلنا الشرفاء شمالا بأعز ما يملكون وهو التضحية بالنفس ..مشيرة الى ان هؤلاء يتكررون وكانوا معبرين عن ارادة شعب اليمن العظيم في الشمال والجنوب وأمنية الشرفاء في التغيير والخروج من حكم الكهنوت في الشمال .. وأضافت: انها ارادة وثورة كفاح شعب الجنوب في التخلص من عبودية الاستعمار البريطاني القذر الذي سخر عدن وثرواتها في بناء بريطانيا الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس وحقيقة هذا الاستعمار لم يخدم شعب الجنوب وانما خدم المرتزقة التابعين له في داخل عدن وسلاطين ومشائخ وامراء المذلة في الجنوب ، وتجاهلت بريطانيا بقية الشعب الجنوبي وهي تقف خلف كل صراعات واحقاد وحروب أبناء الجنوب فيما بينهم البين الى هذه اللحظة ..! وتابعت بالقول: " عندما تركت بريطانيا عدن لم تتركها رغبة منها بل كارهة ولهذا فرضت على عدن عقوبة الأعمال الشاقة المؤبدة وعرفت كيف تنتقم منها وسلمتها لغير أهلها ... سلمتها للقتلة من أتباعها وضد شعبهم اليمني مقابل المال والخدمة العسكرية معها ..مصيبتنا كانت ومازالت وجود العبيد في قيادة الوطن.. ان اهل عدن واحرار الجنوب قاطبة واليمن عموما هم من قادوا النضال وحاربوا الوجود البريطاني ولهذا تم عزلهم بعد الاستقلال وتهميشهم..
ثورة وطنية
وترحمت المصفرى على شهداء اليمن الحقيقيين ، الذين ارادوا الخير والنصر والعزة والكرامة والخلاص والحياة بشرف .. والشعب اليمني يعلمهم ويعلم من هو الشهيد ومن هو الخائن المرتزق الرخيص.. رحمة الله على شهداء مصر العروبة ومصر القومية ورحمة الله على الزعيم العربي العظيم جمال عبدالناصر الذي أحب اليمن واراد لها الحرية والعيش بكرامة..ولنعلم أن اليمن بحاجة ماسة اليوم لثورة أخلاقية وطنية تعيد اخلاق ووطنية كل اليمنيين لوضعها الطبيعي والإنساني والتاريخي الاصيل ثورة تحترم خصوصيات كل اهل اليمن وتطهر اليمن من المرتزقة العملاء..
مصادرة الحقوق
بدوره يعتبر د. حميد غوبر ان ثورة 14 اكتوبر أهم وأكبر حدث في جنوب اليمن كونها طردت الاستعمار البريطاني الذي جثم على جنوب الوطن طيلة 129 عاما.. لافتا إلى الممارسات التى قام بها الاستعمار وزبانيته في استعباد وإذلال الناس ومصادرة حقوقهم .. وأضاف: في 14 اكتوبر فجر الشيخ راجح بن غالب لبوزة ثورة ضد المحتل البريطاني وظلت مشتعلة اربع سنوات حتى اجلاء آخر جندي بريطاني عن جنوب الوطن في 30 نوفمبر 1967م.. وكان لثورة 26 سبتمبر 1962م الدور الكبير و المهم في تفجير ثورة اكتوبر , حيث كانت الباعث الاول لحماس ثوار الجنوب وخلقت في نفوسهم الكفاح المسلح ضد المحتل البريطاني وكانت هناك تفجيرات وخوض معارك في عدة أماكن ضد المحتل البريطاني , فثورة 14 اكتوبر لم يشعر بها الا من عاش مرارة المحتل البريطانى ..واختتم د. غوبر حديثه مؤكدا ان ثورة 14 اكتوبر كانت نهاية عقود من الظلم ..مشيرا الى ان ما يجرى اليوم فى جنوب اليمن من محاولة تقسيم يذكرنا بقيام بريطانيا بتقسيم الجنوب الى 21 امارة وسلطنة ومشيخة من اجل تسهيل ابتلاعه وفق قاعدته المعروفة" فرق تسد "لكن الكلمة الفصل كانت للشعب والثوار فى نهاية المطاف.
ولعل ما يحدث اليوم ومن خلال قراءة ما يجري يستشف منه أن التاريخ يعيد نفسه بقبح كبير.
|