أحمد الزبيري - الولايات المتحدة الأمريكية كان يمكن ان تقود العالم بعد انهيار المنظومة الشرقية وتفكك الاتحاد السوفييتي الذي اعتبرته نصراً في الحرب الباردة، وكان بإمكانها ان تجعل من القرن الحادي والعشرين قرناً أمريكياً بدون تنظيرات مفكري مراكز الدعاية الأمريكية ومن منطلقات ما تدَّعي حول الليبرالية الاقتصادية، ولم تكن محتاجة لحصر نهاية التاريخ بها لان التاريخ ليس له نهاية إلا وفقاً للناموس الإلهي.
وهنا نصل إلى أن أمريكا والغرب لا يستطيعون ان يكونوا ما تربوا وكبروا عليه.. وهو إبادة الشعوب الأخرى واستعبادها ونهب ثرواتها وكلما كانت الظروف لصالحهم ازدادوا جشعاً وبشاعة.. وأمريكا ما بعد الحرب الباردة تجسيد لكل التاريخ الاستعماري مضافاً إليه طبيعة الدولة الأمريكية التي قامت على جماجم الهنود الحمر أبناء هذه القارة الأصليين..
الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات واقتصاد السوق والتجارة المفتوحة القائمة على المنافسة لم تكن سوى أكاذيب مضافاً إليها اختراع الإرهاب والهيمنة والسيطرة على العالم، ولو تبنت هذه القضايا مع قيادة العالم للحفاظ على كوكب الأرض بوقف كل ما يؤدي إلى التغيرات التي يعيشها الكوكب من احترار وكوارث طبيعة بدون شك كانت ستأخذ موقع القيادة وعن استحقاق، ولكن من أين لأمريكا ان تكون فعلاً حاملة لمثل هذه القيم ..
امور كثيرة تكشفت في العقود الثلاثة الأخيرة لتؤكد أن أمريكا رمز للشر، واصرارها على مخططات مشاريع الهيمنة ربما يؤدي بالنهاية إلى مواجهة تدمّر كوكب الأرض، وهذا واضح من المواجهة التي تحتدم بينها وحلفها الغربي وبين روسيا في أوكرانيا..
كان واضحاً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ان روسيا مهما بدات ضعيفة لم تقبل بهذه الهيمنة، أما الصين فمواجهتها التنافسية مع أمريكا والغرب ذات الطابع الاقتصادي ففي طريقها إلى ان تصبح الصين القوة الاقتصادية الأولى في العالم واذا ما جمعناها مع القوة الروسية ودول ناهضة أخرى فإن منطق الهيمنة الأمريكية يتبدد والحلم الأمريكي يتحول إلى كابوس وهو ما دفع برئيسة مجلس النواب الأمريكي بالتصرف كمراهقة بزيارتها إلى تايوان وهي في أرذل العمر..
واذا شاهدنا بايدن وهو يطلق على بوتين نعوتاً لا تليق برئيس الدولة الأولى العالم وكذلك وهو يصافح الفراغ فإننا نكون بالربط مع رئيسة مجلس النواب الأمريكي أمام أمريكا الشائخة..
الحرب الناتوية على روسيا ورسم استراتيجيات باعتبار الصين العدو الأول لأمريكا على المدى البعيد، هي من ستضع البشرية على طريق نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، وبوتين لم يعد مبشراً بهذا النظام بل اصبح حقيقة، والدعاية الغربية ببوتين المهزوم كل يوم يفضحها الرئيس الروسي وخطابه، ولقاؤه مع المشاركين في منتدى (فالدي) يوم الخميس الماضي يؤكد حقيقة أننا أمام نظام عالمي جديد أكثر عدالة وأقل هيمنة واستغلالاً يعيد التوازن ليس فقط للإنسانية بل ولكوكب الأرض..
|