الميثاق نت -

الأربعاء, 09-نوفمبر-2022
‮ ‬عبدالجليل‮ ‬أحمد‮ ‬ناجي‬‬‬ -
اليمن بلد عريق وغني بموروثه الحضاري والتاريخي وجغرافيته غنية بمخزون من الآثار النفيسة والنقوش المكتوبة بالخط المسند، وهذه النقوش هي ذاكرة الحقب القديمة لليمن منحوتة على الصخر، وعدد كبير من المدن والقرى القديمة والمواقع الأثرية أغلبها مازالت مطمورة وبحاجة إلى جهود كبيرة، وإمكانات ضخمة للدراسات والتنقيب ، وهذا ماجعل اليمن منذ بداية عصر الإستكشافات والاستشراق هدفاً لرحلات المستشرقين والمغامرين والباحثين عن آثار وثقافات الحضارات القديمة من أنحاء العالم...

ولقد مثَّل نجاح علماء الآثار والتاريخ في اليمن في قراءة وترجمة حروف المسند إنجاز عظيم فتح نافذة واسعة للعبور إلى حضارة وتاريخ اليمن القديم، وبذلك أصبح تاريخ اليمن القديم يستند على حقائق علمية ودلائل تاريخية قوية لايخالجها شك بعد أن كانت عبارة عن مخطوطات وسير ومدونات شعرية وحكايا يتناقلها المؤرخون والإخباريون ، وتشير الدراسات الى أن ما تم جمعه وتوثيقه من النقوش القديمة حوالي 4000 نقش وهذا عدد ليس بالقليل ، وتعتبر ثروة وطنية كبيرة جداً، قياساً بما لم يُكتشف حتى الآن .

ولقد كانت رؤية المؤتمر الشعبي العام كما جاء في الميثاق الوطني (إن تاريخنا مرجع لا نظير له) اي ان علينا ان نستلهم العظات والعبر ونستفيد من التأريخ ونحن نسعى لبناء المستقبل ، وكما يقال: في التعبير الشائع من لاماض له لا حاضر له ، ولقد استلهم الميثاق الوطني الحقائق الخمس من التاريخ اليمني والحضارات اليمنية المتعاقبة منذ القدم وحتى العصر الإسلامي وقيام ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين ، ومن خلال قراءة التأريخ تكون لدينا رؤية أننا يجب أن نحافظ على موروثنا التاريخي والحضاري لأنه يعبر عن أصالة اليمنيين ووحدتهم وعراقتهم وقوتهم وعزتهم ومجدهم ويعتبر جزءاً مهماً من مكونات هويتنا اليمنية ، وهو أيضاً إلى جانب كونه مرجعاً ورافداً فكرياً وثقافياً فهو ايضا ثروة وطنية لها مردودها الاقتصادي والمادي لارتباطه بالسياحة كمورد مهم جداً، ولذلك كان العمل من أجل أن يكون تاريخنا المشرق وحضارتنا العريقة وتراثنا أحد المراجع المهمة لتشكيل وعي وثقافة الإنسان اليمني المعاصر وتم إدراجه كمحور أساسي في وثائق وبرامج المؤتمر الشعبي العام، وندوات التوعية السياسية والثقافية والإعلامية وفي المناهج التعليمية للتعليم العام والجامعي وفي الإصدارات الثقافية وفي أجندة الخطاب السياسي .. لأنه لا يمكن ان نحافظ على تأريخنا وموروثنا مالم يكن لدينا وعي مجتمعي وإرادة سياسية ، فمن أهم الأسباب التي كانت تلحق الضرر بآثارنا وموروثنا الحضاري غياب الوعي المجتمعي بأهمية هذا الموروث ، وكذلك إهماله وعدم ادراجه ضمن الأجندة السياسية لأنظمة الحكم الكهنوتية المتعاقبة قبل الثورة، أما على صعيد البرامج التنفيذية فقد اهتمت حكومات المؤتمر المتعاقبة والمؤسسات المعنية والعلمية والأكاديمية بالتنقيب عن الآثار ، وحماية عدد كبير من المواقع الأثرية وإقامة وتطوير المتاحف وتكثيف البحوث العلمية المتعلقة بالآثار وجمع وترجمة النقوش وتحقيق المخطوطات وإعادة صياغة مفردات تاريخنا القديم والاسلامي ، والمعاصر ، والعربي على أسس علمية وتدريسها للاجيال بأسلوب علمي محايد يهدف إلى بناء وعي جمعي يعزز وحدة وتماسك المجتمع وتقوية الروابط اليمنية والعربية‮ ‬والإسلامية‮ ‬بإعتبار‮ ‬أن‮ ‬الإنسان‮ ‬اليمني‮ ‬هو‮ ‬جزء‮ ‬من‮ ‬الأمة‮ ‬العربية‮ ‬والإسلامية‮.. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

وقد أدى تنامي الوعي إلى تعاون و تضافر مشترك للاهتمام بحضارة وتأريخ اليمن بين الجهد الرسمي والأكاديمي والجهد الفردي من قبل الباحثين والمهتمين وعلماء التاريخ والآثار اليمنيين والعرب والاصدقاء ومن أعظم مراتب الشرف أن يترك الإنسان بصمة في خدمة تاريخ وحضارة بلده‮.. ‬‬

وإن اعداء اليمن عبر التأريخ ينظرون إلى هذا الرصيد الحضاري والتاريخي الكبير لليمن أنه خطر عليهم لأنه يعزز من وجود وتأثير الهوية اليمنية ، ويضع اليمن في أعلى مراتب دول العالم حضارة وتاريخاً، ويمثل ثروة وطنية كبيرة، ويبقيه في أحلك الظروف والمحن شامخاً موحداً، ولذلك يتآمرون على هذا الموروث العظيم ويسعون جاهدين لخلع المجتمع اليمني عن جذوره الحضارية والتأريخية ، ليسهل عليهم إضعافه وتمزيقه تحت مسميات وهويات مستحدثة، وعبر الزمن تتعرض الآثار اليمنية والمخطوطات وحتى التراث الشفهي والفلوكلوري المتناقل للنهب والسطو وبتسهيل ومشاركة - للأسف - من قبل تجار آثار ، وعصابات طامعين في المال من أبناء اليمن ، وحتى محاولة محو وطمس المعالم الحضارية الإسلامية من المساجد التأريخية القديمه والمنارات والمراقد والقباب سواء تحت مسمى الهدم والتجديد وفق النمط الحديث أو التفجير والتدمير للمعالم‮ ‬الإسلامية‮ ‬والآثار‮ ‬تحت‮ ‬مسمى‮ ‬محاربة‮ ‬البدع‮ ‬كما‮ ‬حدث‮ ‬لقبة‮ ‬الفقيه‮ ‬السودي‮ ‬في‮ ‬تعز،‮ ‬وجامع‮ ‬الفازه‮ ‬تحت‮ ‬تأثير‮ ‬أفكار‮ ‬ومفاهيم‮ ‬مغلوطة‮.. ‬إلخ‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 02:14 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-63218.htm