الميثاق نت -

الثلاثاء, 15-نوفمبر-2022
استطلاع‮/ ‬جمال‮ ‬الورد -
لم تقتصر معاناة الطلاب اليمنيين المستفيدين من منح حكومية، على تأخير المستحقات المالية لأشهر، بل إن القنصليات والبعثات الدبلوماسية اليمنية التابعة للحكومة الموالية للرياض، في الدول التي يتواجد المبتعثون اليمنيون فيها، تفاقم من معاناتهم بدلاً من إيجاد الحلول‮.‬
وبصورة متكرّرة، تشهدُ عددٌ من دول الابتعاث كـمصر والأردن والهند والجزائر وألمانيا وروسيا وماليزيا والمغرب وبولندا وبلدان أُخرى، احتجاجاتٍ للطلاب اليمنيين واعتصامات في السفارات اليمنية المدارة من حكومة العملاء للمطالبة بصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة، والإسراع‮ ‬بسداد‮ ‬أقساط‮ ‬الدراسة‮ ‬لحساب‮ ‬الجامعات‮ ‬التي‮ ‬يدرسون‮ ‬فيها‮ ‬حتى‮ ‬لا‮ ‬يكون‮ ‬مصيرهم‮ ‬كمصير‮ ‬من‮ ‬سبقوهم‮.‬
في الخامس عشر من مارس 2022م، حاولت طالبة يمنية الانتحار بعد أن اضطرت لبيع كل أجهزتها الالكترونية لسداد إيجار الشقة التي تسكنها في العاصمة المصرية القاهرة، بعد تأخر مستحقاتها المالية لأكثر من عام.
"مر عام ومستحقاتنا لم نتسلمها، دائمًا ما نحصل على وعود من الحكومة والوزارة، بصرف المستحقات المتأخرة، لكنهم لم يفوا بوعودهم، بِعتُ كل أجهزتي التي جئت بها من اليمن بأقل من سعرها، الموبايل والكمبيوتر وحتى خاتم الذهب الذي أهدتني إياه أمي عند تفوقي في المدرسة، كل هذا لكي لا أجد نفسي في الشارع بسبب تأخر دفع إيجار الشقة" تقول الطالبة، التي طلبت عدم ذكر اسمها، وتضيف: "بت لا أملك شيئاً، لم يكن أمامي سوى الانتحار بعد ان مررت بحالة نفسية شديدة، أثرت على تحصيلي العلمي في الجامعة، ولولا أن رفيقتي في الشقة لحقتني في اللحظة‮ ‬الأخيرة‮ ‬لما‮ ‬كنت‮ ‬على‮ ‬قيد‮ ‬الحياة‮ ‬الآن‮".‬
تلك ليست القصة المأساوية الوحيدة للمتفوقين اليمنيين، ففي أواخر عام 2017م وبدلاً من كتابة رسالته العلمية التي سافر لأجل إتمامها، كانت رسالة الانتحار هي آخر ما خطّته يد الشاب اليمني هشام العامري، أحد طلاب اليمن الذين يدرسون في ألمانيا، بعد أن قرر إنهاء حياته باستنشاق غاز سام، إثر طرده من جامعة HTW berlin جراء تأخر دفع رسومه الدراسية لأشهر، فقد وُجد ميتًا في شقته وبجانبه رسالته، التي اعتذر فيها لأفراد أسرته على اتخاذه قرار الانتحار جرّاء الظروف المادية التي يمرّ بها، والتي أعاقتهُ عن مواصلة دراسته.
أما طلاب اليمن في ماليزيا وألمانيا فقد نشروا مراراً بياناتٍ ومراسلاتٍ عبر مواقع التواصل الاجتماعي مفادها أن الديون والإيجارات والرسوم الدراسية تراكمت عليهم نتيجة تأخير مستحقاتهم المالية، ويقولون إنهم يأسفون أن وزارةَ التعليم العالي أَو ما يحبون أن يطلقوا عليها اسم وزارة "التعذيب العالي" التي قالوا إنها تمارسُ أُسلُـوبَ الإذلال لهم ولأسرهم وأنها تستثمر معاناتهم، وتتعمد زيادة الفجوة بين موعد الاستحقاق وزمن الصرف، حَيثُ قد تجاوزوا عاماً كاملاً فيما كان الطلاب يأملون أن تقوم الوزارة بصرف مستحقاتهم للأرباع المتأخرة‮ ‬لتقليل‮ ‬الفجوة‮ ‬حسب‮ ‬وعود‮ ‬وتصريحات‮ ‬وزير‮ ‬التعليم‮ ‬العالي‮ ‬في‮ ‬حكومة‮ ‬العملاء‮.‬

آمال‮ ‬بتبني‮ ‬قضيتهم‮ ‬
منذ بداية الهدنة التي توافق عليها اليمنيون ودخلت حيز التنفيذ في 2 ابريل 2022م، انتعشت آمال الطلاب المبتعثين في أي تتم مناقشة أمرهم وطرح قضيتهم من قبل الأطراف جميعاً، وخصوصاً حكومة الإنقاذ في صنعاء، حتى يتم رفع ثقل المعاناة عن كاهلهم، ولثقتهم في أنه ما يزال‮ ‬هناك‮ ‬أحرار‮ ‬لا‮ ‬يقبلون‮ ‬ابداً‮ ‬ما‮ ‬يتعرض‮ ‬له‮ ‬الطالب‮ ‬اليمني‮ ‬في‮ ‬الخارج‮ ‬من‮ ‬اذلال‮ ‬وجوع‮ ‬وحرمان‮..‬
والمطالبة بمعالجة جذرية لحالاتُ الفساد الكبير في سفارات اليمن المدارة عبر شلل العملاء المعينين من الخارج، خصوصاً وأن تلك السفارات فاقمت من معاناة الطلاب اليمنيين الذين يواجهون عدداً من المشاكل في بلدان المهجر، أبرزها يتعلق بتجديد الإقامة، في ظل تقاعس السفارات‮ ‬والقنصليات‮ ‬اليمنية،‮ ‬عن‮ ‬حَـلّ‮ ‬مشاكلهم‮ ‬التي‮ ‬يواجهونها‮ ‬مع‮ ‬الأمن‮ ‬ومكاتب‮ ‬الهجرة‮ ‬والإقامة‮ ‬في‮ ‬تلك‮ ‬الدول‮.‬
يقول عدد من الطلاب المبتعثين في الخارج في حديثهم لصحيفة »الميثاق«، إنهم يتطلعون من الوفد الوطني أن يطلب من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية القيام بواجبهم من خلال الضغط على حكومة العملاء والزامهم بتوفير كافة مستحقات الطلاب في بلدان الابتعاث.. مؤكدين ان من واجب الوفد الوطني وحكومة الانقاذ باعتبارهما ممثلين للشعب المغلوب على امره جراء تحالف العدوان والعملاء الذين احالوا حياة اليمنيين في الداخل والخارج الى جحيم، من واجب الحكومة في صنعاء البحث عن حلول فعلية واستخدام نفوذها وقوة موقفها في التفاوض والحديث عن مأساتهم‮ ‬خصوصاً‮ ‬وأن‮ ‬حكومةُ‮ ‬العملاء‮ ‬وساكني‮ ‬فنادق‮ ‬الرياض‮ ‬لم‮ ‬تكترث‮ ‬لمعاناة‮ ‬وأوضاع‮ ‬الطلاب‮ ‬المبتعثين‮.‬
واضافوا: إن مطالبُ طلاب اليمن المشروعة والحقة هي الأَسَاس اللازم الوقوف معها؛ إعلاءً لشأن كُـلّ ما هو يمني، وكما تطالب القيادة في صنعاء وتصر اليوم على صرف مرتبات موظفي اليمن، فَـإنَّ مستحقات الطلاب المبتعثين ذخيرة الوطن العلمية لابد وأن تكون جزءاً لا يتجزأ‮ ‬من‮ ‬مطالبها‮ ‬وَهكذا‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬تكون‮.‬
واشار احد الأكاديميين اليمنيين في الخارج إلى أنه منذ ست سنوات يُعاني الطلاب اليمنيون من تأخر المستحقات المالية لأسباب غير واضحة، وقال: ودائمًا تتعذر وزارة التعليم العالي التابعة لحكومة (العملاء) بعدم وجود ميزانية للدولة بحجة الظروف التي تمر بها البلاد، لكننا‮ ‬في‮ ‬الوقت‮ ‬ذاته‮ ‬نشاهد‮ ‬مسؤولي‮ ‬الحكومة‮ ‬وأبناءهم‮ ‬تصلهم‮ ‬رواتبهم‮ ‬والاعتمادات‮ ‬المالية‮ ‬الخاصة‮ ‬بهم‮ ‬أولاً‮ ‬بأول،‮ ‬ولم‮ ‬تتأخر‮ ‬حتى‮ ‬يوم‮ ‬واحد‮". ‬

فساد‮ ‬السفارات‮ ‬
لم تقتصر معاناة الطلاب اليمنيين المستفيدين من منح حكومية، على تأخير المستحقات المالية لأشهر، بل إن القنصليات والبعثات الدبلوماسية اليمنية في الدول التي يتواجدون فيها، تفاقم من معاناتهم بدلاً من إيجاد الحلول، فمنذ نهاية 2019م ترفض السفارة اليمنية في روسيا فتح أبوابها أمام الطلاب، يأتي ذلك بعد أن نفذوا وقفة احتجاجية انتهت بهم في مراكز الاحتجاز الروسية، عندما استدعي السفير أحمد الوحيشي إلى الشرطة الروسية للقبض على الطلبة المحتجين، منذ ذلك الحين يمنع السفير الوحيشي السماح للطلاب من الدخول للسفارة..
وما يحدث مع الطلاب اليمنيين في السفارة اليمنية في روسيا يحدث أيضًا في أغلب السفارات اليمنية، فالطلاب يجدون التصرفات ذاتها من قبل السفارة اليمنية في ألمانيا، وآخرون في مصر أكدوا أن تعامل طاقم السفارة اليمنية في مصر لا يختلف كثيرًا عن تعامل بقية السفارات اليمنية‮ ‬تجاه‮ ‬الطلاب‮ ‬الذين‮ ‬ضاقت‮ ‬بهم‮ ‬سفارات‮ ‬بلادهم،‮ ‬ويتكرر‮ ‬الأمر‮ ‬عينه‮ ‬مع‮ ‬أكثر‮ ‬من‮ ‬9000طالب‮ ‬وطالبة‮ ‬يمني‮ ‬في‮ ‬جميع‮ ‬دول‮ ‬الاغتراب‮. ‬
ولعل من بين جملة المشاكل والمآسي التي يتعرض لها المبتعث اليمني ما يتعلق بتجديد الإقامة، في ظل تقاعس السفارات والقنصليات اليمنية، عن حَـلّ مشاكلهم التي يواجهونها مع الأمن ومكاتب الهجرة والإقامة في تلك الدول..
حيث أودى التقاعس والفساد الذي يمارسه السفراء في الخارج، بحياة عدد كبير من الطلاب، ولعل حادثة انتحار الطالب اليمني المبتعث للدراسة في الهند محمد عثمان علي دجيرة (24 عاماً)،الذي كان يدرس إدارة أعمال بالجامعة العثمانية بمدينة حيدر أباد الهندية، واحدة من المآسي التي تسبب فيها الفساد الدبلوماسي، فقد أقدم دجيرة على الانتحار شنقاً في شقته بمنطقة أندرا براديش بولاية حيدر أباد، نهاية مايو العام الماضي، بعد أن وجد نفسه ملاحقاً من قبل الشرطة؛ بسَببِ انتهاء إقامته، وَتجاهل سفارة اليمن في الهند له بعد أن لجأ إليها مستغيثاً، وتداول ناشطونَ صوراً لرسائل من الطالب دجيرة لكل من السفير والقنصل اليمني لدى الهند، عبر تطبيق »واتساب«، ناشدهما فيها حَـلّ قضيته، لم يتم الرد عليه، وتم تجاهل كُـلّ توسلاته ورسائله، ووجه الطلاب اليمنيون في الهند أصابع الاتّهام للسفارة اليمنية في الهند بقتل‮ ‬دجيرة‮.‬
وبحسب الاحصاءات الرسمية بلغ عددُ الطلاب اليمنيين المبتعثين للدراسة في الخارج، 9 آلافِ طالبٍ وطالبة، يتوزَّعون على 38 بلداً حول العالم، وهذا العدد يكلف الخزينة الحكومية حوالي 58 مليون دولار سنويًا، وبحسب وزارة المالية فإن المبلغ الذي يحصل عليه طالب البكالوريوس‮ ‬هو‮ ‬1800‮ ‬دولار‮ ‬كل‮ ‬ثلاثة‮ ‬أشهر،‮ ‬مقابل‮ ‬2100‮ ‬دولار‮ ‬لطالب‮ ‬الماجستير‮ ‬أو‮ ‬الدكتوراه‮.‬
وتنص المادة 36 من قانون البعثات والمنح الدراسية لعام 2003م على ان "الموفد في منحة دراسية على نفقة الحكومة يُدفع له نفقة الإيفاد المقررة، كما يُدفع راتب للموظف من وحدته الإدارية، بالإضافة إلى بدل التخرج وبدل غلاء المعيشة"، كما تنص المادة 41 من اللائحة التنفيذية‮ ‬للقانون‮ ‬ذاته‮ ‬على‮ ‬صرف‮ " ‬بدل‮ ‬طباعة‮ ‬رسائل‮ ‬الماجستير‮ ‬والدكتوراه،‮ ‬بالإضافة‮ ‬إلى‮ ‬بدل‮ ‬البحث‮ ‬الميداني‮ ‬وتذاكر‮ ‬السفر‮ ‬أثناء‮ ‬العمل‮ ‬على‮ ‬الأبحاث‮".‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:00 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-63245.htm