حاورتها / نادية صالح: - قالت الناشطة روما الدماسي - رئيسة مؤسسة خديجة للتنمية- إن الحرب والحصار المفروض على اليمن ضاعف من عمل المؤسسة في مختلف الجوانب المرتبطة بالاستجابة الإنسانية خصوصاً في مجالات الغذاء والدواء ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأشارت الدماسي إلى الأعباء الكبيرة التي تحملتها المرأة اليمنية جراء الظروف القائمة، وتدعيمها للصمود الوطني مع السعي الجاد للتوصل الى سلام دائم ينهي الحرب ويرفع المعاناة من على كاهل اليمنيين، مؤكدة أن استبعاد المرأة اليمنية من المفاوضات السياسية والعملية السياسية عموماً خطاً فادح، فهي شريكة في الصمود والبناء والسلام، ولا يمكن تجاهل الدور العظيم الذي تضطلع به.
كما تحدثت الناشطة الدماسي في حوار أجرته معها »الميثاق« عن اختيارها ضمن ست ناشطات وحقوقيات على مستوى العالم وصلت للمنافسة النهائية على جائزة (المرأة وبناء السلام) للعام 2022م، بالإضافة الى عدد من القضايا تجدونها في الحوار التالي:-
مؤسسة خديجة للتنمية هي خلاصة لعمل 22 عاماً من العمل لصالح المجتمع وتمكينه وتقديم الخدمات المرتبطة بالرعاية والصحة والتعليم الى مناطق بعيدة، ومع بداية الحرب اصبحت تدخلاتنا مرتبطة بالاستجابة الانسانية بصورة كبيرة، نظراً لأهمية تقديم الغذاء وبرامج الحماية لأكبر عدد من السكان، لذلك عملنا في مشاريع تنوعت بين سبل العيش والتعليم والصحة والغذاء، ولله الحمد فقد حازت مؤسسة خديجة على ثقة المجتمع والسلطات المحلية والجهات الرسمية العاملة في التنمية، ومما تجدر الإشارة إليه أن المؤسسة تعتبر عضواً مؤسساً في شبكة منظمات المجتمع المدني الوطنية وممثلاً لليمن في الاتحاد العربي للتطوع ومن مؤسسي الائتلاف المدني للسلام.
وقد قدمت المؤسسة مشاريع المساعدات الإنسانية التابعة ل KFD الغذاء وخدمات الحماية والمأوى لما يقارب 20000 أسرة وقدمت ايضاً مراكز PWD في روما، أطرافاً اصطناعية مجانية لأكثر من 200 شخص بالغ وطفل فقدوا اطرافهم بسبب الالغام.
وهناك فروع للمؤسسة في محافظة اب وذمار وصنعاء والمركز الرئيسي للمؤسسة هو في مديرية يريم بمحافظة إب، ولابد من الإشارة إلى أن اهم فروع المؤسسة مراكز خديجة للمعاقين، فهذه المراكز تعد ثمرة علاقة تشاركية بين المراكز نفسها باستقلاليتها الفنية والادارية والمالية وبدعم صندوق رعاية وتأهيل المعاقين، هذه الشراكة الممتدة لعشرات السنين ساهمت في خدمة المعاقين في المناطق الوسطى من محافظة إب وفي مديريات يريم والسدة والنادرة والرضمة والقفر والمخادر، حيث يحصل اكثر من 5000 مستفيد من المعاقين على حزمة من الخدمات تتمثل في :
ـ خدمات الرعاية الصحية المتمثلة في مركز العلاج الطبيعي والذي يقدم خدماته المتكاملة للمعاقين حركياً حيث يتم التعامل مع كافة حالات الشلل الدماغي والحوادث والاصابات كما يقدم المركز خدمات الكشف لحاستي السمع والابصار وصرف الأدوية المرتبطة بمرضي الشلال الدماغي وغيرها من الادوية المرتبطة بالإعاقة.
تقديم الخدمات التعليمية المرتبطة بدمج المئات من المعاقين في مراحل التعليم المختلفة وتقديم كافة التسهيلات لهم من التعليم الاساسي الى التعليم الجامعي.
- تقديم خدمات فصول التعليم للمعاقين من فئة الصم والبكم من خلال تقديم كورسات لغة الاشارة وكدلك لغة برايل للمكفوفين.
- تقديم خدمات الحماية للأسر التي تعول معاقين من خلال صرف حافز مالي بدعم من صندوق المعاقين.
- تقديم خدمات الاطراف الصناعية لمن فقدوا اطرافهم بالتعاون مع الصليب الاحمر الدولي ومركز الاطراف وصندوق رعاية المعاقين.
- تقديم الاعانات الموسمية المتمثلة في سلال غذائية وكسوة الاعياد.
- تكريم المعاقين البارزين وتوظيفهم بمراكز خديجة ورفع مشاركة المراكز في الانشطة مع الاتحادات الوطنية للمعاقين العاملة في نفس المجال.
* لا يخفى على أحد ان المرأة هي من تدفع الفاتورة الأكبر في الحروب، والمسؤوليات الملقاة على عاتقها جراء فقدان المعيل أو انتهاء مصدر الدخل وكذلك النزوح وما ينطوي عليه من مخاطر، ما تعليقك؟
- في الحرب او السلم المرأة هي من تقدم جهدها وفكرها وحياتها لخدمة المجتمع، وكانت ومازالت فاتورة الحرب مؤلمة ومكلفة حيث سبب الحصار والدمار وإغلاق الطرقات والموانئ والمطارات في مضاعفة المعاناة على ابناء المجتمع اليمني وخصوصاً النساء، كما زادت تبعات الحرب من فقدان الزوج أو الابن من تحمل النساء كل أعباء الحياة وتحمل المسؤولية في ظل شحة وأحياناً انعدام خدمات الطاقة مثل الوقود والغاز، وارتفاع تكلفتها المالية.
فالمرأة اليمنية في ظل هذه الحرب قدمت نموذجاً من الصعب ان يتكرر في الصبر والصمود والتضحية، وصولاً إلى أنها دفعت حياتها في مناطق كثيرة جراء غياب الخدمات الصحية خصوصاً في المناطق الريفية وكذلك نتيجة للأزمة الانسانية التي رفعت معدلات الفقر الغذائي وضعف الأسر على توفير حاجتها من الغذاء.
وكما سبق أن ذكرت المرأة هي من تقف غالباً لرعاية الأسرة في فترة الحروب والصراعات وبالتالي فإنها -أي المرأة اليمنية- من أحرص افراد المجتمع على الوصول الى السلام وكلنا نتابع دور النساء وحرصهن على إنشاء الجمعيات والمؤسسات الداعية الى السلام والى نبذ الحروب والصراعات.. ونحن من خلال مؤسسة خديجة ندعو في كل المحافل واللقاءات الى السلام ونبذ العنف والتعايش بسلام وإخاء وقبول كل طرف للآخر تحت سقف الوطن الذي يتسع للجميع.
ولذلك كنا في كل انشطتنا في كل المناطق نستهدف النساء ومازلنا نومن بأن تأمين حياة المرأة هو تأمين للمجتمع بأكمله.
* باعتبارك واحدة من ست ناشطات وحقوقيات على مستوى العالم وصلت للمنافسة النهائية على جائزة (المرأة وبناء السلام) للعام 2022م.. لو تحدثينا عن الدور المناط بالمرأة في بناء السلام؟
- مشاركة المرأة في بناء السلام والأمان والسلم المجتمعي ليست وليدة اللحظة ولكنها متأصلة في ثقافتنا الاسلامية وتاريخنا اليمني وعاداتنا وتقاليدنا اليمنية العريقة.. ولسنا في حاجة لكي يأتي أحد ويعلمنا ثقافة السلام وبناء السلام.. فالسلام يبدأ في اول لقاء يومي فيما بيننا البين بتحية السلام عليكم، ونساء اليمن ممن حكمن هذا البلد كان شعارهن السلام والتنمية.
- ونحن انتهجنا نفس الدرب والمنهج، ففي عملنا التنموي واجهنا مشاكل وتحديات كثيرة في اعمالنا وخصوصاً في مجال التنمية، فمثلاً تحدث خلافات بين المستفيدين حول مواقع آبار المياه ومواقع المدارس ومواقع الطرقات فكنا نتدخل ونعمل قاعدة سلام ومنفعة ونحتكم الى اللوائح والقوانين ونشكل لجان مستفيدين من كل الاطراف فيسود السلام والتنمية وتستمر ديمومة المشاريع، وتتحقق المصلحة العامة المرجوة للجميع.
* برأيك ما المخرج من حالة العدوان والحرب، وما يتوجب على الأحزاب والشخصيات الاجتماعية والمثقفين للخروج من هذه الحالة؟
- المخرج من حالة العدوان والحرب هو بأيدينا كيمنيين لا غيرنا، فعلينا أن نعود إلى حالتنا اليمنية الطبيعية التي نؤمن معها بأن الوطن اغلى من كل شيء، وأن التعايش وكفالة الحقوق والحريات والمساواة والعدالة هي الضمان لكل حقوق المواطنة، وعلينا ايضاً أن نؤمن بدور المجتمع المدني خصوصاً النساء في المشاركة وصناعة القرار في السلم والحرب والتنمية، فالحرب والارتهان لا يمكن ان تبني اوطاناً، فتكلفة الحرب الباهظة تتمثل في الموت والدمار والخراب ولن يكون هناك منتصر سوى العدو الذي يتربص بنا.
* ما أبرز المعوقات التي تواجه المرأة اليمنية للمشاركة في بناء السلام، وما دور الأحزاب للدفع بمشاركة المرأة بصورة أكبر؟
- الكثير من المعوقات التي تعيق مشاركة المرأة في لجان السلام او في الوفود الخاصة بالمفاوضات من اهمها:
1) عدم تقبل وجود المرأة في مفاوضات السلام من قبل القوى السياسية.
2) الأغلب يعتقد ان السلام هو وقف صوت البندقية، ولكن هناك أشياء مهمة جداً مرتبطة بمعالجة آثار ما بعد الحرب والإعداد لعملية اعادة البناء السياسي واعادة الإعمار وهذه المرحلة تحتاج خبرات وصبر وأمانة وتحدياً، ومشاركة الجميع فيها نساء ورجالاً.
3) يسعى المبعوث الاممي ومن سبقه من المبعوثين السابقين للالتقاء بمكونات نسائية ولكن ما يتم طرحه من قبل النساء للأسف يتم رميه عندما يجتمع السياسيون ويصبح اوراقاً مهملة.
ورغم ذلك مازال صوت المرأة موجوداً ويظهر صوت المجتمع المدني في السلام من خلال الكثير من المؤسسات التي تقودها نساء وتقدم خدمات التعليم والحماية والخدمات الصحية وبرامج حماية وتمكين النساء وهذه تعتبر أنشطة سلام لا يمكن تجاهلها.
* هناك مطالبات بضرورة تعزيز وجود المرأة اليمنية في اي حوار قادم يحقق التسوية.. ما ضرورة هذه المشاركة واهميتها على حاضر ومستقبل دور المرأة؟
- نعم، هناك مطالبات بتعزيز وجود المرأة في المفاوضات وفي اعتقادي ان اي مفاوضات لا تستوعب كل اطياف وفئات المجتمع تعتبر غير عادلة، وقد تؤدي الى صراعات قادمة وليس بالضرورة ان تكون صراعات بالسلاح والخراب والعنف والموت، ولكن تجاهل النساء والشباب في أي مفاوضات سوف يؤثر مستقبلاً في ظهور الكثير من الفجوات والصراعات الاجتماعية حول الحقوق والحريات والادوار الاجتماعية مستقبلاً، لذلك على كل القوى السياسية ان تعتز وتفاخر بمشاركة النساء في اي مفاوضات او حوارات فالمرأة في ارض الواقع تراهن وتدعم نصف المجتمع وشريكة اساسية في البناء، ولهذا لا نريد مشاركة المرأة فقط في الأخبار والتصريحات والوعود السياسية، نحن نريد مشاركة فعلية وواقعية تؤسس لوقف الحرب والدخول في بناء يمن ما بعد الحرب والحصار.
* ما أبرز القضايا التي ينبغي على المرأة ان تدفع الى مناقشتها في اي تسوية قادمة؟
- من ابرز القضايا التي وضعها في اي تسوية سياسية قادمة ضمان حق المشاركة السياسية للمرأة ومنحها الحق في الحصول على نسبة لا تقل عن 20٪ موقتا في السلطات التشريعية والمحلية والتنفيذية، كذلك لابد من التزام والزام القوى السياسية باشراك المرأة في قيادة الأحزاب وضمان مواقعها في اللجان العامة والمركزية للأحزاب واصدار التشريعات التي تجرم المساس بحقوق المرأة اجتماعياً وصحياً وتعليمياً وتمنحها الحق في الحكومة مثلها مثل اخيها الرجل، كما انه لابد من منح الاولوية في الشراكة والتنمية مع المجتمع المدني للمؤسسات والمنظمات التي تقودها نساء مؤهلات.
* كلمة أخيرة؟
- أرجو ان يتحقق السلام وتتوقف معاناة أبناء شعبنا اليمني قريباً وينعم الجميع بالحرية والسلام والأمن والأمان ويعم الرخاء والتنمية ربوع وطننا الغالي، فاليمن يستحق منا الكثير، ويتسع للجميع، واشكركم على اتاحة هذه الفرصة للحديث عبركم.. راجيةً لكم ولصحيفة »الميثاق« وكافة كوادرها مزيداً من التقدم والنجاح.
|