توفيق الشرعبي - لأكثر من شهرين ونصف والمحاولات المعلنة وغير المعلنة بين الأطراف المعنية بالأزمة اليمنية لم تحقق شيئاً يُذكر لتمديد الهدنة العسكرية والإنسانية للبناء عليها لحلحلة كافة الملفات والمضي نحو تسوية سياسية لتحقيق السلام الشامل والعادل ..
هذه الفترة كافية لأن يدرك اليمنيون أن تحالف العدوان لم تتوفر لديه النية الصادقة والإرادة لوقف نزيف الدم اليمني المستمر بفعل الجرائم المباشرة وغير المباشرة التي يرتكبها هذا العدوان بقيادة السعودية والإمارات طيلة ثمان سنوات برعاية امريكية وبريطانية وفي ظل صمت مخزٍ للمجتمع الدولي..
وضع اللاحرب واللاسلم في اليمن هو ما يسعى لفرضه تحالف العدوان بعد انتهاء الهدنة الأخيرة في الثاني من أكتوبر الماصي كواقع محتقن قابل لتغذيته لتفجير حروب أهلبة بين أبناء اليمن الواحد تحت يافطات مذهبية وطائفية ومناطقية وتشطيرية..
تصلُّب تحالف العدوان وراء موقفه الرافضة منح اليمنيين حقوقهم المشروعة في المرتبات والثروات وفتح الموانئ والمطارات والطرقات - وهي شروط طالبت سلطة صنعاء بتنفيذها من قبل تحالف العدوان مقابل تجديد الهدنة- دليل واضح أن قادة هذا التحالف يسعون لنقل عدوانهم إلى شكل مختلف بعد أن فشلوا في تحقيق ما وعدوا به سادتهم الامريكان قبل ثمان سنوات بحسم المعركة عسكرياً خلال ثلاثة أسابيع ..
صنعاء تدرك نوايا التحالف من وراء مماطلته ومناوراته وتلكؤه في مواصلة المساعي الدولية الداعمة لجهود الحلول الدبلوماسية، وتتابع تحركاته المدعومة امريكياً وبريطانياً، حيث رصدت القوات المسلحة اليمنية خلال فترة الهدنة مجمل المستجدات التي قامت بها قوى العدوان ومنها تشكيل ما تسمى بقوة المهام البحرية متعددة الجنسيات بقيادة أمريكا ونشرها في جنوب البحر الأحمر ومضيق باب المندب وصولاً إلى خليج عدن وبمشاركة قوات الأسطول الخامس الأمريكي، وذلك في انتهاك صارخ للمياه الإقليمية اليمنية وبهدف محاصرة اليمن ونهب ثرواته النفطية والغازية، وفرض الهيمنة على ممرات الملاحة الدولية.
تحالف العدوان لا يريد ولا يرغب في إحلال أي شكل من أشكال السلام والتهدئة، وليس لديه أي استعداد حقيقي للتفكير بإيجابية نحو الاستقرار والسلام في المنطقة واحترام إرادة الشعب اليمني، هذا ماقاله وزير الدفاع محمد العاطفي الأسبوع الماضي ..لافتاً إلى أن العدو يسعى لتحويل حربه المباشرة إلى صراع داخلي بين أبناء اليمن الواحد، وإحداث المشاكل وافتعالها وإثارتها، سواء في المحافظات الحرة أو المحتلة، وتفتيت النسيج الاجتماعي، وتمزيق وطمس الهوية اليمنية، والعبث بملف الأسرى، وشراء أسلحة هجومية وأنظمة دفاعات جوية، وإنشاء قواعد عسكرية في الجزر اليمنية، ونهب ثروات اليمن النفطية..
سيناريو اللاسلم واللاحرب الذي يعمل تحالف العدوان على فرضه من خلال رفض تجديد الهدنة وتنفيذ المطالب الوطنية المتعلقة بصرف الرواتب ورفع الحصار، واجهته صنعاء بتحذيرِها تحالُفَ العدوان ومرتزِقتَه والشركاتِ الأجنبيةَ من مواصلةِ نهبِ الثروات النفطية اليمنية وسرقة عائداتها.. وهو ما قامت به القوات المسلحة في شهر أكتوبر الماضي عندما نفذت ضربة تحذيرية بسيطة لمنعِ سفينة نفطية كانت تحاول نهب النفط الخام عبر ميناء الضبة بمحافظة حضرموت.. وتلتها ضربات تحذيرية أخرى، وصفها مجلس الأمن حينها بالإرهابية وأنها تمثل تهديداً خطيراً لعملية السلام واستقرار اليمن والأمن البحري، بما في ذلك الحقوق والحريات الملاحية المنصوص عليها في القانون الدولي..وهو موقف وصفته خارجية صنعاء بأنه يعكس ازدواجية المعايير لدى مجلس الأمن.
قرار وقف العدوان أو تجديد الهدنة والمضي في العملية السياسية لايملكه التحالف السعودي، بل بيد امريكا وحدها فالسعودية والإمارات هما مجرد أدوات لزعزعة الأمن ليس فقط في اليمن ولكن في المنطقة العربية خدمة لمصالح امريكا والمشروع الصهيوني..ولهذا فاستمرار العدوان تحت أي شكل من الأشكال هو تدمير ممنهج لليمن ولوحدته وثرواته وحضارته ونسيجه الاجتماعي..وهذا ما لايمكن أن تقبل به سلطة صنعاء التي رفعت من وتيرة التهديدات عبر وزير دفاعها الذي أكد أن القوات المسلحة لن تسمح مطلقاً بالمساس بالنسيج المجتمعي لأبناء اليمن على امتداد الخارطة اليمنية، وستتصدى لكل محاولات العبث الفوضوي بالهوية اليمنية الايمانية.
وأضاف: "لدينا خيارات لا يلومنا عليها أحد إن لجأنا إليها، لأننا قدمنا كل السبل للوصول إلى نهاية إيجابية، لكن العدو يأبى إلا أن يسير عكس التيار، وقد أعذر من أنذر..
وحديث وزير الدفاع واضح، نحن لا نتحدى أحداً ، إنما ندافع عن وطننا وثرواتنا وسيادتنا ووحدة أراضينا واستقلال قرارنا، وهـذا حق تقره الشرائع السماوية والقوانين والمواثيق الأرضية.. وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.
|