الميثاق نت -

الخميس, 29-ديسمبر-2022
يحيى‮ ‬علي‮ ‬نوري‬‬‬‬ -
على ضوء النتائج التي خلص لها الوفد السلطاني العماني لصنعاء قبل بضعة اشهر وعدم تمكن المشاورات التي اجراها مع صنعاء من الوصول الى أفق جديد لحلحلة الازمة اليمنية وتعزيز مسارها نحو التسوية الشاملة ابتداء من انجاز هدنة تستجيب لمطالب صنعاء على صعيد الملف الانساني وذلك بسبب ما يبديه تحالف العدوان من تعنت إزاء هذه المطالب، فإن الفاصل الزمني لزيارة الوفد السلطاني بين زيارته الأولى والحالية قد تشكلت خلالها تحديات عدة وصلت الى حدود غير معقولة زادت من تفاقم الاوضاع المرتبطة بملف الجانب الانساني وأضحت خلالها حالة اللاهدنة واللاحرب تمثل تهديداً حقيقياً لتفاقم الأزمة بل وتنذر بحرب شاملة طالما حذر من وقوعها العديد من المحللين الاستراتيجيين العسكريين والسياسيين باعتبارها أي هذه الحرب إذا ما تركت الأمور دون تحقيق تسوية على صعيد انجاز الهدنة ستفضي إلى نتائج وخيمة ليس على المستوى‮ ‬اليمني‮ ‬فحسب‮ ‬وإنما‮ ‬على‮ ‬مستوى‮ ‬الأمن‮ ‬القومي‮ ‬العربي‮..‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
ولاريب أن هذه الافرازات الخطيرة وماتحمله من مخاطر حقيقية تجعلنا ننظر الى الزيارة الحالية للوفد السلطاني العماني بدرجة عالية من الاهمية ،كونها تأتي في توقيت مهم جداً، وبصورة تجعل منها محطة مفصلية بين حالة اللاحرب واللاسلم التي تعيشها البلاد..
وهنا‮ ‬نتساءل‮ ‬عن‮ ‬مدى‮ ‬استجابة‮ ‬الجولة‮ ‬الجديدة‮ ‬للوفد‮ ‬السلطاني‮ ‬لمتطلبات‮ ‬صنعاء‮ ‬أم‮ ‬انها‮ ‬تأتي‮ ‬في‮ ‬اطار‮ ‬استكشاف‮ ‬المواقف؟‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
ولاريب‮ ‬أن‮ ‬محاولة‮ ‬الاقتراب‮ ‬من‮ ‬اجابة‮ ‬موضوعية‮ ‬عن‮ ‬هذا‮ ‬التساؤل‮ ‬من‮ ‬شأنها‮ ‬ان‮ ‬تجعلنا‮ ‬نقف‮ ‬امام‮ ‬ما‮ ‬يجري‮ ‬ومعرفة‮ ‬مدى‮ ‬تأثيره‮ ‬على‮ ‬التحرك‮ ‬القريب‮ ‬أكان‮ ‬سياسياً‮ ‬أم‮ ‬عسكرياً‮..‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
ومايجعلنا هنا نتفاءل ولو بقدر بسيط هو ان المنطق السياسي يقول إنه من غير الممكن أن يعود الاشقاء العمانيون إلى اليمن بنفس الافكار التي حملوها خلال جولة مشاوراتهم السابقة باعتبار هذه الافكار والرؤى قد مُنيت جميعها بالفشل وهو مايعني أنهم سيكونون اكثر حرصاً على نقل افكار جديدة يعرضونها على القيادة السياسية بصنعاء وتكون من الاهمية ، ما يجعلهم يقررون العودة واستئناف المشاورات برؤى وأفكار جديدة تحرك المياه الآسنة وتدفع بمختلف الجهود الى انجاز هدنة تستجيب لمتطلبات الملف الانساني الذي ما زالت صنعاء تؤكد عليه كشرط اساسي‮ ‬ومحوري‮ ‬لبلوغ‮ ‬هدنة‮ ‬تعمل‮ ‬على‮ ‬التخفيف‮ ‬من‮ ‬معاناة‮ ‬شعبنا‮ ‬جراء‮ ‬الحصار‮ ‬واستخدام‮ ‬الملف‮ ‬الانساني‮ ‬كورقة‮ ‬ضغط‮ ‬لتحقيق‮ ‬أهداف‮ ‬سياسية‮..‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
إذاً ومن هذا المنطلق فإن الاشقاء العمانيون ومن خلال ما يبدونه من حرص كبير على الدفع بمسار التسوية السياسية باليمن يحرصون على تعميق وتكثيف نقاشاتهم ومشاوراتهم مع مختلف الاطراف في دول التحالف العدواني ،ومع العديد من القنوات السياسية الغربية والأمم المتحدة وغيرها، بهدف التوصل إلى افكار ومقاربات تستحق نقلها إلى صنعاء كخطوة مهمة لانجاز هدنة قادرة على الاستمرار وتمثل ارضية قوية وصلبة للانطلاق نحو مشاورات شاملة للأزمة اليمنية خاصة بعد أن اتضح للعالم اجمع ان متطلبات الهدنة لم تعد تمثل النظام فحسب بقدر ما أصبحت مطلباً شعبياً ، بات استمرارها لا يعني سوى شيء واحد هو ممارسة العقاب الجماعي على الشعب اليمني ،بهدف تحقيق مكاسب سياسية وهو ما يتناقض تماماً مع القانون الدولي والإنساني، بل وسابقة خطيرة في تشريع ابتزاز الشعوب واجبارها على الخضوع للاشتراطات والأهواء والاجندة الخارجية‮ ‬للقوى‮ ‬الكبرى‮ ‬ومن‮ ‬يقف‮ ‬معها‮..‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
وعلى ضوء ذلك فإن الوفد السلطاني والذي يواصل مشاوراته لليوم الثالث لابد انه يقدم مقاربات جديدة نأمل ان تمتلك ما يؤهلها للجذب السياسي التفاوضي ومن ثم البناء عليها في تحقيق المزيد من الخطوات المهمة نحو تحقيق التسوية المنشودة..
ولنا أيضاً ان نتفاءل بما إذا كانت التحديات الكبرى التي يواجهها التحالف العدواني وعلى رأسه السعودية والمتمثلة بعلاقتها بواشنطن وما تشهده من تناقضات وحالات تباعد في الآراء والمواقف ،والتي باتت تؤثر حسب محللين استراتيجيين على تحالفهما وما تشهده من جهود سعودية في البحث عن حلفاء جدد، وهى الجهود التي كللت مؤخراً بعقد قمتين سعودية -صينية وأخرى عربية صينية وما حملته نتائج هاتين القمتين من رسائل واضحة للأمريكان اضافة إلى ما تشهده العلاقات الدولية الراهنة من حراكات تصب في اتجاه تشكل نظام دولي جديد وهو حراك دفع الكثير من القوى الكبرى إلى إعادة صياغة تحالفاتها، ومن خلال ما ستبديه من استغلال لمختلف القضايا العالقة في العلاقات الدولية بأعتبارها تمثل مدخلات تساعدها على إعادة التموضع بما يضمن لها مكاناً في المشهد الدولي الجديد الذي يواصل تبلوره..
وكل هذه متغيرات نأمل أن تكون في صلب اهتمام دول المنطقة والإدراك العميق لمآلات هذه التحولات المتسارعة وتأثيرها على منطقة الخليج والجزيرة من الناحية الأمنية الاستراتيجية باعتبارها المنطقة الاكثر جذبا للتنافسات الدولية لما تمثله من امكانات كبيرة في مدها للاقتصاد العالمي بعوامل انعاشه وازدهاره ، وكل ذلك دفع بالكثير من المحللين الاستراتيجيين وخبراء القنوات السياسيين إلى اعتبار الازمة اليمنية واحدة من اهم القضايا العالقة التي لايؤتمن من خلالها النفوذ للتنافس بين القوى الكبرى في السيطرة على مقدرات هذه المنطقة وهو تنافس سيكون الاكثر حدة والاكثر كارثية من حيث نتائجه على حاضر ومستقبل المنطقة خاصة وان الحليف الأمريكي الاستراتيجي لمعظم دول منطقتنا قد كشَّر عن أنيابه في محاولة منه للسيطرة على كل مقدراتها ومن خلال ما بات يمارسه من ابتزاز كبير على أمن دولها التي باتت‮ ‬مهددة‮ ‬في‮ ‬أمنها‮ ‬بل‮ ‬ووجودها‮..‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
ولاريب ان تحولات كبرى كهذه وما تحمله من نذر تكون قد اقنعت دول المنطقة وعلى رأسها السعودية بضرورة التعامل مع الأزمة اليمنية برؤية جديدة تدفع بها لمزيد من الاتصال والتواصل مع صنعاء بهدف تحقيق تفاهمات ونتائج تصب في مصلحة المنطقة وتقطع الطريق امام الاجندة والمصالح‮ ‬الدولية‮..‬‬‬‬‬
وخلاصةً‮ ‬نحن‮ ‬اليوم‮ ‬بانتظار‮ ‬النتائج‮ ‬التي‮ ‬ستخرج‮ ‬بها‮ ‬مشاورات‮ ‬الوفد‮ ‬السلطاني‮ ‬بالصورة‮ ‬التي‮ ‬تتفق‮ ‬مع‮ ‬مجمل‮ ‬التحديات‮ ‬التي‮ ‬تواجهها‮ ‬المنطقة‮ ‬،وبالتالي‮ ‬وضع‮ ‬حد‮ ‬لعدم‮ ‬انجرارها‮ ‬إلى‮ ‬الفوضى‮ ‬والإضرار‮ ‬بمصالحها‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 09:32 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-63479.htm