حاورتها/ نادية صالح - قالت الأكاديمية اليمنية الدكتورة رويدا العريقي - رئيسة مؤسسة منظمة بصمات التنموية الخيرية إن أسوأ ما افرزته الحرب هو تأثيرها الكبير ونجاحها في إيجاد شرخ وخلق فجوة بين فئات المجتمع الواحد.
وأشارت الى دور وسائل الإعلام في خلق التطرف وتعزيز الكثير من النزعات السيئة، ولفتت الى أن أطروحة الدكتوراة الخاصة بها والتي كانت بعنوان " تصور مقترح للحد من دور القنوات الفضائية في تكوين الفكر المتطرف لدى طلبة الجامعات اليمنية" قد خلصت الى إلغاء وزارة الإعلام وتشكيل هيئة وطنية مستقلة، تهدف إلى غرس روح الانتماء الوطني، دون توظيف لهذه الوسائل لخدمة الاحزاب السياسية والفكرية المختلفة.
كما تحدثت الدكتورة رويدا العريقي حول دور المرأة اليمنية، بالإضافة الى عدد من القضايا المهمة تجدونها في الحوار التالي:
* من هي الدكتورة رويدا العريقي؟
- رويدا علي ناشر العريقي, استاذ الادارة والتخطيط الاستراتيجي المساعد وعلم الاتصال- جامعة 21 سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية, وعميد فرع الطالبات- جامعة الأندلس للعلوم والتقنية- صنعاء، رئيس ومؤسس منظمة بصمات التنموية الخيرية.
* أفرز العدوان والحرب الدائرة في اليمن الكثير من المآسي، وتعد المرأة اليمنية الطرف الأكبر في دفع فاتورة هذه المأساة، برأيك فيما تتلخص معاناة المرأة اليمنية خلال هذه السنوات؟
- من الأمور التي لا تخفى على أحد أن الحرب التي اندلعت منذ مارس 2015م هي الأكثر وطأة والأشد أثراً على الوضع بصفة عامة وعلى النساء اليمنيات بصفة خاصة، حيث أثرت الحرب على السواد الأعظم من النساء بأوجه وحالات مختلفة منها:
1. الانهيار الاقتصادي وأثره على زيادة أعباء المرأة.
2. النزوح وما ترتب عليه من آثار.
3. فقدان الأسر معيليها من الرجال وعبئه على المرأة.
4. فقدان المرأة وظيفتها واغلاق المشاريع المملوكة لها.
وكل ذلك بلا شك يشكل عبئاً إضافياً على الإنسان اليمني عموماً، وعلى المرأة على وجه الخصوص كونها تحملت الكثير من المعاناة، ونتيجة للفقد الذي تعرضت له جراء رحيل الأخ او الأب أو الزوج أو الأبن، أصبحت تتحمل مسؤولية إضافية، وباتت في أكثر الأوقات هي المعيل لأسرتها خصوصاً في ظل التدهور المعيشي الذي نعانيه.
* كانت المرأة اليمنية قد حصلت على الكثير من المكاسب.. هل أثرت الحرب على تراجع دور المرأة وتقليص مكاسبها؟
- بالفعل لقد استطاعت المرأة اليمنية في السابق ان تحصد كثيراً من المكاسب والتي انتزعتها بكفاءتها ونضالها في سبيل حقوقها التعليمية والوظيفية والحزبية، إلا أنه وللأسف خلال الفترة الأخيرة منذ بداية الحرب تراجع دور المرأة وأصبحنا نسير إلى الخلف، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أننا فعلاً نحتاج إلى قيادة واعية، تدرك ماهية وأهمية دور المرأة في المجتمعات وبناء الأمم، وإشراكها في كل مفاصل وهيئات الدولة ووضعها في مركز القرار، فالمرأة اليمنية تمتلك من الذكاء والقدرة والكفاءة العلمية ما يؤهلها للوصول الى كل ما تطمح إليه خدمة لوطنها وشعبها.
* من واقع دراستك الاكاديمية، كيف أثرت الحرب على العلاقات الانسانية في المجتمع وفي أوساط الطلاب خصوصاً.
- للأسف الشديد أثرت الحرب بشكل كبير جداً ونجحت في شرخ المجتمع اليمني وإيجاد فجوة بين فئات المجتمع الواحد، واظهرت الكثير من النعرات التي لم يعتد عليها مجتمعنا، أو لنقل ان شعبنا كان قد تجاوزها فعلاً، لذلك أدعو القيادة للانتباه ومحاولة توجيه هدفها إلى غرس الانتماء الوطني لدى المواطنين، وهذا لن يتحقق في ظل التمييز بين أفراد المجتمع اليمني.
* كيف يستطيع المجتمع تطوير العلاقات الإنسانية وحماية النسيج الاجتماعي رغم ما نشاهده من استهداف مباشر بهدف تمزيق اليمنيين؟
- مجتمعنا اليمني وطبيعتنا اليمنية المتسامحة والخيرة مازال فيها الأمل الكبير لوقف ذلك والانتصار على ما يتعرض له المجتمع اليمني من مؤامرة التفكك والتمزيق، فالشرائح المجتمعية المختلفة من أكاديميين ومشائخ وعلماء وسياسيين وغيرهم قادرون على بث روح الانتماء الوطني لدى أفراد المجتمع كلٍ من موقعه، وأيضاً نشر روح الإخاء والتعاون ونبذ العداوات والكراهية، فاليمن يتسع للجميع وهو بلد الجميع، ولا يمكن أن نصل للمستقبل المنشود الا بالتسامح والتعايش وقبول بعضنا لبعض، ليبقى اليمن للجميع وفوق الجميع.
* ما مدى قدرة بعض الوسائل الاعلامية على تكوين الفكر المتطرف داخل المجتمع؟
- الإعلام هو سلاح ذو حدين، فمثلما له دور تنويري وتثقيفي وتوعو يستطيع من خلاله بناء الأفكار والثقافة الوطنية عند التعامل به بعقلانية ومسؤولية وضمير وطني واخلاقي، فإن هذه الوسائل الإعلامية لها في الوقت نفسه قدرة كبيرة جداً على تغيير الاتجاهات والأفكار النقيض مما سبق، واطروحتي في الدكتوراه حول هذا الموضوع وعنوانها كان " تصور مقترح للحد من دور القنوات الفضائية في تكوين الفكر المتطرف لدى طلبة الجامعات اليمنية" ومن أهم التوصيات إلغاء وزارة الإعلام وتشكيل هيئة وطنية مستقلة تهدف إلى غرس روح الانتماء الوطني, دون توظيف لهذه الوسائل لخدمة الاحزاب السياسية والفكرية المختلفة.
* ما السبل الممكنة لمحاربة مخططات تلك القنوات، وما الدور المناط بالأسرة والجامعة والدولة في ذلك؟
- بالنسبة لسبل محاربة مخططات التمزيق والتفتيت التي تقوم بها بعض القنوات سواءً بدراية وقصد أو بدون علم بمآلات ما تقوم به، فالحلول كثيرة في هذا الجانب ومن ابرزها تشكيل هيئة وطنية مستقلة تتولى الإشراف على العمل الإعلامي والرقابة على الوسائل الاعلامية المختلفة, أما بالنسبة لدور الأسرة هو الاهتمام في تربية الأبناء بما يتناسب مع هويتنا الإسلامية وخصوصيتنا كمجتمع يمني يحترم العادات المجتمعية الإيجابية، وتربيتهم على النقد والتحليل والتفكير حتى لا يتم استغلالهم وتغيير اتجاهاتهم وأفكارهم من الأطراف المتطرفة فكرياً أو سياسياً.
* عودة لدور المرأة... برأيك ما الذي يعيق المرأة اليمنية لتحقيق تطلعاتها، ومشاركتها في الحياة السياسية؟
- هناك الكثير من المعوقات التي تواجه المرأة اليمنية في مختلف مناحي الحياة، وهذا يعود الى طبيعة المجتمع الذي مازال الكثير فيه ينظر للمرأة بنوع من التصغير أو التقليل من قدراتها ومكانتها، ولهذا الثقافة والنظرة المجتمعية تعد من أكبر العوائق سواء التعليمية أو العملية، أما في الجانب السياسي، فالمرأة اليمنية مازالت متأخرة جداً، رغم أنها اثبتت جدارتها على ارض الواقع سواءً في العمل الحكومي أو الحزبي أو القطاع الخاص، إلا أنه وبرغم الكفاءة والقدرات التي تمتلكها إلا أن القيادات لدينا لا يؤمنون بقدرة المرأة على إدارة المؤسسات، لذلك ينبغي على الاحزاب بمختلف اتجاهاتها أن تعطي مساحة للمرأة، ومنحها الصلاحيات الكاملة في اتخاذ القرار.
* ما الدور الذي يفترض بالأحزاب أن تقدمه لإشراك المرأة في العمل الحزبي؟
- الأحزاب السياسية هي أحد أبرز عناوين التنشئة السياسية ولها دورها في إعلاء ثقافة المجتمع والفرد ومنحه متسعاً من المشاركة وإبداء الرأي والتعبير عن أفكاره، وهي السبيل الأول لدعم الأفراد في المجال السياسي، ولهذا أحزابنا مطالبة بتوسيع مساحة مشاركة المرأة ودعمها للمشاركة السياسية.
* ما رسالتك للمرأة اليمنية؟
- ألا تشعر أبداً بالعجز أو الاحباط رغم كل ما يدور في البيئة المحيطة، وعليها أن تسعى دائماً إلى الحصول على حقوقها التي كفلها الدستور والشرع والقانون، وان تناضل في سبيل ما تصبو اليه وتتعلم أكثر وأكثر فبالعلم والمعرفة تُبنى الأوطان، والمستقبل هو مستقبل من يتعلم ويصقل مهاراته ويزيد من كفاءته.
* كلمة أخيرة
- أرجو أن يعود الإخوة من قادة وسياسيين إلى رشدهم ويدركوا أن المنتصر في هذه الحرب خاسر، وعليهم التوجه إلى مد أيديهم لمصافحة بعضهم بقلوب ونيات صادقة لتجاوز ما قد تم من صراعات، والتوجه معاً يداً بيد للتشارك في بناء الوطن والوصول بشعبنا الى المستقبل الذي ينشده، وبوطننا الى المكانة التي يستحقها، وأخيراً أشكر صحيفة »الميثاق« على اهتمامها بمتابعة القضايا الوطنية واتاحتها هذه الفرصة للحديث من خلالها .
|