الميثاق نت - قسم التحقيقات : - لا يزال الوضع في اليمن على حاله إن لم يكن قد ازداد تدهوراً وتعقيداً، خصوصاً بعد تعثر تمديد الهدنة والمتوقفة منذ 2 أكتوبر الماضي، وبالرغم من أن المباحثات كانت قد قطعت شوطاً لابأس به، إلا أن هناك من لا يروقه أن يستتب الأمن وتعود الأوضاع لطبيعتها، وفي حين كان أحد أهم أطراف تحالف العدوان على اليمن ممثلاً بالسعودية قد أبدت نوعا من المرونة ، لكنها فجأة أنقلبت على تلك التفاهمات ، مما يعنى أن الواقع المزري والصعب سيستمر بقاءه وأن لا أمل يلوح بالأفق في القريب العاجل، وان حالة "اللاحرب واللاسلم" المفروضة قسراً ستبقى وهذا ما ترفضه صنعاء..
يرجح متابعون أن تعثر هذه المشاورات يعود إلى حالة عدم الرضى التي تشعر بها الإدارة الأمريكية لسير المفاوضات بين صنعاء والرياض، التى انتهت منذ قرابة ثلاثة أشهر لذلك عمدت إلى عرقلتها وعدم الاستجابة لشروط السلام، بإيعازها لحليفتها الرياض بعدم تقديم تنازلات من شأنها الوصول لنقطة التقاء، وإنهاء الحرب والحصار على اليمن ، وهذا يدحض ادعاءات الإدارة الأمريكية وحرصها على إنهاء ما تسميه "الصراع "في اليمن، علاوة أن مبعوثها فشل في تقديم أي رؤية واضحة في هذا المضمار تنهي الحرب التي تسببت هي فيها واعلن بدء الحرب على اليمن من عاصمتها واشنطن قبل ثمان سنوات ، ولذلك جاء تحرك المجلس السياسي الأعلى في هذا الشأن والذي أصدر بياناً أعلن فيه أن "حالة اللاسلم واللاحرب غير مقبولة ولن تطول" مؤكداً أن "القوات المسلحة في جهوزية تامة"، وأن اليمن "سيتخذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب بما يمنع مخطط التحالف لإيقاع اليمن في هذا الفخ"
وهذه إشارة لفخ إبقاء اليمن في حالة لا سلم ولا حرب وتحت الحصار،وترى صنعاء أن "السلام ينبغي أن يتجسد من خلال صرف المرتبات لكل موظفي الدولة، وفتح جميع المطارات والموانئ اليمنية وفي مقدمتها ميناء الحديدة ومطار صنعاء، ورفع جميع القيود على الواردات وعلى رأسها المشتقات النفطية والمواد الغذائية والدواء".
عواقب وخيمة
البيان اعلن أيضاً استعداد قوات صنعاء لمواجهة أي تهديدات تستهدف السيادة اليمنية، مؤكداً أن "أي إجراءات من شأنها مضاعفة معاناة أبناء الشعب اليمني سواءً على المستوى الاقتصادي أو الإنساني أو العسكري ستكون عواقبها وخيمة" في رسالة تهديد واضحة لحكومة التحالف التي تسعى لاتخاذ إجراءات عقابية ضد صنعاء بسبب قيامها بمنع استمرار نهب الثروة النفطية التي لم يكن يستفيد منها سوى التحالف بدرجة رئيسية وبدرجة ثانوية المسؤولون التابعون لحكومة التحالف..
وفي هذا الصدد يقول الناشط السياسي توفيق السروري إن تحالف العدوان يراوغ في أي مساعٍ تفضى لإنهاء عدوانه ويعمل مع قوى إقليمية ودولية -هو يعمل لصالحها اصلاً- لتنفيذ اجندته..
وأشار إلى "أن اليمنيين يرفضون أن تبقى بلادهم رهينة بيد أي قوى كانت تتحكم بمستقبله وتفرض شروط السلم فيه "..
ودعا السروري إلى تحرك سريع لإنهاء هذا الوضع بالقول " إلى متى سيظل الشعب اليمني يعاني الويلات ويتجرع المعاناة؟ ، لابد أن يكون هناك تحرك حقيقي ينهي هذه الحالة "الرمادية"..
مصالح دولية
ويضيف السروري : "على القيادة في صنعاء استحقاقات كثيرة وعليها أن تلبي طموحات الشعب اليمني ، والتخفيف عنه بوضع حدٍ لهذه الحالة التي يعيشها المواطن"..
وقال: "إن لا أحد مستفيد من هذا الوضع سوى أصحاب المصالح الكبرى والحقيقيين في اليمن ،بريطانيا وفرنسا وأمريكا وعبر وكلائهم الذين يصرخون ويبكون اليوم لاستهداف قوات صنعاء لناقلات النفط والغاز التي تنهبه لصالحهم ، وبيعه بثمن بخس لهم فى إطار اتفاقات مجحفة وظالمة بحق الشعب اليمني ،الذي فقد مصدر دخله ولم يعد يحصل على ابسط حقوقه وهو الراتب بينما ينعم مسؤولو ما تُسمى الشرعية وأبناؤهم بحياة رغدة في عواصم العالم غير مكترثين لما يعانيه اليمنيون، ويستأثرون بكل بشيء حتى المنح الدراسية ذهبت اليهم وفصلت على مقاساتهم.. وما خفي كان أعظم"..
توافق الإرادات
الكاتب الصحفي أنس القاضي قال : "الوضع السياسي والعسكري ما زال متوقفا عند نقطة "اللاحرب واللاسلم"، لافتا الى ان بيان المجلس السياسي الأعلى الذي اصدره قبل أيام واعلن عن رفضه بقاء الملف اليمني في هذه النقطة، حرك المياه الراكدة، فشهدنا وصول الوفد العُماني إلى صنعاء..
وتابع القاضي بالقول : "من تصريحات رئيس الوفد الوطني ورئيس المجلس السياسي الأعلى نجد أن العملية السياسية مازالت متوقفة عند بداية أول هدنة في الربع الأول من هذا العام ، معرفياً لا يُمكن الافتراض أن الطرف الوطني والطرف العدواني والعميل عجزوا عن التوصل إلى الحل، فمن المعقول توصلهم إلى هذا الحل نظرياً، إلا أن عدم توافق الإرادات السياسية هو السبب، وما يظهر من توازن في القوى، كانت عمليات الردع هي الاختراق الوحيد الذي أجبر تحالف العدوان على قبول هدنة والفتح الجزئي لميناء الحديدة ومطار صنعاء الدولي.
من تحليل خطاب وزير الخارجية العميل ورئيس مجلس الخيانة والحكومة العميلة ووزير الدفاع العميل، وكذلك التصريحات الأمريكية والبريطانية، ومقارنتها بواقع ممارستهم نجد أن هذه القوى مازالت سياسياً عند نقطة الهدنة الأولى، إلا أنها ميدانياً تتوسع عسكرياً وتعيد تشكيل قواها..
عقدة مستعصية
وأضاف القاضي: إنها تطمح أن تعود خطوة إلى الأولى بمطالبتها المتواصلة بإدراج أنصار الله جماعة إرهابية، أي أنها تعمل على استثمار الهدنة في النهب وتدويل السواحل وبناء قوة عسكرية لمواجهة لاحقة.
ويشير "إلى أن هناك عقدة سياسية لم تحل طوال عام وهي السبب ،والعقدة أوجدت حالة " اللاحرب واللاسلم، "، وعادةً حين تصل الأطراف المتصارعة في مختلف التجارب إلى هذه العقدة المستعصية، تتجه الأمور إلى مسارين، الأول احتفاظ كل طرف بما لديه وهي حالة انفصال كوريا الجنوبية عن الشمالية، وانفصال تايوان عن الصين وهو ما يطمح له تحالف العدوان، أو مبادرة أحد الأطراف لحل هذه العقدة عسكرياً، وهي التجربة الفيتنامية المتمثلة في اجتياح الجنوب المحتل وتوحيد البلد، وهذا الخيار الوطني هو ما يجب أن تتخذه صنعاء"..
اضطراب وفوضى
المحلل السياسي عبدالمنان السنبلي يقول : كل سياسات السعودية في اليمن فاشلة، ليس من اليوم أو الأمس القريب فحسب، وإنما منذ عقود غابرة خلت"..
مضيفاً: أن "السعودية ترى دائماً وأبداً أن من مصلحتها الإبقاء على الوضع في اليمن في حالة من الاضطراب والفوضى..
هكذا هي نظرتها العامة لأمنها القومي فيما يتعلق باليمن .. وأشار السنبلي إلى أن السعودية "تحرص دائماً على وجود نفوذ دائم ومستمر لها في اليمن من خلال بعض الأدوات وتحت كثير من العناوين والشعارات التي تتناسب وما تعتقده أنه أمنها القومي.
وأردف السنبلي قائلاً :" رأينا ذلك في حقبة الحرب الباردة وطريقة تعاملها مع ما كان يسمى بجمهورية اليمن الديمقراطية التى كانت السعودية ترى في وجودها تهديداً حقيقياً لها وكيف أنها استطاعت استمالة شمال اليمن يومها لصفها وذلك للدفع به في أي مواجهة قد تحصل بين السعودية وجنوب اليمن..
تشظٍّ وانقسام
ويضيف السنبلي :"اليوم السعودية ترى في شمال اليمن الذي يسيطر عليه أنصار الله تهديداً حقيقياً لها ،وأثبتت السنوات الثمان الماضية فشلهم في القضاء عليهم، وبالتالي فهي ترى أن من الأنسب لها الإبقاء على اليمن في حالة من الاحتراب والفوضى بالصورة التي تحرف اليمنيين عن مسار الانشغال أو التفرغ لها وتجعلهم منشغلين بأنفسهم دائماً، وذلك لن يتأتى طبعاً إلا من خلال الإبقاء على بؤر الصراع الحالية قائمة من خلال عدم السماح بالوصول إلى أي تفاهمات أو خلق أي أرضية مشتركة للحوار الجدي بين اليمنيين..
وانهى الاستاذ / السنبلى حديثه بالقول :"هذا كله في المحصلة سيسلم اليمن إلى حالة من الضعف والتشظي والانقسام، الأمر الذي سيسهل للسعودية معه التحكم في ثروات ومقدرات اليمن وتطويعها لصالح مصالحها دون مصالح الشعب اليمني..
استنزاف الثروة
بدوره قال الصحفي خالد العراسي إن تحالف العدوان فشل عسكرياً فلو كان لديه أي أمل لتحقيق أي انتصار ولو بسيط لاستمر ولما طلب الهدنة لكنه ظهر مؤخراً في حالة تقهقر وتراجع..
ولفت إلى أن وضع حالة اللاحرب واللاسلم المفروضة تهدف إلى استنزاف الثروة أيضاً.
وأضاف العراسي "الحراك التحرري والمعارك التحررية الآن تجعله يعيش حالة من القلق ولا يستطيع أن ينهب ثرواتنا بأريحية كاملة لا سيما في ظل مقدرة قواتنا الصاروخية وطيراننا المسيّر على الوصول إلى أي نقطة في البحرين العربي والأحمر..
وبالتالي فإن هذه الحالة سببها أولاً فشله العسكري ،ثانياً رغبته في استمرار استنزاف الثروة ونهبها.
|