الميثاق نت -

الخميس, 29-ديسمبر-2022
الميثاق نت - تقرير- جمال الورد‬: -
لا يزال غياب التنسيق بين تخصصات الجانب الأكاديمي ومتطلبات سوق العمل قائما في اليمن، ما فاقم أزمة التشغيل وزاد في نسبة البطالة بالبلاد، حيث يجد عدد كبير من خريجي الجامعات أنفسهم كل سنة خارج اهتمامات سوق العمل، جراء اسباب عدة ومن بينها بلا شك ما تمر به اليمن من عدوان وحرب مستمرة منذ مطلع 2015 وحتى اليوم وانعكاساتها المدمرة التي طالت مناحي الحياة خصوصاً الاقتصاد والاستثمار، وسط تأكيد الخبراء على أن الدولة لم تضع استراتيجية واضحة للتعامل مع الحالة السيئة التي وصل لها الشباب اليمني من خريجي الجامعات فضلا عن عجز القطاع‮ ‬الحكومي‮ ‬وعدم‮ ‬قدرته‮ ‬على‮ ‬توفير‮ ‬الوظائف‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
ويستعصي على الشباب اليمنيين إيجاد وظيفة تتطابق مع اختصاصاتهم الجامعية، كما تفرض الحكومة (الوظيفة الحكومية) شروطا مجحفة وتحتاج لواسطة وكثير من الوسائل التي اساءت للوظيفة الحكومية، الأمر الذي يصيب الشباب بخيبات أمل كبيرة ويعرضهم للمزيد من الإحباط في ظل الأزمات‮ ‬الاقتصادية‮ ‬المتتالية‮.‬‬‬‬‬‬‬

غياب‮ ‬التخصص‮ ‬سبب‮ ‬ضعف‮ ‬الأداء‮ ‬الحكومي‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
يفرض سوق العمل في كثير من الأحيان على خريجي الجامعات وظائف لا علاقة لها بمجال التخصص الأكاديمي الذي اختاروه، لتقف أحلام هؤلاء الشباب معلقة بأن تتحقق أمانيهم بالحصول على الوظيفة التي تتناسب مع مؤهلاتهم الجامعية، على اعتبار أن الهدف من الوظيفة لا ينحصر في مجرد‮ ‬توفير‮ ‬راتب‮ ‬شهري،‮ ‬وإنما‮ ‬جملة‮ ‬من‮ ‬المبادئ‮ ‬والأهداف‮ ‬التي‮ ‬من‮ ‬أجلها‮ ‬انخرط‮ ‬الطالب‮ ‬أو‮ ‬الطالبة‮ ‬في‮ ‬تخصص‮ ‬بعينه‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
وأجمع عدد من الشباب على أن العمل بعيداً عن التخصص الجامعي إهدار للطاقات وقتل للإبداع، ولا يشكل إضافة نوعية في الخبرات المتوافرة، وقلما ينجح من يذهب للعمل في وظيفة لا علاقة لها بتخصصه، مؤكدين أن الجهات التي وظفتهم لم تلتفت إلى التخصص الدراسي بقدر اهتمامها بمهاراتهم الوظيفية. فيما أكد متخصصون أن ضعف الإرشاد الأكاديمي للطلبة، وغياب التنسيق بين سوق العمل والجامعات، أفرزا عدم توازن بين أعداد الشواغر الوظيفية وأنواعها والباحثين عن عمل من خريجي الجامعات، ما أدى إلى وجود أشخاص يعملون في غير تخصصاتهم الدراسية.
داعين في الوقت نفسه إلى توعية طلبة المرحلة الثانوية بالتخصصات التي يحتاجها سوق العمل حتى يستطيع الخريج تقديم أفضل ما لديه من ملكات في مجال العمل الذي سيلتحق به، فالموظف عندما يتم تعيينه في مجال لا يمت لتخصصه بصلة يصبح عبارة عن طالب يتعلم من جديد، وبالتالي يتطلب‮ ‬منه‮ ‬عمله‮ ‬الجديد‮ ‬انتظار‮ ‬فترة‮ ‬طويلة‮ ‬قد‮ ‬تستغرق‮ ‬شهوراً‮ ‬كي‮ ‬يتفاهم‮ ‬مع‮ ‬الميدان،‮ ‬ويتعرف‮ ‬على‮ ‬طبيعة‮ ‬المهام‮ ‬المطلوب‮ ‬منه‮ ‬تأديتها،‮ ‬سواءً‮ ‬في‮ ‬القطاع‮ ‬العام‮ ‬او‮ ‬الخاص‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
ويرى عدد من الباحثين أن ما تعانيه الوظيفة الحكومية في بلادنا من ضعف في الاداء وقلة المردود يعاد سببه في المقام الأول الى عدم الاخذ بالتخصص في التعيين والترفيع للمناصب، وهو ما انعكس سلباً على كافة القطاعات الحكومية التي اصيبت بالترهل وقلة الانتاج والانجاز.
وطالبوا بضرورة إنشاء هيئة متخصصة بتوظيف وتوزيع الشباب على الإدارات المعنية كل حسب تخصصه، وإلا فلن يكون هناك أدنى استفادة من سنوات الدراسة الطويلة التي يمضيها الشاب أو الشابة الذين يدرسون في مجالات وتخصصات أخذت منهم سنوات طويلة وأوقاتاً صعبة.

أسباب‮ ‬العمل‮ ‬في‮ ‬غير‮ ‬التخصص‬‬‬‬‬‬‬‬
يحدد خبراء الموارد البشرية 4 أسباب تدفع الخريج للعمل في غير تخصصه، وهي عدم توافر وظائف في التخصص الحاصل عليه، والرغبة في الحصول على راتب أعلى، ورغبة أولياء الأمور في التحاق أبنائهم في تخصصات بعينها بغض النظر عن حاجة سوق العمل لها من عدمه، وضعف الإرشاد الأكاديمي‮.‬‬‬
واشاروا الى أن بعض التخصصات الدقيقة تتطلب الحصول على درجة أكاديمية يتم بناء مهارات أخرى على أساسها مثل التخصصات الهندسية والطبية، فيما تعتمد وظائف أخرى على الخبرات المكتسبة من سوق العمل والمهارات المكتسبة خلال مدة الوظيفة.
بالإضافة‮ ‬إلى‮ ‬أن‮ ‬التعلم‮ "‬مدى‮ ‬الحياة‮" ‬هو‮ ‬أساس‮ ‬النجاح‮ ‬في‮ ‬الحياة‮ ‬العملية‮ ‬عبر‮ ‬اكتساب‮ ‬المهارات‮ ‬والخبرات،‮ ‬شريطة‮ ‬وجود‮ ‬الأساس‮ ‬الأكاديمي‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
ويلفت الأكاديميون في الموارد البشرية النظر إلى أن المنافسة شديدة، سواء في الدراسة الأكاديمية أو في الحصول على وظائف، فضلاً عن تضخم السوق بتخصصات مشبعة، وهنا يأتي دور التشريعات في تحديد الحد الأدنى للقبول في هذه التخصصات المشبعة، وتقليل عدد الطلبة الملتحقين‮ ‬بها‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬قياس‮ ‬احتياجات‮ ‬السوق‮ ‬لخمس‮ ‬سنوات‮ ‬قادمة‮ ‬على‮ ‬الأقل‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬الجامعات‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
خصوصاً وأن الطلاب يقضون سنوات من التعب والاجتهاد في دراسة تخصصاتهم، متأملين أن يحصدوا ما بعد التخرج ثمار هذه الدراسة من خلال العمل في وظيفة تتناسب ومجالهم الدراسي، إلا أن واقع سوق العمل يكشف عن حالة من عدم التوافق بين ما يدرسه الطالب وما يعمل به من وظائف، فالكثير من الخريجين اليوم موظفون في وظائف بعيدة كل البعد عما درسوه في الجامعة، حيث يمكن أن تجد خريجاً من قسم الفلسفة، أجهد نفسه مع سقراط وأفلاطون لكنه يعمل موظفاً في الأرشيف، وقد تجد خريجاً من قسم الفيزياء، وانتهى به المطاف في العمل في وظيفة مفتش أغذية.
كما اشاروا إلى أن هناك العديد من الطلبة الذين يدخلون تخصصات لا يرغبون بها، وكل ذلك بسبب آلية القبول الجامعي والاعتبارات الأخرى المذكورة آنفاً، وبالتالي نرى العديد من الطلبة يدرسون فقط للحصول على الشهادة الجامعية، وبعدها نراه يعمل في وظيفة بعيدة عن التخصص الذي‮ ‬درسه‮.‬‬‬‬‬

الإبداع‮ ‬سلوك‮ ‬مهاري‮ ‬غير‮ ‬مرتبط‮ ‬بتخصصات‮ ‬أو‮ ‬وظائف‮ ‬معينة‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
يوضح خبراء الموارد البشرية، أن الإبداع والابتكار هو سلوك مهاري مرتبط بالشخص ذاته، وغير مرتبط بتخصصات أو وظائف معينة. فالحكم على الموظف من ناحية التأقلم مع مهام الوظيفة يحتاج إلى فترة ثلاث سنوات متكاملة تقسم كالتالي: السنة الأولى يتعلم فيها كيفية أداء المهام،‮ ‬والسنة‮ ‬الثانية‮ ‬يكتسب‮ ‬فيها‮ ‬الخبرة،‮ ‬ومن‮ ‬ثم‮ ‬تكون‮ ‬الإنجازات‮ ‬في‮ ‬السنة‮ ‬الثالثة‮. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
وينصح الخبراء بعدم ببقاء الموظف أكثر من سبع سنوات في نفس الوظيفة، لأن الدراسات أثبتت أن تجاوز هذه المدة في العمل يغير من سيكيولوجية الموظف ويجعله حريصاً على البقاء في منصبه، مما قد يؤدي إلى قتل الإبداع لديه بحكم روتينية الأعمال والمهام التي يؤديها، ويصاب بالركود‮ ‬النفسي‮. ‬‬‬‬‬

التدريب‮ ‬خيـار‮ ‬استراتيجي‬‬‬‬
يعتبر التدريب في الحكومة الاتحادية إحدى وسائل تطوير رأس المال البشري التي يعتمد عليها في رفع مستوى الكفاءة الوظيفية للموظفين إذ يعتبر التدريب والتطوير بمفهومه الحديث إطار عمل متكامل وخياراً استراتيجياً في منظومة وتنمية الموارد البشرية التي تسعى لتحقيقها الحكومة الاتحادية من أجل مواكبة التحديات المتمثلة في متطلبات العمل المتغيرة على اعتبار أن التدريب يؤدي إلى نقل المعرفة الفنية والعملية بطريقة تمكن الموظف العام والجهة الاتحادية من مواجهة أي تحديات يفرضها التسارع المعرفي ضمن بيئة العمل.
واذا ما اردنا في بلادنا تطوير العمل والأداء الحكومي والحصول على مردود مفيد للدولة والمجتمع عموماً، على الحكومة ان تتبع خطوات علمية وخطط استراتيجية في التعليم والتأهيل والتدريب، والتعامل مع الوظيفة العامة كحق للأجدر والأكفأ بعيداً عن الوساطة والمحسوبية التي باتت وباء ينخر كل المرافق وللأسف ليس من اليوم بل منذ سنوات طويلة، وعلى الحكومة ان تدرك أن العمل في غير التخصص يؤدي إلى قتل الإبداع وإهمال التخصص، الذي يعد أساس تطور الجوانب العملية في شخصية الموظف.
ومن الضروري ايضاً عدم تغييب المهارات الخاصة، والاكتفاء بالتأهيل الأكاديمي فقط، فالطالب الخريج الذي سيصبح موظفاً في المستقبل يحتاج في نهاية مسيرته الجامعية لاكتساب المعلومات والاتجاهات والمهارات التي تمكنه من التأقلم مع بيئة وسوق العمل، ومواكبة الأدوار الجديدة‮ ‬في‮ ‬مساره‮ ‬المهني‮ ‬الذي‮ ‬يمثل‮ ‬قراراً‮ ‬مفصلياً‮ ‬في‮ ‬مستقبله‮ ‬الوظيفي‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬


تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 05:32 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-63486.htm